روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الأربعاء، 25 مايو 2022

مجلد 3. من كتاب:السيرة النبوية أبو الحاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي

مجلد 3. من كتاب:السيرة النبوية أبو الحاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي


== اجتمعوا لميعادهم مع الحكمين بأذرح و حضر فيهم من أهل المدينة سعد بن أبي وقاص و عبد الله بن الزبير و ابن عمر و لم يخرج علي بنفسه و وافى معاوية في أهل الشام و كان بينه و بين أبي موسى الأشعري ما كان و افترق الناس و رجعوا إلى أوطانهم و ندم عبد الله بن عمر على حضوره أذرح فأحرم من بيت المقدس تلك السنة و رجع إلى مكة
و استشار معاوية أصحابه في محمد بن أبي بكر و كان واليا على مصر فأجمعوا على المسير إليه فخرج عمرو بن العاص في أربعة آلاف فيهم أبو الأعور السلمي و معاوية بن حديج فالتقوا بالمسناة و قاتلوا قتالا شديدا و قتل كنانة بن أبي بشر بن عتاب التجيبي وانهزم محمد بن أبي بكر و قاتل حتى قتل و قد قيل : إنه أدخل في جوف حمار ميت ثم أحرق بالنار فلما بلغ عليا سرور معاوية بقتله قال : لقد حزنا عليه بقدر سرورهم بقتله ثم ولى علي الأشتر على مصر و مات صهيب بن سنان
فلما بلغ معاوية خبر مسير الأشتر إلى مصر قال : إنه ليأتي و عامة أهل مصر أهل اليمن و هو يماني و كتب إلى دهقان بالعريش : إن احتلت في الأشتر فلك علي أن أخرج خراجك عشرين سنة فقدم الأشتر على امرأة من حمير يقال لها ليلى بنت النعمان فتلطف له الدهقان و سأله : أي الشراب أحب إليك ؟ قال : العسل قال : عندي عسل من عسل برقة لم ير مثله ثم قدمته إليه فسقته منه فمات من ساعته فبلغ ذلك معاوية فقال : إن لله جنودا من العسل و مات صفوان ابن بيضاء في رمضان و كان قد شهد بدر و مات سهل بن حنيف بالكوفة و صلي عليه و حج بالناس قثم بن العباس


استعمل علي يزيد بن حجية التميمي على الري ثم كتب إليه بعد مدة أن أقدم فقدم على علي فقال له : أين ما غللت من مال الله ؟ قال : ما غللت فخفقه بالدرة خفقات و حبسه في داره فلما كان في بعض الليالي قرب يزيد البواب و ما حله و لحق بالرقة و أقام بها حتى أتاه إذن بمعاوية فلما بلغ عليا لحوقه معاوية قال : اللهم ! إن يزيد أذهب بمال المسلمين و لحق بالقوم الظالمين اللهم ! فاكفنا مكره وكيده
ثم وجه معاوية خيلا فيهم الضحاك بن قيس الفهري و سفيان بن عوف الدابري : فأغار سفيان على الأنبار و فيها مسلحة لعلي فلما بلغ علي خروجهم خرج من بيته والناس في المسجد فلما رأوه صاحوا قال : اسكتوا اسكتوا ! فلما سكتوا قال : شاهت الوجوه ! شاهت الوجوه ! إن قلت نعم قلتم : لا و إن قلت : لا قلتم : نعم إن استنفرتكم في الحر قلتم : الحر شديد فإذا جاء الشتاء نفرنا و إذا جاء الشتاء و استنفرتكم قلتم : البرد شديد و إذا جاء الصيف نفرنا إن عدوكم يجد من الهناء ما تجدون و لكن لا رأي لمن لا يطاع وددت أن لي بجماعتكم ألف فارس
ثم بعث معاوية بسر بن أرطاة ـ أحد بني عامر بن لؤي ـ في جيش من أهل الشام إلى المدينة و عليها أبو أيوب الأنصاري فهرب منه أبو أيوب و لحق عليا بالكوفة و لم يقاتله أحد بالمدينة حتى دخلها فصعد منبر رسول الله صلى الله عليه و سلم و جعل ينادي : يا أهل المدينة ! و الله لولا ما عهد إلي أمير المؤمنين معاوية ما تركت فيها محتلما إلا قتلته ! فبايع أهل المدينة معاوية و أرسل إلى بني سلمة : ما لكم عندي أمان حتى تأتوني بجابر بن عبد الله فدخل جابر بن عبد الله على أم سلمة و قال : يا أماه ! إني خشيت على دمي و هذه بيعة ضلالة فقالت : أرى أن تبايع فخرج جابر بن عبد الله فبايع بسر بن أرطاة لمعاوية كارها ثم خرج بسر حتى أتى مكة فخافه أبو موسى الأشعري و كان والي مكة لعلي و تنحى عن مكة حتى دخلها ثم مضى إلى اليمن و عليها عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب عامل علي فلما سمع به عبيد الله هرب و استخلف على اليمن عبد الله بن عبد المدان و كانت ابنته تحت عبيد الله بن عباس فلما قدم بسر اليمن قتل عبد الله بن عبد المدان و أخذ ابنين لعبيد الله بن عباس بن عبد المطلب ـ من أحسن الصبيان ـ صغيرين كأنهما درتان ففغل بهما ما فعل
فلما حضر الموسم بعث علي على الحج عبد الله بن عباس و بعث معاوية يزيد بن شجرة الرهاوي فاجتمعا بمكة و تنازعا و أبى كل واحد منها أن يسلم لصاحبه إقامة الحج فاجتمع الناس على شيبة بن عثمان بن أبي طلحة فحج بالناس شيبة بن عثمان

