روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الثلاثاء، 24 مايو 2022

مجلد 4.جامع الأصول في أحاديث الرسول

 

4.  مجلد 4.جامع الأصول في أحاديث الرسول
المؤلف : مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى : 606هـ)

667 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : «لمَّا أَغْرَقَ اللهُ فِرْعَوْنَ ، قال : {آمنتُ أَنه لا إِلَه إِلّا الذي آمَنَتْ به بنو إِسرائيل} [يونس: 90]» قال جبريل : يا محمَّدُ ، فلو رأَيْتَني وأَنا آخُذُ من حالِ البحْرِ فأدُسُّهُ في فيه ، مخافَةَ أن تُدْرِكَهُ الرَّحمةُ.
وفي رواية : أنه ذكر أَنَّ جبريل جَعلَ يدُسُّ في فِي فرعون الطينَ خَشْيَةَ أنْ يقُولَ: لا إله إلا الله، فيرحمه الله ، أَوْ خَشْيَةَ أنْ يرحمه. أخرجه الترمذي (1) . -[193]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حال البحر) الطين الأسود الذي يكون في أرضه.
__________
(1) رقم (3106) في التفسير ، باب ومن سورة يونس ، وأخرجه أحمد رقم (2821) ، وابن جرير وفي سنده علي بن زيد بن جدعان ، وهو ضعيف ، وحسنه الترمذي . وقد رواه أحمد رقم (2144) و (3154) ، والترمذي رقم (3107) ، وأبو داود الطيالسي ، وابن جرير رقم (17859) من طريق شعبة عن عطاء بن السائب عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، رفعه أحدهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : ... ، وإسناده صحيح . وقال الترمذي : حسن غريب صحيح . وذكر ابن كثير في تفسيره 2 / 430 الحديث من طريق ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الأشج عن أبي خالد الأحمر عن عمر بن عبد الله بن يعلى الثقفي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال: لما أغرق الله فرعون أشار بأصبعه ورفع صوته : {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} قال : فخاف جبريل أن تسبق رحمة الله فيه غضبه ، فجعل يأخذ الحال بجناحيه فيضرب به وجهه فيرمسه ، وكذا رواه ابن جرير عن سفيان بن وكيع ، عن أبي خالد به موقوفاً ، وقد روي من حديث أبي هريرة أيضاً ، فقال ابن جرير رقم (17860) حدثنا ابن حميد ، حدثنا حكام عن عنبسة هو ابن أبي سعيد ، عن كثير بن زاذان عن أبي حازم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال لي جبريل : يا محمد ، لو رأيتني وأنا أغطه وأدس من الحال في فيه مخافة أن تدركه رحمة الله فيغفر له " يعني فرعون . وكثير بن زاذان هذا ، قال ابن معين : لا أعرفه ، وقال أبو زرعة وأبو حاتم : مجهول ، وباقي رجاله ثقات .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف : أخرجه أحمد (1/245) (2203) قال: حدثنا يونس. وفي (1/309) (2821) قال: حدثنا سليمان ابن حرب و «عبد بن حميد» (644) قال: حدثنا حجاج بن منهال و «الترمذي» (3107) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا الحجاج بن منهال.
ثلاثتهم - يونس، وسليمان، وحجاج- قالوا : حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران فذكره.

سورة هود
668 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : قال أبو بكر يا رسول اللّه ، قد شبْتَ ، قال : شَيَّبَتْني هودٌ ، والواقعةُ ، والمرسلاتُ ، وعَمَّ يتساءلون ، وإذا الشمس كُوِّرَتْ. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3293) في التفسير ، باب ومن سورة الواقعة ، وقال : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس ، إلا من هذا الوجه . وروى علي بن صالح هذا الحديث عن أبي إسحاق ، عن أبي جحيفة نحو هذا . وقد روي عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة ، شيء من هذا مرسل . وصححه الحاكم . وفي الباب عن عقبة بن عامر ، وعن أبي جحيفة عند الطبراني ، وعن أنس عند ابن مردويه . قال العلماء : لعل ذلك لما فيهن من التخويف الفظيع والوعيد الشديد لاشتمالهن مع قصرهن على حكاية أهوال الآخرة وعجائبها وفظائعها ، وأحوال الهالكين والمعذبين مع ما في بعضهن من الأمر بالاستقامة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3297) وفي الشمائل (41) قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، قال: حدثنا معاوية بن هشام عن شيبان عن أبي إسحاق عن عكرمة فذكره.

669 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال محمدُ بنُ عَبَّادِ بنِ جعفر المخزوميُّ : إِنه سمع ابنَ عباس يقرأ {أَلا إِنهم تَثْنَوْني صَدُورُهُمْ (1)} [هود : 5] قال: فسألته عنها ؟ فقال : كان أُناس يَسْتَحْيُونَ أنْ يَتَخَلَّوْا -[194]- فَيُفْضُوا إلى السماء ، وأَن يُجامِعُوا نساءهم فَيُفْضُوا إلى السماء ، فنزل ذلك فيهم.
وفي رواية عمرو بن دينارٍ قال : قرأ ابن عباس {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ليستخفوا منه ألا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُم} قال : وقال غيره : يَسْتَغْشُونَ : يُغَطُّونَ رُؤوسَهمْ. أخرجه البخاري (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تثنوني) تفعوعل : من الانثناء.
(يتخلوا) أي يخلون بأنفسهم، من الخلاء عند قضاء الحاجة.
(فيفضوا) الإفضاء: الوصول إلى الشيء، وأراد به: الانكشاف.
__________
(1) نقل ابن الجوزي في " زاد المسير " 4 / 77 عن ابن الأنباري : تثنوني : تفعوعل ، وهو فعل للصدور ، معناه : المبالغة في تثني الصدور ، كما تقول العرب : احلولى الشيء يحلولي : إذا بالغوا في وصفه بالحلاوة
قال عنترة :
ألا قاتل الله الطلول البواليا ... وقاتل ذكراك السنين الخواليا
وقولك للشيء الذي لا تناله ... إذا ما هو احلولى ألا ليت ذاليا
(2) 8 / 264 في تفسير سورة هود في فاتحتها ، وقوله في آخر الحديث : وقال غيره : أي : غير عمرو بن دينار عن ابن عباس ، وهو معلق ، وقد وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رقم (17958) وعلي بن أبي طلحة يرسل عن ابن عباس ولم يره . قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " : وتفسير التغشي بالتغطية متفق عليه ، وتخصيص ذلك بالرأس يحتاج إلى توقيف ، وهذا مقبول من مثل ابن عباس . يقال منه : استغشى بثوبه وتغشاه . قال الشاعر :
((وتارة أتغشى فضل أطماري)) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :أخرجه البخاري (6/91) قال:حدثنا الحسين بن محمد بن صباح، قال: حدثنا حجاج (ح) وحدثني إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا هشام.
كلاهما (حجاج، وهشام) عن ابن جريج ، قال: أخبرني محمد بن عباد بن جعفر فذكره.

670 - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رَحِمَ اللهُ لُوطاً ، لقَدْ كان يأْوِي إلىِ رُكنٍ شديدٍ ، ولو لَبِثْتُ في السجنِ ما لبثَ يوسفُ، ثم أتاني الداعي ، لأَجبتُ» . أخرجه البخاري ، ومسلم. -[195]-
وللبخاري أيضاً أَنه صلى الله عليه وسلم قال : «يغْفِر الله لِلُوطٍ ، إنْ كان لَيَأْوِي إلى رُكنٍ شَديدٍ» وأخرج الترمذي هذا المعنى بنحوه.
وقد تقدم بزيادةٍ في أوله ، وهو مذكور في تفسير سورة البقرة (1) .
__________
(1) البخاري 6 / 295 في الأنبياء ، باب قوله عز وجل : {ونبئهم عن ضيف إبراهيم} ، وباب {ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون} ، وباب قول الله تعالى : {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} ، وفي تفسير سورة البقرة {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى} ، وتفسير سورة يوسف ، باب قوله {فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك} ، وفي التعبير ، باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك ، ومسلم رقم (151) في الإيمان ، باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة ، والترمذي رقم (3115) في التفسير ، باب ومن سورة يوسف .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:أخرجه أحمد (2/326) قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا أبي. و «البخاري» (4/179) و (6/39) قال: حدثنا أحمد بن صالح. قال: حدثنا ابن وهب.وفي (6/97) قال: حدثنا سعيد بن تليد. قال: حدثنا عبد الرحمن بن القاسم، عن بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث. و «مسلم» (1/92) و (7/97) قال: حدثني حرملة بن يحيى. قال: أخبرنا ابن وهب. و «ابن ماجة» (4026) قال: حدثنا حرملة ابن يحيى ، ويونس بن عبد الأعلى. قالا: حدثنا عبد الله بن وهب.
ثلاثتهم -جرير بن حازم، وابن وهب، وعمرو- عن يونس يزيد، عن ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب، فذكراه.
* أخرجه البخاري (4/183) و (9/42) قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، ابن أخي جويرية.قال: حدثنا جويرية بن أسماء، عن مالك. و «مسلم» (1/92) و (7/98) قال: حدثني به إن شاء الله عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي. قال: حدثنا جويرية، عن مالك. وفي (1/92) قال: حدثناه عبد بن حميد. قال: حدثني يعقوب، يعني ابن إبراهيم بن سعد. قال: حدثنا أبو أويس. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (9/12931) عن عمرو بن منصور ، والعباس بن عبد العظيم بن العنبري فرقهما كلاهما عن عبد الله بن محمد بن أسماء، عن جويرية، عن مالك.
كلاهما (مالك، وأبو أويس) عن الزهري، أن سعيد بن المسيب وأبا عبيد أخبراه عن أبي هريرة فذكراه. وجعل مكان أبي سلمة بن عبد الرحمن أبا عبيد.
الروايات مطولة ومختصرة. وفي رواية أخرى عن الأعرج عن أبي هريرة أخرجها أحمد (2/322) و «البخاري» (4/180) ، و «مسلم» (7/98) .
وفي رواية أخرى عن أبي يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة أنه سمع أبا هريرة عن رسول الله أنه قال: «يرحم الله لوطا فإنه كان يأوي إلى ركن شديد» .
أخرجه أحمد (2/350) .

671 - (خ م ت) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ الله لَيُمْلي لِلظَّالمِ ، حتَّى إذا أَخذه لم يُفْلِتْهُ (1)» ، ثم قرأَ {وكَذلِكَ أَخْذُ ربِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَليمٌ شَديدٌ} [هود : 102] . أخرجه البخاري ، ومسلم ، والترمذي (2) .
وقال الترمذي : وربما قال : «لَيُمْهِلُ» . -[196]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ليملي) الإملاء : الإطالة والإمهال.
__________
(1) أي : يمهله ، قال تعالى : {وأملي لهم إن كيدي متين} [الأعراف : 183] أي : أطيل لهم المدة ، وقوله : " لم يفلته " هو من أفلت ، الرباعي : أي : لم يخلصه : أي : إذا أهلكه لم يرفع عنه الهلاك ، وهذا على تفسير الظلم بالشرك على إطلاقه ، وإن فسر بما هو أعم ، فيحمل على كل بما يليق به .
(2) البخاري 8 / 267 في التفسير ، باب قوله : {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} ، ومسلم رقم (2583) في البر والصلة والآداب ، باب تحريم الظلم ، والترمذي رقم (3109) في التفسير ، باب ومن سورة هود ، وأخرجه ابن ماجة رقم (4018) في الفتن ، باب العقوبات .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه البخاري (6/93) قال:حدثنا صدقة بن الفضل و «مسلم» (8/19) قال: حدثنا محمد بن عبد الله ابن نمير. و «ابن ماجة» (4018) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد. و «الترمذي» (3110) قال: حدثنا أبو كريب. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (9037) عن أبي بكر بن علي عن يحيى بن معين.
خمستهم -صدقة، وابن نمير، وعلي بن محمد، وأبو كريب، ويحيى- عن أبي معاوية. 2 وأخرجه الترمذي (3110) قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري عن أبي أسامة.
كلاهما -أبو معاوية ، وأبو أسامة- عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة فذكره.

672 - (خ م ت د) ابن مسعود - رضي الله عنه - : أَنَّ رُجلاً (1) أصَابَ من امرأَةٍ قُبْلَة، فأتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، فَنزلت {وأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرين} [هود : 114] فقال الرجل : يا رسول الله، أَلِيَ هذه ؟ قال : «لَمِنْ عمل بها من أُمَّتي» . أخرجه البخاري ، ومسلم ، والترمذي.
ولمسلم أيضاً قال : جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إِني عَالجْتُ امرأة في أَقْصَى المدينِة ، وإِني أَصَبْتُ مِنْها ما دونَ أنْ أمَسَّها ، فأنا هذا ، فاقْضِ فيَّ ما شِئتَ ، فقال له عمر : لقد سَتَرَكَ الله ، لَوْ سَتَرْتَ عَلِى نَفْسِكَ ؟ قال : ولم يَرُدَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فقام الرجلُ فانطلقَ ، فأتْبَعَهُ النبيُّ رُجلاً ، فدعاهُ وتلا عليه هذه الآية : {وأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلكَ ذِكْرى لِلذاكِرين} فقال رجلٌ من القوم:يا نبيَّ الله،هذا له خاصَّة ؟ قال: «بَلْ للناسِ كافَّة» .
وأخرج الترمذي الروايتين ، وأبو داود الرواية الثانية (2) . -[197]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(زلفاً) الزلف : جمع زلفة : وهي الطائفة من الليل.
(عالجت) المعالجة : الممارسة.
(أمسها) المس هاهنا : كناية عن الجماع.
__________
(1) هو أبو اليسر كعب بن عمرو . روى الترمذي والنسائي " أنه شهد العقبة مع السبعين ، وشهد بدراً وهو ابن عشرين ، وأسر العباس يومئذ " وكان رجلاً قصيراً دحداحة ، ذا بطن ، توفي بالمدينة سنة خمس وخمسين وله عقب .
(2) البخاري 2 / 7 في مواقيت الصلاة ، باب الصلاة كفارة ، وفي تفسير سورة هود ، باب {وأقم -[197]- الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} ، ومسلم رقم (2763) في التوبة ، باب قوله تعالى : {إن الحسنات يذهبن السيئات} ، والترمذي رقم (3111) في التفسير ، باب ومن سورة هود ، وأبو داود رقم (4468) في الحدود ، باب في الرجل يصيب من المرأة ما دون الجماع ، وأخرجه أحمد رقم (4250) و (4290) و (4291) ، وأبو داود الطيالسي 2 / 20 ، والطبري رقم (18668) و (18669) و (18670) و (18671) و (18672) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/385) (3653) و (1/430) (4094) قال: حدثنا يحيى. و «البخاري» (1/140) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا يزيد بن زريع. وفي (6/94) قال : حدثنا مسدد ، وقال : حدثنا يزيد ،هو ابن زريع.و «مسلم» (8/101) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، وأبو كامل فضيل بن حسين الجحدري، كلاهما عن يزيد بن زريع. وفي (8/102) قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا معمر. (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير. و «ابن ماجة» (1398) قال: حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا إسماعيل بن عُلية. وفي (4254) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب، قال: حدثنا المعتمر. و «الترمذي» (3114) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد. و «النسائي» في الكبرى (318) قال:أخبرنا عمرو بن علي، قال:حدثنا يحيى. وفي (تحفة الأشراف) (9376) عن قتيبة، عن ابن أبي عدي. وعن إسماعيل وبشر بن المفضل. (ح) وعن إسماعيل بن مسعود، عن يزيد بن زريع. و «ابن خزيمة» (312) قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قالا: حدثنا المعتمر. (ح) وحدثناه الصنعاني، قال: حدثنا يزيد بن زريع.
سبعتهم - يحيى بن سعيد، ويزيد بن زريع، والمعتمر، وجرير، وإسماعيل بن علية، وابن أبي عدي، وبشر ابن المفضلعن سليمان التيمي - عن أبي عثمان، فذكره.
وفي رواية أخرى عن علقمة والأسود عن عبد الله أخرجه أحمد (1/445) (4250) وفي (1/449) (4290) وفي (1/449) (4291) و «مسلم» (8/102) و «الترمذي» (3112) و «ابن خزيمة» (313) وأخرجه أحمد (1/452) (4325) و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9162) .
وفي رواية أخرى عن عبد الرحمان بن يزيد عن عبد الله أخرجه أحمد (1/406) (3854) و «الترمذي» (3112) و «النسائي» في الكبيرى (الورقة 96-ا) وأخرجه الترمذي (3112) ، «النسائي» في الكبرى (الورقة 96-أ) ، أخرجه النسائى في الكري (الورقة 96- أ) .

673 - (ت) معاذ بن جبل - رضي الله عنه - : قال : أَتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ ، فقال : يا رسول الله ، أرأيتَ رجلاً لَقيَ امرأة ليس بينهما معرفةٌ ، فليس يأتي الرجلُ إلى امرأته شيئاً إِلا قَدْ أتَى هو إليها ، إلا أنه لم يجامعها ؟ قال : فأنزل الله عز وجل : {وأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِين} فأمره أَن يتوضَّأَ ويُصلِّيَ ، قال معاذ : فقلت : يا رسُولَ اللهِ ، أهيَ له خاصَّة ، أم للمؤمنين عامَّة ؟ قال : «بل للمؤمنين عامة» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3113) في التفسير ، باب ومن سورة هود ، وأخرجه الطبري رقم (18678) ورجاله ثقات ، لكن أعله الترمذي بأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ ، وهو بمعنى الحديث الذي قبله .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (5/244) قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو سعيد. و «الترمذي» (3113) قال : حدثنا عبد بن حميد ، قال: حدثنا حسين الجعفي.
ثلاثتهم - ابن مهدي ، وأبو سعيد ، وحسن الجعفي - عن زائدة عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلي ، فذكره.
(*) قال الترمذي : هذا حديث ليس إسناده بمتصل ، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ.
* أخرجه النسائي في الكبرى (الورقة 96) قال :أخبرنا إسماعيل بن مسعود ، قال : حدثنا خالد. قال : حدثنا شعبة. عن عبد الملك ، عن ابن أبي ليلي ، أن رجلا أتي النبي صلى الله عليه وسلم....فذكره نحوه مرسلا - ليس فيه - عن معاذ.

674 - (ت) أبو اليسر - رضي الله عنه - : قال : أتَتْني اْمْرَأةٌ تَبْتاعُ -[198]- تَمْراً ، فقلتُ : إنَّ في البيتِ تمراً أطْيَبَ منه ، فدَخلتْ معي في البيتِ ، فأهويتُ إليها ، فقبَّلْتُها ، فأَتيتُ أَبا بكرٍ ، فذكرتُ ذلك له ، فقال : اسْتُرْ على نفسك وتُبْ ، فأتيتُ عمر ، فذكرت ذلك له ، فقال : اسْتُر على نفسك وتُبْ ، ولا تُخبِرْ أحداً ، فلم أصبِرْ ، فأتيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فذكرتُ ذلك له ، فقال : أخلَّفْتَ غازياً في سبيل الله في أهله بمثل هذا ؟ حتى تَمنَّى أنه لم يكن أَسْلمَ إلا تِلْكَ الساعة ، حتى ظَنَّ أنَّه مِنْ أَهل النار ، قال : وأطرقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم طويلاً، حتى أوحى الله إليه {وأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرين} قال أبو اليسرِ : فأتيْتُهُ ، فقرأها عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أصحابه : يا رسول الله ، ألِهذا خاصَّة ، أمْ للنَّاسِ عامَّة ؟ فقال : «بل للناس عامة» .أخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فأهويت) يقال : أهوى بيده إلى شيء : أي مدها إليه والمراد : عزمت عليه ، وانبعثت على فعله.
(أخلفت) خلفت الرجل: إذا قمت بعده وقمت عنه فيما كان يفعله.
__________
(1) رقم (3114) في التفسير ، باب ومن سورة هود ، وأخرجه الطبري رقم (18684) و (18685) وقيس بن الربيع (أحد رواته) ضعفه وكيع وغيره ، وروى شريك عن عثمان بن عبد الله هذا الحديث مثل رواية قيس بن الربيع ، وفي الباب عن أبي أمامة وواثلة بن الأسقع وأنس بن مالك .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3115) قال حدثنا عبد الله بن عبد الرحمان قال أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا قيس بن الربيع. و «النسائي» في الكبرى (الورقة 96) قال أخبرنا سويد قال أخبرنا عبد الله عن شريك كلاهما -قيس ، وشريك - عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن موسي بن طلحة فذكره.

سورة يوسف
675 - (خ) عروة بن الزبير - رضي الله عنهما - : أنهُ سألَ عائشة عن قوله تعالى : {حَتَّى إذا اسْتيْأسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أنَّهمْ قد كُذِّبوا (1)} [يوسف : 110] أَو كُذِبُوا ؟ قالت : بلْ كَذَّبَهُم قَوْمُهُم ، فقُلْتُ : واللهِ ، لقَد اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبوهُم ، وما هو بالظَّنِّ ، فقالت : يا عُرَيَّةُ أجَلْ ، لقد استيقنوا بذلك ، فقلتُ : لعلَّها {قد كُذِبُوا} فقالت : معاذ الله (2) ، لم تكن الرسل تظن ذلك بربها ، قلت : فما هذه الآية ؟ قالت : هم أَتْباعُ الرُّسُلِ الذين آمنوا بربهم وصدَّقوهم ، وطال عليهم البلاءُ، واسْتأْخَرَ عنهم النصرُ ، حتى إذا اسْتَيْأَسَ الرسُلُ ممن كَذَّبَهُم مِن قومهم ، وظَنُّوا أنَّ أتْباعَهم كَذَّبُوهُم ، جاءهم نصرُ الله عند ذلك.
وفي رواية عبْدِ اللهِ بن عُبَيْدِ الله بن أبي مُلَيْكَة قال : قال ابن عباس : -[200]- {حَتَّى إذا اسْتيْأسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أنَّهمْ قد كُذِبوا} خَفِيفة ، قال : ذهبَ بها هُنالك ، وتلا {حتَّى يقولَ الرَّسولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا معه مَتَى نَصْرُ الله ألا إنَّ نَصْرَ الله قَريب} [البقرة: 214] ، قال : فلقيتُ عروةَ بنَ الزبير فذكرتُ ذلك له ، فقال : قالت عائشة : مَعاذَ الله ، والله ما وَعدَ اللهُ رسوله من شيء قَطُّ إِلا عَلِمَ أَنَّه كائِنٌ قبلَ أَنْ يَمُوتَ ، ولكن لم تزَل البلايا بِالرُّسُلِ ، حتى خافوا أَن يكون مَن معهم مِن قومهم يُكَذِّبُونَهم ، وكانت تَقْرَؤها {وظَنُّوا أَنَّهمْ قد كُذِّبُوا} مُثَقَّلَة. أخرجه البخاري (3) .
__________
(1) جاء في " زاد المسير " 4 / 296 قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر " كذبوا " مشددة الذال مضمومة الكاف ، والمعنى : وتيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم ، فيكون الظن هاهنا بمعنى اليقين ، وهذا قول الحسن وعطاء وقتادة وقرأ عاصم وحمزة والكسائي " كذبوا " خفيفة ، والمعنى : ظن قومهم أن الرسل قد كذبوا فيما وعدوا به من النصر ، لأن الرسل لا يظنون ذلك .
(2) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 267 : وهذا ظاهر في أنها أنكرت القراءة بالتخفيف ، بناء على أن الضمير للرسل ، وليس الضمير للرسل على ما بينته ، ولا لإنكار القراءة بذلك معنى بعد ثبوتها ، ولعلها لم تبلغها ممن يرجع إليه في ذلك ، وقد قرأها بالتخفيف أئمة الكوفة من القراء : عاصم ويحيى بن وثاب ، والأعمش ، وحمزة ، والكسائي ، ووافقهم من الحجازيين : أبو جعفر بن القعقاع ، وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس ، وأبي عبد الرحمن السلمي ، والحسن البصري ، ومحمد بن كعب القرظي في آخرين .
(3) 8 / 299 في الأنبياء ، باب قوله تعالى : {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} ، وفي تفسير سورة البقرة {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم} ، وفي تفسير سورة يوسف ، باب قوله {حتى إذا استيأس الرسل} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجة البخاري في أحاديث الأنبياء (20:8) عن يحي بن بكير عن ليث عن عقيل عن محمد الزهري عن عروة عن عائشة تحفة الأشراف (12/66) .

676 - () ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قوله : {وما يُؤمِنُ أكثَرُهُمْ باللّه إِلاّ وهم مشركون} [يوسف : 106] ، قال : تسألهم : مَنْ خَلَقَهُم ، ومن خلق السموات والأرضَ ؟ فيقولون : اللَّه.
وفي رواية : فيُقرُّونَ أَنَّ اللّه خالقُهم ، فذلك إيمانُهُم ، وهم يعبدون غيره ، فذلك شركهم. أخرجه (1) .
__________
(1) لم يذكر المصنف رحمه الله من أخرجه. وقد روى ابن جرير 13 / 51 من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) قال : من إيمانهم أنهم إذا قيل لهم : من خلق السماء ، ومن خلق الأرض ، ومن خلق الجبال ؟ قالوا : الله. وهم مشركون . وهو قول مجاهد وعكرمة وقتادة وعطاء والضحاك وعبد الرحمن بن زيد بن اسلم.

سورة الرعد
677 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - : عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {ونُفَضِّلُ بعضَها على بعض في الأُكُلِ} [الرعد : 4] ، قال : «الدَّقَلُ والفارِسيُّ والحلوُ والحامضُ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3117) في التفسير ، باب ومن سورة الرعد ، وأخرجه ابن جرير 13 / 69 ، وقال الترمذي : حديث حسن غريب .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3118) قال حدثنا محمود بن خداش البغدادي. قال : حدثنا سيف بن محمد الثوري عن الأعمش عن أبي صالح فذكره.