و بلغ الخبر عليا بما فعل بسر بن أرطاة باليمن و ما كان من أمر بني عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب خطبهم و قال : لقد خفت أن يظهر مولى القوم عليكم و ما يظهرون عليكم بأن يكونوا بالحق أولى منكم و لكن بصلحهم في بلادهم و فسادكم في بلادكم و اجتماعهم على باطلهم و تفرقكم عن حقكم و أدائهم الأمانة و خيانتكم و الله و الله لو استعملت فلانا لخان و غدر ـ ثلاثا ! و لو بعثه معاوية لم يخنه و لا غدره اللهم ! قد مللتهم و ملوني و سئمتهم و سئموني و كرهتهم و كرهوني فأرحني منهم و أرحهم مني و أبدلني بمن هو خير لي منهم و أبدلهم بمن هو شر لهم مني
ثم كان قتل علي بن أبي طالب
و كان السبب في ذلك أن عبد الرحمن بن ملجم المرادي أبصر امرأة من بني تميم الرباب يقال لها قطام و كانت من أجمل أهل زمانها و كانت ترى رأي الخوارج فولع بها فقالت : لا أتزوج بك إلا على ثلاثة آلاف و قتل علي بن أبي طالب فقال لها : لك ذلك فتزوجها و بنى بها فقالت له : يا هذا ! قد عرفت الشرط فخرج عبد الرحمن بن ملجم و معه سيف مسلول حتى أتى مسجد الكوفة و خرج علي من داره و أتى المسجد و هو يقول : أيها الناس ! الصلاة الصلاة ! أيها الناس ! الصلاة الصلاة ! و كانت تلك ليلة الجمعة لسبع عشرة خلت من رمضان فصادفه عبد الرحمن بن ملجم من خلفه ثم ضربه بالسيف ضربة من قرنه إلى جبهته و أصاب السيف الحائط فثلم فيه ثم ألقى السيف من يده و أقبل الناس عليه فجعل ابن ملجم يقول للناس : إياكم والسيف فإنه مسموم و قد سمه شهرا فأخذوه و رجع علي بن أبي طالب إلى داره ثم أدخل عليه عبد الرحمن بن ملجم فقالت له أم كلثوم بنت علي : يا عدو الله ! قتلت أمير المؤمنين ! فقال : لم أقتل إلا أباك فقالت : إني لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين من بأس فقال عبد الرحمن بن ملجم : فلم تبكين إذا ؟ فو الله سممته شهرا ! فإن أخلفني أبعده الله و أسحقه فقال علي : احبسوه و أطيبوا طعامه و ألينوا فراشه فإن أعش فعفو أو قصاص و إن مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين
فمات علي بن أبي طالب غداة يوم الجمعة فأخذ عبد الله بن جعفر و الحسن ابن علي و محمد بن الحنفية عبد الرحمن بن ملجم فقطعوا يديه و رجليه فلم يجزع و لم يتكلم ثم كحلوا عينيه بملمول محمي ثم قطعوا لسانه و أحرقوه بالنار و كان لعلي يوم مات اثنتان و ستون سنة و كانت خلافته خمس سنين و ثلاثة أشهر
و اختلفوا في موضع قبره و لم يصح عندي شيء من ذلك فأذكره و قد قيل : إنه دفن في الكوفة في قصر الإمارة عند مسجد الجماعة و هو ابن ثلاث و ستين
ثم قام الحسن بعد دفن أبيه خطيبا في الناس فحمد الله و أثنى عليه ثم قال : و الله لقد مات فيكم رجلا ما سبقه الأولون و لا يدركه الآخرون ! لقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ليبعثه بالبعث و يعطيه الراية فما يرجع حتى يفتح الله عليه يقاتل جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره و لا ترك بيضاء و لا صفراء إلا سبعمائة درهم فضلت عن عطائه أراد أن يبتاع بها خادما
و كان لعلي بن أبي طالب خمسة و عشرون ولدا من الولد : الحسن و الحسين و محسن و أم كلثوم الكبرى و زينب الكبرى ـ و هؤلاء الخمسة من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان له من غيرها : محمد بن علي و عبيد الله و عمر و أبو بكر و يحي و جعفر و العباس و عبد الله و رقية و رملة و أم الحسن و أم كلثوم الصغرى و زينب الصغرى و جمانة و ميمونة و خديجة و فاطمة و أم الكرام و أم سلمة ـ رضي الله عنهم أجمعين

[ أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى بالموصل ثنا علي بن الجعد الجوهري ثنا حماد بن سلمة عن سعيد بن جمهان عن سفينة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يكون ملكا ] قال : أمسك خلافة أبي بكر سنتين و عمر عشرا و عثمان اثنتي عشرة و علي ستا قال علي بن الجعد : فقلت لحماد بن سلمة : سفينة القائل : أمسك ؟ قال : نعم
قال أبو حاتم : و لى أهل الكوفة بعد علي بن أبي طالب الحسن بن علي و لما اتصل الخبر بمعاوية ولى أهل الشام معاوية بن أبي سفيان و اسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف و أم معاوية هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فكان معاوية نافذ الأمور بالشام و الأردن و فلسطين و مصر و كان الحسن بن علي يمشي الأمور بالعراق إلى أن دخلت سنة إحدى و أربعين فاحتال معاوية في الحسن بن علي و تلطف له و خوفه هراقة دماء المسلمين و هتك حرمهم و ذهاب أموالهم إن لم يسلم الأمر لمعاوية فاختار الحسن ما عند الله على ما في الدنيا و سلم الأمر إلى معاوية يوم الأثنين لخمس ليال بقين من ربيع الأول سنة إحدى و أربعين و استوى الأمر لمعاوية حينئذ و سميت هذه السنة سنة الجماعة و بقي معاوية في إمارته تلك إلى أن مات يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة ستين و قد قيل : إن معاوية مات للنصف من رجب هذه السنة و كان له يوم توفي ثمان و سبعون سنة و صلى عليه ابن قيس الفهري و قد قيل : إن يزيد بن معاوية هو الذي صلى عليه و كانت مدة معاوية تسع عشرة سنة و ثلاثة أشهر و عشرين ليلة و كان معاوية يخضب بالحناء و الكتم و كان نقش خاتمه [ لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ] و قبره بدمشق خارج باب الصغير في المقبرة محوط عليه قد زرته مرارا عند قصري رمادة أبي الدرداء

ثم تولى يزيد بن معاوية بن أبي سفيان يوم الخميس من شهر رجب في اليوم الذي مات فيه أبوه و كنية يزيد أبو خالد و كان ليزيد بن معاوية يوم ولي أربع و ثلاثون شهر كانت أمه ميسون بنت بحدل بن أنيف بن ولجة بن قنافة الكلبي و كان نقش خاتمه [ آمنت بالله مخلصا ]
و لما بايع أهل الشام يزيد بن معاوية و اتصل الخبر بالحسين بن علي جمع شيعته و استشارهم و قالوا : إن الحسن لما سلم الأمر لمعاوية سكت و سكت معاوية فالآن قد مضى معاوية و نحب أن نبايعك فبايعته الشيعة و وردت على الحسين كتب أهل الكوفة من الشيعة يستقدمونه إياها فأنفذ الحسين بن علي مسلم ابن عقيل إلى الكوفة لأجل البيعة على أهلها فخرج مسلم بن عقيل من المدينة معه قيس بن مسهر الصيداوي يريدان الكوفة و نالهما في الطريق تعب شديد و جهد جهيد لأنهما أخذا دليلا تنكب بهما الجادة فكاد مسلم بن عقيل أن يموت عطشا إلى أن سلمه الله و دخل الكوفة فلما نزلها دخل دار المختار بن أبي عبيد و اختلفت إليه الشيعة يبايعونه أرسالا و والي الكوفة يومئذ النعمان بن بشير ولاه يزيد بن معاوية الكوفة ثم تحول مسلم بن عقيل من دار المختار إلى دار هانئ بن عروة و جعل الناس يبايعونه في دار هانئ حتى بايع ثمانية عشر ألف رجل من الشيعة فلما اتصل الخبر بيزيد بن معاوية أن مسلما يأخذ البيعة بالكوفة للحسين بن علي كتب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن زياد و هو إذ ذاك بالبصرة و أمره بقتل مسلم بن عقيل أو بعثه إليه فدخل عبيد الله بن زياد الكوفة حتى نزل القصر و اجتمع إليه أصحابه و أخبر عبيد الله بن زياد أن مسلم بن عقيل في دار هانئ بن عروة فدعا هانئا و سأله فأقر به فهشم عبيد الله و جه هانئ بقضيب كان في يده حتى تركه و به رمق
ثم ركب مسلم بن عقيل في ثلاثة آلاف فارس يريد عبيد الله بن زياد فلما قرب من قصر عبيد الله نظر فإذا معه مقدار ثلاثمائة فارس فوقف يلتفت يمنة و يسرة فإذا أصحابه يتخلفون عنه حتى بقي معه عشرة أنفس فقال : يا سبحان الله ! غرنا هؤلاء بكتبهم ثم أسلمونا إلى أعدائنا هكذا فولى راجعا فلما بلغ طرف الزقاق التفت فلم ير خلفه أحدا و عبيد الله بن زياد في القصر متحصن يدبر في أمر مسلم ابن عقيل فمضى مسلم بن عقيل على وجهه وحده فرأى امرأة على باب دارها فاستسقاها ماء و سألها مبيتا فأجابته إلى ما سأل و بات عندها و كانت للمرأة ابن فذهب الابن و أعلم عبيد الله بن زياد أن مسلما في دار والدته فأنفذ عبيد الله بن زياد إلى دار المرأة محمد بن الأشعث بن قيس في ستين رجلا من قيس فجاءوا حتى أحاطوا بالدار فجعل مسلم يحاربهم عن نفسه حتى كل و مل فآمنوه فأخذوه و أدخلوه على عبيد الله فأصعد القصر و هو يقرأ و يسبح و يكبر و يقول : اللهم احكم بيننا و بين قوم غرونا و كذبونا ثم خذلونا حتى دفعنا إلى ما دفعنا إليه ثم أمر عبيد الله بضرب رقبة مسلم بن عقيل فضرب رقبة مسلم بن عقيل بكير بن حمران الأحمري على طرف الجدار فسقطت جثته ثم أتبع رأسه جسده ثم أمر عبيد الله بإخراج هانئ بن عروة إلى السوق و أمر بضرب رقبته في السوق ثم بعث عبيد الله بن زياد برأسي مسلم بن عقيل بن أبي طالب و هانئ بن عروة مع هانئ بن أبي حية الوادعي و الزبير بن الأورح التميمي إلى يزيد بن معاوية
فلما بلغ الحسين بن علي الخبر بمصاب الناس بمسلم بن عقيل خرج بنفسه يريد الكوفة و أخرج عبيد الله بن زياد عمر بن سعد إليه فقاتله بكر بلاء قتالا شديدا حتى قتل عطشانا و ذلك يوما عاشوراء يوم الأربعاء سنة إحدى و ستين و قد قيل : إن ذلك اليوم يوم السبت و الذي قتل الحسين بن علي هو سنان بن أنس النخعي و قتل معه من أهل بيته في ذلك اليوم : العباس بن علي بن أبي طالب و جعفر بن علي بن أبي طالب و عبد الله بن علي بن أبي طالب الأكبر و عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب و القاسم بن الحسن بن علي ابن أبي طالب و عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب و محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب و عبد الله بن عقيل بن أبي طالب و محمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب و استصغر علي بن الحسين بن علي فلم يقتل انفلت في ذلك اليوم من القتل لصغره و هو والد محمد بن علي الباقر و استصغر في ذلك اليوم أيضا عمرو بن الحسن بن علي بن أبي طالب فلم يقتل لصغره و جرح في ذلك اليوم الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب جراحة شديدة حتى حسبوه قتيلا ثم عاش بعد ذلك و قتل في ذلك اليوم سليمان مولى الحسن ابن علي بن أبي طالب و منجح مولى الحسين بن علي بن أبي طالب و قتل في ذلك اليوم الخلق من أولاد المهاجرين و الأنصار و قبض على عبد الله بن بقطر رضيع الحسين بن علي بن أبي طالب في ذلك اليوم و قيل : حمل إلى الكوفة ثم رمي به من فوق القصر أو قيد فانكسرت رجله فقام إليه رجل من أهل الكوفة و ضرب عنقه