سورة إبراهيم
678 - (ت) أبو أمامة الباهلي - رضي الله عنه - : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : {ويُسقَى من ماءٍ صَديدٍ . يتَجَرَّعُه} [إبراهيم : 16] ، قال : «يُقَرَّبُ إلى فِيه ، فيكْرَهُه ، فإِذا أُدْنِي منه شَوَى وجْهَهُ ، ووَقعَتْ فَرْوَةُ رَأْسِه ، فإذا شرِبَه قَطَّعَ أمْعاءهُ ، حتَّى يخرج من دُبُره» ، قال تعالى : {وَسُقُوا ماءً حَميماً فَقَطَّعَ أَمعاءَهم} [محمد : 15] ، وقال : {وإنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بماءٍ كالمُهْلِ يَشْوي الوُجُوهَ بئسَ الشَّرابُ وساءَتْ مُرْتَفقاً} [الكهف : 29] . أخرجه الترمذي (1) . -[202]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(صديد) الصديد : ما يسيل من القيح من الجراحات ، ومن أجساد الموتى.
(فروة رأسه) فروة الرأس : هي جلدته بما عليها من الشعر.
(حميم) الحميم : الماء المتناهي حره.
(كالمهل) المهل : النحاس المذاب.
__________
(1) رقم (2586) في أبواب صفة جهنم ، باب ما جاء في صفة شراب أهل النار ، من حديث صفوان بن عمرو عن عبيد الله بن بسر عن أبي أمامة ، وقال : هذا حديث غريب ، وهكذا قال محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - عن عبيد الله بن بسر ، ولا نعرف عبيد الله بن بسر إلا في هذا الحديث . وقد روى صفوان بن عمرو عن عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث ، -[202]- وعبد الله بن بسر له أخ قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخته قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم ، وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو حديث أبي أمامة لعله أن يكون أخا عبد الله بن بسر . وقال الحافظ في " التقريب " : قال الترمذي : لعله أخو عبد الله بن بسر المازني الصحابي . وقد جزم أبو نعيم في " الحلية " 8 / 182 بأن رواية صفوان هنا عن عبد الله بن بسر المازني الصحابي ، فإن صح ما قال زال الإشكال ، والله أعلم . والحديث رواه أيضاً أحمد في " المسند " 5 / 265 ، وابن جرير 13 / 131 ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 73 ، 74 ، وزاد نسبته للنسائي ، وابن أبي الدنيا في صفة النار ، وأبي يعلى ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، والبيهقي في " البعث والنشور " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجة أحمد (5/265) قال حدثنا علي بن إسحاق. و «الترمذي» (2583) قال حدثنا سويد بن نصر و «النسائي» في الكبرى «(تحفة الأشراف» (4894) عن سويد بن نصر.
كلاهما - علي ، وسويد - قالا : أخبرنا عبد الله قال أخبرنا صفوان بن عمرو عن عبيد الله بن بسر فذكره.

679 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - :قال : أُتِيَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِقناعٍ فيه رُطَبٌ ، فقال : مثلُ كلمةٍ طيِّبةٍ {كشجرةٍ طيِّبَةٍ أَصْلُها ثابتٌ وفَرْعُها في السَّمَاءِ . تُؤتِي أُكُلَها كُلَّ حين بإذن ربِّها} [إبراهيم : 24 ، 25] قال : «هي النَّخْلةُ» ، {ومَثَلُ كلمةٍ خبيثةٍ كشجَرَةٍ خبيثَةٍ اجتُثَّتْ من فوق الأرض مالها من قَرارٍ} [إبراهيم : 26] قال : «هي الحنْظَل» . أخرجه الترمذي.
وقال : وقد رَوَاهُ غيرُ واحدٍ موقوفاً ، ولم -[203]- يرفَعُوهُ (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بقناع) القناع : طبق يؤكل عليه.
(مرتفقاً) المرتفق : المتكأ.وأصله من المرفق.
__________
(1) الترمذي رقم (3118) من حديث حماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، وزاد فيه - يعني شعيباً - كما صرح بذلك في رواية أبي يعلى : فأخبرت بذلك أبا العالية فقال : صدق وأحسن ، وقال الترمذي : حدثنا قتيبة ، حدثنا أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب عن أبيه عن أنس بن مالك نحوه بمعناه ، ولم يرفعه ، ولم يذكر قول أبي العالية ، وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة . وروى غير واحد مثل هذا موقوفاً ، ولا نعلم أحداً رفعه غير حماد بن سلمة ، ورواه معمر ، وحماد بن زيد ، وغير واحد ، ولم يرفعوه . حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ، أخبرنا حماد بن زيد ، عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك نحو حديث عبد الله بن أبي بكر بن شعيب بن الحبحاب ولم يرفعه . قال ابن كثير : وكذا نص عليه مسروق ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وقتادة ، وغيرهم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3119) قال : حدثنا عبد بن حميد،قال : حدثنا أبو الوليد ، «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (916) عن إسحاق بن إبراهيم عن النضر بن شميل.
كلاهما - أبو الوليد ، والنضر - عن حماد بن سلمة عن شعيب فذكره.

680 - (خ م ت د س) البراء بن عازب - رضي الله عنهما - : عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : «المسلم إذا سُئلَ في القبر : يشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسولُ الله ، فذلك قوله : {يُثبِّتُ اللَّهُ الذين آمنوا بالقولِ الثَّابتِ}» [إبراهيم : 27] .
وفي رواية قال : {يُثَبِّتُ اللَّهُ الذين آمنوا بالقولِ الثَّابتِ} نزلت في عذاب القبر، يقالُ له : مَن رَبُّك؟ فَيقُولُ : ربِّيَ اللهُ ، ونَبِيِّي محمدٌ.أخرجه البخاري ،ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، والترمذي. -[204]-
إلا أنَّه قال : «هي في القبر ، يُقال له : من ربُّك ؟ وما دينُك ؟ ومَن نَبِيُّكَ؟» (1) .
__________
(1) البخاري 3 / 184 في الجنائز ، باب ما جاء في عذاب القبر ، وفي تفسير سورة إبراهيم ، باب {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت} ، ومسلم رقم (2871) في صفة الجنة ، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار ، والترمذي رقم (3119) في التفسير ، باب ومن سورة إبراهيم عليه السلام ، وأبو داود رقم (4750) في السنة ، باب المسألة في القبر وعذاب القبر ، والنسائي 6 / 101 في الجنائز ، باب عذاب القبر ، وأخرجه ابن ماجة رقم (4269) في الزهد ، باب ذكر القبر والبلى .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (4/282) قال : حدثنا عفان. وفي (291) قال : حدثنا محمد بن جعفر. و «البخاري» (2/122) قال : حدثنا حفص بن عمر. وفي (6/100) قال : حدثنا أبو الوليد. وفي (2/ 122) و «مسلم» 8/162) . و «ابن ماجة» (4269) ، «والنسائي» (4/101) قالوا : حدثنا محمد بن بشار. قال : حدثنا محمد بن جعفر. و «أبو داود» (4750) قال : حدثنا أبو الوليد. و «الترمذي» (3120) قال حدثنا محمود بن غيلان ، قال : حدثنا أبو داود.
خمستهم - عفان ، وابن جعفر ، وحفص ، وأبو الوليد ، وأبو داود - عن شعبة ، عن علقمة بن مرثد ، وعن سعد بن عبيدة ، فذكره.

681 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قوله تعالى {ألم تر إلى الذين بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً} [إبراهيم : 28] قال : هم كُفَّارُ أهْلِ مَكَّةَ.
وفي روايةٍ قال : هم والله كُفَّارُ قُريْشٍ ، قال عَمرو (1) هم قُرَيْشٌ ، ومحمدٌ : نعمةُ الله، {وأَحَلُّوا قومَهم دار البَوار} قال : النَّارَ يومَ بَدْرٍ. أخرجه البخاري (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(البوار) : الهلاك.
__________
(1) هو عمرو بن دينار ، وهو موصول بالإسناد ، كما في الرواية التي قبلها .
(2) 7 / 235 في المغازي ، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش ، وفي تفسير سورة إبراهيم ، باب {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً} ، قال الحافظ في " الفتح " : وقوله : يوم بدر ، ظرف لقوله " أحلوا " أي : أنهم أهلكوا قومهم يوم بدر فأدخلوا النار ، والبوار : الهلاك ، وسميت جهنم دار البوار لإهلاكها من يدخلها .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : البخاري في المغازي (8: 18) عن الحميدي - وفي التفسير (14:3) عن علي بن عبد الله كلاهما عن سفيان والنسائي في التفسير «في الكبرى» عن قتيبه عن سفيان نحوه.

682 - (م ت) عائشة - رضي الله عنها - : قالت : سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى : {يوم تُبَدَّلُ الأرضُ غيرَ الأرض والسمواتُ} [إبراهيم : 48]-[205]- قلت : أيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يومئذ يا رسول الله ؟ قال : «على الصراطِ» . أخرجه مسلم ، والترمذي (1) .
__________
(1) مسلم رقم (2791) في صفات المنافقين وأحكامهم ، باب في البعث والنشور ، والترمذي رقم (3120) في التفسير ، باب ومن سورة إبراهيم عليه السلام .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه الحميدي (274) قال : حدثنا سفيان. و «أحمد» (6/35) قال : حدثنا ابن أبي عدي. و «الدارمي» (2812) قال : حدثنا عمرو بن عون. قال : أخبرنا خالد. و «مسلم» (8/127) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال : حدثنا علي بن مسهر. و «ابن ماجة» (4279) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال : حدثنا علي بن مسهر. و «الترمذي» و (3242) قال : حدثنا ابن أبي عمر: قال حدثنا سفيان.
أربعتهم - سفيان بن عيينة ، وابن أبي عدي ، وخالد بن الحارث ، وعلي بن مسهر - عن داود بن أبي هند، عن الشعبي ، عن مسروق ، فذكره.
أخرجه أحمد (6/134) قال : حدثنا عفان. قال : حدثنا وهيب. وفي (6/218) قال : حدثنا إسماعيل.
كلاهما - وهيب ، وإسماعيل بن علية - عن داود ، عن الشعبي. قال : قالت عائشة ، فذكره ، ليس فيه: - مسروق.

سورة الحجر
683 - (ت س) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : كانت امْرَأةٌ تُصلِّي خَلْفَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حسناءُ من أحْسنِ النَّاسِ - وكان بعضُ القومَ يتقَدَّمُ ، حتى يكونَ في الصفِّ الأول لئلا يراها ، ويتأخر بعضهم حتى يكون في الصفِّ المؤَّخرِ ، فإذا رَكعَ نظر من تحت إِبطَيهِ ، فأنزل الله تعالى : {ولَقَدْ عَلِمْنا المُسْتَقْدِمينَ مِنْكُمْ ولقَدْ عَلِمْنا المُسْتَأخِرين} [الحجر : 24] . أخرجه الترمذي ، والنسائي (1) .
__________
(1) النسائي 2 / 18 في الصلاة ، باب المنفرد خلف الصف ، والترمذي رقم (3122) في التفسير ، باب ومن سورة الحجر من حديث نوح بن قيس الحداني عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ، قال الترمذي : وروى جعفر بن سليمان هذا الحديث عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء نحوه ، ولم يذكر فيه عن ابن عباس ، وهذا أشبه أن يكون أصح من حديث نوح . وقد استظهر ابن كثير بعد أن ذكر كلاماً طويلاً عن هذا الحديث أنه كلام أبي الجوزاء .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/305) قال : حدثنا سريج. و «ابن ماجة» (1046) قال : حدثنا حميد بن مسعدة ، وأبو بكر بن خلاد. و «الترمذي» (3122) قال : حدثنا قتيبة. و «النسائي» (2/118) ، وفي الكبري (853) قال : أخبرنا قتيبة بن سعيد ، و «ابن خزيمة» (1696) قال : حدثنا نصر بن علي الجهضمي. وفي (1697) قال : حدثنا أبو موسى. (ح) وحدثناه الفضل بن يعقوب.سبعتهم - سريج ، وحميد ، وابن خلاد ، وقتيبة ، ونصر ، وأبو موسى ،والفضل - عن نوح بن قيس ، عن عمرو بن مالك النكري ، عن أبي الجوزاء ، فذكره.

684 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - : أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : «اتَّقُوا فِراسَةَ المؤمن ، فإِنه يَنظُرُ بنورِ الله» ، ثم قرأ {إنَّ في ذلك لآياتٍ للمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر : 75] . -[206]- أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3125) في التفسير ، باب ومن سورة الحجر ، وفي سنده عطية العوفي ، وهو ضعيف . وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 103 وزاد نسبته لابن جرير وابن أبي حاتم والبخاري في " التاريخ " وابن السني وأبي نعيم معاً في " الطب " وابن مردويه والخطيب .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (16 الحجر : 6) عن محمد بن إسماعيل البخاري عن أحمد بن أبي الطيب عن مصعب بن سلام ، وقال : غريب إنما نعرفه من هذا الوجه.

685 - (س) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : أُتِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سبعاً من المثاني الطول.
وفي رواية : في قوله {سبعاً من المثاني} [الحجر : 87] ، قال : السبع الطُّوَلُ. أخرجه النسائي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(المثاني الطول) قد تقدم ذكر المثاني والطول ، في تفسير سورة براءة.
__________
(1) 2 / 139 في الصلاة ، باب تأويل قول الله عز وجل : {ولقد آتيناك سبعاً من المثاني} من حديث جرير عن الأعمش ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وإسناده حسن . وأخرجه أيضاً من حديث علي بن حجر عن شريك عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وأخرجه أبو داود رقم (1459) بلفظ : أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً من المثاني الطول ، وأوتي موسى عليه السلام ستاً ، فلما ألقى الألواح رفعت اثنتان وبقي أربع " ، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 105 وزاد نسبته إلى الفرياني وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم والبيهقي في " شعب الإيمان " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (1459) قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة. و «النسائي» (2/139) وفي الكبرى (897) قال : أخبرني محمد بن قدامة.كلاهما - عثمان ، ومحمد بن قدامة - قالا : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، فذكره.أخرجه النسائى (2/140) ، وفي الكبرى (898) قال : أخبرنا علي بن حجر المروزي، قال : حدثنا شريك. وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (5590) عن أحمد بن سليمان ، عن عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل.كلاهما - شريك ، وإسرائيل - عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله- سبعا من المثاني - قال : السبع الطول.

686 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - : {الذينَ جَعَلُوا القرآن عِضينَ} [الحجر : 91] قال : هم أهل الكتاب : اليهودُ والنَّصارَى ، جَزَّؤوهُ أَجزاء ، فآمنوا بِبَعْضٍ ، وكفروا بِبَعْضٍ. -[207]- أخرجه البخاري (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عِضِين) جمع عِضَة : من عَضَيت الشيء:إذا فرقته ، وقيل : الأصل عِضْوة ، فنقصت الواو وجمعت ، كما فعل في عِزِين : جمع عِزوة.
__________
(1) 8 / 290 في تفسير سورة الحجر ، باب قوله عز وجل : {الذين جعلوا القرآن عضين} ، و 8 / 279 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب إتيان اليهود النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في الهجرة (المناقب : 112: 5) عن زياد بن أيوب وفي التفسير (15:4:1) عن يعقوب بن إبراهيم كلاهما عن هشيم.

687 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في قوله تعالى : {لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعينَ . عَمَّا كانُوا يعْمَلونَ} [الحجر : 92 ، 93] قال : عن قول : «لا إله إلا اللهُ» . أخرجه الترمذي (1) . وأخرجه البخاري في ترجمة باب.
__________
(1) رقم (3126) في التفسير ، باب ومن سورة الحجر ، وفي سنده ليث بن أبي سليم ، وهو ضعيف .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (15: 5) عن أحمد بن عبدة الضبي عن المعتمر بن سليمان ، عن ليث ابن أبي سليم وقال : غريب إنما نعرفه من حديث ليث واقد رواه ابن إدريس عن ليث عن بشر عن أنس نحوه ولم يرفعه.

سورة النحل
688 - (س) ابن عباس - رضي الله عنهما - : {مَنْ كفر باللَّه من بعد إِيمانه إلّا مَنْ أُكْرِهَ وقَلبُهُ مُطمئنٌّ بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضبٌ من اللَّه ولهم عذاب عظيم} واستثنى من ذلك {ثُمَّ إنَّ ربَّكَ لِلَّذينَ هاجَرُوا مِنْ بعْدِ ما فُتِنُوا ثمَّ جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها -[208]- لغفور رحيم} [النحل : 110] وهو عبد الله بن أبي السَّرْح (1) - الذي كان على مصرَ - كان يكتُبُ الوْحيَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فَأزلَّهُ الشيطانُ ، فَلَحِقَ بالكفار ، فأمر به أن يُقتل يوم الفتح ، فاسْتجارَ له عثمان بن عفان ، فأجارَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه النسائي (2) .
__________
(1) عبد الله بن سعد بن أبي السرح : أحد بني عامر بن لؤي ، كان كاتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ارتد ولحق بمكة ، ثم أسلم وحسن إسلامه ، وعرف فضله وجهاده ، وكان على ميمنة عمرو بن العاص حين فتح مصر ، وهو الذي فتح إفريقية سنة سبع وعشرين . وغزا الأساود من النوبة ، ثم هادنهم الهدنة الباقية إلى اليوم . ولما خالف محمد بن أبي حذيفة على عثمان ، اعتزل الفتنة ، ودعا الله أن يقبضه إثر صلاة الصبح ، فصلى بالناس الصبح ، فلما ذهب يسلم الثانية ، قبضت نفسه بعسفان . عن الروض الأنف (274) للسهيلي .
(2) 7 / 107 في تحريم الدم ، باب توبة المرتد ، وأخرجه أبو داود رقم (4358) في الحدود ، باب الحكم فيمن ارتد ، وفي سنده علي بن الحسين بن واقد ، وهو وإن كان ثقة له أوهام ، وباقي رجاله ثقات ، ومع ذلك فقد صححه الحاكم 2 / 356 ، 357 ووافقه الذهبي . وروى الحاكم أيضاً في " المستدرك " 2 / 357 من حديث عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن عبد الكريم بن مالك الجزري ، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قال : أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر آلهتهم بخير ، ثم تركوه ، فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ما وراءك ؟ قال : شر يا رسول الله ما تركت حتى نلت منك ، وذكرت آلهتهم بخير ، قال : كيف تجد قلبك ؟ قال : مطمئن بالإيمان ، قال : " إن عادوا فعد " وقال : هذا حديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وأقره الذهبي . وقد ذكره الحافظ في " الفتح " 12 / 278 ، وقال : وهو مرسل ورجاله ثقات ، وذكره من عدة طرق مرسلة ، وقال : وهذه المراسيل يقوى بعضها ببعض .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود وفي الحدود (1:8) . النسائي في المحاربة (12:2) . - في حديث أوله قال في سورة النحل - من كفر بالله من بعد إيمانه (16: 106) الحديث تحفة الأشراف (5/176) .

689 - (ت) أبي بن كعب رضي الله عنه قال : لما كان يومُ أُحُدٍ : أُصيب من الأنصار أربعةٌ وستُّون رُجلاً ، ومن المهاجرين ستةٌ - منهم حمزة بن -[209]- عبد المطَّلب - فمثَّلُوا بهم ، فقالت الأنصار : لئن أصبنا منهم يوماً مثلَ هذا لَنُرْبِيَنَّ عليهم التمثيل ، فلما كان يومُ فتح مكة أَنزل الله {وإن عاقبتُم فعاقبوا بمثل ما عُوقبتم به ولئن صبرتُم لهو خيرٌ للصابرين} [النحل : 126] فقال رجل : لا قُرَيْشَ بعد اليوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «كُفُّوا عن القوم إلا أَربعة (1)» . أخرجه الترمذي (2) . -[210]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مثّلوا بهم) مثل به يمثل : إذا نكَّل به ، ومثل بالقتيل : إذا جدعه. وشوه خلقته ، والاسم : المُثلة.
(لنربين) أي : لنزيدن.
__________
(1) هم : عكرمة بن أبي جهل ، وعبد الله بن خطل ، ومقيس بن صبابة ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح . أما عكرمة بن أبي جهل : فهرب إلى اليمن ، وأسلمت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام ، فاستأمنت له من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه . فخرجت في طلبه إلى اليمن ، حتى أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأسلم وحسن إسلامه .
وأما عبد الله بن خطل : فقتله سعيد بن حريث المخزومي وأبو برزة الأسلمي ، اشتركا في دمه . وابن خطل : رجل من بني تميم بن غالب . وإنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله ، لأنه كان مسلماً - فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً ، وبعث معه رجلاً من الأنصار ، وكان معه مولى من المسلمين يخدمه فنزل منزلاً ، وأمر ابن خطل المولى أن يذبح له تيساً فيصنع له طعاماً ، فنام فاستيقظ ولم يصنع المولى له شيئاً ، فعدا عليه فقتله ، ثم ارتد مشركاً .
وكان له قينتان - فرتنى وسارة - وكانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلهما معه . فقتلت فرتنى ، وهربت صاحبتها ، وبقيت حتى أوطأها رجل فرسه فقتلها في زمن عمر .
ويقال : إن فرتنى أسلمت ، وإن سارة أمنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما مقيس بن صبابة : فقتله نميلة بن عبد الله ، رجل من قومه بني ليث ، حي من بني كعب .
(2) رقم (3128) في التفسير ، باب ومن سورة النحل {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} ، وقال : هذا حديث حسن غريب من حديث أبي بن كعب ، وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد 5 / 135 ولفظه : كان يوم أُحد قتل من الأنصار أربعة وستون رجلاً ، ومن المهاجرين ستة ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : لئن كان لنا يوم مثل هذا من المشركين لنربين عليهم ، فلما كان يوم الفتح قال رجل لا يعرف : لا قريش بعد اليوم ، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمن -[210]- الأسود والأبيض إلا فلاناً وفلاناً ، ناساً سماهم ، فأنزل الله تبارك وتعالى : {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «نصبر ولا نعاقب» ...

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3129) ، والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف 13» كلاهما عن أبي عمار الحسين بن حريث ،قال : حدثنا الفضل بن موسى ، و «عبد الله بن أحمد» (5/135) قال : حدثنا أبو صالح هدبة بن عبد الوهاب قال : حدثنا الفضل. وفي (3/135) قال : حدثنا سعيد بن محمد الجرمي قال : حدثنا أبو تميلة.
كلاهما - الفضل ، وأبو تميلة - عن عيسى بن عبيد ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، فذكره.

سورة بني إسرائيل
690 - (خ) ابن مسعود - رضي الله عنه - : قال : في بني إسرائيل والكهف، ومريم، وطه ، والأنبياء : إِنَّهُنَّ من العتاقِ (1) الأُوَل ، وهُنَّ من تِلادي. أخرجه البخاري (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(العِتاق الأول) أراد بالعتاق الأول : السور التي نزلت أولاً بمكة ، -[211]- ولذلك قال : «تلادي» يعني : من أول ما تعلمته ، والتِّلاد والتالد : المال الموروث القديم ، والطريف : المكتسب.
__________
(1) بكسر المهملة وتخفيف المثناة : جمع عتيق ، وهو القديم ، أو هو كل ما بلغ الغاية في الجودة ، وبالثاني : جزم جماعة في هذا الحديث ، وبالأول : جزم أبو الحسن بن فارس ، وقوله " الأول " بتخفيف الواو ، وقوله " هن من تلادي " بكسر المثناة وتخفيف اللام ، أي : مما حفظ قديماً ، والتلاد ، والتليد : قديم المال ، وهو بخلاف الطارف ، والطريف ، ومراد ابن مسعود : أنهن من أو ما تعلم من القرآن ، وأن لهن فضلاً لما فيهن من القصص وأخبار الأنبياء والأمم .
(2) 8 / 294 في فاتحة تفسير سورة بني إسرائيل ، وفي فاتحة تفسير سورة الأنبياء ، وفي فضائل القرآن ، باب تأليف القرآن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (1021) عن بندار عن غندر وفيه - التفسير (17:1) وفي فضائل القرآن (6: 2) عن آدم كلاهما عن شعبة عن أبي إسحاق عنه به الأشراف (7/ 88) .

691 - (خ ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قوله عز وجل {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنةً للناسِ} [الإسراء : 60] ، قال : هي رؤيا (1) عَيْنٍ أُرِيها (2) النبيُّ صلى الله عليه وسلم ليلةَ أُسْريَ به إلى بيتِ المقدس ، {والشجرة الملعونة في القرآن} هي شَجرة الّزَّقُّوم (3) . أخرجه البخاري ، والترمذي (4) . -[212]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(إلا فتنة للناس) الفتنة : الاختبار والابتلاء ، وقيل : أراد به : الافتتان في الدِّين. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به ، وحدث الناس بما رأى من العجائب ، صدقه بعض الناس ، وكذبه بعضهم ، فافتتنوا بها.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 278 : واستدل به على إطلاق لفظ " الرؤيا " على ما يرى بالعين في اليقظة ، وقد أنكره الحريري تبعاً لغيره ، وقالوا : إنما يقال : " رؤيا " في المنام ، وأما التي في اليقظة فيقال رؤية ، وممن استعمل الرؤيا على التي في اليقظة المتنبي في قوله :
((ورؤياك أحلى في العيون من الغمض))
وهذا التفسير يرد على من خطأه .
(2) قال الحافظ : لم يصرح بالمرئي ، وعند سعيد بن منصور من طريق أبي مالك قال : هو ما أري في طريقه إلى بيت المقدس .
(3) قال الحافظ : هذا هو الصحيح ، وذكره ابن أبي حاتم عن بضعة عشر نفساً من التابعين . وأما الزقوم : فقد قال أبو حنيفة الدينوري في " كتاب النباتات " الزقوم شجرة غبراء ، تنبت في السهل ، صغيرة الورق مدورته ، لا شوك لها ، ذفرة مرة ، لها كعابر في سوقها كثيرة ولها وريد ضعيف جداً يجرسه النحل ، ونورتها بيضاء ، ورأس ورقها قبيح جداً .
وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : " قال المشركون : يخبرنا محمد أن في النار شجرة ، والنار تأكل الشجر ، فكان ذلك فتنة لهم " .
وقال السهيلي : الزقوم وزن فعول ، من الزقم : وهو اللقم الشديد ، وفي لغة تميمية : كل طعام يتقيأ منه ، يقال له : زقوم ، وقيل : هو كل طعام ثقيل .
(4) البخاري 7 / 170 ، 171 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب المعراج ، وفي تفسير سورة بني إسرائيل ، باب {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} ، وفي القدر ، باب {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} ، والترمذي رقم (3133) في التفسير ، باب ومن سورة بني إسرائيل .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (1/221) (1916) .و «البخاري» (5/.،69 8/156) قال حدثنا الحميدي وفي (6/107) قال حدثنا علي بن عبد الله. و «الترمذي» (3134) قال حدثنا ابن أبي عمر. و «النسائي» في الكبرى. «تحفة الأشراف» (1667) عن محمد بن منصور خمستهم - أحمد ، والحميدي وعلي بن عبد الله ، وابن أبي عمر، ومحمد بن منصور - عن سفيان.
2- وأخرجه أحمد (1/370) (3500) قال حدثنا روح قال حدثنا زكريا بن إسحاق.
كلاهما- سفيان ، وزكريا - قالا : حدثنا عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة ، فذكره.