و كانت أم الحسين بن علي بن أبي طالب فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم و أم العباس بن علي بن أبي طالب أم البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة و العباس يقال له : السقاء لأن الحسين طلب الماء في عطشه و هو يقاتل فخرج العباس و أخوه و احتال حمل إدواة ماء و دفعها إلى الحسين فلما أراد الحسين أن يشرب من تلك الإدواة جاء سهم فدخل حلقه فحال بينه و بين ما أراد من الشرب فاحترشته السيوف حتى قتل فسمي العباس بن علي [ السقاء ] لهذا السبب و كانت والدة جعفر بن علي بن أبي طالب و عبد الله بن علي بن أبي طالب الأكبر ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود بن معتب و كانت أم عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب الرباب بنت القاسم بن أوس بن عدي بن أوسر ابن جابر بن كعب و كانت أم القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب أم ولد و كانت أم عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب جمانة بنت المسيب بن نجبة بن ربيعة و كانت أم محمد بن عبد الله بن جعفر بن عقيل بن أبي طالب أم ولد و كانت أم عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب رقية بنت علي بن أبي طالب و كانت أم الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب خولة بنت منظور بن زيان الفزاري و كانت أم عمرو بن الحسن بن علي بن أبي طالب أم ولد و قد قيل : إن أبا بكر بن علي بن أبي طالب قتل في ذلك اليوم و أمه ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي و الذي تولى في ذلك اليوم حز رأس الحسين ابن علي بن أبي طالب شمر بن ذي الجوشن
ثم أنفذ عبيد الله بن زياد رأس الحسين بن علي إلى الشام مع أسارى النساء و الصبيان من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم على أقتاب مكشفات الوجوه و الشعور فكانوا إذا نزلوا منزلا أخرجوا الرأس من الصندوق و جعلوه في رمح و حرسوه إلى وقت الرحيل ثم أعيد الرأس إلى الصندوق و رحلوا فبيناهم كذلك إذ نزلوا بعض المنازل و إذا فيه دير راهب فأخرجوا الرأس على عادتهم و جعلوه في الرمح و أسندوا الرمح إلى الدير فرأوا الديراني بالليل نورا ساطعا من ديره إلى السماء فأشرف على القوم و قال لهم : من أنتم ؟ قالوا : نحن أهل الشام قال : هذا رأس من هو ؟ قالوا : رأس الحسين بن علي قال : بئس القوم أنتم ! و الله لو كان لعيسى ولد لأدخلناه أحداقنا ! ثم قال : يا قوم ! عندي عشرة آلاف دينار ورثتها من أبي و أبي من أبيه فهل لكم أن تعطوني هذا الرأس ليكون عندي الليلة و أعطيكم هذه العشرة آلاف دينار ؟ قالوا : بلى فأحدر إليهم الدنانير فجاءوا بالنقاد و وزنت الدنانير و نقدت ثم جعلت في جراب و ختم عليه ثم أدخل الصندوق و شالوا إليه الرأس فغسله الديراني و وضعه على فخذه و جعل يبكي الليل كله عليه فلما أسفر عليه الصبح قال : يا رأس ! لا أملك إلا نفسي و أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن جدك رسول الله فأسلم النصراني و صار مولى للحسين ثم أحدر الرأس إليهم فأعادوه إلى الصندوق و رحلوا فلما قربوا من دمشق قالوا : نحب أن نقسم تلك الدنانير لأن يزيد إن رآها أخذها منا ففتحوا الصندوق و أخرجوا الجراب بختمه و فتحوه فإذا الدنانير كلها قد تحولت خزفا و إذا على جانب من الجانبين من السكة مكتوب { و لا تحسبوا الله غافلا عما يعمل الظلمون } و على الجانب الآخر { سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون } قالوا : قد افتضحنا و الله ! ثم رموها في بردى نهر لهم فمنهم من تاب من ذلك الفعل لما رأى و منهم من بقي على إصراره و كان رئيس من بقي على ذلك الإصرار سنان بن أنس النخعي
ثم أركب الأسارى من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم من النساء و الصبيان أقتاب يابسة مكشفات الشعور و أدخلوا دمشق كذلك فلما وضع الرأس بين يدي يزيد بن معاوية جعل ينقر ثنيته بقضيب كان في يده و يقول : ما أحسن ثناياه ! قد ذكرت كيفية هذه القصة و باليتها في أيام بني أمية و بني العباس في كتاب الخلفاء فأغنى عن إعادة مثلها في هذا الكتاب لاقتصارنا على ذكر الخلفاء الراشدين منهم في أول هذا الكتاب
و قد بعث يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة المزني إلى المدينة لست ليال بقين من ذي الحجة سنة ست و ستين فقتل مسلم بن عقبة بالمدينة خلقا من أولاد المهاجرين و الأنصار و استباح المدينة ثلاثة أيام نهبا و قتلا فسميت هذه الوقعة وقعة الحرة
و توفي يزيد بن معاوية بحوارين قرية من قرى دمشق لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة أربع و ستين و هو يومئذ ابن ثمان و ثلاثين و قد قيل : إن يزيد بن معاوية سكر ليلة و قام يرقص فسقط على رأسه و تناثر دماغه فمات و صلى عليه ابنه معاوية بن يزيد و كان نقش خاتم يزيد [ آمنت بالله مخلصا ] و قبره بدمشق

و ولي معاوية بن يزيد بن معاوية يوم النصف من شهر ربيع الأول سنة أربع و ستين و أمه أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس و كان له يوم ولي إحدى و عشرون سنة و قد قيل : لا بل سبع عشرة سنة و كان من خير أهل بيته فلما حضرته الوفاة قالوا له : بايع لرجل بعدك و اعهد إليه قال : ما أصبت من دنياكم شيئا فأتقلد مأثمها
و مات معاوية بن يزيد اليوم الخامس و العشرين من شهر ربيع الآخر سنة أربع و ستين و كانت إمارته أربعين ليلة و صلى عليه عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان و كان نقش خاتمه [ يا الله نستعين ـ معاوية ] و قبره بدمشق

و ولي
مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بايعه أهل الشام بالجابية و أمه آمنة بنت علقمة بن صفوان بن أمية بن مخدش الكعبي
و لما وصل الخبر بموت معاوية الحجاز بايعوا عبد الله بن الزبير بن العوام و كنية ابن الزبير أبو خبيب و بايع له أهل العراق و أهل الحجاز و أم عبد الله بن الزبير أسماء بنت أبي بكر فكان يخطب لابن الزبير بالحجاز و العراق و يخطب بالشام إلى المغرب لمروان بن الحكم إلى أن مات مروان بن الحكم في شهر رمضان سنة خمسة و ستين بدمشق و قد قيل : إن مروان مات بين دمشق و فلسطين و كان له يوم مات ثلاث و ستون سنة و كانت ولايته عشرة أشهر إلا ثلاث ليال و صلى عليه ابن عبد الملك بن مروان قد عهد إليه في حياته و كان نقش خاتم مروان [ آمنت بالعزيز الحكيم ] و قد قيل : إن نقش خاتم مروان كان [ العزة لله ]

ثم بايع أهل الشام عبد الملك بن مروان بن الحكم و كان يكنى أبا الذبان لبخر كان في فمه و ذلك في اليوم الذي مات فيه أبوه و أم عبد الملك بن مروان عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية
و أنفذ عبد الله بن الزبير أخاه مصعب بن الزبير إلى عبد الملك بن مروان محاربا له و سار عبد الملك إلى العراق يريد مصعبا فالتقوا بدير الجاثليق و كان بينهما وقعات إلى أن كانت الهزيمة على أصحاب مصعب و قتل مصعب بن الزبير ثم رجع عبد الملك إلى دمشق و جمع الناس و استشارهم في أمر عبد الله ابن الزبير و قال : من له ؟ فقام الحجاج بن يوسف فقال : أنا ـ و كان أصغر القوم و أقلهم نباهة فقال له عبد الملك : و ما يدريك ؟ فقال له إني رأيت في المنام أني خلعت ثوبه فقال : أنت له فأخرجه في جماعة من أهل الأردن و الشام لمحاربة ابن الزبير فوافى الحجاج مكة و حاصر الحرم و نصب المنجنيق على الكعبة أياما إلى أن ظفر بعبد الله بن الزبير فقتله و ذلك يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة ثلاث و سبعين و صلبه على جذع منكسبا و استقر الأمر حينئذ لعبد الملك بن مروان و مات عبد الملك بن مروان بدمشق لأربع ليال خلون من شوال سنة ست و ثمانين و كانت أم عبد الملك بن مروان عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية و صلى عليه ابنة الوليد و كان له يوم توفي اثنتان و ستون سنة و كان نقش خاتمه [ آمنت بالله ]

و بايع الناس الوليد بن عبد الملك في اليوم الذي توفي أبوه بدمشق و أم الوليد بن عبد الملك : ليلى بنت العباس بن الحسين بن الحارث بن زهير و توفي الوليد بن عبد الملك بدمشق للنصف من جمادى الآخرة سنة ست و تسعين بموضع يقال له دير مران و كان له يوم مات تسع و أربعون سنة و كان نقش خاتمه [ يا وليد ] مات و صلى عليه سليمان بن عبد الملك و حمل من دير مران على أعناق الرجال إلى دمشق و دفن في باب الصغير
و في ولاية الوليد بن عبد الملك مات الحجاج بن يوسف في شهر رمضان سنة خمس و تسعين و هو ابن ثلاث و خمسين سنة و هو الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن عامر بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو ابن سعد بن عوف بن ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان

و ولي سليمان بن عبد الملك في اليوم الذي مات فيه وليد بن عبد الملك و أمه ليلى بنت العباس بن الحسن و كنية
سليمان بن عبد الملك أبو أيوب مات سليمان بموضع يقال له دابق يوم الجمعة لعشر ليال خلون من صفر و قد قيل : لعشر بقين من صفر سنة تسع و تسعين و كان له يوم توفي خمسة و أربعون سنة و كان نقش خاتمه [ أومن بالله ]

و استخلف عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم أبو حفص بدير سمعان في اليوم الذي توفي فيه سليمان بن عبد الملك و أم عمر بن عبد العزيز أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب و اسمها ليلى فلما ولي عمر جمع وكلاءه و نساءه و جواريه فطلقهن و أعتقهن و أمر بثيابه فبيعت كلها و تصدق بأثمانه و لزم طريقه الخلفاء الراشدين المهديين الذين هو من جملتهم لا تأخذه في الله لومة لائم و توفي عمر بن عبد العزيز بدير سمعان يوم الجمعة لخمس ليال بقين من رجب سنة إحدى و مائة و كان له يوم مات إحدى و أربعون سنة و كانت خلافته سنتين و خمسة أشهر و خمس ليال و صلى عليه مسلمة بن عبد الملك و قيل : صلى عليه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز و كان نقش خاتم عمر بن عبد العزيز [ بالله مخلصا ]

و ولى أهل الشام يزيد بن عبد الملك بن مروان بعد دفن عمر بن عبد العزيز و كنية
يزيد بن عبد الملك أبو خالد و أمه عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان توفي يزيد بن عبد الملك بحوران من أرض دمشق يوم الجمعة أو الخميس لخمس ليال بقين من شعبان سنة خمسة و مائة و كان له يوم توفي تسع و عشرون سنة و كانت ولايته أربع سنين و شهرا لأنه مات بسواد الأردن و صلى عليه ابنه الوليد بن يزيد بن عبد الملك و كان نقش خاتم ابن عبد الملك [ رب قني الحساب ]

و ولى هشام بن عبد الملك بن مروان في اليوم الذي توفي فيه أخوه و أمه عائشة بنت هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي و مات هشام بن عبد الملك بالرصافة من أرض قنسرين يوم الأربعاء لست ليال خلون شهر ربيع الآخر سنة خمس و عشرين و مائة و كان له يوم توفي ست و خمسون سنة و كانت ولايته تسع عشرة سنة و ستة أشهر و إدحى عشرة يوما و صلى عليه الوليد بن يزيد بن عبد الملك و كان نقش خاتم هشام بن عبد الملك [ للحكم للحكيم ] و كان هشام أحول