692 - (خ) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - :في قوله عز وجل : {أَمَرْنا مُتْرَفِيها} [الإسراء : 16] قال : كنا نقولُ للحيِّ في الجاهلية - إذا كَثُرُوا - قد أَمِرَ (1) بنُو فُلانٍ. أخرجه البخاري (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قد أمِرَ بنو فلان) يقال : أمر بنو فلان ، أي : كثروا وزادوا.
__________
(1) وأخرجه البخاري عن الحميدي عن سفيان وقال : " أمر " وضبطه الحافظ فقال الأولى بكسر الميم ، والثانية بفتحها ، وقال : كلاهما لغتان ، وأنكر ابن التين فتح الميم في أمر بمعنى كثر ، وغفل في ذلك ، ومن حفظه حجة عليه .
وقال ابن الجوزي في " زاد المسير " 5 / 18 في تفسير الآية : قرأ الأكثرون " أمرنا " مخففة على وزن " فعلنا " وفيها ثلاثة أقوال : أحدها : أنه من الأمر ، وفي الكلام إضمار تقديره : أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا ، هذا مذهب سعيد بن جبير ، قال الزجاج : ومثله في الكلام : أمرتك فعصيتني ، فقد علم أن المعصية مخالفة الأمر . والثاني : أكثرنا ، يقال : أمرت الشيء وآمرته ، أي : كثرته ، ومنه قولهم : مهرة مأمورة ، أي : كثيرة النتاج : يقال : أمر بنو فلان يأمرون أمراً : إذا كثروا ، هذا قول أبي عبيدة وابن قتيبة ،
والثالث : أن معنى : أمرنا أمرنا ، يقال : أمرت الرجل بمعنى أمرته ، والمعنى : سلطنا مترفيها بالإمارة . ذكره ابن الأنباري .
(2) 8 / 299 في تفسير سورة بني إسرائيل ، باب {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (17: 3- ألف) عن علي بن عبد الله عن سفيان. قال: وقال الحميدي :حدثنا سفيان.... فذكره وقال : أمر. تحفة الأشراف (7./57) .

693 - (خ م) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : في قوله تعالى : -[213]- {أولئك الذين يَدْعُون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} [الإسراء : 57] قال : كان نَفَرٌ من الإنس يعبدون نفراً من الجن ، فأسلم (1) النَّفَرُ من الجِنِّ ، فاسْتمْسَك الآخرون بعبادتهم ، فنزلت {أولئك الذين يَدْعون (2) يبتغون إلى ربهم الوسيلة} أخرجه البخاري ومسلم (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يبتغون إلى ربهم الوسيلة) الوسيلة : ما يتوسل به إلى الشيء ،أي : يطلبون القربة إلى الله تعالى.
__________
(1) قال الحافظ : أي : استمر الإنس الذين كانوا يعبدون الجن على عبادة الجن ، والجن لا يرضون بذلك ، لكونهم أسلموا ، وهم الذين صاروا يبتغون إلى ربهم الوسيلة ، وروى الطبري من وجه آخر عن ابن مسعود فزاد فيه " والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم " وهذا هو المعتمد في تفسير الآية .
(2) مفعول " يدعون " محذوف ، تقديره : أولئك الذين يدعونهم آلهة يبتغون إلى ربهم الوسيلة ، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه " تدعون " بالمثناة الفوقية ، على أن الخطاب للكفار ، وهو واضح ، قاله الحافظ .
(3) البخاري 8 / 301 في تفسير سورة بني إسرائيل ، باب {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه} ، وباب قوله : {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} ، ومسلم رقم (3030) في التفسير ، باب قوله تعالى : {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} ، واللفظ لمسلم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (6/107) قال : حدثني عمرو بن علي ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سفيان. (ح) وحدثنا بشر بن خالد ، قال : أخبرنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، و «مسلم» (8/244) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا عبد الله بن إدريس. (ح) وحدثني أبو بكر بن نافع العبدي ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان. (ح) وحدثنيه بشر بن خالد ، قال : أخبرنا محمد ، يعني ابن جعفر ، عن شعبة. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (9337) عن عمرو بن علي ، عن يحيى ، عن سفيان. (ح) وعن محمد بن العلاء ، عن ابن إدريس. (ح) وعن محمد ابن منصور ، عن سفيان بن عيينة.أربعتهم - سفيان الثوري ، وشعبة ، وعبد الله بن إدريس ، وسفيان بن عيينة- عن سليمان الأعمش ، عن إبراهيم ،عن أبي معمر ، فذكره.

694 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - : عن النبي صلى الله عليه وسلم {يومَ نَدعو كلَّ أُناسٍ بإِمامهم} [الإسراء : 71] قال : «يُدْعى أحدُهم ، فيُعطى كتابَه بيمينه ، ويمُدُّ له في جِسْمِهِ سِتُّون ذراعاً ، ويَبْيضُّ وجهْهُ ، ويُجعلُ على رأسِه تَاجٌ من لؤلؤٍ يتلألأ ، فينطلق إلى أصحابه الذين كانوا يجتمعون إليه -[214]- فيرَونه من بعيد ، فيقولون ، اللهم ائْتِناَ بهذا ، فيأتيهم ،فيقول : أبْشرُوا لكُلِّ رجُلٍ منكم مثلُ هذا المتبوع على الهُدَى ، وأما الكافر : فيُعْطَى كتابَه بشماله ، ويَسوَدُّ وجهه ، ويُمدُّ له في جسمه سِتونَ ذراعاً ، ويُلبس تاجاً من نارٍ ، فإذا رآه أصحابُهُ يقولون : نعوذُ بالله من شر هذا ، اللَّهُمَّ لا تأتِنا به ، فيأتيهم، فيقولون : اللهم أّخِّرْه ، فيقول لهم : أبعَدكُمُ الله ، فإنَّ لكلِّ رجلٍ منكم هذا» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3135) في التفسير ، باب ومن سورة بني إسرائيل ، وفي سنده عبد الرحمن بن أبي كريمة ، والد السدي الكبير ، وهو مجهول الحال ، لم يوثقه غير ابن حبان ، ومع ذلك فقد حسن الترمذي حديثه هذا .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3136) قال حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، قال:أخبرنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبيه فذكره.

695 - (ط) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - : كان يقولُ : دُلُوكُ الشَّمْسِ : مَيْلُها. أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 1 / 11 في وقوت الصلاة ، باب ما جاء في دلوك الشمس إلى غسق الليل ، وإسناده صحيح . وهو قول أبي برزة وأبي هريرة والحسن والشعبي وسعيد بن جبير وأبي العالية ومجاهد وعطاء وعبيد بن عمير وقتادة والضحاك ومقاتل ، وهو اختيار الأزهري . وروى الحاكم 2 / 363 عن ابن مسعود أنه غروبها ، وصححه على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ، وقد قال بهذا القول النخعي وابن زيد ، وعن ابن عباس كالقولين ، قال الفراء : ورأيت العرب تذهب في الدلوك إلى غيبوبة الشمس ، وهذا اختيار ابن قتيبة ، قال : لأن العرب تقول : ذلك النجم : إذا غاب ، قال ذو الرمة :
مصابيح ليست باللواتي تقودها ... نجوم ولا بالافلات الدوالك
وتقول في الشمس : دلكت براح ، يريدون : غربت .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
رواه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (1/44/18) وقال الزرقاني : وكذا روى عن ابن ابن عباس وأبي هريرة وأبي برزة وعن خلق من التابعين ورى ابن أبي حاتم عن علي : دلوكها غروبها ورجح الأول بأن نافعا وإن وقفه فقد رواه سالم نافعا عن أبيه ابن عمر عن النبي ، أخرجه ابن مردويه فلا يعدل عنه ،وبأنه يدل أيضا قوله صلى الله عليه وسلم «أتاني جبريل لدلوك الشمس حين زالت فصلى بهم الظهر» أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده وابن مردويه في تفسيره والبيهقي في المعرفة من حديث أبي مسعود الأنصاري.

696 - (ط) ابن عباس - رضي الله عنهما - : كان يقولُ : دُلُوكُ الشَّمْسِ : إذا فاءَ الفَيْئُ ، وغَسَقُ اللَّيل : اجتماعُ اللَّيْلِ وظُلْمتُهُ. أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 1 / 11 في وقوت الصلاة ، باب ما جاء في دلوك الشمس إلى غسق الليل ، وفي سنده مجهول ، وأورده السيوطي في " الدر " 4 / 195 ، ونسبه لابن أبي شيبة وابن المنذر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
رواه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (1/45) وقال الزرقاني - مالك بن داود بن الحصين - وثقه ابن معين وابن سعد والعجلي وابن إسحاق وأحمد بن صالح المصري. والنسائي وقال أبوحاتم :ليس بقوى لولا أن مالكا روى عنه لترك حديثه وقال الباجي : منكر الحديث متهم برأسه الخوارج قال ابن حبان لم يكن داعية وقال بن عدي هو عندي صالح الحديث مات سنة خمس وثلاثين و مائة.

697 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - :في قوله تعالى : {إِنَّ قرآن الفجر كان مَشْهوداً} [الإسراء : 78] أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : «تشهدُهُ ملائكةُ الليل وملائكة النهار» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3134) في التفسير ، باب ومن سورة بني إسرائيل ، وإسناده صحيح ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وأخرج البخاري 8 / 312 ، ومسلم رقم (649) من حديث أبي هريرة مرفوعاً " فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة ، ويجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الصبح ، يقول أبو هريرة : اقرؤوا إن شئتم {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً} قال ابن كثير : فعلى هذا تكون هذه الآية : {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً} قد دخل فيها أوقات الصلوات الخمس . فمن قوله: {لدلوك الشمس إلى غسق الليل} وهو ظلامه : أخذ منه الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ومن قوله {وقرآن الفجر} يعني صلاة الفجر ، وقد ثبتت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تواتراً من أقواله وأفعاله بتفاصيل هذه الأوقات على ما هي عليه اليوم عند أهل الإسلام مما تلقوه خلفاً عن سلف وقرناً بعد قرن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (2/474) والبخاري في جزءالقراءة خلف الإمام (251) قال حدثنا عبيد بن أسباط و «ابن ماجة» (670) قال حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي ، «الترمذي» (3135) قال حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد قرشي كوني.و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (9/.12332) عن عبيد بن أسباط بن محمد.
كلاهما - أحمد بن حنبل ، وعبيد - عن أسباط بن محمد ، عن الأعمش عن أبي صالح ، فذكره.

698 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - : في قوله تعالى : {عسى أن يبعثَك ربُّكَ مقاماً محموداً} قال : سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن المقام المحمود ؟ قال : «هو الشفاعة» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3136) في التفسير ، باب ومن سورة بني إسرائيل ، وفي سنده ضعيف ومجهول ، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (18 بني إسرائيل : 9) عن أبي كريب عن وكيع عن داود بن يزيد عن أبيه وقال : حسن تحفة الأشراف (10/423) .

699 - (خ) آدم بن علي- رحمه الله (1) - : قال : سمعتُ ابن عمر يقول : -[216]- إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُون جُثى (2) ، كلُّ أُمَّة تَتْبَعُ نَبِيّها ، يقولون : يا فلانُ اشْفَع ، يا فلان اشفع ، حتَّى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذلك يومَ يَبْعَثُهُ الله المقام المحمود. أخرجه البخاري.
وأخرجه البخاري أيضاً ، عن حمزة ، عن أبيه عبد الله بن عُمَرَ مَرْفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(جُثى) الجثى : جمع جثوة ، وهي الجماعة.
__________
(1) هو آدم بن علي العجلي . ويقال : الشيباني ، ويقال : البكري . روى عن ابن عمر ، وعنه شعبة والأحوص وأيوب بن جابر وغيرهم . وهو بصري ثقة ، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث ، كما قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " .
(2) بضم الميم وفتح المثلثة ، مقصوراً ، أي : جماعات ، واحدها : جثوة ، وكل شيء جمعته من تراب ونحوه فهو جثوة ، وأما الجثي في قوله تعالى : {ثم لنحضرنهم حول جهنم جثياً} فهو جمع الجاثي على ركبتيه ... .
(3) 8 / 302 ، 303 في التفسير ، في تفسير سورة بني إسرائيل ، باب قوله {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} ، وفي الزكاة ، باب من سأل الناس تكثراً .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (6/108) قال : حدثني إسماعيل بن أبان : و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (6644) عن العباس بن عبد الله بن العباس ، عن سعيد بن منصور.
كلاهما - إسماعيل بن أبان ، سعيد بن منصور - عن أبي الأحوص ، عن آدم ابن علي ، فذكره.
سعيد بن منصور رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

700 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم بِمكَّةَ أُمِرَ بالهجرِةِ ، فنزلت عليه {وقُلْ رَبِّ أَدْخلني مُدْخَل صِدْقٍ وأَخْرِجْني مُخْرَجَ صِدْقٍ واجعلْ لي من لدُنْك سُلطاناً نَصيراً} [الإسراء : 80] . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3138) في التفسير ، باب ومن سورة بني إسرائيل . وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (1948) ، وفي سنده قابوس بن أبي ظبيان ، لينه الحافظ في " التقريب " قال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به ، وقال الترمذي : حسن صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/223) (1948) والترمذي (3139) قال حدثنا أحمد بن منيع.
كلاهما - أحمد بن حنبل ، وأحمد بن منيع - قالا : حدثنا جرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه فذكره.

701 - (خ م ت) ابن مسعود - رضي الله عنه - : قال : بَينَا أنا مع -[217]- رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوكَّأُ على عَسيبٍ - مَرَّ بنفَرٍِ من اليهود ، فقال بعضُهُمْ : سلوهُ عن الروح ؟ وقال بعضهم : لا تسألوه لا يُسمِعكم ما تَكرهُون ، فقاموا إليه فقالوا : يا أبا القاسم ، حَدِّثنا عن الروح ، فقام ساعة ينظُرُ ، فعرفتُ أَنه يوَحى إليه فتأَخرتُ حتى صَعِد الوحيُ، ثم قال: {ويسألونك عن الروح قُل الرُّوحُ من أمْرِ (1) رَبِّي وما أُوتيتُم من العلم إلا قليلاً} [الإسراء : 85] فقال بعضهم لبعض : قد قلنا لكم : لا تسألوه.
وفي رواية : «وما أوتوا من العلم إلا قليلاً» قال الأعمش : هكذا في قراءتنا (2) . أخرجه البخاري ، ومسلم ، والترمذي (3) . -[218]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عسيب) العسيب : سعف النخل ، وأهل العراق يسمونه الجريد.
__________
(1) قال ابن القيم : ليس المراد هنا بالأمر الطلب اتفاقاً ، وإنما المراد به المأمور ، والأمر يطلق على المأمور كالخلق على المخلوق ، ومنه {لما جاء أمر ربك} ، وقال ابن بطال : معرفة حقيقة الروح مما استأثر الله بعلمه بدليل هذا الخبر ، والحكمة في إبهامه اختبار الخلق ليعرفهم عجزهم عن علم ما لا يدركونه حتى يضطرهم إلى رد العلم إليه .
(2) ليست هذه القراءة في السبعة ، بل ولا في المشهور من غيرها ، قال الحافظ : وقد أغفلها أبو عبيد في كتاب القراءات له من قراءة الأعمش .
(3) البخاري 1 / 198 في العلم ، باب قول الله تعالى : {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} ، وفي تفسير سورة بني إسرائيل ، باب {ويسألونك عن الروح} ، وفي الاعتصام ، باب ما يكره من كثرة السؤال ، وفي التوحيد ، باب {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين} ، وفي التوحيد ، باب قوله تعالى : {إنما أمرنا لشيء إذا أردناه} ، ومسلم رقم (2794) في صفات ا لمنافقين ، باب سؤال اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح ، والترمذي رقم (3140) في التفسير ، باب ومن سورة بني إسرائيل ، ورواه أيضاً أحمد في " المسند " رقم (3688) . قال ابن كثير في تفسيره 5 / 227 : وهذا السياق يقتضي فيما يظهر بادي الرأي أن هذه الآية مدنية ، وأنها نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة ، مع أن السورة كلها مكية ، وقد يجاب عن هذا بأن تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية ، كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك ، أو أنه نزل عليه الوحي بأنه يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم إنزالها عليه ، وهي هذه الآية : {ويسألونك عن الروح} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (1/389) (3688) ، (1/444) (4248) قال :حدثنا وكيع.و «البخارى» (1/43) قال :حدثنا قيس بن حفص ، قال : حدثنا عبد الواحد ، في (6/108) قال : حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، قال : حدثنا أبي. وفي (9/119) قال : حدثنا محمد بن عبيد بن ميمون ، قال: حدثنا عيسى بن يونس. وفي (9/166) قال : حدثنا يحي ،قال : حدثنا وكيع. وفي (9/1167) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، عن عبد الواحد. و «مسلم» (8/،128 129) قال : حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، وقال أبي. (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وأبو سعيد الأشج ، قالا : حدثنا وكيع ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، وعلي بن خشرم ، قالا : أخبرنا عيسى بن يونس ، و «الترمذي» (3141) قال :حدثنا علي بن خشرم ، قال : أخبرنا عيسى بن يونس. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» . (9419) عن علي بن خشرم ، عن عيسى بن يونس.
أربتعتهم - وكيع ، وعبد الواحد بن زياد ، وحفص بن غياث ، وعيسى بن يونس - عن الأعمش ،قال : حدثني إبراهيم ، عن علقمة ، فذكره.
(*) صرح الأعمش بالتحديث في رواية حفص بن غياث عنه ، عند البخاري.
ورواه أيضا عن عبد الله ، مسروق.
أخرجه أحمد (1/410) (3898) . و «مسلم» (8/129) .

702 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : قالت قريش لليهود : أعطونا شيئاً نسأل عنه هذا الرجل ، فقالوا: سلوه عن الروح ، فسألوه عن الروح ، فأنزل الله تعالى : {ويسألونك عن الروح قُل : الرُّوحُ من أمْرِ رَبِّي وما أُوتيتُم من العلم إلا قليلاً} قالوا: أوتينا علماً كثيراً ، أوتينا التوراة ، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيراً كثيراً ، فأنزل الله : {قُل لو كانَ البحْرُ مِداداً لكلمات ربِّي لنَفِدَ البحرُ قبل أَن تَنْفَدَ كلماتُ ربي ولو جئنا بمثله مَدَداً} [الكهف: 109] . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3139) في التفسير ، باب ومن سورة بني إسرائيل ، وإسناده حسن . وقال الترمذي : حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه ، وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (2309) ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 199 ، وزاد نسبته للنسائي وابن المنذر وابن حبان وأبي الشيخ في " العظمة " والحاكم وابن مردويه ، وأبي نعيم والبيهقي كلاهما في " الدلائل " عن ابن عباس رضي الله عنهما .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي والنسائي: جميعا في التفسير (ت 18بني إسرايئل : ،12 والنسائي في الكبرى) عن قتيبه عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وقال الترمذي : حسن صحيح غريب من هذا الوجه. تحفة الأشراف (5./133) .

703 - (خ م ت س) ابن عباس - رضي الله عنه - : في قوله تعالى : {وَلا تَجْهَرْ بِصلاتِكَ ولا تُخافِتْ بها} [الإسراء : 110] قال : أُنْزِلتْ ورسول الله صلى الله عليه وسلم مُتَوارٍ بمكَّةَ (1) ، وكان إذا رفَعَ صوتَهُ ، سَمِعَهُ المشركون فسبُّوا القرآن ومَنْ أنْزَلَهُ ومَنْ جاءَ بِهِ ، فقال الله عز وجل : {ولا تَجْهَرْ بِصلاتِكَ} ، أي : -[219]- بقراءتك ، حتى يَسْمَعَها المشركون {ولا تُخافِتْ بها} : عن أصْحابِكَ ، فلا تُسْمِعُهُم {وَابْتَغِ بين ذلك سَبيلاً} : أسْمِعْهُم ، ولا تجهر حتى يأخُذوا عنك القرآن.
وفي رواية : {وَابْتَغِ بين ذلك سَبيلاً} يقول : بين الْجَهْرِ والمخَافَتَةِ. أخرجه الجماعة إلا الموطأ ، وأبا داود (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تخافت) المخافتة : المساررة : والتخافت : السرار.
__________
(1) يعني : في أول الإسلام .
(2) البخاري 8 / 307 في تفسير سورة بني إسرائيل ، باب {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} ، وفي التوحيد ، باب قوله {أنزله بعلمه} ، وباب قول الله تعالى : {وأسروا قولكم أو اجهروا به} ، وباب قول النبي صلى الله عليه وسلم : " الماهر بالقرآن " ، ومسلم رقم (446) في الصلاة ، باب التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية ، والترمذي رقم (3144) في التفسير ، باب ومن سورة بني إسرائيل ، والنسائي 2 / 177 و 178 في الصلاة ، باب قوله عز وجل {ولا تجهر بصلاتك} ، ورواه أحمد في " المسند " ، والطبري 15 / 123 ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 206 ، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، وابن مردويه ، والطبراني والبيهقي في سننه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : 1-أخرجه أحمد (1/،23 1/215) (1853) . و «البخاري» (6/109) قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم. وفي (9/1743) قال : حدثنا مسدد. وفي (9/188) قال : حدثني عمرو بن زرارة. وفي (9/194) قال : حدثنا حجاج بن منهال. و «مسلم» (2/34) قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن الصباح. وعمرو الناقد. و «الترمذي» (3146) قال :حدثنا أحمد بن منيع و «الترمذي» أيضا «تحفة الأشراف» (5451) عبد بن حميد ، عن سليمان بن داود. و «النسائي» (2/177) . وفي الكبرى (993) قال : أخبرنا أحمد بن منيع ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي. و «ابن خزيمة» (1587) قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي وأحمد بن منيع.
تسعتهم - أحمد بن حنبل، ويعقوب ، ومسدد ، وعمرو بن زرارة ، وحجاج ، ومحمد بن الصباح ، وعمرو الناقد ، وأحمد بن منيع ، وسليمان بن داود - عن هشيم.
كلاهما - هشيم ،والأعمش - عن أبي بشر جعفر بن إياس ، وهو ابن أبي وحشية ، عن سعيد بن جبير ، فذكره.
2- أخرجه الترمذي (3145) قال : حدثنا عبد بن حميد. قال : حدثنا سليمان بن داود ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، ولم يذكر - عن ابن عباس.

704 - (خ م ط) عائشة - رضي الله عنها - : قالت : أُنْزِلَ هذا في الدُّعاء {ولا تَجْهَرْ بِصلاتِكَ ولا تُخافِتْ بها} . أخرجه البخاري ،ومسلم.
وأخرجه الموطأ عن عروة بن الزبير ، فجعله من كلامه (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 307 في تفسير سورة بني إسرائيل ، باب {ولا تجهر بصلاتك} ، وفي الدعوات ، باب الدعاء في الصلاة ، وفي التوحيد ، باب قول الله تعالى : {وأسروا قولكم أو اجهروا به} ، ومسلم رقم (447) في الصلاة ، باب التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية ، والموطأ 1 / 218 في القرآن ، باب العمل في الدعاء ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 207 ، وزاد نسبته إلى سعيد -[220]- بن منصور ، وابن أبي شيبة في المصنف ، وأبي داود في " الناسخ " ، والبزار ، والنحاس ، وابن نصر ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها .
قال الحافظ في " الفتح " : قوله : أنزل ذلك في الدعاء ، هكذا أطلقت عائشة وهو أعم من أن يكون ذلك داخل الصلاة أو خارجها .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (6/109) قال : حدثني طلق بن غنام. قال : حدثنا زائدة. وفي (8/89) قال : حدثنا علي. قال : حدثنا مالك بن سعير. وفي (9/188) قال :حدثنا عبيد بن إسماعيل. قال : حدثنا أبو أسامة. و «مسلم» (2/34) قال : حدثنا يحيى بن يحيى. قال : أخبرنا يحيى بن زكريا. (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد. قال : حدثنا حماد ، يعن ابن زيد (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال : حدثناأبو أسامة ووكيع (ح) وحدثنا أبو كريب. وقال : حدثنا أبو معاوية. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (12/17094) عن هارون بن إسحاق ،عن عبدة بن سليمان. وفي (12/17332) عن شعيب بن يوسف. وعن يحيى بن سعيد القطان. و «ابن خزيمة» (707) قال :حدثنا سلم بن جنادة. قال : حدثنا حفص، يعني ابن غياث.
عشرتهم - زائدة ، ومالك بن سعير ، وأبو أسامة ،ويحيى بن زكريا ، وحماد بن زيد ،ووكيع ، وأبو معاوية، وعبدة ، ويحيى بن سعيد ،وحفص - عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، فذكره.

سورة الكهف
705 - (ط) سعيد بن المسيب -رحمه الله - : قال : {الباقيات الصالحات} [الكهف: 46] هي قولُ العبدِ ، اللهُ أَكَبرُ ، وسبحان الله ، والحمد للهِ ، ولا إلهَ إلا الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله. أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 1 / 210 في القرآن ، بل ما جاء في ذكر الله تبارك وتعالى ، وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (513) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وسنده صحيح ، وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " 1 / 297 وقال : رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 235 وزاد نسبته لابن جرير وابن المنذر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ (2/39) بشرح الزرقاني في القرآن باب ماجاء في ذكر الله تبارك وتعالى وأخرجه أحمد رقم (513) عن عثمان بن عفان. وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/297) وقال : رواه أحمد وأبو يعلي البزار.وأورده السيوطي في الدر المنثور (4 /235) وزاد نسبته لابن جرير وابن المنذر.

706 - (خ م ت) سعيد بن جبير -رحمه الله - : قال : قلتُ لابن عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما : إنَّ نَوْفاً البِكاليُّ (1) يزْعُمُ أنَّ مُوسى - صاحبَ بني إسرائيل - ليس هو صاحبَ الخَضِرِ (2) . -[221]-
فقال : كذبَ عَدُوُّ الله (3) ، سَمِعتُ أُبَيَّ بن كَعْبٍ يقول : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : «قام موسى -عليه السلام -خَطيباً في بني إسرائيل» ، فسُئل : أَي الناس أعلمُ؟ فقال : أنا أعلم، قال : فعتَبَ الله عليه إذْ لم يَرُدَّ العلمَ إليه ، فأَوحْى الله إليه : إنَّ عبداً من عبادي بمجْمَع البحرين ، هو أعلم منك (4) ، قال موسى ، أيْ ربِّ ، كَيْفَ لي به ؟ فَقِيلَ له : احْمِلْ حُوتاً في مِكْتَلٍ ، فحيثُ تَفْقِدُ الحُوتَ ، فهو ثَمَّ ، فانطلق وانطلق معه فتاهُ (5) ، وهو يُوشَعُ بنُ نونٍ ، فحملَ مُوسَى حوتاً في مِكتَلٍ ، فانطلق هو وفتاه يَمشِيانِ ، حتى أَتيا الصخرةَ ، فَرقَدَ موسى وفتاه ، فاضطرب الحوتُ في المكتل ، حتى خرجَ من المكتلِ ، فسقط في البحر ، -[222]- قال: وأَمْسك الله عنه جِرْيَةَ الماء حتى كان مِثلَ الطَّاق (6) فكان للحوت سَرباً وكان لموسى وفتاهُ عَجباً، فانطلقا بقيةَ ليلتهما ويومَهما (7) ، ونسي صاحبُ موسى أنْ يُخبِرَهُ ، فلما أَصبح موسى عليه السلام قال لفتاه : {آتنا غَداءنا لقد لَقِينا من سفرنا هذا نَصباً} [الكهف : 62] قال : ولم ينَصبْ حتى جاوزَ المكانَ الذي أُمِرَ به {قال أرأيتَ إذْ أوَيْنا إلى الصخرةِ فإني نسيتُ الحوتَ ومَا أنْسانِيهُ إلا الشيطانُ أَن أذكره واتَّخذَ سبيلَه في البحر عَجباً} قال موسى : {ذلك ما كُنَّا نَبْغ (8) فارتَدَّا على آثارهما قَصَصاً} [الكهف : 63 ، 64] قال : يَقُصَّان آثارَهُما ، حتى أتَيا الصخرةَ ، فرأى رجلاً مُسجّى عليه بثوب، فسلَّم عليه موسى ، فقال له الخضر : أنَّى بأرضك السلام (9) ؟ قال : أنا موسى ، قال : -[223]- موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم ، قال: إنَّك على علمٍ من علم الله علَّمَكَهُ اللهُ لا أعْلَمُهُ ، وأَنا على علم من علم الله عَلمنِيهِ لا تَعْلَمُهُ ، قال له موسى : {هل أتَّبِعُكَ على أن تُعلِّمني (10) مما عُلِّمتَ رُشْداً . قال إنك لن تَسْتطيع معي صَبْراً . وكيف تَصْبِرُ على ما لم تُحِطْ به خُبْراً . قال سَتَجِدُني إنْ شاءَ اللَّهُ صابراً ولا أعصي لك أمراً} قال له الخضر : {فإن اتَّبَعْتَني فلا تَسألني عن شيء حتى أُحْدِثَ لك منه ذكراً} [الكهف : 66 - 70] قال : نعم ، فانطلق موسى والخَضر يَمشِيانِ على ساحل البحر ، فمرَّت بهما سفينةٌ ، فكَلَّموهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُما ، فَعَرَفُوا الخَضِرَ ، فحملوهما بغير نَوْلٍ ، فَعَمَدَ الخضرُ إلى لوْحٍ من ألواح السفينة، فنزعه ، فقال له موسى : قومٌ حملونا بغير نولٍ ، عمدت إلى سفينتهم ، فخرقتها {لتُغْرِق أَهلها لقد جئت شيئاً إمْراً (11) . قال ألم أقل إنَّك لن تستطيع معي صبراً . قال لا تُؤَاخِذني بما نَسيتُ ولا تُرْهِقْني من أمري عُسْراً} [الكهف : 71 ، 73] ، -[224]- ثمَّ خرجا من السفينة ، فبينما هما يمشيان على الساحل ، إذا غُلامٌ يلعبُ مع الغلمان ، فأخذَ الخضرُ برأْسِهِ ، فاقْتلَعَهُ بيده ، فقتله ، فقال موسى : {أقَتَلْتَ نَفْساً زاكيةً (12) بغير نفسٍ لقد جئتَ شيئاً نُكْراً . قال ألم أقُلْ لك إنك لن تستطيع معي صبراً} [الكهف : 74 ، 75] قال : وهذه أشَدُّ من الأولى {قال إِن سألتُكَ عن شيءٍ بعدها فلا تُصاحبنِي قد بَلَغْتَ من لَّدُنِّي عُذْراً . فانطلقا حتى إذا أَتَيا أهلَ قَريةٍ اسْتَطْعَمَا أهْلها فأبَوْا أَن يُضَيِّفُوهما فَوَجَدا فيها جِداراً يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ} يقول : مائل ، قال الخضر بيده هكذا {فأقامَه قال} له موسى : قومٌ أتَيناهُمْ ، فلم يضيفونا ، ولم يُطْعمونا {لو شِئتَ لاتَّخذتَ عليه أجراً. قال هذا فِراقُ بيني وبينِك سأُنَبِّئُك بتأويلِ ما لم تَسْتَطِعْ عليه صَبراً} [الكهف : 76 - 78] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يرحُم الله موسى لوَدِدْتُ أنه كانَ صَبَرَ ، حتى كان يقصُّ علينا من أخبارهما» قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كانت الأولى من موسى نسياناً» قال : وجاءَ عُصْفُورٌ حتى وقع على حرفِ السَّفِينةِ ، ثُمَّ نَقَرَ في البحر ، فقال له الخضرُ : ما نَقَصَ علمي وعلمُك من علم الله ، إلا مثلَ ما نَقَصَ هذا العُصفُور من البحر.
زاد في رواية : «وعِلْمُ الخلائِقِِ» ثم ذكر نحوه.
قال سعيد بن جبير : وكان يقرأ «وكان أمامَهُم (13) ملك يأخذ كل سفينةٍ غَصْباً» وكان يقرأ «وأما الغلام فكان كافراً» . -[225]-
وفي رواية قال : «بينما موسى- عليه السلام - في قومه يُذَكِّرُهم بأيَّام الله ، وأيَّامُ الله : نَعماؤه وبلاؤه ، إذْ قالَ : ما أعلمُ في الأرض رجلاً خَيْراً أو أعلمَ مِنِّي» قال :... وذكر الحديث.
وفيه «حُوتاً مالِحاً» .
وفيه : «مُسَجّى ثَوْباً ، مستلقياً على القفا ، أو على حُلاَوَةِ الْقَفَا» .
وفيه : أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : «رحمةُ الله علينا وعلى مُوسَى ، لَوْلاَ أَنَّهُ عَجَّلَ لَرأى العجبَ ، ولكنَّه أخذَتْهُ من صاحِبِه ذَمامَةٌ ، قال: {إِن سألتُكَ عن شيءٍ بعدها فلا تُصاحبنِي قد بَلَغْتَ من لَدُنِّي عُذْراً} ولو صبَر لرأى العجبَ ، قال : وكان إذا ذَكرَ أَحدا من الأنبياءِ بَدأَ بنفسه ، ثم قال : {فانطلقا حتى إذا أتيا أهلَ قريةٍ} لئِامٍ، فطافا في المجلس ، فاسْتَطعَما أهلها {فأَبَوْا أَن يُضيِّفُوهما} إلى قوله : {هذا فِرَاقُ بيني وبينِك} قال : وأخذ بثوبه، ثم تلا إلى قوله : {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} إلى آخر الآية [الكهف : 79] ، فإذا جاء الذي يُسَخِّرُها وجدها مُنْخرِقَةً ، فتجاوزها ، فأصلحوها بخشبَةٍ وأما الغلام فطُبِعَ يومَ طُبعَ كافراً ، وكان أبواه قد عَطفا عليه ، فلو أنه أدرك {أرْهَقهما طُغياناً وكفراً فأردنا أن يُبدِلهما ربُّهما خَيراً منه زكاةً وأقربَ رُحْماً}» .
وفي رواية قال : «وفي أصل الصَّخْرةِ عَينٌ يقال لها : الحياةُ لا يُصيِبُ من مائها شيءٌ إلا حَيِيَ ، فأصابَ الحوتَ من ماءِ تلك العين فتحرَّكَ ، وانْسلَّ -[226]- من المِكْتل» .وذكر نحوه.
وفي رواية : «أنه قيل له : خُذْ حوتاً ، حتى تُنْفَخَ فيه الروحُ ، فأخذ حوتاً ، فجعله في مكتل ، فقال لفتاهُ : لا أُكَلِّفُكَ إلا أن تُخْبِرَني بحيثُ يُفارِقُكَ الحوتُ ، فقال: ما كَلَّفْتَ كبيراً» ... وذكر الحديث.
وفيه «فوَجدا خَضِراً على طُنْفُسَةٍ (14) خضراءَ على كَبِدِ الْبَحْرِ ، وأن الْخَضِرَ قال لموسى : أما يَكْفيكَ أنَّ الْتَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ ، وأَنَّ الْوَحْيَ يأتيك ، يا موسى ، إنَّ ليَ عِلْماً لا ينبغي لك أن تعلَمه ، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعْلَمه (15)» .
وفيه في صفة قتل الغلام «فأضجعَهُ فذبحه بالسِّكين» .
وفيه «كان أبواه مؤمنين ، وكان كافراً {فَخشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً} يحملهما حُبُّهُ على أن يُتَابِعَاهُ على دينه {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً - لقوله : {قتلت نفساً زكية} - وَأقْرَبَ رُحْماً} أَرحمُ بهما من الأول الذي قَتلَ الخضرُ» .
وفي رواية «أَنهما أُبْدِلا جَارِية» . -[227]-
وفي رواية عُبَيْد الله بن عبد الله بن عُتْبَةَ بن مسعود أنَّ ابن عباسٍ تَمارَى هو والحُرُّ (16) بنُ قيس بن حِصْنٍ الفزَاريُّ في صاحبِ موسى عليه السلام ، فقال ابن عباس : هو الْخَضِرُ ، فمرَّ بهما أُبَيُّ بن كعبٍ ، فَدعاهُ ابنُ عباسٍ فقال : يا أبا الطُّفيل ، هَلُمَّ إلينا فإنِّي قد تماريتُ أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل موسى السبيلَ إلى لُقِيِّهِ ، فهل سمعتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يذكُرُ شأْنَهُ ؟ فقال أُبيٌّ : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : «بَيْنا موسى في ملأٍ من بني إسرائيل ، إذ جاءهُ رَجُلٌ ، فقال له : هل تَعْلم أحداً أعلمَ منك ؟ قال موسى : لا ، فأوْحى الله تعالى إلى موسى : بلى ، عبدُنا الخضر (17) ، فسأَل موسى السبيلَ إلى لُقِيِّهِ ، فجعل الله له الحوتَ آية... وذكر الحديث إلى قوله : {فَارْتَدَّا عَلَى آثارِهِما قَصَصاً} فوجدا خضراً ، فكان مِن شأنِهما ما قصَّ اللهُ في كِتابِهِ» .هذه رواياتُ البخاري ، ومسلم.
ولمسلم رواية أخرى بطولها ، وفيها فانطلقا ، حتى إذا لَقيا غِلْماناً يَلْعَبون ، قال : فانطلقَ إلى أحدهم بَادِيَ الرأْي ، فقتَله ، قال : فَذُعِرَ عندها -[228]- موسى ذُعْرَة مُنْكَرَة، قال : {أقَتَلْتَ نَفْساً زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عند هذا المكان : «رحمةُ الله علينا وعلى موسى ، لولا أنه عَجَّلَ لرأى العجبَ، ولكنه أَخَذَتْهُ منْ صَاحِبهِ ذَمَامَةٌ» .
وعند البخاري فيه ألفاظ غير مسندة ، منها : «يزعمون أن الملك كان اسمه : هُدَدُ بنُ بُدَدَ ، وأنَّ الغلام المقتول : كان اسمه فيما يزعمون : حَيْسُور» (18) .
وفي رواية في قوله قال : {ألَمْ أَقُلْ إنَّكَ لَنْ تَستَطِيعَ مَعيَ صَبْراً} قال : «كانت الأولى نسياناً ، والوسطى : شَرْطاً ، والثالثةُ عمْداً» (19) .
وأخرجه الترمذي مثل الرواية الأولى بطولها.
(وفيها (20) قال سفيان : «يَزْعُمُ ناسٌ أنَّ تِلكَ الصخرةَ عندها عَيْنُ الحياةِ ، لا يُصيبُ ماؤها مَيتاً إلا عاش. قَالَ : وكان الحوتُ قد أُكِلَ منه ، فلما قُطِرَ عليه الماء عاشَ» ... وذكر الحديث إلى آخره) .
وفي رواية لمسلم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قرأ {لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أجْراً} .
وعنده قال : إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : «الغلامُ الذي قتله الخضرُ طُبِع كافراً ، ولو عاش لأَرْهَق أبويه طُغياناً وكفراً» .
وفي رواية الترمذي أيضاً : قال «الغُلام الذي قتله الخضرُ : طُبعَ يَومَ طُبع كافراً... لم يَزِدْ» . -[229]-
وأخرج أبو داود من الحديث طَرَفَيْنِ مختصرَيْنِ عن أبُيِّ بن كعبٍ :
الأول ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «الغلام الذي قتله الخضر : طُبِع يوم طبع كافراً ولو عاش لأَرْهَق أبويه طُغياناً وكفراً» .
والثاني : أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : «أبْصرَ الخَضِر غُلاماً يلعبُ مع الصبيان ، فَتَناول رأسَه فقَلَعه ، فقال موسى : {أقتلت نفساً زَكِيَّةً...} الآية» .
وحيث اقتصر أبو داود على هذين الطرفين من الحديث بطوله لم أُعْلِمْ عَلامَتهُ (21) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مِكْتَل) المكتل: شبه الزنبيل ، يسع خمسة عشر صاعاً.
(سَرَباً) السرب : المسلك.
(نصباً) النصب ، التعب.
(أوينا) أي : يأوي إلى المنزل : إذا انضم إليه ورجع. -[230]-
(فارتدا) افتعلا من الارتداد : وهو الرجوع.
(قَصَصاً) القصص : تتبع الأثر شيئاً بعد شيء ، والمعنى : رجعا من حيث جاءا ، يقصان الأثر.
(مسجى) المسجى : المغطى.
(رَشَداً) الرَّشَد والرُّشْد : الهدى.
(نول) النَّوْل: العطية والجعل.تقول : نِلْت الرجل أنوله نولاً : إذا أعطيته ،ونلت الشيء أناله نيلاً: وصلت إليه.
(إمْراً) الإمر : الأمر العظيم المنكر.
(حُلاوة القَفا) قال الجوهري : حُلاوة القفا بالضم : وسطه ، وكذلك حلاوى القفا : فإن مددت ، فقلت: حَلاواء القفا : فتحت.
(ذَمامَة) الذمامة بالذال المعجمة : الحياء والإشفاق من الذم ، وبالدال غير المعجمة : قبح الوجه ، والمراد الأول.
(أرهقهما طغياناً) يقال : رَهِقَه - بالكسر ، يَرْهَقه رهقاً ، أي : غشيه وأرهقه طغياناً وكفراً ،أي أغشاه أياه، ويقال: أرهقني فلان إثماً حتى رهَقْتُه ، أي : حملني إثماً حتى حملته له ، والطغيان: الزيادة في المعاصي.
(طنَْفسه) الطنفسة : واحدة الطنافس : وهي البُسُط التي لها خَمَل رقيق.
(كبد البحر) كبد كل شيء : وسطه. وكأنه أراد به ها هنا : جانبه.
(تمارى) المماراة : المجادلة والمخاصمة.
__________
(1) جاء في " الفتح " 8 / 311 نوف : بفتح النون وسكون الواو بعدها فاء ، والبكالي بكسر الموحدة مخففاً ، وبعد الألف لام ، ووقع عند بعض رواة مسلم : بفتح أوله وتشديد الكاف والأول هو الصواب ، واسم أبيه : فضالة - بفتح الفاء ، وتخفيف المعجمة - وهو منسوب إلى بني بكال ابن دعمي بن سعد بن عوف . بطن من حمير ، ويقال : إنه ابن امرأة كعب الأحبار ، وقيل : ابن أخيه ، وهو تابعي صدوق . وفي التابعين : جبر - بفتح الجيم وسكون الموحدة - ابن نوف البكيلي - بفتح الموحدة وكسر الكاف مخففاً بعدها تحتانية بعدها لام - منسوب إلى بكيل بطن من همدان ، ويكنى : أبا الوداك ، بتشديد الدال ، وهو مشهور بكنيته ، ومن زعم أنه ولد نوف البكالي ، فقد وهم .
(2) قال الحافظ ابن حجر في " الإصابة " : ثبت في " الصحيحين " : أن سبب تسميته الخضر " أنه جلس على -[221]- فروة بيضاء ، فإذا هي تهتز تحته خضراء " هذا لفظ الإمام أحمد من رواية ابن المبارك عن معمر عن همام عن أبي هريرة . و " الفروة " الأرض اليابسة .
(3) قال العلماء : هو على وجه الإغلاظ والزجر عن مثل قوله ، لا أنه يعتقد أنه عدو الله حقيقة . إنما قاله مبالغة في إنكار قوله لمخالفته قول رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان ذلك في حال غضب ابن عباس لشدة إنكاره ، وفي حال الغضب تطلق الألفاظ ، ولا يراد بها حقائقها .
(4) قال في " الفتح " 1 / 194 قوله " هو أعلم منك " ظاهر في أن الخضر نبي ، بل مرسل ، إذ لو لم يكن كذلك للزم تفضيل العالي على الأعلى ، وهو باطل من القول ومن أوضح ما يستدل به على نبوة الخضر قوله : {وما فعلته عن أمري} وينبغي اعتقاد كونه نبياً ، لئلا يتذرع بذلك أهل الباطل في دعواهم : أن الولي أفضل من النبي ، حاشا وكلا .
(5) قال النووي : " فتاه " صاحبه . و " نون " معروف ، كنوح . وهذا الحديث يرد قول من قال من المفسرين : إن فتاه : عبد له ، وغير ذلك من الأقوال الباطلة . قالوا : هو يوشع بن نون بن إفراييم بن يوسف .
(6) قال النووي : قوله : " وأمسك الله عنه جرية الماء ، حتى كان مثل الطاق " الجرية : بكسر الجيم ، والطاق : عقد البناء ، وجمعه : طوق وأطواق ، وهو الأزج ، وما عقد أعلاه من البناء ، وبقي ما تحته خالياً .
(7) قال الحافظ في " الفتح " 1 / 195 ، قوله " فانطلقا بقية ليلتهما " بالجر على الإضافة و " يومهما " بالنصب على إرادة سير جميعه ، ونبه بعض الحذاق على أنه مقلوب ، وأن الصواب : بقية يومهما وليلتهما ، لقوله بعده " فلما أصبح " ؛ لأنه لا يصبح إلا عن ليل . انتهى . ويحتمل أن يكون المراد بقوله : " فلما أصبح " أي من الليلة التي تلي اليوم الذي سارا جميعه . والله أعلم .
(8) قال الحافظ في " الفتح " 1 / 154 قوله : " ذلك ما كنا نبغي " أي : نطلب ؛ لأن فقد الحوت جعل آية ، أي : علامة على الموضع الذي فيه الخضر . وفي الحديث جواز التجادل في العلم إذا كان بغير تعنت ، والرجوع إلى أهل العلم عند التنازع ، والعمل بخبر الواحد الصدوق ، وركوب البحر في طلب العلم ، بل في طلب الاستكثار منه ، ومشروعية حمل الزاد في السفر ، ولزوم التواضع في كل حال ، ولهذا حرص موسى على الالتقاء بالخضر وطلب العلم منه ، تعليماً لقومه أن يتأدبوا بأدبه . وتنبيهاً لمن زكى نفسه أن يسلك مسلك التواضع .
(9) قال الحافظ في " الفتح " 1 / 195 قوله : " أنى " أي : كيف بأرضك السلام . ويؤيده ما في التفسير -[223]- " هل بأرضي من سلام ؟ " أو من أين ، كما في قوله تعالى : {أنى لك هذا} ، والمعنى : من أين السلام في هذه الأرض التي لا يعرف فيها ، وكأنها كانت بلاد كفر ، أو كانت تحيتهم بغير السلام ، وفيه دليل على أن الأنبياء ومن دونهم ، لا يعلمون من الغيب إلا ما علمهم الله ، إذ لو كان الخضر يعلم كل غيب لعرف موسى قبل أن يسأله .
(10) قراءة ابن كثير بإثبات الياء ، وعاصم بحذفها .
(11) قال النووي : في الحديث : الحكم بالظاهر حتى يتبين خلافه لإنكار موسى عليه السلام عليه . قال القاضي : اختلف العلماء في قول موسى : {لقد جئت شيئاً إمراً} و {شيئاً نكراً} أيهما أشد ؟ فقيل " إمراً " لأنه العظيم ، ولأنه في مقابلة خرق السفينة الذي يترتب عليه في العادة هلاك الذين فيها وأموالهم ، وهلاكهم أعظم من قتل الغلام ، فإنها نفس واحدة . وقيل : " نكراً " أشد . لأنه قاله عند مباشرة القتل حقيقة . وأما القتل في خرق السفينة فمظنون ، وقد يسلمون في العادة ، وقد سلموا في هذه القضية فعلاً ، وليس فيها ما هو محقق إلا مجرد الخرق . والله أعلم .
(12) قرأه الكوفيون وابن عامر " زكية " بغير ألف ، والباقون بألف ، وهما بمعنى واحد .
(13) هذه القراءة كالتفسير ، لا أنها تكتب في المصحف ، قاله الزركشي .
(14) " الطنفسة " فراش صغير ، وهي بكسر الطاء والفاء بينهما نون ساكنة ، وبضم الطاء والفاء ، وبكسر الطاء وبفتح الفاء - لغات .
(15) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 316 : قوله : (يا موسى ، إن لي علماً لا ينبغي لك أن تعلمه) أي : جميعه (وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه) أي : جميعه ، وتقدير ذلك متعين ، لأن الخضر كان يعرف من الحكم الظاهر ما لا غنى بالمكلف عنه ، وموسى كان يعرف من الحكم الباطن ما يأتيه بطريق الوحي . ووقع في رواية سفيان " يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت " وهو بمعنى الذي قبله .
(16) قال الحافظ في " الفتح " قوله " تمارى هو والحر " سقط " هو " من رواية ابن عساكر ، فعطف على المرفوع المتصل بغير توكيد ولا فصل ، وهو جائز عند البعض .
(17) قال الحافظ : قوله : (بلى ، عبدنا) أي : هو أعلم منك ، وللكشميهني " بل " بإسكان اللام ، والتقدير : فأوحى الله إليه : لا تطلق النفي بل قل : خضر ، وإنما قال عبدنا وإن كان السياق يقتضي أن يقول : عبد الله ، لكونه أورده على طريق الحكاية عن الله تعالى ، والإضافة فيه للتعظيم .
(18) البخاري 8 / 319 .
(19) البخاري 8 / 318 .
(20) يعني رواية الترمذي ، ولا تصح لانقطاع سندها ، وكون الذين يزعمون ذلك مجهولين .
(21) البخاري 8 / 310 - 322 في تفسير سورة الكهف ، باب {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين} ، وباب {فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما} ، وباب {فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا} ، وفي العلم ، باب ما ذكر في ذهاب موسى في البحر ، وباب الخروج في طلب العلم ، وباب ما يستحب للعالم إذا سئل ، وفي الإجارة ، باب إذا استأجر أجيراً على أن يقيم حائطاً ، وفي الشروط ، باب الشروط مع الناس بالقول ، وفي بدء الخلق ، باب صفة إبليس وجنوده ، وفي الأنبياء ، باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام ، وفي التوحيد ، باب في المشيئة والإرادة ، ومسلم رقم (2380) في الفضائل ، باب فضائل الخضر عليه السلام ، والترمذي رقم (3148) في التفسير ، باب ومن سورة الكهف ، وأبو داود رقم (4705) و (4706) و (4707) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1-أخرجه أحمد (5/118) قال : حدثنا بهز بن أسد. و «البخاري» (1/41) قال : حدثنا عبد الله بن محمد. وفي (4/50 ،6/ 110 ،8/170) قال : حدثنا الحميدي. وفي (4/188) قال : حدثنا علي بن عبد الله..و «مسلم» (7/103) قال : حدثنا عمرو الناقد ، وإسحاق بن إبراهيم. وعبيد الله بن سعد ، ومحمد بن أبي عمر. «وأبو داود» 4707» قال : حدثنا محمد بن مهران الرازي. و «الترمذي» (3149) قال : حدثنا ابن أبي عمر ، و «عبد الله بن أحمد» (5/117) قال :حدثني عمرو الناقد. و «النسائى» في الكبرى «تحفة الأشراف» (39) عن قتيبة. عشرتهم - بهز ، وعبد الله بن محمد ، والحميدي ، وعلي ، وعمرو، وإسحاق ، وعبيد الله ، وابن أبي عمر ، ومحمد بن مهران ،وقتيبة - عن سفيان بن عيينة،قال : حدثنا عمرو بن دينار.
وأخرجه أحمد (5/119) قال :حدثنا عبد الله بن إبراهيم المروزي.و «البخاري» (3/،117 ،251 6/112) قال : حدثنا إبراهيم بن موسى. كلاهما - عبد الله ، وإبراهيم - عن هشام بن يوسف ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني يعلي بن مسلم ، وعمرو بن دينار.
وأخرجه عبد بن حميد (169) قال :حدثنا عبيد الله بن موسى. عن إسرائيل بن يونس. و «مسلم» (7/105) قال : حدثني محمد بن عبد الأعلى القيسي ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان التيمي ،عن أبيه، عن رقبة. وفي (7/107) قال :حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، قال : أخبرنا محمد بن يوسف (ح) وحدثنا عبد بن حميد ، قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى.
كلاهما عن إسرائيل. و «عبد الله بن أحمد» (5/118) قال: حدثني أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل ، وفي (5./121) قال : حدثني محمد بن يعقوب أبو الهيثم ،قال حدثنامعتمر بن سليمان ، قال : سمعت أبي ، قال : حدثنا رقبة. و «النسائى» في الكبرى «تحفة الأشراف» (39) عن محمد بن عبد الأعلى ، عن معتمر ، عن أبيه ، عن رقبة (ح) وعن أحمد ابن سليمان الرهاوي ،عن عبد الله بن موسى، عن إسرائيل.
كلاهما -إسرائيل ، ورقبة - عن أبي إسحاق السبيعي.
ثلاثتهم - عمرو بن دينار ، ويعلي بن مسلم ، وأبو إسحاق - عن سعيد بن جبير.
2- وأخرجه أحمد (5/116) قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، ومحمد بن مصعب القرقساني. قال الوليد: حدثني الأوزاعي. قال أحمد : حدثنا الأوزاعي. و «البخاري» (1/28) قال حدثني محمد بن غرير الزهري قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثني أبي عن صالح. وفي (1/29) قال حدثنا أبو القاسم خالد بن خلي قال حدثنا محمد بن حبر قال : قال الأوزاعي وفي (4/187) قال : حدثنا عمرو بن محمد قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثني أبي عن صالح وفي (9/171) قال : حدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا أبو حفص عمرو قال : حدثنا الأوزاعي ،و «مسلم» (7/107) قال حدثني حرملة بن يحيى قال أخبرنا ابن وهب ، قال أخبرني يونس.و «عبد الله بن أحمد» (5/122) قال حدثنا محمد بن عباد المكي قال : حدثنا عبد الله بن ميمون القداح ، قال حدثنا جعفر بن محمد الصادق ،و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (39) عن عمران بن يزيد عن إسماعيل بن عبد الله بن سماعة عن الأوزاعي أربعتهم - الأوزاعي وصالح ، ويونس بن يزيد ، وجعفر -عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة.
كلاهما - سعيد بن جبير ، وعبيد الله -عن ابن عباس فذكره.