و ولي الوليد بن يزيد بن عبد الملك بعد دفن هشام بن عبد الملك و أمه أم محمد و اسمها عائشة بنت محمد بن يوسف الثقفي أخو الحجاج بن يوسف و كنية الوليد بن يزيد أبو العباس و قتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك يوم الخميس لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست و عشرين و مائة قتله يزيد الناقص بالبخراء من أرض دمشق و كانت و لايته سنة و ثلاثة أشهر و اثنين و عشرين يوما

و ولي يزيد بن الوليد بعد قتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك و أمه هند بنت عبد العزيز بن مروان و مات يزيد بن الوليد لعشر بقين من ذي الحجة سنة ست و عشرين و مائة و كانت ولايته خمسة أشهر و قد قيل : خمسة أشهر و ليلتين و صلى عليه إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك و كان يقال له : يزيد الناقص و إنما سمي بذلك لأنه نقص عطاء الجند عما زاده الوليد فسمي بذلك الناقص

و ولي إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان في اليوم الذي مات فيه أخوه و كانت أمه أم ولد و كان يلقب بصلبان باسم مجنون و كان عندهم بدمشق و بقي في العمل ثلاثة أشهر ثم قدم مروان بن محمد دمشق و راوده على أن يخلع نفسه بعد أن قاتله مروان فسمي المخلوع و بقي بعد ذلك مدة إلى أن مات بدمشق و قد قيل : إن مروان بن محمد هو الذي قتله و صلبه و كان اليوم الذي خلع فيه إبراهيم بن الوليد يوم الإثنين لأربع ليلة خلت من شهر صفر سنة سبع و عشرين و مائة

و ولي مروان بن محمد في اليوم الذي خلع فيه إبراهيم بن الوليد نفسه و ذلك يوم الإثنين و كان يقال له مروان الحمار و إنما عرف بالحمار لقلة عقله و أمه أم ولد جارية كردية كان يقال لها لبابة
و ظهر أبو مسلم و اسمه عبد الرحمن بن مسلم أحد بني جندع بن ليث بن بكر بن عبد مناف بخراسان يوم الخميس لعشر بقين من رمضان سنة تسع و عشرين و مائة فأظهر الدعوة للرضا من آل رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم دخل مرو و فض الجموع التي كانت بها مع نصر بن سيار و هرب نصر بن سيار من أبي مسلم يريد العراق فمات بساوة و خرج أبو مسلم من مرو إلى نيسابور ثم قصد الري ثم خرج منها إلى الكوفة فدخلها و أنفذ عبد الله بن علي بن العباس و أهل بيته و هم بالمدينة فاستقدمهم الكوفة و أنفذ عبد الله بن علي مع جيش جرار إلى دمشق يريد مروان بن محمد فأنفذ عبد الله بن علي على مقدمته صالح بن علي فجعل صالح بن علي على مقدمته أبا عون عبد الملك بن يزيد فواقع ابن عون مروان بن محمد بموضع يقال له أبو صير من رستاق يدعى من صعيد مصر لأنه هرب إلى الصعيد فقتل مروان الحمار عامر بن إسماعيل المروزي و ذلك يوم الخميس لست ليال بقين من ذي الحجة سنة إحدى و ثلاثين و مائة و قد قيل : إن مروان بن محمد قتل في بعض نواحي دمشق و انقضت مدة ملك بني أمية على رأسه

و ولي أبو مسلم أبا العباس و اسمه عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله ابن العباس و ذلك يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة اثنتين و ثلاثين و مائة و أمه رائطة بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان الحارثي و هو أول عباسي تولى الخلافة و تحول أبو العباس من الحيرة إلى الأنبار و بنى مدينتها للنصف من ذي الحجة سنة أربع و ثلاثين و مائة توفي أبو العباس يوم الأحد بالأنبار ليلة عشر من ذي الحجة سنة ست و ثلاثين و مائة و صلى عليه عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس و كانت ولايته أربع سنين و ثمانية أشهر و كان مولده بالشام بالحميمة و كان نقش خاتم أبي العباس [ الله ثقة عبد الله و به يؤمن ]

و ولي أبو جعفر المنصور و اسمه عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس في اليوم الذي مات فيه أخوه و أمه أم ولد اسمها سلامة و توفي أبو جعفر بالأبطح بمكة لتسع خلون من ذي الحجة سنة ثمان و خمسين و مائة و دفن ببئر ميمون و صلى عليه إبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي و قد قيل : لا بل صلى عليه عيسى بن محمد بن علي و المنصور هو قاتل أبي مسلم و كان أبو مسلم مولده بكرخ أصبهان و اسمه عبد الرحمن بن مسلم قتله المنصور في آخر شعبان سنة سبع و ثلاثين و مائة و طواه في بساط لأنه ترك الرأي بالرأي و كان للمنصور يوم ولي ثلاث و ستون سنة و كانت ولايته اثنتين و عشرين سنة غير يوم و كان نقش خاتم المنصور [ الله ثقة عبد الله ]

و ولي محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس في اليوم الذي توفي فيه أبوه و أمه أم موسى بنت منصور بن عبد الله بن سهم بن يزيد الحميري و مات المهدي بماسبذان بقرية يقال لها السواد و ذلك في المحرم ليلة الخمسين لثمان بقين منه سنة تسع و ستين و مائة و كان له يوم توفي ثلاث و أربعون سنة و كانت ولايته عشر سنين و شهرا و أربع عشرة ليلة و صلى عليه ابنه هارون و قد كان نقش خاتمه [ استقدر الله تعالى ]

و ولي موسى بن محمد بن أبي جعفر المنصور في اليوم الذي مات فيه أبوه و كان موسى يومئذ بجرجان و أمه الخيزران أم ولد بويع ببغداد و أنفذت البيعة إليه و هو بجرجان ثم قدم الهادي ببغداد و توفي موسى الهادي يوم الجمعة بموضع يقال له عيساباذ من سواد العراق و ذلك يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول سنة سبعين و مائة و كان له يوم توفي خمس و عشرون سنة و كانت ولايته أربعة عشر شهرا إلا ست ليال و صلى عليه أخوه هارون الرشيد بن الهادي و كان نقش خاتم الهادي [ الله ربي ]

و ولي هارون بن محمد بن أبي جعفر المنصور في اليوم الذي توفي فيه أخوه موسى و كنية هارون أبو جعفر و أمه أم ولد و توفي هارون الرشيد بطوس بموضع يقال له سناباذ بخارج النوقان و كان قد خرج من جرحان إليها و ذلك في جمادى الأولى سنة ثلاث و تسعين و مائة و كان مولده بمدينة السلام و كان نقش خاتم هارون [ بالله ثقتي ]
و رأيت قبر هارون الرشيد تحت قبر علي بن موسى الرضا بينهما مقدار ذراعين في رأي العين علي في القبلة و هارون في المشرق مما يليه و كان لهارون يوم توفي تسع و أربعون سنة و كانت ولايته ثلاث و عشرين سنة و شهرين و سبعة عشر يوما

و ولي محمد بن هارون و أمه زبيدة و هي أم جعفر بنت جعفر أبي جعفر المنصور و محمد يومئذ ببغداد فوقعت البيعة عليه بطوس و هو غائب ببغداد ثم أخذ بيعة الناس لابنه محمد بعده ثم أخذ بيعة الناس لابنه عبد الله بعد محمد فلما مات هارون و ولي محمد جعل عبد الله بن هارون المأمون ينفذ الأعمال بطوس و خراسان بعد موت أبيه و أنفذ طاهر بن الحسين الأعور لمحاربة أخيه ببغداد فوافى طاهر ببغداد و حاصر الأمين بها و قاتله إلى أن أقتله و أنفذ رأسه إلى المأمون و كان ذلك يوم الأحد لسبع بقين من المحرم سنة ثمان و تسعين و مائة و كان نقش خاتم الأمين [ قاصده لا يخيب ]

و ولي عبد الله بن هارون المأمون أخو محمد ببغداد في اليوم الذي قتل فيه أخوه و بايعه الناس بيعة العامة و كانت أمه أم ولد اسمها مراجل توفي المأمون بالبذندون خارج طرسوس على طريق الروم في شهر رجب لإحدى عشرة ليلة خلت منه سنة ثمان عشرة و مائتين و حمل إلى طرسوس و صلى عليه أخوه أبو إسحاق المعتصم و دفن بطرسوس و كان له يوم مات ثمان و أربعون سنة و ثلاثة أشهر و كانت ولايته عشرين سنة و ستة أشهر و ستة عشر يوما و كان مولده بمدينة السلام و كان نقش خاتمه [ الله ثقة عبد الله و به يؤمن ]

و ولي محمد بن هارون أبو إسحاق المعتصم أخو المأمون بعد دفن أخيه بطرسوس و أمه أم ولد اسمها ماردة فأخذ المعتصم في إجبار ما لا يحتاج إليه و ضرب أحمد بن حنبل بالسياط و قتل أحمد بن نصر الخزاعي حتى بقي الناس في تلك الفتنة إلى أن مات المعتصم بسر من رأى من أرض القاطول ليلة الخميس لثمان عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة سبع و عشرين و مائتين و قد قيل : لثمان بقين من شهر ربيع الأول و صلى عليه ابنه الواثق و كان له يوم توفي سبع و أربعون سنة و ثلاثة عشر يوما و كانت ولايته ثمان سنين و ثمانية أشهر و كان نقش خاتمه [ الحمد لله الذي ليس كمثله شيء ]

و ولي هارون ـ و أبوه أبو إسحاق المعتصم بن الرشيد ـ بعد دفن أبيه و أمه أم ولد تدعى قراطيس و كان للواثق يوم ولي ستة و عشرون سنة و شهران و ثمانية أيام و توفي الواثق يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين و كانت ولايته خمس سنين و ستة أشهر و ثلاثة عشر يوما و صلى عليه أخوه جعفر المتوكل و كان مولد الواثق بمدينة السلام و نقش خاتمه [ الله ثقة الواثق ]

و ولي جعفر بن محمد بن هارون بعد دفن أخيه الواثق بن المعتصم و أم المتوكل أم ولد اسمها شجاع و كان له يوم ولي ثمان و عشرون سنة فأظهر المتوكل محبة السنة و الميل إليها و أنكر ما كان يفعله أبوه و أخوه في هذا الشأن و رفع من شأن أهل العلم و مرهم على أحمد بن نصر فمالت قلوب العوام إليه و قتل المتوكل يوم الأربعاء لخمس خلون أو لسبع خلون من شهر شوال سنة سبع و أربعين و مائتين قتله ابنه المنتصر و هو الذي صلى عليه و كان نقش خاتم المتوكل [ لا إله إلا الله المتوكل على الله ] و كانت ولايته خمس عشرة سنة و شهرين

و ولي محمد بن جعفر بن محمد بن هارون المنتصر بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد في اليوم الذي قتل فيه أبوه و بايعه أخواه المعتز و المؤيد و كانت أم المنتصر أم ولد يقال لها حبشية و مات المنتصر بن المتوكل يوم الإثنين لأربع خلون من شهر ربيع الأول سنة ثمان و أربعين و مائتين و صلى عليه المستعين بن المعتصم عمه و كان نقش خاتم المنتصر [ محمد بالله ينتصر ]

و ولي أحمد بن محمد بن هارون و هو أخو جعفر المتوكل و عم المستنصر ابن المتوكل و أم المستعين اسمها مخارق أم ولد و بويع في اليوم الذي توفي فيه المنتصر فلما دخلت سنة إحدى و خمسين و مائتين وقع بين المعتز و المستعين الفتن الكثيرة و المناوشات الشديدة إلى أن خلع المستعين نفسه في آخر سنة إحدى و خمسين و مائتين و ذلك يوم الأربعاء للنصف من المحرم و كان نقش خاتم المستعين [ أحمد بن محمد ]

و بايع الناس بعد خلع المستعين نفسه الزبير بن جعفر بن محمد بن محمد ابن هارون و هو المعتز بن المتوكل أمه أم ولد اسمها قبيحة و قتل المعتز في شهر رجب سنة خمس و خمسين و مائتين و كان نقش خاتمه [ المعتز بالله ]