707 - (ت) أبو الدرداء - رضي الله عنه - : أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : «كانَ الكَنْزُ ذَهباً وَفِضَّة» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3153) في التفسير ، باب ومن سورة الكهف ، وإسناده ضعيف .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3152) قال : حدثنا الحسن بن علي ، قال : حدثنا صفوان بن صالح ، قال : حدثنا الوليد ، عن يزيد بن يوسف الصنعاني ، عن يزيد بن يزيد بن جابر ، عن مكحول ، عن أم الدرداء، فذكرته.
(*) وأخرجه الترمذي أيضا (3152) قال : حدثنا جعفر بن محمد بن فضيل الجزري وغير واحد. قالوا : حدثنا صفوان بن صالح ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن يزيد بن يوسف الصنعاني ،عن مكحول ، عن أم الدرداء ، فذكرته. ليس فيه -يزيد بن يزيد بن جابر -.

708 - (خ م ت) زينب بن جحش - رضي الله عنها - : أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْها فَزِعاً يقول : «لا إله إلا الله ، ويَلٌ لِلْعَرَبِ (1) من شَرّ قد اقْتَرَب ، فُتِحَ اليوم من رَدْم يأجوجَ ومأجوجَ مثلُ هذه - وحَلَّقَ بأصْبَعِهِ : الإبهام والتي تَليِها-» فقالت زينب بنتُ جَحْشٍ : فقلت: يا رسول الله أَنَهْلِكُ وفينا الصالحون ؟ قال : نعم ، إذا كَثُرَ الْخَبَثُ (2) . هذه رواية البخاري ، ومسلم.
وفي رواية الترمذي قالت : اسْتَيْقَظَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ النَّومِ مُحْمَرّاً وَجْهُهُ ، يقول : «لا إله إلا الله...» وذكر نحوه.
وفيه «وَعَقَدَ عَشْراً (3)» . -[232]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(رَدْم) ردمت الثلمة ردماً : إذا سددتها ، والاسم والمصدر سواء : الردم.
(حلَّق وعقد عشراً) حلق : أي جعل أصبعه كالحلقة ، وعقد عشراً : هي من مواضعات الحساب ، وهو أن تجعل رأس أصبعك السبابة في وسط أصبعك الإبهام من باطنها شبه الحلقة ، وعقد التسعين مثلها.، إلا أنها أضيق منها ، حتى لا يبين في الحلقة إلا خلل يسير.
(الخُبْث) بضم الخاء وسكون الباء الموحدة : الفسق والفجور.
__________
(1) قوله : " ويل للعرب " إنما خص الويل بهم ، لأن معظم مفسدتهم راجع إليهم ، وقد وقع بعض ما أخبر به صلى الله عليه وسلم حيث قال : " إن يأجوج ومأجوج هم الترك " وقد أهلكوا الخليفة المستعصم ، وجرى ما جرى ببغداد ، قاله الكرماني .
(2) قال النووي : " الخبث " هو بفتح الخاء والباء ، وفسره الجمهور : بالفسوق والفجور ، وقيل : المراد به : الزنا خاصة ، وقيل : أولاد الزنا ، والظاهر : أنه المعاصي مطلقاً . و " نهلك " بكسر اللام على اللغة الفصيحة المشهورة ، وحكي فتحها . وهو ضعيف أو فاسد . ومعنى الحديث : أن الخبث إذا كثر فقد يحصل الهلاك العام ، وإن كان هناك صالحون .
(3) البخاري 6 / 274 في أحاديث الأنبياء ، باب قول الله تعالى : {ويسألونك عن ذي القرنين} ، وباب علامات النبوة في الإسلام ، وفي الفتن ، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ويل للعرب من شر قد -[232]- اقترب " ، وباب يأجوج ومأجوج ، ومسلم رقم (2880) في الفتن ، باب اقتراب الفتن ، والترمذي رقم (2188) في الفتن ، باب ما جاء في خروج يأجوج ومأجوج .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه الحميدي : (308) . و «أحمد» (6/428) . و «مسلم» (8/166) قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن أبي عمر. و «ابن ماجة» (3953) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. و «الترمذي» (2187) قال : حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي وأبو بكر بن نافع وغير واحد و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (11/15880) عن عبيد الله بن سعيد.
تسعتهم - الحميدي ،وأحمد بن حنبل ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وسعيد بن عمرو ، وزهير ، وابن أبي عمر ، وأبو بكر بن نافع، وعبيد الله بن سعيد - عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن حبيبة بنت أم حبيبة ، عن أم حبيبة ، فذكرته.
(*) في رواية الحميدي. قال سفيان.: أحفظ في هذا الحديث أربع نسوة من الزهري ،وقد رأين النبي صلى الله عليه وسلم ثنتين من أزواجة :أم حبيبة ، وزينب بنت جحش ، وثنتين ربيبتاه : زينب بنت أم سلمة ، وحبيببة بنت أم حبيبة ،أبوها عبد الله بن جحش ، مات بأرض الحبشة.
وأخرجه أحمد (6/428) قال : حدثنا يعقوب. قال : حدثنا أبي ، عن صالح ، يعني ابن كيسان. وفي (6/429) قال : حدثنا يعقوب. قال : حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق. و «البخاري» (4/168) قال : حدثنا يحيى بن بكير. قال : حدثنا الليث ، عن عقيل. وفي (4/240) قال : حدثنا أبو اليمان. قال : أخبرنا شعيب. وفي (9/60) قال : حدثنا مالك بن إسماعيل. قال : حدثنا ابن عيينة. وفي (9/76) قال : حدثنا أبو اليمان. قال : أخبرنا شعيب (ح) وحدثنا إسماعيل. قال : حدثني أخي ، عن سليمان ، عن محمد بن أبي عتيق. و «مسلم» (8/165) قال حدثنا عمرو الناقد. قال : حدثنا سفيان بن عيينة. وفي (8/166) قال : حدثني حرملة بن يحيى قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس (ح) وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث قال حدثني أبي عن جدي قال حدثن عقيل بن خالد (ح) وحدثنا عمرو الناقد قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا أبي عن صالح. و «النسائي في الكبري «تحفة الأشراف» (11/15880) عن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم عن عمه يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن أبيه عن صالح سيعتهم -محمد بن إسحاق ، وعقيل بن خالد ، وشعيب بن أبي حمزة ، وسفيان بن عيينة ، ومحمد بن أبي عتيق ، ويونس بن يزيد ، وصالح بن كيسان عن الزهري عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أم سلمة عن أم حبيبة فذكرته ليس فيه : «حبيببة بنت أم حبيبة» .

709 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه - : قال : قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم قال : «فُتِحَ اليومَ مِنْ رَدْمِ يأجوج ومأجوج مثل هذه ، وعقد بيده تسعين (1)» . أخرجه البخاري ، ومسلم (2) .
__________
(1) قال النووي : " فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه " وعقد سفيان بيده عشرة ، هكذا وقع في رواية سفيان عن الزهري ، ووقع بعده في رواية يونس " وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها " ، وفي حديث أبي هريرة بعده " وعقد وهب بيده تسعين " فأما روايتا سفيان ويونس ، فمتفقتان في المعنى ، وأما رواية أبي هريرة فمخالفة لهما ، لأن عقد التسعين أضيق من العشرة . قال القاضي : لعل حديث أبي هريرة متقدم ، فزاد قدر الفتح بعد هذا القدر ، قال : أو يكون المراد : التقريب للتمثيل ، لا حقيقة التحديد ، و " يأجوج ومأجوج " غير مهموزين ومهموزان ، قرئ في السبع بالوجهين ، والجمهور بترك الهمزة .
(2) البخاري 6 / 274 في الأنبياء ، باب {ويسألونك عن ذي القرنين} ، وفي الفتن ، باب يأجوج ومأجوج ، ومسلم رقم (2881) في الفتن ، باب اقتراب الفتن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء (8:2) عن مسلم بن إبراهيم وفي الفتن (29:2) عن موسى بن إسماعيل - ومسلم في القتن (1:5) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أحمد بن إسحاق الحضري ثلاثتهم عن وهيب عن ابن طاوس تحفة الأشراف (10/121) .

710 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - : أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال في السَّدِّ: «يَحْفِرُونَه كُلَّ يومٍ ، حتى إذا كادوا يَخْرِقونه ، قال الذي عليهم : ارْجِعُوا ، فَستَحْفِرُونه غداً ، قال : فيُعيدُهُ اللهُ كأَشَدِّ ما كان ، حتى إذا بلغ مُدَّتَهُمْ ، وأَراد الله أَن يبعثَهم على الناس ، قال الذي عليهم : ارجعوا فستحْفِرونه غداً إن شاء الله ، واستثنى ، قال: فيرجعون ، فيجدونه كهيئته حين تركوه فيخرقِونه ، فيخرجون على الناس ، فَيَشْتَفُّونَ المياه ، ويَفِرُّ الناسُ منهم ، فيرمون بسهامٍ إلى السَّماءِ ، فترجع مُخَضَّبة بالدماء، فيقولون : قَهَرْنا مَنْ في الأرض ، وعَلَوْنا مَنْ في السَّماء ، قَسْوَة وَعُلُوًّا ، فيبعِثُ اللهُ عليهم نَغَفَاً في أقْفَائِهمْ ، فَيَهْلِكونَ فيُصْبِحُونَ فَرْسَى ، قال : فوالذي نَفْسُ محمدٍ بيدهِ، إنَّ دوابَّ الأرض تَسْمَنُ وتَبْطَرُ ، وتشْكُرُ شُكراً من لُحومِهِمْ» . أخرجه الترمذي (1) . -[234]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قسوة) القسوة : الغلظة والفظاظة.
(النغف) دود يكون في أنوف الإبل والغنم، واحدتها : نغفة.
(فَرْسى) جمع فريس بمعنى : مفروس ، من فرس الذئب الشاة:إذا قتلها.، فمعنى فرسى : قتلى ، مثل : قتيل وقتلى.
(تشكر) شكرت الشاة تشكر شكراً :إذا امتلأ ضرعها لبناً ، فالمعنى :تمتلئ أجسادها لحماً وتسمن.
__________
(1) رقم (3151) في التفسير ، باب ومن سورة الكهف ، وقال : هذا حديث حسن غريب ، إنما نعرفه من هذا الوجه ، مثل هذا ، والحديث أخرجه أيضاً أحمد في " المسند " من حديث سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة ، ومن طريق حسن بن موسى الأشهب عن سفيان عن قتادة به ... وكذا رواه ابن ماجة عن أزهر بن مروان عن عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة .
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره 5 / 333 : وإسناده جيد قوي ، ولكن متنه في رفعه نكارة ؛ لأن ظاهر الآية يقتضي أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه ولا من نقبه لإحكام بنائه وصلابته وشدته ، ولكن هذا قد روي عن كعب الأحبار أنهم قبل خروجهم يأتونه فيلحسونه حتى لا يبقى -[234]- منه إلا القليل ، فيقولون كذلك ، ويصبحون وهو كما كان ، فيلحسونه ويقولون : غداً نفتحه ، ويلهمون أن يقولوا : إن شاء الله ، فيصبحون وهو كما فارقوه . قال ابن كثير : وهذا متجه ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب الأحبار ، فإنه كثيراً ما يجالسه ويحدثه ، فحدث به أبو هريرة ، فتوهم بعض الرواة عنه أنه مرفوع فرفعه ، والله أعلم . ثم قال ابن كثير : ويؤيد ما قلناه من نكارة هذا المرفوع ومن أنهم لم يتمكنوا من نقبه ولا نقب شيء منه ، حديث زينب بنت جحش (يعني الذي تقدم رقم (708)) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (2/510) قال : حدثنا روح. قال : حدثنا سعيد بن أ بي عروبة.وفي (2/511) قال : حدثنا حسن ، قال : حدثنا شيبان ، و «ابن ماجة» (4080) قال : حدثنا أزهر بن مروان. قال : حدثنا عبد الأعلى. قال : حدثنا سعيد. و «الترمذي» قال حدثنا محمد بن بشار وغير واحد قالوا: حدثنا هشام بن عبد الملك. قال : حدثنا أبو عوانة.
ثلاثتهم - سعيد بن أبي عروبة ، وشيبان بن عبد الرحمن ، وأبو عوانة - عن قتادة ، عن أبي رافع ، فذكره.

711 - (خ) مصعب بن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهما - : قال : سألتُ أبي عن قوله تعالى : {هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً} [الكهف : 103] أهُم الحَرُوريّةُ (1) ؟ قال : لا ، هم اليهود والنصارى ، أمَّا اليهود : -[235]- فكَذَّبُوا محمداً صلى الله عليه وسلم ، وأما النَّصَارى : فكذَّبوا بالجَنَّةِ ، قالوا : لا طعام فيها ولا شرابَ ، والحَرورية {الذين يَنْقُضُونَ عَهدَ اللَّه مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ} [البقرة : 27] (2) ، وكان سعدٌ يُسَمِّيهمُ : الفاسقين (3) أخرجه البخاري (4) .
__________
(1) قال في " الفتح " 8 / 323 : " الحرورية " بفتح الحاء المهملة وضم الراء نسبة إلى حروراء ، وهي القرية التي كان ابتداء خروج الخوارج على علي منها .
ولابن مردويه من طريق حصين عن مصعب " لما خرجت الحرورية ، قلت لأبي : أهؤلاء الذين أنزل الله فيهم ؟ " وله من طريق القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل عن علي في هذه الآية ، قال : " أظن أن بعضهم الحرورية " . -[235]- وللحاكم من وجه آخر عن أبي الطفيل قال : " قال علي " منهم أصحاب النهروان " وذلك قبل أن يخرجوا ، ولعل هذا هو السبب في سؤال مصعب إياه عن ذلك . وليس الذي قاله علي بن أبي طالب ببعيد ، لأن اللفظ يتناوله وإن كان السبب مخصوصاً .
(2) قال في " الفتح " 8 / 323 : قوله : " والحرورية الذين ينقضون إلخ ... " ، وفي رواية النسائي " والحرورية الذين قال الله تعالى : {ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل - إلى - الفاسقين} " قال يزيد : هكذا حفظت .
قال الحافظ : وهو غلط منه ، أو ممن حفظه عنه ، وكذا وقع عند ابن مردويه " أولئك هم الفاسقون " والصواب " الخاسرون " ووقع على الصواب ، كذلك في رواية الحاكم .
(3) لعل هذا السبب في الغلط المذكور ، وفي رواية الحاكم " الخوارج قوم زاغوا ، فأزاغ الله قلوبهم " ، وهذه الآية هي التي آخرها " الفاسقين " فلعل الاختصار اقتضى ذلك الغلط ، وكأن سعداً ذكر الآيتين التي في البقرة ، والتي في الصف . وقد روى ابن مردويه من طريق أبي عون عن مصعب قال : " نظر رجل من الخوارج إلى سعد ، فقال : هذا من أئمة الكفر ، فقال له سعد : كذبت ، أنا قاتلت أئمة الكفر ، فقال له آخر : هذا من الأخسرين أعمالاً ، فقال له سعد : كذبت {أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ...} الآية . قال ابن الجوزي : وجه خسرانهم : أنهم تعبدوا على غير أصل ، فابتدعوا فخسروا الأعمار والأعمال .
(4) 8 / 323 ، 324 في تفسير سورة الكهف ، باب {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري في التفسير (18: 5) عن محمد بن بشار عن محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة والنسائي فيه - التفسير في الكبرى - عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن يزيد عن شعبة نحوه. تحفة الأشراف (3./320) .

712 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه - : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يومَ القيامة لا يَزِنُ عِنْدَ الله جَناحَ بَعُوضةٍ ، وقال : اقْرَؤوا {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} [الكهف : 105]» . أخرجه البخاري ومسلم (1) . -[236]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بعوضة) البعوضة ، وجمعها البعوض : صغار البق.
__________
(1) البخاري 8 / 324 في تفسير سورة الكهف ، باب {أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه} ، ومسلم رقم (2785) في صفة القيامة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (6/117) قال : حدثنا محمد بن عبد الله. قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم. (ح) وعن يحيى بن بكير. و «مسلم» (8/125) قال : حدثني أبو بكر بن إسحاق. قال : حدثنا يحيى بن بكير.كلاهما - سعيد بن أبي مريم ، ويحيى بن بكير - عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، فذكره.

713 - (ت) أبو سعيد بن أبي فَضالةَ - رضي الله عنه - : قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إذَا جَمعَ الله النَّاسَ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فيه ، نادى مُنادٍ : مَنْ كانَ يُشْرِكُ في عملٍ عمله لله أحَداً فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْهُ ، فإنَّ الله أَغْنى الشُّرَكاءِ عَنِ الشِّرْكِ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3152) في التفسير ، باب ومن سورة الكهف ، وقال : هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث محمد بن بكر . نقول : وسنده حسن ، وقد رواه أيضاً ابن ماجة وابن حبان والبيهقي ، وغيرهم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (3/،466 4/215) . و «ابن ماجة» (4203) قال : حدثنا محمد بن بشار وهارون ابن عبد الله الحمال وإسحاق بن منصور. و «الترمذي» (1354) قال : حدثنا محمد بن بشار وغير واحد.أربعتهم - أحمد بن حنبل ، ومحمد بن بشار ، وهارون ، وإسحاق - قالوا : حدثنا محمد بن بكر البرساني. قال : أخبرنا عبد الحميد بن جعفر. قال : أخبرنا أبي ، عن زياد بن ميناء،فذكره.
(*) في رواية أحمد والترمذي : (عن أبي سعيد بن أبي فضالة) .

سورة مريم
714 - (م ت) المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - : قال : لما قدمت نَجرَانَ سألُوني ، فقالوا : إِنكم تقرؤون {يا أُخْتَ هارون} [مريم : 28] وموسى قبلَ عيسى بكذا وكذا ؟ فلما قَدِمْتُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سَأَلْتُهُ عن ذلك ؟ فقال : «إنهم كانوا يُسَمُّون بأنبيائهم (1) ، والصالحين قبلَهم» . -[237]- هذه رواية مسلم.
وأخرجه الترمذي قال : بَعَثَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى نَجْرَانَ ، فقالوا : ألَسْتُم تَقْرَءونَ... وذكر الحديث (2) .
__________
(1) قال النووي : " إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم الخ ... " استدل به جماعة على جواز التسمية بأسماء الأنبياء ، وأجمع عليه العلماء ، إلا ما قدمناه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وسبق تأويله ، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم ، وكان في أصحابه خلائق مسمون بأسماء الأنبياء .
قال القاضي : وقد كره بعض العلماء : التسمي بأسماء الملائكة ، وهو قول الحارث بن مسكين ، قال : وكره مالك التسمي بجبريل وياسين .
(2) مسلم رقم (2135) في الآداب ، باب النهي عن التكني بأبي القاسم ، وبيان ما يستحب من الأسماء ، والترمذي رقم (3154) في التفسير ، باب ومن سورة مريم ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من حديث ابن إدريس .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (4/252) . و «مسلم» (6/171) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، وأبو سعيد الأشج ، ومحمد بن المثنى العنزي. و «الترمذي» (3155) قال : حدثنا أبو سعيد الأشج ، ومحمد بن المثنى. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (8/11519) عن محمد بن يحيى بن أيوب الثقفي.
ستتهم - أحمد ،وأبو بكر ، ومحمد بن عبد الله ، وأبو سعيد ، وابن المثنى، ومحمد بن يحيى - عن عبد الله بن إدريس ، عن أبيه ، عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل ، فذكره.

715 - (ت) قتادة -رحمه الله - : في قوله تعالى {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} [مريم : 57] قال : قال أنسٌ : إنَّ نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال : «لما عُرِجَ بِي رأَيْتُ إدْريسَ في السماء الرابِعَة» . أخرجه الترمذي. وقال : هذا طرف من حديث المعراج.
وسيَرِدُ الحديثُ بطوله في كتاب النبوة : من حرف النون (1) .
__________
(1) رقم (3156) في التفسير ، باب ومن سورة مريم ، وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وفي الباب عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد روى سعيد بن أبي عروبة وهمام وغير واحد عن قتادة عن أنس بن مالك ، عن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث المعراج بطوله ، وهذا عندي مختصر من ذلك .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (مريم : 19:3) عن أحمد بن منيع عن حسين بن محمد وقال: حسن صحيح قال وهو عندي مختصر من حديث قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة يعني حديث المعراج، ورواه عبد الأعلى بن حماد عن يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة عن أنس مختصرا نحوه ،ولم يذكر «مالك بن صعصعة» تحفة الأشراف (1/338) .

716 - (خ ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام : «ما يَمنَعُكَ أنْ تَزَورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا ؟» فنزلت : {وما نَتَنَزَّلُ إلّا بأمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلكَ ومَا كانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} [مريم : 64] قال : هذا كان الجواب لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. -[238]- أخرجه البخاري، والترمذي (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 326 في تفسير سورة مريم ، باب قوله {وما نتنزل إلا بأمر ربك} ، وفي بدء الخلق ، باب ذكر الملائكة ، وفي التوحيد ، باب {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين} ، والترمذي رقم (3157) في التفسير ، باب ومن سورة مريم ، وقوله في آخر الحديث " قال : هذا كان الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم " زيادة ليست في البخاري ولا في الترمذي ، ولعلها من زيادات الحميدي ، وهي عند أحمد في " المسند " رقم (2043) وكذلك هي عند ابن جرير وابن أبي حاتم ، وقد أورد الحديث السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 278 وزاد نسبته لمسلم ، وعبد بن حميد ، والنسائي ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، والحاكم ، والبيهقي في " الدلائل " . نقول : ولم نجد الحديث عند مسلم كما ذكر السيوطي ، ولعله وهم منه رحمه الله . قال الحافظ في " الفتح " : قوله : {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك} قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة : ما بين أيدينا : الآخرة ، وما خلفنا : الدنيا ، وما بين ذلك : ما بين النفختين .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (1/231) (2043) قال : حدثنا يعلي. وفي (1/233) (2078) قال: حدثنا وكيع. وفي (1/457) (3365) قال : حدثنا عبد الرحمن.و «البخاري» (4/137) قال : حدثنا أبو نعيم (ح) قال : حدثني يحيى بن جعفر قال : حدثنا وكيع. وفي (6/118) قال : حدثنا أبو نعيم. وفي (9/166) قال : حدثنا خلاد بن يحى. وفي (خلق أفعال العباد) صفحة (72) قال : حدثنا أبو نعيم وخلاد بن يحيى. و «الترمذي» (3158) قال : حدثنا عبد بن حميد ، قال : حدثنا يعلي بن عبيد (ح) وحدثنا الحسين بن حريث ، قال : حدثنا وكيع. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (5505) عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم،عن أبي عامر العقدي (ح) وعن إبراهيم بن الحسن ، عن حجاج بن محمد.
سببعتهم - يعلي ، ووكيع،وعبد الرحمن ، وأبو نعيم ، وخلاد بن يحيي ، وأبو عامر ، وحجاج بن محمد - عن عمر بن ذر ، عن أبيه، عن سعيد بن جبير ، فذكره.