و ولي محمد بن هارون بن محمد بن هارون و هو المهتدي بن الواثق بن المعتصم بن الرشيد بسر من رأى ليومين بقيا من رجب سنة خمس و خمسين و مائتين و غلب عليه الأتراك إلى أن قتلوه لثلاث عشرة بقيت من رجب سنة ست و خمسين و مائتين و كانت أمه أم ولد و نقش خاتم المهتدي [ محمد أمير المؤمنين ]

و ولي أحمد بن جعفر و هو المعتمد بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد ـ في اليوم الذي قتل فيه المهتدي و أمه أم ولد اسمها فتيان فجعل المعتمد أخاه أبا أحمد الموفق ولي عهده يوم الجمعة لاثنتي عشرة خلت من ذي القعدة سنة إحدى و ستين و مائتين فجعل الموفق يبعد و يحجب الناس عن المعتمد و اعتل أنه مزحور و كان للمتوكل ثلاثة بنين : أكبرهم محمد بن جعفر و هو المنتصر و الأوسط منهم أحمد بن جعفر و هو المعتمد و الأصغر طلحة بن جعفر و هو الموفق أبو أحمد و توفي أبو أحمد الموفق من علة صعبة كانت به يوم الخميس لثمان خلون من صفر سنة ثمان و سبعين و مائتين و توفي المعتمد لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع و تسعين و مائتين و كان له يوم توفي ستون سنة

و ولي أحمد بن طلحة بن جعفر ـ و هو ابن أبي أحمد الموفق ـ في اليوم الذي توفي فيه المعتمد و كانت أمه أم ولد و توفي المعتضد ببغداد ليلة الإثنين لثمان بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسع و ثمانين و مائتين و قد قيل : إن المعتضد توفي يوم الأربعاء لخمس خلون من جمادى الآخرة سنة تسع و ثمانين و مائتين و قد قيل : غسله أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب و صلى عليه أبو يوسف و كان له يوم توفي ست و أربعون سنة و كان نقش خاتمه [ المعتز بالله ]

و ولي علي بن أحمد بن طلحة بن جعفر بعد دفن أبيه و أمه أم ولد جارية تركية و توفي المكتفي ليلة الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة خمس و تسعين و مائتين و غسله أبو عمر و هو الذي صلى عليه و كان للمكتفي يوم توفي إحدى و ثلاثون سنة

و ولي جعفر أخو المكتفي في اليوم الذي توفي فيه أخوه المكتفي و أم المقتدر أم ولد يقال لها : شغب و كان مولد المقتدر سنة اثنتين و ثمانين و مائتين و بايع الخاص لعبد الله بن المعتز في شهر ربيع الأول سنة ست و تسعين و مائتين و بقي مع المقتدر الحجرية و جماعة من الحشم و عوام الناس فركب الحسين بن حمدان في جماعة معه من الأعراب و جاء إلى باب المقتدر ثم ذهب قاصدا دار ابن المعتز فحارب أصحاب ابن المعتز و قتل ظاهرا مكشوفا و العباس بن الحسن بن أيوب و كان كاتب ابن معتز و ظفر بأصحاب ابن المعتز فهزمهم و قبض على عبد الله بن المعتز و قتله استوى أمر المقتدر و هدأت أمور الناس و صار الناس كأنهم نيام لا يحسبون بفتنة و عمرت والدته الحرمين و أنفقت عليهما في كل سنة أموالا خطيرة و كذلك عمرت بيت المقدس و كانت تنفق عليها و على الثغور في كل سنة أموالا خطيرة و ارتفع أهل العلم في كل بلد من الدنيا و رأيت بغداد في تلك الأيام أطيب ما كانت و أجلها و أعمرها ثم أناءت أمور المقتدر عليه سنة ست عشرة و ثلاثمائة و اتفق الناس على خلعه فخلعوه و أقعدوا أخاه القاهر مكانه بعد أن خلع المقتدر نفسه فبقي القاهر ثلاثة أيام كذلك ثم خلع القاهر نفسه و بايع الناس المقتدر ثانيا و عمل المقتدر إلى آخر سنة عشرين و ثلاثمائة ثم اضطرب الجيش و هيجهم مؤنس على المقتدر فركب المقتدر بنفسه ليسكن القوم و عليه بردة رسول الله صلى الله عليه و سلم فبينا هو واقف و معه الخلق من الجند إذ جاءه رجل بربري لا يعرف من هو فتوهموا أنه يريد أن يسلم عليه فلما دنا منه رماه بحربته فقتله و ذلك يوم الثلاثاء لثلاث بقين من شوال سنة عشرين و ثلاثمائة

و ولي محمد بن أحمد بن طلحة بن جعفر و هو أخ المقتدر و المكتفي في اليوم الذي قتل فيه أخوه المقتدر و بقي في الولاية سنة و ستة أشهر ثم كحل و خلع و توفي القاهر سنة اثنتين و عشرين و ثلاثمائة

و ولي محمد بن جعفر بن أحمد بن طلحة بن جعفر و هو الراضي بن المقتدر بن المعتضد بن الموفق بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب و مات الراضي في أول سنة سبع و عشرين و ثلاثمائة

و ولي إبراهيم بن جعفر بن أحمد بن طلحة بن جعفر في أول سنة اثنتين و ثلاثين و ثلاثمائة و توفي سنة خمس و ثلاثين و ثلاثمائة

و ولي الفضل بن جعفر بن محمد بن أحمد بن طلحة بن جعفر ـ و هو ابن المقتدر بعد دفن المستكفي هو باق لا أدري ما الله صانع به إلا أنه خليفة يموت أو يقتل لا محالة لأن له أسوة بمن فقدهم ـ و الله أعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أسماء الله الحسني بتحقيق أبي نعيم الاصبهاني

طرق حديث الأسماء الحسنى أبو نعيم الأصبهاني وصف الكتاب ومنهجه : لقد رأى الحافظ العَلَمُ أبو نعيم أن حديث " إن لله تسعة...الحديث ...