717 - (م) أمُّ مبشرٍ الأنصارية (1) - رضي الله عنها - : أنَّها سَمعَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة : «لا يدْخُلُ النَّارَ - إن شاءَ اللهُ - من أصحاب الشَجَرَةِ أحدٌ (2) : الذين بايَعُوا تَحْتَها ، قالت : بلى يا رسول الله ، فانْتَهَرَها ، فقالتْ حَفصةُ : {وإنْ منكم إلّا وَارِدُهَا} [مريم :71] فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد قال الله تعالى : {ثم نُنَجِّي الذين اتَّقَوْا ونَذَرُ الظَّالمين فيها جِثِيّاً}» -[239]-[مريم:72] . أخرجه مسلم (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أصحاب الشجرة) هم الصحابة الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان في الحديبية ، وكانت الشجرة سمرة.
(جثياً) جمع جاث : وهو الذي يقعد على ركبتيه.
__________
(1) هي امرأة زيد بن حارثة رضي الله عنها .
(2) قال النووي : قوله : " لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد ... الخ " قال العلماء : معناه : لا يدخلها أحد منهم قطعاً : كما صرح به في غير هذا الحديث ، وإنما قال : " إن شاء الله " للتبرك ، لا للشك ، وأما قول حفصة : " بلى " وانتهار النبي صلى الله عليه وسلم لها ، فقالت : {وإن منكم إلا واردها} فقال عليه الصلاة والسلام : وقد قال : " {ثم ننجي الذين اتقوا} " ففيه دليل للمناظرة والاعتراض ، والجواب على وجه الاسترشاد ، وهو مقصود حفصة ، لا أنها أرادت رد مقالته صلى الله عليه وسلم . والصحيح : أن المراد بالورود في الآية : المرور على الصراط ، وهو جسر منصوب على جهنم ، فيقع فيها أهلها وينجو الآخرون .
(3) رقم (2496) في فضائل الصحابة ، باب فضائل أصحاب الشجرة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/362) قال : حدثنا ابن إدريس. قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي سفيان. وفي (6/420) قال :حدثنا حجاج. قا ل : أخبرني ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير. و «مسلم» (7/169) قال : حدثني هارون بن عبد الله قال : حدثنا حجاج بن محمد. قال : قال ابن جريج : أخبرني أبو الزبير ،و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (13 /18356) عن هارون بن عبد الله والحسن ابن محمد ، عن حجاج بن محمد ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير.
كلاهما - أبو سفيان ، وأبو الزبير - عن جابر ، فذكره.
(*) في رواية أبي سفيان : «لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية....» الحديث.

718 - (ت) السدي -رحمه الله - : قال :سألتُ مُرَّةَ الهَمَدانِيَّ عن قول اللهِ تعالى : {وإنْ منكم إلا وارِدُهَا} ؟ فحدثني : أنَّ عبدَ الله بنَ مسعودٍ حَدَّثهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يَرِدُ الناسُ ، ثم يَصْدُرُون عنها بأعمالهم ، فأَوَّلُهُم كلمْحِ البَرْقِ، ثم كالريح ، ثم كَحُضْرِ الفَرَسِ ثم كالرَّاكب في رَحْله ، ثم كَشَدِّ الرَّجُل ، ثم كَمَشْيِهِ» . أخرجه الترمذي.وقال : وقد روي عن السدي ولم يرفعه (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(كحُضْر الفرس) الحُضْر : العَدْو ، والشد أيضاً : العَدْو.
__________
(1) رقم (3158) في التفسير ، باب ومن سورة مريم ، ورواه أحمد في " المسند " ، وقال الترمذي : حديث حسن ، ورواه شعبة عن السدي ولم يرفعه ، والسدي هذا ، هو أبو محمد إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي القرشي ، وهو السدي الكبير ، كان يقعد في سدة باب الجامع ، فسمي السدي وهو صدوق يهم ، وذكره ابن كثير من رواية ابن أبي حاتم عن أسباط عن السدي عن مرة عن عبد الله بن مسعود موقوفاً عليه . ومن رواية ابن جرير عن ابن مسعود بمعناه ، ثم قال : ولهذا شواهد في الصحيحين وغيرهما من رواية أنس وأبي سعيد وأبي هريرة وجابر وغيرهم من الصحابة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/434) (4141) قال : حدثنا عبد الرحمن ، و «الدارمي» (2813) قال : أخبرنا عبيد الله ، و «الترمذي» (3159) قال : حدثنا عبد بن حميد ، قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى.
كلاهما - عبد الرحمن ،وعبيد الله - عن إسرائيل ، عن السدي ، فذكره.
أخرجه أحمد (1/433) (4128) قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. و «الترمذي» (3160) قال : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد. (ح) وحدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي.
كلاهما - عبد الرحمن ، ويحيى - عن شعبة ، عن السدي ، عن مرة ، عن عبد الله بن مسعود {وإن منكم إلا واردها} قال : يردونها ثم يصدرون بأعمالهم موقوفا
قال عبد الرحمن : قلت لشعبة : إن إسرائيل حدثني عن السدي ، عن مرة ، عن عبيد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال شعبة : وقد سمعته من السدي مرفوعا ولكني عمدا أدعه.

719 - (خ م ت) خَباب بن الأرت - رضي الله عنه - :قال : كنْتُ قَيْناً في الجاهلية ، وكان لي على العَاص بن وائل السهمي (1) دَينٌ ، فأتيْتُه أَتَقَاضَاهُ - وفي رواية قال : فعمِلتُ للعَاصِ بن وائل سيفاً ، فجئتُهُ أتَقَاضَاهُ فقال : لا أعطيك ، حتى تكْفُرَ بِمُحمدٍ ، فقلتُ : والله لا أكفرُ حتى يُميتكَ الله ثمَّ تبعث (2) ، قال : وإني لميِّتٌ ثم مبعوث ؟ قُلْتُ : بلى ، قال : دَعْني حتى أمُوتَ وأُبعث ، فسأُوتَى مالاً وولداً فَأَقْضيِكَ، فنزلت : {أَفرأيتَ الذي كَفر بآياتنا وقال لأُوتَيَنَّ مالاً وولداً . أَطَّلَعَ الغيبَ أم اتخذَ عند الرحمن عَهْداً . كلَّا سَنَكْتُبُ ما يقول ونَمُدُّ له من العذاب مَدّاً . ونَرِثُهُ ما يقولُ ويأتينا فَرْداً} [مريم: 77 - 80] أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرجه الترمذي قال : جئتُ العاصَ بنَ وائلٍ السَّهميَّ أَتَقاضاه حَقّاً لي عنده ، فقال : لا أُعطيك حتى تكفر بِمحمَّدٍ ... الحديث (3) . -[241]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قَيْناً) القين عند العرب : الحدَّاد.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " : هو والد عمرو بن العاص : الصحابي المشهور ، وكان له قدر في الجاهلية ، ولم يوفق للإسلام . قال ابن الكلبي : كان من حكام قريش ، وكان موته بمكة قبل الهجرة ، وهو أحد المستهزئين بالنبي صلى الله عليه وسلم . قال عبد الله بن عمرو : سمعت أبي يقول : عاش أبي خمسا وثمانين سنة ، وإنه ليركب حماراً إلى الطائف ، يمشي عنه أكثر مما يركب ، ويقال : إن حماره رماه على شوكة ، فأصابت رجله ، فانتفخت فمات منها .
(2) قال الحافظ في " الفتح " : قوله : " حتى تموت ، ثم تبعث " مفهومه : أنه يكفر حينئذ ، لكنه لم يرد ذلك ، لأن الكفر حينئذ لا يتصور ، فكأنه قال : لا أكفر أبداً ، والنكتة في تعبيره بالبعث : تعيير العاص بأنه لا يؤمن به ، وبهذا التقرير يندفع إيراد من استشكل قوله هذا ، فقال : علق الكفر ، ومن علق الكفر كفر ، وأصاب بأنه خاطب العاص بما يعتقده ، فعلق على ما يستحيل بزعمه ، والتقرير الأول يغني عن هذا الجواب .
(3) البخاري 8 / 327 في تفسير سورة مريم ، باب قوله {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين -[241]- مالاً وولداً} ، وباب {أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهداً} ، وباب {كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مداً} ، وباب : {ونرثه ما يقول ويأتينا فرداً} ، وفي البيوع ، باب ذكر القين والحداد ، وفي الإجارة ، باب هل يؤاجر الرجل نفسه من مشرك في أرض الحرب ، وفي الخصومات ، باب التقاضي ، ومسلم رقم (2795) في صفات المنافقين وأحكامهم ، باب سؤال اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح ، والترمذي رقم (3161) في التفسير ، باب ومن سورة مريم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : 01أخرخه أحمد (5/110) قال : حدثنا عبد الرزاق. و «البخاري» (118) قال : حدثنا محمد بن كثير. كلاهما - عبد الرزاق. وابن كثير - عن سفيان الثوري.
2- وأخرجه أحمد (5/111) . و «مسلم» (8/129) قال : حدثنا أبو كريب.و «الترمذي» (3162) قال : حدثنا هناد. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (3520) عن محمد بن العلاء. ثلاثتهم - أحمد، وأبو كريب ، وهناد - قالوا : حدثنا أبو معاوية.
3- وأخرجه أحمد (5/111) . و «مسلم» (8/129) قال حدثنا ابن نمير - وهو محمد بن عبد الله بن نمير - كلاهما - أحمد ،وابن نمير - عن عبد الله بن نمير.
4- وأخرجه البخاري (3/79) قال : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي. وفي (3/162) قال :حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا وهب بن جرير بن حازم. وفي (6/119) قال : حدثنا بشر بن خالد، قال : حدثنا محمد بن جعفر ثلاثتهم - ابن أبي عدي ، ووهب ، وابن جعفر - عن شعبة 5- وأخرجه البخاري (3/120) قال :حدثنا عمر بن حفص ، قال : حدثنا أبي.
6- وأخرجه البخاري (6/118) قال: حدثنا الحميدي. و «مسلم» (8/129) . و «الترمذي» (3162) قالا : - مسلم. والترمذي- حدثنا ابن أبي عمر كلاهما - الحميدي ، وابن أبي عمر - قالا : حدثنا سفيان - ابن عيينة -.
7- وأخرجه البخاري (6/119) قال : حدثنا يحيى. و «مسلم» (8/129) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. وعبد الله بن سعيد الأشج. ثلاثتهم -يحيى، وابن أبي شيبة ، والأشج - قالوا: حدثنا وكيع.
8-وأخرجه مسلم (8/129) قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير.
ثمانيتهم - الثوري ، وأبو معاوية ، وابن نمير ، وشعبة ، وحفص ، وابن عيينة ، ووكيع ، وجرير - عن الأعمش عن مسلم أبي ا لضحى عن مسروق فذكره.

سورة الحج
720 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : {ومن النَّاسِ من يَعْبُد اللَّهَ على حَرْفٍ} [الحج : 11] كان الرَّجلُ يَقدَمُ المدينةَ [فَيُسْلِمُ] ، فإن وَلَدَت امرأتُه غُلاماً،ونُتِجَتْ خَيْلُهُ (1) . قال : هذا دِينٌ صالحٌ ، وإن لم تَلدِ امرأَتُهُ ، ولم تُنْتَجْ خَيلُهُ ، قال : هذا دينُ سوءٍ. أخرجه البخاري (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(على حرف) حرف كل شيء : جانبه.
__________
(1) " نتجت " بضم النون ، فهي منتوجة ، مثل : نفست ، فهي منفوسة .
(2) 7 / 336 في تفسير سورة الحج ، باب {ومن الناس من يعبد الله على حرف} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (6/123) قال : حدثني إبراهيم بن الحارث ، قال : حدثنا يحيى بن أبي بكير ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير فذكره.

721 - (خ) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - :قال : أنا أولُ من يَجثُو للخُصومَةِ بين يَدي الرحمن يومَ القيامة ، قال قَيْسُ بن عُبادٍ : فيهم نزلت : {هذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهم} [الحج : 19] قال : هم الذين -[242]- تَبارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ : عليٌّ، وحمزَةُ ، وعُبيدةُ بن الحارث ،وشيبَةُ بن رَبيعة ، وعُتبةُ بن ربيعة ، والوليد بن عُتبة.
وفي رواية أنَّ عليّاً قال : نزلت هذه الآيةُ في مُبارزَتنا يومَ بدْرٍ {هذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهم (1)} أخرجه البخاري (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يجثو) أي : يقعد على ركبتيه.
__________
(1) قال الزركشي : قوله : {هذان خصمان اختصموا في ربهم} نزلت في حمزة وصاحبيه ، يعني علياً وعبيدة بن الحارث ، وهم الفريق المؤمنون ، وعتبة وصاحبيه ، أي : عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وهم الفريق الآخر .
فعتبة وشيبة قتلهما علي وحمزة ، وقطع الوليد رجل عبيدة بن الحارث فمات في الصفراء ، ومال علي وحمزة على الوليد فقتلاه .
فإن قيل : كيف نزلت هذه في يوم بدر ، والسورة مكية ؟
قلنا : السورة مكية ، إلا ثلاث آيات ، وهي {هذان خصمان ...} الخ .
(2) 8 / 336 ، 337 في تفسير سورة الحج ، باب {هذان خصمان اختصموا في ربهم} ، وفي المغازي ، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش ، و 7 / 231 في قصة غزوة بدر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري في التفسير (22:3: 2) عن حجاج بن المنهال. وفي المغازي (8:7) عن محمد بن عبد الله الرقاشي كلاهما عن معتمر بن سليمان التيمي ، عن أبيه وفيه المغازي (8:9) عن إسحاق بن إبراهيم الصواف عن.يوسف بن يعقوب السدوسي بن سليمان اليتمي به والنسائي في التفسير (الكبري (49: 2) عن هلال بن بشر البصري عن يوسف بن يعقوب به ، تحفة الأشراف (7/439) .

722 - (خ م) أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - : قال قَيْسُ بن عُبَادٍ (1) :سَمعْتُ أَبا ذَرّ يُقسِمُ قَسماً : أنَّ [هذه الآية] {هذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهم} نزلت في الذين بَرَزُوا يوم بَدرٍ : حمزةَ ، وعليّ ، وعُبيدَةَ بنِ الحارث ، وعُتبة وشيبةَ ابنَيْ ربَيعةَ ، والوليدِ بن عُتبةَ. أخرجه البخاري ، ومسلم. -[243]-
وهذا الحديث آخرُ حديث في «صحيح مسلم» (2) .
__________
(1) بضم العين وتخفيف الباء .
(2) البخاري 8 / 336 ، 337 في تفسير سورة الحج ، باب قوله {هذان خصمان اختصموا} ، وفي المغازي ، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش ، ومسلم رقم (3033) في التفسير ، باب قوله تعالى : {هذان خصمان اختصموا في ربهم} . قال النووي : وهذا الحديث مما استدركه الدارقطني فقال : أخرجه البخاري عن أبي مجلز عن قيس عن علي رضي الله عنه قال : " أنا أول من يجثو للخصومة " ، قال قيس : وفيهم نزلت الآية ولم يجاوز به قيساً ، ثم قال البخاري : وقال عثمان : عن جرير عن منصور عن أبي هاشم عن أبي مجلز قال ، وقال الدارقطني : فاضطرب الحديث . هذا كلامه .
قلت : (القائل النووي) فلا يلزم من هذا ضعف الحديث واضطرابه ؛ لأن قيساً سمعه من أبي ذر ، كما رواه مسلم هنا ، فرواه عنه ، وسمع من علي بعضه ، وأضاف قيس إليه ما سمعه من أبي ذر ، وأفتى به أبو مجلز تارة ، ولم يقل : إنه من كلام نفسه ورأيه ، وقد عملت الصحابة فمن بعدهم بمثل هذا ، فيفتي الإنسان منهم بمعنى الحديث عند الحاجة إلى الفتوى دون الرواية ولا يرفعه ، فإذا كان وقت آخر وقصد الرواية ، رفعه وذكر لفظه ، ولا يحصل بهذا اضطراب ، والله أعلم ، وله الحمد والنعمة .
وقال الحافظ في " الفتح " : وقد روى الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس ، أنها نزلت في أهل الكتاب والمسلمين ، ومن طريق الحسن قال : هم الكفار والمؤمنون ، ومن طريق مجاهد : هو اختصام المؤمن والكافر في البعث ، واختار الطبري هذه الأقوال في تعميم الآية قال : ولا يخالف المروي عن علي وأبي ذر ، لأن الذين تبارزوا ببدر كانوا فريقين : مؤمنين وكفاراً ، إلا أن الآية إذا نزلت في سبب من الأسباب لا يمتنع أن تكون عامة في نظير ذلك السبب .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجة البخاري (5/95) قال : حدثنا قبيصة. قال : حدثنا سفيان.وفي (5/96) قال : حدثنا يحيى بن جعفر. قال : أخبرنا وكيع ، عن سفيان. (ح) وحدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي. قال : حدثنا هشيم. وفي (6/123) قال : حدثنا حجاج بن منهال.قال : حدثنا هشيم. و «مسلم» (8/245) قال: حدثنا عمرو بن زرارة. قال : حدثنا هشيم. وفي (8/246) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثنا وكيع (ح) وحدثني محمد بن المثنى. قال : حدثنا عبد الرحمن. جميعا عن سفيان. و «ابن ماجة» (2835) قال : حدثنا يحيى بن حكيم وحفص بن عمرو قالا : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، (ح) حدثنا محمد بن إسماعيل قال : أنبأنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان. و «النسائي» في فضائل الصحابة (51) قال : فيما قرأ علينا أحمد بن منيع. عن هشيم.وفي (99،69) قال : أخبرنا محمد بن بشار. قال : حدثنا عبد الرحمن. قال : حدثنا سفيان. وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (9/11974) عن سليمان بن عبيد الله بن عمرو الغيلاني ، عن بهز ، عن شعبة.
ثلاثتهم - سفيان ، وهشيم ، وشعبة - عن أبي هاشم ، عن أبي مجلز ، عن قيس بن عباد ، فذكره..

723 - (ت) ابن الزبير بن العوام - رضي الله عنهما - : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّما سُمِّيَ البَيْتُ الْعَتيقُ ؛لأنهُ لم يَظْهَرْ عَلَيْهِ جَبَّارٌ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3169) في التفسير ، باب ومن سورة الحج ، وقال : هذا حديث حسن غريب ، وقد روي عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً . نقول : ورجاله ثقات ، خلا عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث فإنه سيء الحفظ . وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 357 وزاد نسبته للبخاري في تاريخه ، والطبري ، والطبراني ، والحاكم ، وابن مردويه ، والبيهقي في " الدلائل " . والعتيق في لغة العرب : القديم والنفيس والكريم والشريف .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3170) قال حدثنا محمد بن إسماعيل وغير واحد قالوا :حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث عن عبد الرحمن بن خالد عن بن شهاب عن محمد بن عروة فذكره.

724 - (ت س) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : لمَّا خَرَجَ -[244]- رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من مكَّة ، قال أبو بكر : آذَوْا نَبِيَّهُمْ حتى خرج ، لَيَهْلِكُنَّ فأنزل الله تعالى {أُذِنَ لِلَّذِين يُقاتَلونَ بأنَّهم ظُلِمُوا وإِنَّ اللَّه على نَصْرِهم لقديرٌ} [الحج : 39] فقال أَبو بكرٍ: لقد علمتُ أَنه سيكونُ قِتالٌ. هذه رواية الترمذي.
وفي رواية النسائي قال : لمَّا أُخْرِجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من مكة ، قال أبو بكرٍِ : أخْرَجوا نَبِيَّهُمْ، إنَّا للهِ وإِنا إليه راجعون ، فنزلت {أُذِنَ لِلَّذين يُقاتَلونَ...} الآية. فعرفتُ أَنهُ سيكون قتالٌ. قال ابن عباسٍ : هي أَوَّلُ آيةٍ نزلتْ في القتال (1) .
__________
(1) الترمذي رقم (3170) في التفسير ، باب ومن سورة الحج ، والنسائي 6 / 2 في الجهاد ، باب وجوب الجهاد : وقال الترمذي : حديث حسن ، وقد رواه عبد الرحمن بن مهدي وغيره عن سفيان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير فيه عن ابن عباس ، وقد رواه غير واحد عن سفيان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير مرسلاً ، وليس فيه : عن ابن عباس . وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (1865) ، وإسناده صحيح وصحح إسناده العلامة أحمد شاكر ، ونقل كلام الترمذي وقال : وكأنه يريد تعليل الحديث ، ولذلك حسنه فقط ، وما هذه بعلة ، فالوصول زيادة من ثقة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/216) (1865) قال : حدثنا إسحاق. و «الترمذي» (3171) قال : حدثنا سفيان ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، وإسحاق بن يوسف الأزرق.و «النسائي» (6/2) قال أخبرنا عبد الرحمان بن محمد بن سلام قال : حدثنا إسحاق الأزرق كلاهما إسحاق الأزرق ، ووكيع - عن سفيان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير فذكره.

سورة قد أفلح المؤمنون
725 - (ت) عائشة - رضي الله عنها - : قالت : قُلتُ : يا رسول الله ، {والَّذين يُؤتُونَ ما آتَوْا وقُلُوبُهُمْ وجِلَةٌ} [المؤمنون : 60] أَهُمُ الذين يَشْربَون الخمرَ ويَسْرِقُونَ ؟ قال : «لا ، يا بنْتَ الصِّدِّيق ، ولكن هم الذي يَصُوُمون [ويصلُّون] ويَتَصَدَّقون ، ويخافُون أَنْ لا يُتقَبَّلَ منهم {أولئك يُسارِعونَ في الخيرات وهم لها سابقون} [المؤمنون : 61]» . -[245]- أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3174) في التفسير ، باب ومن سورة المؤمنين ، وفي سنده انقطاع ، فإن عبد الرحمن بن وهب الهمداني - الراوي عن عائشة رضي الله عنها لم يدركها ، لكن له شاهد يتقوى به من حديث أبي هريرة عند ابن جرير 18 / 26 ، وقد صححه الحاكم 2 / 394 ووافقه الذهبي . قال ابن كثير في معنى الآية : يعطون العطاء وهم خائفون وجلون أن لا يتقبل منهم لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشروط العطاء ، وهذا من باب الإشفاق والاحتياط .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الحميدي (275) قال : حدثنا سفيان.و «أحمد» (6/159) حدثنا بن آدم. وفي (6/205) قال حدثنا وكيع. و «ابن ماجة» (4198) قال : حدثنا أبو بكر. قال : حدثنا وكيع. و «الترمذي» (3175) قال : حدثنا ابن أبي عمر. قال : حدثنا سفيان.
ثلاثتهم -سفيان ، ويحيى ،ووكيع - عن مالك بن مغول ، عن عبد الرحمن بن سعيد قال ابن وهب الهمداني ، فذكره.

726 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - : عن النبي صلى الله عليه وسلم {وَهُمْ فيها كَالِحُونَ} [المؤمنون : 104] قال : «تَشْويِهِ النَّارُ ، فَتَقَلَّصَ شَفَتُهُ الْعُلْيا حتى تبْلُغَ وسْطَ رأْسِهِ، وتَسْتَرخِي شَفَتُهُ السُّفْلى حتَّى تَضْرِبَ سُرَّتَهُ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3175) في التفسير ، باب ومن سورة المؤمنين ، وقال : حديث حسن غريب ، وأخرجه أحمد في " المسند " 3 / 88 ، والحاكم 2 / 395 وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، نقول : وفي سنده دراج أبو السمح ، وهو وإن كان صدوقاً ، إلا أنه في روايته عن أبي الهيثم ضعيف ، وهذا منها . وقد أورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 16 وزاد نسبته لعبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا في صفة النار ، وأبي يعلى وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبي نعيم في " الحلية " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (3/88) قال حدثنا علي بن إسحاق.و «الترمذي» (2587) و (3176) قال : حدثنا وسويد كلاهما - علي ، وسويد - عن عبد الله بن المبارك عن سعيد بن يزيد أبي شجاع عن أبي السمح عن أبي الهيثم فذكره.

سورة النور
727 - (ت د س) عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده - رضي الله عنهما - : قال : كان رجلٌ يقالُ له : مَرْثَدُ بنُ أَبي مرثَدٍ ، وكان رجلاً يَحمل الأُسَراءَ من مكة ، حتى يأتِيَ بهم المدينة ، قال : وكانت امرأَةٌ بَغِيٌّ بمكة ، يقال لها : -[246]- عَنَاقُ ، وكانت صَديقَة له ، وإنه كان وَعَدَ رجلاً من أُسَارَى مكةَ يحمله ، قال : فجئتُ حتى انتهيتُ إلى ظِلِّ حائطٍ من حَوائط مكة ، في ليلةٍ مُقْمِرَةٍ ، قال : فجاءت عَناقُ ، فأبْصَرَتْ سوادَ ظِلِّي بجنْبِ الحائطِ ، فلما انْتَهتْ إليَّ عَرَفَتْني ، فقالت : مَرْثَدُ ؟ فقلت : مرثد ، فقالت : مَرْحباً وأهلاً ، هَلُمَّ فبِتْ عندنا ، قال : قلتُ : يا عناق : حَرَّمَ الله الزنا ، قالت : يا أهلَ الخِيام ، هذا الرجلُ يحمل أُسْراءكُمْ ، قال: فَتبِعَني ثمانيةٌ ، وسَلَكْتُ الْخَنْدَمَةَ (1) ، فانتهيتُ إلى غارٍ ، أَو كَهْفٍ ، فدخلتُ ، فجاءوا حتَّى قامُوا على رأْسِي ، فَبَالُوا ، فَظلَّ بَوْلُهُمْ على رأسي ، وعَمَّاهُم الله عَنِّي ، قال : ثم رجعوا ، ورجعتُ إلى صاحِبي ، فَحمَلْتُهُ وكانَ رجلاً ثقيلاً - حتى انتهيتُ إلى الإذْخِرِ ، ففكَكْتُ عنه أَكْبُلَهُ ، فجعلتُ أَحملُه ، ويُعْيِيني (2) حتى قَدِمتُ المدينةَ ، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، أَنْكِحُ عناقَ ؟ فأمسكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فلم يَرُدَّ شيئاً ، حتى نزلت {الزَّاني لا يَنْكِحُ إِلّا زانِيةً أَو مُشْركَةً والزانيةُ لا ينكحُها إِلّا زانٍ أو مُشْركٌ} [النور : 3] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا مَرْثَدُ {الزَّاني لا يَنْكِحُ إِلّا زانِيةً أَو مُشْركَة والزانيةُ لا ينكحُها إِلّا زانٍ أو مُشْركٌ} فلا تَنْكِحْها» . هذه رواية الترمذي.
وأخرجه النسائي بنحوه. ورواية الترمذي أتمّ. -[247]-
واختصره أبو داود قال : إنَّ مرثَدَ بنَ أبي مَرْثَد الغَنَويَّ كان يحملُ الأُسارى بمكَّةَ، وكان بمكةَ بَغيٌّ يقال لها : عَنَاقُ ، وكانت صديقَتهُ ، قال : فجئتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فقلت: يا رسولَ الله ، أنكحُ عناقَ ؟ قال : فسكتَ ، فنزلت: {الزانيةُ لا ينكحُها إِلّا زانٍ أو مُشْركٌ} فدعاني فَقَرأها ، وقال لي : لا تَنْكِحها (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بغيّ) بغت المرأة تبغي بغاء ، فهي بغي : إذا زنت ، ويقال للأمة : بغي ، وإن لم يرد به الذم ، وإن كان في أصل التسمية ذماً.
(أكْبُله) الأكبل : جمع كبل : وهو القيد الضخم ،يقال : كَبَلته ، وكبَّلته.
__________
(1) جبل بمكة ، أي : سلك طريق الخندمة .
(2) من الإعياء ، وهو الكلال والتعب .
(3) الترمذي رقم (3176) في التفسير ، باب ومن سورة النور ، وأبو داود رقم (2051) في النكاح ، باب قوله تعالى : {الزاني لا ينكح إلا زانية} ، والنسائي 6 / 66 في النكاح ، باب تزويج الزانية ، وإسناده حسن ، وقال الترمذي : حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وصححه الحاكم 2 / 396 .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2051) قال حدثنا إبراهيم بن محمد اليتمي قال حدثنا يحيى. و «الترمذي» (3177) قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا روح بن عبادة. و «النسائى» (6/66) قال أخبرنا إبراهيم بن محمد التيمي قال حدثنا يحيى هو ابن سعيد.
كلاهما - يحيى بن سعيد ، وروح بن عبادة - عن عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فذكره.

728 - (خ د ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : أنَّ هلالَ بنَ أُميةَ قَذفَ امْرأَتهُ عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بَشريك بن سَحْمَاء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «البَيِّنَةَ (1) -[248]- أو حَدٌّ في ظَهرك» ، قال : يا رسولَ الله إذا رأَى أَحدُنا على امْرأتِهِ رَجلاً يَنطلقُ يلتمسُ البينةَ ؟ فجعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول : البينة ، وإلا حدٌّ في ظهرك ، فقال هلالُ : والذي بعثكَ بالحقِّ، إني لصادقٌ ، وَلَيُنْزِلَنَّ الله ما يُبرئُ ظَهرِي من الحدِّ ، فنزل جبريل عليه السلام، وأَنزل عليه {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ باللهِ إنَّهُ لَمِنَ الْصَّادِقينَ . والْخَامِسَةُ أنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إنْ كان منَ الْكاذِبِينَ . وَيَدْرَأُ عَنْها الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهادَاتٍ باللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبينَ . والْخَامِسةَ أَنَّ غضب اللَّه عَليها إِنْ كان مِنَ الصادقين} (2) [النور : 6 - 9]-[249]- فانصرف النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فأرْسَلَ إليهما ، فجاء هلالٌ فَشهد ، والنبيُّ يقُولُ : إِنَّ اللهَ يعلمُ أنَّ أَحدَكُما كاذبٌ، فهلْ مِنكُما تائبٌ ؟ ثم قامتْ فَشهدَتْ ، فلما كانتْ عند الخامسةِ وقَفُوَها ، وقالوا : إنها مُوجِبةٌ ، قال ابن عباسٍ : فَتلكَّأت ونَكصتْ ، حتَّى ظَنَنَّا أَنَّها تَرْجِعُ ، ثم قالت : لا أَفْضحُ قَوْمي سائرَ الْيومِ فمضتْ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أبْصِرُوها ، فإن جاءتْ به أكحل الْعَيْنَيْنِ، سَابغَ الألْيَتَيْن ، خَدَلَّج السَّاقَيْن ، فهو لشريك بن سحماء ، فجاءت به كذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «لولا ما مضى من كتاب الله عز وجل لكان لي ولها شأْنٌ» . أخرجه البخاري ، وأبو داود ، والترمذي.
وسيرد في كتاب «اللعان» من حرف اللام - أَحاديثُ في سببِ نُزولِ هذه الآيات عن ابنِ عباسٍ وغيره (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قذف) القذف : رميُ الإنسان بالزنا ، أو ما كان في معناه.
(موجبة) الموجبة : هي التي توجب لصاحبها الجنة أو النار.
(فتلكأت) التلكؤ: التوقف والتباطؤ في الأمر.
(نكصت) النكوص : الرجوع إلى وراء. -[250]-
(سابغ) الأليتين : ضخمها ، تامهما.
(أكحل العينين) الكحَل في العين : هو سواد في الأجفان خلقة.
(خدلج الساقين) أي : ممتلئهما.
(لكان لي ولها شأن) أراد بقوله : «لكان لي ولها شأن» يعني : لولا ما حكم الله تعالى من آيات الملاعنة وأنه أسقط عنها الحد. لأقمت عليها الحد حيث جاءت بالولد شبيهاً بالذي رميت به.
__________
(1) قال في " الفتح " 8 / 341 : قال ابن مالك : ضبطوا " البينة " بالنصب على تقدير عامل ، أي : أحضر البينة ، وقال غيره : روي بالرفع ، والتقدير : إما البينة ، وإما حد في ظهرك ، وقوله في الرواية المشهورة " أو حد في ظهرك " قال ابن مالك : حذف منه فاء الجواب وفعل الشرط بعد " إلا " ، والتقدير : وإلا تحضرها فحد في ظهرك ، قال : وحذف مثل هذا لم يذكر النحاة أنه يجوز إلا في الشعر لكن يرد عليهم وروده في هذا الحديث الصحيح .
(2) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 341 : كذا في هذه الرواية أن آيات اللعان نزلت في قصة هلال بن أمية ، وفي حديث سهل ، أنها نزلت في عويمر - يعني العجلاني - ولفظه ، فجاء عويمر فقال : يا رسول الله ، رجل وجد مع امرأته رجلاً يقتله فتقتلونه ، أم كيف يصنع ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك ، فأمرهما بالملاعنة . وقد اختلف الأئمة في هذا الموضع ، فمنهم من رجح أنها نزلت في شأن عويمر ، ومنهم من رجح أنها نزلت في شأن هلال ، ومنهم من جمع بينهما بأن أول من وقع له ذلك هلال ، وصادف مجيء عويمر أيضاً ، فنزلت في شأنهما معاً في وقت واحد ، وقد جنح النووي إلى هذا ، وسبقه الخطيب فقال : لعلهما اتفق كونهما جاءا في وقت واحد ، ثم قال الحافظ : ولا مانع أن تتعدد القصص ويتحد النزول ، ويحتمل أن النزول سبق بسبب هلال ، فلما جاء عويمر ولم يكن علم بما وقع لهلال ، أعلمه النبي صلى الله عليه و سلم بالحكم . ولهذا قال في قصة هلال : فنزل جبريل ، وفي قصة عويمر : قد أنزل الله فيك ، فيؤول قوله : قد أنزل الله فيك ، أي : وفيمن كان مثلك ، وبهذا أجاب ابن الصباغ في " الشامل " قال : نزلت الآية في هلال ، وأما قوله لعويمر : قد نزل فيك وفي صاحبتك ، فمعناه : ما نزل في قصة هلال ، ويؤيده أن في حديث أنس عند أبي يعلى قال : أول لعان كان في الإسلام أن شريك بن سحماء قذفه هلال بن أمية بامرأته ... الحديث .
(3) البخاري 8 / 341 في تفسير سورة النور ، باب {ويدرأ عنها العذاب} ، وفي الشهادات ، باب إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة ، وفي الطلاق ، باب يبدأ الرجل بالتلاعن . وأبو داود رقم (2254) في الطلاق ، باب في اللعان ، والترمذي رقم (3178) في التفسير ، باب ومن سورة النور .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1-أخرجه أحمد (1/238) (2131) قال :حدثنا يزيد. وفي (1/245) (2199) قال: حدثنا محمد بن ربيعة. و «أبو داود» (2256) قال : حدثنا الحسن بن علي ، قال : حدثنا يزيد بن هارون. كلاهما -يزيد، ومحمد بن ربيعة - قالا : حدثنا عباد بن منصور.
2- وأخرجه أحمد (1/273) (2468) قال : حدثنا حسين ، قال : حدثنا جرير. و «النسائي» في فضائل الصحابة (122) قال : أخبرنا الحسن بن أحمد ، قال : حدثنا أبو الربيع.، قال : حدثنا حماد. كلاهما - جرير ، وحماد - عن أيوب.
3- وأخرجه البخاري (3/233و6/126و7/69) . و «أبو داود» (2254) . و «ابن ماجة» (2067) ، «الترمذي» (3179) قالوا : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، قال : حدثنا هشام بن حسان.
ثلاثتهم - عباد ، وأيوب ، وهشام - عن عكرمة ، فذكره.
الروايات مطولة ومختصرة.

729 - (خ م ت س) محمد بن شهاب الزُّهريُّ عن عُرْوةَ بن الزبير ،وسعيد بن المسيب ، وعَلْقمَةَ بنِ وقَّاصٍ الليثيِّ ، وعُبَيدِ اللهِ بن عبدِ اللهِ بن عُتْبَةَ بنِ مَسْعُودٍ : عن حديثِ عائشةَ- زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها - حين قال لها أهل الإِفْكِ ما قالوا ، فبرَّأهَا اللهُ مما قالُوا ، قال الزُّهريُّ : وكُلُّهُمْ حدثني طائفة من حديثها ، وبعضُهم كان أوعى له من بعضٍ ، وأَثْبَتَهمْ له اقتصاصاً ، وقد وَعيْتُ عن كلِّ واحدٍ منهم الحديثَ الذي حدَّثني عن عائشة ، وبعضُ حديثهم (1) يُصَدِّقُ بعْضاً ، قالوا : قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أَرادا أَنْ يَخْرُج -[251]- سَفراً ، أَقْرَعَ بيْنَ أَزْواجِهِ ، فأيَّتُهُنَّ خرجَ سَهْمُهَا ، خرجَ بها معَهُ ، قالت: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزاةٍ غَزَاها ، فخرجَ فيها سهْمي ، فخرجتُ معه - بعدَ ما أُنزِلَ الحِجابُ - وأَنا أُحْمَلُ في هوْدَجي وأُنْزَلُ فيه ، فسِرْنا حتى إذا فرغ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من غزْوِتهِ تلكَ ، وقفلَ ، ودنونا من المدينة ، آذَن (2) ليلة بالرَّحيل فقُمتُ حين آذَنُوا بالرحيل ، فمشَيتُ حتى جاوزتُ الجيش ، فلَمَّا قَضَيْتُ من شَأني ، أَقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ فَلمَسْت صَدْري ، فإذا عِقْدٌ لِي من جَزْع أَظْفَارٍ (3) . -[252]-
وفي رواية : جَزع ظَفارٍ (4) قد انقطعَ ، فرجعتُ ، فالتمستُ عِقْدي ، فحبَسني ابْتِغاؤُهُ ، وأَقْبَلَ الرهطُ الذين كانوا يَرْحَلونَ لي ، فاحْتَمُلوا هوْدَجِي فرحلوه على بعيري الذي كُنْتُ أَرْكَبُ ، وهم يَحْسِبُونَ أَنِّي فيه ، وكان النساءُ إِذْ ذاكَ خِفافاً لم يَثْقُلْنَ - ومنهم مَن قال : لم يُهَبَّلْنَ (5) - ولم يَغْشَهُنَّ اللحمُ وإنَّما يأْكلن العُلْقة (6) من الطعام ، فلم يسْتَنْكِرِ القومُ حين رَفَعُوهُ ثِقَلَ الْهوْدَجِ ، ومنهم من قال : خِفَّةَ الهودج - فحملوُه ، وكنتُ جارية حديثَةَ السِّنِّ ، فبعثوا الجمل وساروا ، فوجدتُ عِقْدِي بعد ما اسْتَمَرَّ الجيشُ ، فجئتُ منزلَهم وليس فيه أحد - ومنهم من قال : فجئتُ منازلهم وليس بها منهم دَاعٍ ولا مجيبٌ - فتَيَمَّمْتُ منزلي الذي كنتُ فيه ، وظَنَنْتُ أَنهم سَيفْقِدُوني فيرجعون إِليَّ ، فَبيْنا أَنا جالِسةٌ غلبَتْني عيْنايَ فنِمْتُ ، وكان صَفْوانُ بنُ المُعطِّلِ السُّلَمِيُّ ، ثم -[253]- الذَّكْوَانِيُّ : عَرَّسَ (7) من وراء الجيش ، فادَّلَجَ (8) فأصبح عند منزلي ، فرأى سوادَ إِنسانٍِ نائمٍ ، فأتاني فَعَرفني حين رآني - وكان يراني قبل الحجابِ - فاسْتيْقَظْتُ باسترجاعه حين عرَفني ، فخمَّرْتُ وجْهي بِجِلْبابي ، والله ما كلَّمَني بكلمةٍ ، ولا سمعتُ منه كلمة غير استرجاعه، وهَوَى حتى أَناخَ راحلتَهُ ، فَوطِئَ على يَدَيْهَا فركِبْتُها ، فانْطلق يقُودُ بي الراحلةَ ، حتى أتيْنا الجيش ، بعْد ما نَزلوا مُعرِّسين - وفي رواية مُوغِرِين في نَحْرِ الظهيرة - قال أَحدُ رُواتِهِ : والْوَغْرَةُ : شِدَّةُ الحر - قالت : فهَلَك مَنْ هَلك في شأني ، وكان الذي تَولَّى كبْرَ -[254]- الإفكِ : عبدُ الله بن أُبَيِّ بن سلُولٍ ، فقدِمنا المدينةَ ، فاشتكيتُ بها شَهْراً ، والناسُ يُفِيِضُونُ في قولِ أَصحاب الإفْكِ ولا أشْعُرُ ، وهو يَريبُني في وجَعي: أَنِّي لا أرى من النبي صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الذي كنت أرى منه حين أشتكي ، إنما يدُخلُ فيُسلِّمُ ، ثم يقولُ : كيْف تِيْكُمْ (9) ؟ ثم ينصرف ، فذلك الذي يَرِيبُني منه ، ولا أَشْعُرُ بالشَّرِّ حتى نقهْتُ ، فخرجتُ أَنا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبلَ المَنَاصِع، وهي مُتَبَرَّزُنا ، وكُنَّا لا نخرج إلا ليلاً إلى لَيْلٍ ، وذلك قبلَ أن نَتَّخِذَ الكُنُف (10) قريباً من بُيُوتنا ، وأمْرُنا أَمْرُ العربِ الأُوَلِ في التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغائط ، وكنا نتأذَّى بالكُنُفِ أنْ نَّتخذَها عند بيوتِنا ، فأقْبَلتُ أَنا وأْمُّ مِسطَحٍ - وهي ابنةُ أبي رُهُم (11) بن عبد المطلب بن عبد مناف ، وأُمُّها بنْتُ صَخْر بن عامِرٍ (12) ، خالةُ أبي بكر الصِّدِّيق (13) ، - رضي الله عنه - وابْنُها : مِسطَحُ بنُ أُثَاثَةَ (14) بن عَبَّادِ -[255]- ابن المطلب - حين فَرغْنا من شأننا نَمشي ، فعثَرتْ أُمُّ مِسطَح في مِرْطِها ، فقالت : تعِسَ مِسطَحٌ (15) ، فقُلْت لها : بئْسما قُلْتِ ، أَتسبُيِّينَ رجُلاً ، شَهِدَ بْدراً ؟ فقالت: يا هَنْتاهْ ألمْ تَسْمَعي ما قال ؟ قلتُ : وما قال ؟ فأَخْبَرَتْني بقولِ أهلِ الإفْكِ، فازْدَدْتُ مرضاً إلى مَرضي ، فلمَّا رجعتُ إلى بيتي ، دخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فسلَّم ، وقال : كيف تيكُم؟ فقلت : ائْذَنْ لي إلى أبَوَيَّ ، قالت : وأنا حينئذ أُريدُ أنُ أسْتَيقِنَ الخبرَ من قِبَلهمِا، فأذنَ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيتُ أبويَّ ، فقلت لأُمِّي : يا أُمَّتاه ، ماذا يتحدَّثُ الناسُ به ؟ فقالت : يا بُنيَّةُ ، هوِّني على نَفِسكِ الشَّأْنَ ، فوالله لَقلَّمَا كانتِ امْرأَةٌ قَطُّ وَضِيْئةٌ عند رجلٍ يُحبُّها ولها ضَرَائرُ إلا أَكثْرنَ عليها ، فقلتُ : سبحان الله (16) ! ولقد تَحدثَ النَّاسُ بهذا ؟ قالت : فبكيتُ تلكَ الليلة ، حتى أصبحتُ لا يَرْقأُ لي دمْعٌ ولا أكتحِلُ بنوْمٍ ، ثمَّ أَصبحتُ أَبكي ، فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالبٍ (17) ، وأُسامةَ -[256]- ابْنَ زيدٍ ، حين اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ (18) ، يسْتَشيِرُهما في فراقِ أهْلهِ ، قالتْ : فأما أُسامةُ فأشارَ عليه بما يعلمُ من براءةِ أهله ، وبالذي يعلم في نفسه من الوُدِّ لهم ، فقال أُسامةُ : هم أهلُكَ (19) يا رسولَ الله ، ولا نعلمُ واللهِ إِلا خيراً. وأَما عليّ بن أبي طالبٍ فقال : يا رسولَ الله ، لم يُضَيِّق اللهُ عليك والنساءُ سواها كثير (20) ، وسَلِ الجاريةَ تَصْدُقْكَ ، قالت: فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بريرةَ ، فقال : أيْ بَرِيرَةُ ، هلْ رأيتِ فيها شيئاً يَرِيبُكِ ؟ قالت له بريرةُ : لا والذي بعثَك بالحقِّ ، إنْ رأَيتُ (21) منها أمراً أَغْمِصُهُ (22) عليها أكْثرَ منْ -[257]- أنَّها جاريَةٌ حدِيثَةُ السِّنِّ، تنامُ عن عجينِ أهْلِها (23) ، فيأتي الدَّاجِنُ فيأكله قالت : فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من يومِهِ فاستعذرَ من عبد الله بن أُبيِّ بن سلولٍ ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر - : مَنْ يَعْذِرُني من رجلٍ بَلغني أذاه في أَهلي ؟ - ومن الرُّواةِ من قال : في أهل بيتي - فو اللهِ ما علمتُ على أَهلي إلا خيراً ، ولقد ذَكرُوا رَجُلاً ما علمتُ عليه إلا خيراً ، وما كان يدَخُلُ على أهلي إلا معي ، قالت : فقام سعدُ بنُ مُعاذٍ أحدُ بني عبدِ الأشهلِ ، فقال: يا رسولَ الله ، أَنا واللهِ أعْذِرُك منه ، إنْ كان من الأوْس ضربنا عُنُقَهُ (24) ، وإن كان مِن إخواننا من الخَزْرَج (25) أمرْتَنَا ففعلنا فيه أمْرَكَ ، فقام سعدُ بنُ عُبادة - وهو سيد الخزرج - ،وكانت أُمُّ حسانٍ بنتَ عَمِّهِ من فَخِذِهِ (26) وكان قبل ذلك رجُلاً صالحاً (27) ، ولكن احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ - وَمِنَ الرواةِ مَنْ قال : اجْتَهلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فقال لسعد بن معاذٍ : كذبتَ ، لَعمْرُ الله لا تقتُلُه ، ولا -[258]- تقْدِر على ذلك ، فقام أُسيْد بن حُضَيْرٍ - وهو ابن عَمِّ سعْدٍ ، يعني ابن معاذٍ - فقال لسعد بن عُبادة : كَذبتَ ، لعمر الله لَنَقْتُلَنَّهُ ،فإِنَّك منافقٌ تُجادِلُ عن المنافقين (28) ، فتثاوَر الحيَّانِ الأوسُ والخزرجُ حتى هَمُّوا أنْ يقْتتِلُوا - ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ على المنبر - فلم يَزَلْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُخفِّضُهمْ حتَّى سَكتُوا وسكتَ ، وبَكَيْتُ يومي ذلك ، لا يرْقَأُ لي دَمْعٌ ، ولا أَكْتحِل بنوْمٍ ، ثم بكَيْتُ ليلتي المقبلة ، لا يرقأ لي دَمْعٌ ، ولا أَكْتحِل بنوْمٍ ، فأصبحَ عِندي أبواي (29) ، وقد بكَيْتُ ليْلتَينْ ويوماً ، حتى أُظنُّ أَنَّ البكاءَ فَالِقٌ كبِدي - ومن الرُّواةِ من قال : وأبوايَ يظُنَّانِ أنَّ البكاء فالقٌ كبدي- قالت : فبينما هما جالسان عندي ، وأنا أبكي ، إذ اسْتَأْذنتِْ امرأَةٌ من الأنصار ، فأذِنتُ لها ، فجلستْ تبكي معي ، فبيْنا نحن كذلك ، إذْ دخل علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فسلَّم ، ثم جلسَ ، قالت : ولم يجْلِسْ عندي من يوم قيل لي ما قيلَ قبْلَها ، وقد مكثَ شهراً لا يُوحَى إليه في شأني بشيء ، قالت : فتَشهَّدَ -[259]- رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين جلس، ثم قال : أما بعدُ ، يا عائشةُ ، فإنه بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كُنتِ بريئة فسيُبَرِّئكِ الله ، وإن كُنتِ أَلْمَمْتِ بذنبٍ فاسْتغْفري الله ، وتُوبي إليه ، فإِنَّ العبدَ إذا اعترف بذنبه ، ثم تابَ تاب الله عليه (30) . فلما قضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مقالتَهُ قَلَصَ دَمْعِي، حتَّى ما أُحِسُّ (31) منه قطْرَة، فقلتُ لأبي : أجِبْ عَنِّي رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فيما قالَ : قالَ:والله ما أدْري ما أقُولُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقُلْتُ لأُمِّي : أَجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ، قالت : وأَنا جاريةٌ حديثَةُ السِّنِّ، لا أَقْرأُ كثيراً من القرآن (32) ، فقلتُ : إِني والله، لقد علمتُ أنَّكُم سمعتُمْ ما تَحدَّثَ به الناسُ ، حتى استقَرَّ في أنفسكم، وصدَّقْتُم به ، ولِئنْ قلْتُ لكم: إني بريئة - واللهُ يعلم أني لبريئَةٌ - لا تُصدِّقوني بذلك ، ولئن اعْترفتُ لكم بأمْرٍ- والله يعلم أني بريئة- لتُصدِّقُنِّي ، فو الله ما أَجدُ لي ولكم مثلاً إلا أَبا يوسفَ إذا قال : {فصبْرٌ جميلٌ واللَّهُ الْمُستعانُ على ما تَصفُون} -[260]-[يوسف: 18] ثم تحوَّلتُ ، فاضْطجعْتُ على فراشي ، وأنا والله حينئذٍ أعلم أني بريئةٌ ، وأَنَّ الله مُبَرِّئِي بِبَراءتي ،ولكن والله ما كنت أظُنُّ أنَّ الله يُنْزِل في شأني وحْياً يُتْلى، ولشَأني في نفسي كان أَحقَرَ من أنْ يتكلَّم اللهُ فِيَّ بأَمْرٍ يُتْلى - ومن الرواة من قال : ولأنا أَحْقَرُ في نفسي منْ أن يتَكلَّمُ اللهُ بالقرآن في أمري- ولكن كنتُ أرجُو أَنْ يَرَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في النوم رُؤْيا يُبرِّئني الله بها، فو الله ما رام (33) رسولُ الله مَجْلِسَهُ ،ولا خرج أحَدٌ من أهل البيت ، حتى أَنْزَلَ الله على نبيِّهِ، فأخذه ما كان يأخُذُه من البُرَحاء (34) ، حتى إِنَّهُ ليتَحَدَّرُ منه مثْلُ الْجُمانِ من العرَقِ في يومٍ شاتٍ من ثِقَل القولِ الذي أُنْزِلَ عليه ، قالت: فَسُرِّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضْحَكُ، وكان أَوَّل كلمَةٍ تكلَّم بها ، أَنْ قال لي : يا عائشةُ ، احْمَدِي الله - ومن الرواةِ من قال : أبْشِري يا عائشة ، أمَّا الله فقَدْ بَرَّأَكِ- فقالت لي أُمِّي : قُومِي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقُلْت : لا والله لا أقومُ إليه ، ولا أحْمَد إلا الله ، هو الذي أنزلَ بَرَاءتي ، فأنزل الله عز وجل : {إِنَّ الَّذِينَ جاءُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ منكم} العَشْرَ الآيات (35) ، [النور : 11 - 19]-[261]- فلما أنزلَ اللهُ هذا في بَراءتي ، قال أبو بكر الصديق : وكان ينُفِقُ على مِسْطحِ بن أُثَاثةَ - لقرابته منه وفَقْرهِ - والله لا أُنْفِقُ على مسطحٍ شيئاً أَبداً ، بعد ما قال لعائشة ، فأَنزل اللهُ : {وَلَا يَأْتَلِ (36) أُولُوا الْفَضْلِ منكم والسَّعَةِ أن يُؤتوا أولي القُرْبى والمساكينَ والمهاجرينَ في سبيل اللَّه ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا ألا تحبُّون أن يغفر اللَّه لكم واللَّه غَفُورٌ رحيمٌ} [النور : 22] فقال أبو بكر : بَلى والله إنِّي لأُحِبُّ أَن يَغْفِرَ اللهُ لي ، فرجعَ إلى مِسطَحٍ الذي كان يُجري عليه ، وقال : واللهِ لا أَنْزِعُها منه أَبداً. قالت عائشة : وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سألَ زينبَ بنتَ جحشٍ عنْ أمْرِي ، فقال : يا زينب ، مَا علمتِ ؟ ما رأَيتِ ؟ فقالت : يا رسولَ اللهِ ، أَحْمِي سَمْعي وبصري ، واللهِ -[262]- ما عَلمتُ عليها إلا خيراً ، قالتْ عائشةُ : وهي التي كانت تُسامِيني من أزْواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَعَصمها اللهُ بالورَعِ ، قالت عائشةُ : وطَفِقَتْ (37) أختُها حَمْنَةُ تُحارب لها (38) ، فَهلكَتْ فيمن هَلكَ من أصحاب الإفك.
قال ابن شهاب : فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرَّهْطِ.
ومن الرواة من زاد : قال عُرْوةُ : قالت عائشةُ : والله إِنَّ الرجُلَ الذي قيل له ما قيل ، ليقولُ : سُبحانَ اللهِ ! فو الذي نفسي بيده ، ما كشفتُ مِنْ كَنَفِ (39) أُنْثى ، قالت : ثم قُتلَ بعد ذلك في سبيل الله.
وفي رواية أُخرى عن عُرْوةَ عن عائشة قالت: لما ذُكِرَ من شأني الذي ذُكِرَ ، وما علمتُ به ، قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خطيباً ، فتَشَهَّدَ ، فَحَمِدَ الله وأثْنَى عليه بما هُو أَهْلُه ، ثم قال: أما بعدُ ، فأَشِيرُوا عليَّ في أُناسٍ أبَنُوا أَهْلي ، وايْمُ الله ، ما علمتُ على أهْلي من سوءٍ قط ، وأَبَنُوهُمْ بِمنْ واللهِ ما عملتُ عليه من سوءٍ قطُّ ، ولا دَخَلَ بيْتَي قطُّ إلا وأَنا حاضِرٌ ، ولا غِبْتُ في سفَرٍ إلا غابَ مَعي ، فقام سعدُ بنُ معاذٍ ، فقال : إِئذَنْ لي يا رسولَ الله : أنْ نَضربَ أَعناقَهمْ وقام رجلٌ من بني الخزرج - وكانت أُمُّ حسانٍ من رَهْطِ ذلك الرجل -[263]- فقال : كذبتَ والله : أنْ لو كانُوا من الأوْسِ ما أحْببتَ أن تُضرَبَ أعناقُهم حتى كادَ يكُون بيْن الأوسِ والخزرج شرٌّ في المسجد ، وما علمتُ ، فلمَّا كان مساءُ ذلك اليومِ خرجتُ لبعضِ حاجتي ومعي أُمُّ مِسْطَحٍ ، فعَثَرت ، فقالتْ : تَعِسَ مِسطحٌ ، فقلتُ لها : أي أُمِّ ، أتَسُبِّينَ ابْنكِ ؟ فسكتتْ ، ثم عَثَرَت الثانية ، فقالتْ : تَعِسَ مِسطحٌ ، فقلتُ لها : أي أُمِّ ، أتَسُبِّينَ ابْنكِ ؟ فسكتتْ ، ثم عَثَرَت الثالثة ، فقالتْ : تَعِسَ مِسطحٌ ، فانْتَهرْتُها ، فقالت : والله ما أسُبُّهُ إلا فيك ، فقلتُ : في أيِّ شَأْني ؟ فذكرتْ - وفي رواية : فَبَقَرَتْ - لي الحديثَ ، فقلتُ : وقد كانَ هذا ؟ قالت: نعمْ والله ، فرجعْتُ إلى بيتي كأنَّ الذي خرجتُ له لا أجد منه قليلاً ولا كثيراً ، وَوُعِكْتُ ، وقلتُ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم : أرسلني إلى بيتِ أمي ، فأرسلَ معي الغلامَ ، فدخلتُ الدارَ ، فوجدْتُ أمَّ رُومانٍ في أَسفلِ البيتِ ، وأَبا بكرٍ فوقَ البيتِ يقرأ ، فقالت أُمي : ما جاءَ بكِ يا بُنيَّةُ ؟ فأخبرتُها ، وذكرتُ لها الحديث. وإذا هو لم يَبْلُغْ منها مِثلَ ما بلغَ مني ، فقالت : أَيْ بُنيَّةُ ، خَفِّضِي عليكِ الشَّأْنَ ، فإنَّهُ واللهِ لَقَلَّما كانت امرأةٌ حَسناءُ عند رجلٍ يُحبُّها لها ضَرائرُ ، إِلا حَسَدْنَها ، وقيلَ فيها ، قلت : وقد علمَ به أبي ؟ قالت : نعم ، قلت : ورسُولُ الله ؟ قالت: نعم ، ورسولُ اللهِ ، فَاسْتَعْبَرْتُ وبَكَيت ، فسمعَ أبو بكرٍ صَوْتي وهو فوق البيت يقرأُ فنزل. فقال لأُمي : ما شأْْنُها ؟ فقالت : بَلَغها الذي ذُكِرَ في شأْنِها ، فَفاضت عيناهُ ،وقال : أَقْسمتُ عليك يا بُنَيَّةُ إِلا رجعْتِ إِلى بَيتكِ -[264]- فَرَجعت ، ولقدْ جاءَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيتي ، فسألَ عني خادمي ؟ فقالت: لا واللهِ ، ما علمتُ عليها عيباً ، إلا أنَّها كانت تَرْقُدُ ، حتى تدخلَ الشَّاةُ فتأْكلَ خُبْزَها أو عَجينها - وفي رواية : عجينها أو خَمِيرَها - شكَّ هشام. فانْتَهَرها بعضُ أَصحابه ، فقال : اصْدُقي رسولَ الله ، حتى أسْقَطُوا لها بِهِ ، فقالت: سبْحانَ الله ! والله ما علمتُ عليها إلا ما يعلمُ الصائغ على تِبْرِ الذهب الأحمر (40) وبلغ الأمرُ ذلك الرجلَ الذي قيل له ، فقال : سُبحانَ الله ! واللهِ ما كشفتُ كَنفَ أُنثى قط ، قالت عائشةُ : فقُتلَ شهيداً في سبيل اللهِ ، قالت : وأصْبحَ أَبوايَ عِندي ، فلم يزالا ، حتى دخلَ عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، وقد صلَّى العصر ثم دخلَ ، وقد اكْتَنَفَني أَبواي عن يميني وعن شمالي ، فحمد الله وأثْنى عليه ثم قال : أمَّا بعدُ ، يا عائشةُ إنْ كُنْتِ قارْفتِ سُوءاً أَو ظَلمْتِ ، فتُوبي إلى الله ، فإِنَّ اللهَ يقْبلُ التَّوبة عن عباده ، قالت : وقد جاءت امرأَةٌ من الأَنصارِ ، فهي جالسةٌ بالبابِ ، فقلتُ : أَلا تسْتحيي من هذه المرأةِ : أَنْ تذكُرَ شيئاً ؟ قالت : فوعَظَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فالتفَتُّ إلَى أَبي ، فقلتُ : أجِبْهُ ، قال : فماذا أَقُولُ ؟ فالْتفتُّ إلى أُمِّي فقلتُ : أَجِيبيِه ،فقالت : أَقولُ ماذا ؟ فلمَّا لم يُجيباهُ تشهَّدْتُ ، فحمِدتُ الله وأثْنَيْتُ عليه بما هو أهُله ، ثم قُلْتُ : أَما بعد -[265]- فو الله ، لَئِنْ قُلْتُ لكم : إِني لم أُفْعلْ - واللهُ يعْلَم إني لصادقةٌ - ما ذاك بنافِعي عندكم ، لقد تكلَّمتُمْ به ، وأُشْرِبتْهُ قُلُوبُكم ، وإنْ قُلْتُ : إني قد فعلت - واللهُ يعْلُم أنِّي لم أفعلْ - لتَقُولُنَّ : قد باءتْ به على نفسها ، وإِني والله ما أَجد لي ولكم مثلاً - والْتمسْتُ اسم يعقُوب ، فلم أَقْدرْ عليه - إلا أَبا يُوسُف ، حين قال : {فصبْرٌ جميلٌ واللَّهُ الْمُستعانُ على ما تَصفُون} وأنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم منْ ساعتِه ، فسكتْنا، فرُفعَ عنه ، وإِني لأََتبيَّنُ السُّرور في وجْهه ، وهُو يمْسحُ جَبينَهُ ويقول : أَبشري يا عائشة ، فقد أنزل الله براءتك ، قالت : وكُنْت أَشَدَّ ما كُنتُ غضباً ، فقال : لي أبوايَ : قُومي إليه ، فقُلت : والله لا أَقوم إليه ، ولا أحْمَدُهُ ، ولا أَحْمدكما ، ولكن أحْمدُ الله الذي أنْزلَ بَراءتي ولقد سَمِعْتُمُوهُ فما أنْكرْتُموهُ ولا غيَّرْتُموهُ ،وكانت عائشة تقول : أمَّا زينبُ بنتُ جحْشٍ : فعَصَمها اللهُ بدينها فلم تقُلْ إِلا خيْراً ، وأَما أخْتُها حَمْنةُ : فهلَكتْ فيمن هَلك ، وكان الذي يتكلمُ فيه : مِسْطحٌ ، وحسَّانُ بن ثابتٍ ، والمنافقُ : عبدُ الله بْن أُبَيّ بْنَ سَلُول ، وهو الذي كان يسْتوْشِيهِ ويجْمعُهُ ، وهو الذي تولَّى كِبْرَهُ منهم هو وحَمْنَةُ ، قالت : فحلَفَ أبو بكرٍ أَلاّ ينْفعَ مسْطحاً بنافعةٍ أبداً ، فأنزل الله عز وجل : {وَلاَ يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ منكم والسَّعَةِ...} إلى آخر الآية ، يعني أبا بكرٍ {أنْ يُؤتوا أُولي القُرْبى والمساكينَ} يعني مِسْطحاً ، إلى قوله : {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغفر اللَّه لكم واللَّه غَفُورٌ رحيمٌ} فقال أبو بكر : بلى والله يا ربَّنا ، إِنا لنُحبُّ أنْ تغفِر لنا، وعادَ له بما كان يصْنعُ . -[266]-
وفي رواية : أن عائشةَ لمَّا أُخْبِرتْ بالأمر قالت : يا رسول الله ، أَتأذنُ لي أنْ أنطَلقَ إلى أهْلي ؟ فأذِن لها ، وأرسل معها الغلامَ ، وقال رُجلٌ من الأنصار (41) : {سبحانك ما يكون لنا أن نتَكلَّمَ بهذا سُبحانك هذا بُهتانٌ عظيم} لمْ يَزِد على هذا.
هذه روايات البخاري ، ومسلم.
وعند البخاري قال : قال الزهري : كان حديثُ الإفكِ في غزوةِ المُرَيْسِيعِ ، ذكره البخاري في غزوة بني المُصْطَلِق من خُزاعَةَ ، قال : وهي غزوَةِ المُرَيْسِيعِ ، قال ابن إسحاق : وذلك سنة ستٍ ، وقال موسى بنُ عُقْبة : سنَة أربعٍ ، إلى هنا ما حكاه البخاري.
وأخرج البخاري من حديث الزُّهري قال : قال لي الوليدُ بن عبد الملك : أبَلَغَكَ أنَّ عليًّا كان فيمن قَذَف عائشة ؟ قُلتُ : لا ، ولكن قد أخبرني رُجلان من قومِك : - أبو سلمةَ بن عبد الرحمن ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام - أنَّ عائشة قالت لهما : كان عليٌّ مُسَلِّما (42) في شأنِها.
وأخرج البخاري أيضاً من حديث الزهري عن عروة عن عائشة {والَّذي-[267]- تولَّى كِبْرَهُ منهم} : عبد الله بن أُبيّ.
زاد في رواية : قال عُروة : أُخبرتُ أنه كان يُشاعُ ، ويُتحدَّثُ به عندَه ، فيُقِرُّه ويُشيعُهُ ويَسْتوشِيهِ ، قال عروةُ : لم يُسمَّ من أهْلِ الإفك أيضاً إلا حسَّانُ بن ثابتٍ ، ومِسْطحُ بنُ أُثاثة، وحَمْنةُ بنت جحش ، في ناسٍ آخرين ، لا عِلْم لي بهم ، غير أَنهم عُصْبةٌ ، كما قال الله تعالى، قال عروةُ : وكانت عائشةُ تكره أَنْ يُسبَّ عِندها حَسّانُ ، وتقول : إنه الذي قال:
فإنَّ أبي ووَالِدَهُ وعِرْضي ... لعِرْضِ محمدٍ منكم وِقاءٌُ
وفي رواية لهما : قال مسروق بن الأجْدع : دخلتُ على عائشة ، عندها حسانُ يُنْشِدُها شعراً ، يُشبِّبُ (43) من أبياتٍ ، فقال:
حَصانٌ رَزانٌ ، ما تُزَنُّ برِيبةٍ ... وتُصِبحُ غَرْثَى من لُحُوم الغوافلِ
فقالت له عائشة : لكِنَّك لست كذلك ، قال مسروق : فقلت لها : أتأذنين (44) له أن يدخُل عليك ؟ وقد قال الله تعالى : {والذي تولَّى كِبْرَهُ منهم له عذابٌ عظيمٌ} ؟ قالت:وأَيُّ عذابٍ أَشدُّ من العمى ؟ وقالت : إنه كان يُنافحُ -[268]- أو يُهاجِي - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الترمذي الرواية الثانية من الروايتين الطويلتين عن عروة عن عائشة بطولها ، وقال : وقد رواه يونس بن يزيد ، ومعمرٌ ، وغيرُ واحد عن الزهري عن عروة بن الزبير ، وسعيد بن المسيب ، وعلقمة بنِ وَقَّاص الليثيِّ ، وعبيد الله بن عبد الله - عن عائشة أَطولَ من حديث هشام بن عروة وأتمَّ ، يعني بذلك : الرواية الأولى بطولها.
وأخرج النسائي من الرواية الأولى إلى قوله : «فلم يستنكِرِ القومُ خِفَّةَ الهوْدج حين رفَعوهُ وحملوهُ ، وكنت جارية حديثةَ السِّنِّ» ، ثم قال : وذكر الحديث ، ولم يذكر لفظه.
وأخرج أبو داود منه طرفين يسيرين .
أحدهما : عن ابن شهاب قال : أَخبرني عروةُ بن الزبير ، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن ، وقَّاصٍ الليثي ، وعبيد الله بن عبد الله ، عن حديث عائشة ، وكُلٌّ حدَّثني طائفة من الحديث «قالت : ولشَأني في نفسي كان أحقرَ من أن يتكلَّم الله فيَّ بأمْرٍِ يُتْلى» .
والطرف الآخر : أخرجه في باب الأدب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أبْشِري يا عائشة ، فإن الله -عزَّ وجلَّ- قدْ أنزلَ عُذْرَكِ ، وقرأ عليها القرآنَ ، فقال أبوايَ : قُومي فقَبِّلي رأسَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فقلتُ : أَحْمَدُ الله ، لا إِيَّاكُما» . -[269]-
وحيث اقْتَصَر على هذين الطرَفين اليسيرين ، لم أُثْبِتْ علامته مع الجماعة ، ونبَّهْتُ بِذِكْرِهِما ها هنا ؛ لِئَلا يُخِلَّ بِهِما (45) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الإفك) الكذب ،أراد به : قذف عائشة -رضي الله عنها -.
(أوعى) أحفظ. -[271]-
(آذن) أي أعلم ، يعني : نادى بالرحيل. -[272]-
(جزع أظفار) الجزع هنا : الحجر اليماني المعروف ، وإضافته إلى أظفار : تخصيص له ، وفي اليمن موضع يقال له : ظِفار ، والرواية في الحديث «أظفار - وظِفَار» .
(لم يُهَبَّلن) أي : لم يكثر لحمهن من السمن فيثقلن ، والمهبَّل : الكثير اللحم. الثقيل الحركة من السمن ، وقد روى «لم يُهَبِّلن» .
(العُلقة) بضم العين : البلغة من الطعام قدر ما يمسك الرمق. تريد القليل.
(داعٍ ولا مجيب) أي ليس بها أحد لا من يدعو ، ولا من يرد جواباً.
(عرَّس فادَّلج) التعريس : نزول آخر الليل نزلة الاستراحة ،والادِّلاج - بالتشديد - : سير آخر الليل.
(الاسترجاع) هو قول القائل : (إنا لله وإنا إليه راجعون) .
(بجلبابي) الجلباب : ما يتغطى به الإنسان من ثوب أو إزار.
(وهوي) هوي الإنسان : إذا سقط من علو ، والمراد : أنه نزل من بعيره عجلاً.
(موغرين) الوغرة : شدة الحر.، ومنه يقال : وغر صدره يوغر : إذا -[273]- اغتاظ وحمي ، وأوغره غيره ، فيكون قوله : موغرين ، أي : داخلين في شدة الحر.
(نحر الظهيرة) الظهيرة : شدة الحر ، ونحرها : أولها. ونحر كل شيء : أوله.
(كبر الإفك) الكبر - بكسر الكاف وضمها هاهنا - معظم الإفك.
(يفيضون) الإفاضة في الحديث : التحدث به والخوض فيه بين الناس.
(يريبني) رابني الشيء يريبني : شككت فيه ، ولا يكون ريباً إلا في شك مع تهمة.
(المناصع) : المواضع الخالية تقضى فيها الحاجة من الغائط والبول ، وأصله : مكان فسيح خارج البيوت ، واحدها : منصع.
(مرطها) المرط : كساء من صوف أو خز يؤتزر به ، وجمعه : مروط.
(تعس) الإنسان : إذا عثر : ويقال في الدعاء على الإنسان : تعس فلان ، أي :سقط لوجهه.
(هنتاه) يقال امرأة هنتاه ، أي بلهاء ، كأنها منسوبة إلى البله وقلة المعرفة بمكائد الناس ، وفسادهم.
(وضيئة) الوضاءة : الحسن ، ووضيئة : فعيلة بمعنى : فاعلة.
(أغمصه) الغمص : العيب. -[274]-
(الداجن) الشاة التي تألف البيت وتقيم به ، يقال : دجن بالمكان أذا أقام به.
(فاستعذر) يقال : من يعذرني من فلان ، أي : من يقوم بعذري إن كافأته على سوء صنيعه ، فلا يلومني ، واستعذر : استفعل من ذلك ، أي قال : من يعذرني ؟ فقال له سعد بن معاذ :أنا أعذرك، أي أقوم بعذرك.
(من فخذه) الفخذ في العشائر : أقل من البطن أولها : الشَّعب ، ثم القبيلة ، ثم الفصيلة ، ثم العمارة ، ثم البطن ، ثم الفخذ ، كذا قال الجوهري.
(اجتهلته الحمية) الاجتهال : افتعال : من الجهل ، أي: حملته الحمية ، وهي الأنفة والغضب على الجهل ، واحمتلته : افتعلته من الحمل.
(فتثاور) تثاور الناس ، أي : ثاوروا و نهضوا من أماكنهم ، طلباً للفتنة.
(يخفضهم) : يهون عليهم ويسكنهم.
(فالق) فاعل ، من فلق الشيء : إذا شقه.
(ألممت) الإلمام : المقاربة ، وهو من اللمم : صغار الذنوب ، وقيل : اللمم : مقاربة المعصية من غير إيقاع فعل (46) . -[275]-
(قلص) قلص الدمع : انقطع جريانه.
(ما رام) أي ما برح من مكانه ، يقال : رام يريم : إذا برح وزال وقلَّما يستعمل إلا في النفي.
(البرحاء) الشدة.
(الجمان) جمع جمانة : وهي الدرة ، وقيل : هي خرزة تعمل من الفضة مثل الدرة.
(سري عنه) أي كشف عنه.
(ولا يأتَل) يأتل : يفتعل : من الألية : وهي القسم ، يقال : آلى وائتلى وتألى.
(أحمي سمعي) حميت سمعي وبصري : إذا منعتهما من أن أنسب إليهما ما لم يدركاه.
(تساميني) المساماة : مفاعلة من السمو والعلو : أي أنها تطلب من السمو والعلو مثل الذي أطلب.
(فعصمها الله بالورع) أي منعها بالمعدلة : ومجانبة مالا يحل.
(كنف) الكنف : الجانب، والمراد : ما كشفت على امرأة ما سترته من نفسها،إشارة إلى التعفف.
(أبنوا أهلي) التأبين على وجهين : فتأبين الحي : ذكره بالقبيح ، -[276]- ومنه قوله: أبنوا أهلي : أي ذكروهم بسوء. والثاني تأبين الميت : وهو مدحه بعد موته.
(فبقرت) البَقْر : الفتح والتوسعة والشق ، والمعنى : ففتحت لي الحديث وكشفته وأوضحته.
(وايم الله) من ألفاظ القسم ، وفيها لغات كثيرة.
(وأسقطوا لها به) أسقطوا به : أي : قالوا لها السقط من القول ، وهو الرديء ، يريد : أنهم سبوها ، وقوله «به» أي بسبب هذا المعنى : وهو الذي سئلت عنه من أمر عائشة -رضي الله عنها - فيكون المعنى سبوها بهذا السبب. وقد روي هذا اللفظ على غير ما قلناه ، والصحيح المحفوظ : إنما هو ما ذكرناه. والله أعلم.
(قارفت) المقارفة : الكسب والعمل في الأصل ، ويقال لمن باشر معصية أو ألم بها.
(وأشربته قلوبكم) أي : تداخل هذا الحديث قلوبكم ، كما يتداخل الصبغ الثوب فيشربه.
(باءت به) أي : رجعت به وتحملته.
(يستوشيه) أي : يستخرجه بالبحث عنه والاستقصاء ، كما يستوشي الرجل فرسه : إذا ضرب جنبيه بعقبيه ليجري ، يقال : أوشى فرسه ، واستوشاه. -[277]-
(حصان رزان) امرأة حصان : بينة الحصانة ، أي : عفيفة حيية : وامرأة رزان : ثقيلة ثابتة.
(تُزن) تُرمى وتقذف.
(بريبة) أي : بأمر يريب الناس ، كالزنا ونحوه.
(غرثى) أي : جائعة ، والمذكر : غرثان.
(الغوافل) جمع غافلة ، والمراد به : الغفلة المحمودة ، وهي مالا يقدح في دين أو مروءة.
(منافح) المنافحة : المناضلة والمخاصمة.
(أكنف) الأكنف : الأستر الأصفق، ومن هاهنا قيل للوعاء الذي يحرز فيه الشيء : كَنَف ، والبناء الساتر لما وراءه : كنيف.
__________
(1) قال النووي : هذا الذي فعله الزهري من جمعه الحديث عنهم جائز ، لا منع منه ولا كراهة فيه ، لأنه قد بين أن بعض الحديث عن بعضهم ، وبعضه عن بعضهم ، وهؤلاء الأربعة أئمة حفاظ ثقات ، من أجل التابعين ، فإذا ترددت اللفظة من هذا الحديث بين كونها عن هذا أو ذاك لم يضر ، وجاز الاحتجاج بها لأنهما ثقتان . وقد اتفق العلماء على أنه لو قال : حدثني زيد أو عمرو - وهما ثقتان معروفان بالثقة عند المخاطب - جاز الاحتجاج به . وقوله " وبعضهم أوعى لحديثها من بعض ، وأثبت اقتصاصاً " أي : أحفظ وأحسن إيراداً وسرداً للحديث .
(2) " آذن " روي بالمد وتخفيف الذال ، وبالقصر وتشديدها : أي أعلم .
(3) قال الحافظ في " الفتح " 8 /347 : كذا في هذه الرواية " أظفار " بزيادة ألف ، وكذا في رواية فليح ، لكن في رواية الكشميهني من طريقه " ظفار " ، وكذا في رواية معمر وصالح .
وقال ابن بطال : الرواية " أظفار " بألف ، وأهل اللغة لا يعرفونه بألف ، ويقولون : " ظفار " ، وقال ابن قتيبة : " جزع ظفاري " ، وقال القرطبي : وقع في بعض روايات مسلم " أظفار " وهي خطأ .
قلت : - القائل ابن حجر - لكنها في أكثر روايات أصحاب الزهري ، حتى إن في رواية صالح بن أبي الأخضر عند الطبراني " جزع الأظافير " فأما " ظفار " بفتح الظاء المعجمة ، ثم فاء بعدها راء مبنية على الكسر ، فهي مدينة باليمن ، وقيل : جبل ، وقيل : سميت به المدينة ، وهي في أقصى اليمن إلى جهة الهند ، وفي المثل : من دخل ظفار حمر ، أي : تكلم بالحميرية ، لأن أهلها كانوا من حمير ، وإن ثبتت الرواية أنه " جزع أظفار " فلعل عقدها كان من الظفر أحد أنواع القسط ، وهو طيب الرائحة يتبخر به ، فلعله عمل مثل الخرز ، فأطلقت عليه جزعاً تشبيهاً به ، ونظمته قلادة ، إما لحسن لونه أو لطيب ريحه ، وقد حكى ابن التين : أن قيمته كانت اثني عشر درهماً . وهذا يؤيد أنه ليس جزعاً ظفارياً ، إذ لو كان كذلك لكانت قيمته أكثر من ذلك . ووقع في رواية الواقدي " فكان في عنقي عقد من جزع ظفار ، كانت أمي أدخلتني به على رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
قال النووي : وأما ظفار ، فبفتح الظاء المعجمة ، وكسر الراء ، وهى مبنية على الكسر . تقول : هذه ظفار ، ودخلت ظفار ، وسافرت إلى ظفار - بكسر الراء بلا تنوين في الأحوال كلها - ، وهي قرية باليمن .
(4) قال الحافظ في " الفتح " : وهو أصوب .
(5) قال النووي : " لم يهبلن " ضبطوه على أوجه . أظهرها : بضم الياء وفتح الهاء والباء المشددة ، أي : يثقلن باللحم والشحم . والثاني : يهبلن ، بفتح الياء والباء وإسكان الهاء بينهما . والثالث : بفتح الياء وضم الباء الموحدة . ويجوز بضم أوله وإسكان الهاء وكسر الموحدة .
قال أهل اللغة : هبله اللحم وأهبله : إذا أثقله وكثر لحمه وشحمه .
وفي رواية البخاري " لم يثقلن " وهو بمعناه : وهو أيضاً المراد بقولها " ولم يغشهن اللحم " .
(6) بضم العين ، القليل ، ويقال لها أيضاً : البلغة .
(7) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 350 : قال أبو زيد : التعريس : النزول في السفر في أي وقت كان . وقال غيره : أصله : النزول من آخر الليل في السفر للراحة .
ووقع في حديث ابن عمر : بيان سبب تأخر صفوان ، ولفظه " وكان صفوان سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله على الساقة ، فكان إذا رحل الناس قام يصلي ، ثم اتبعهم ، فمن سقط له شيء أتاه به " . وفي حديث أبي هريرة " وكان صفوان يتخلف عن الناس ، فيصيب القدح والجراب والإداوة " ، وفي مرسل مقاتل بن حيان " فيحمله فيقدم به فيعرفه أصحابه " ، وكذا في مرسل سعيد بن جبير نحوه .
(8) قال الحافظ في " الفتح " 8 /322 : " أدلج " بسكون الدال في روايتنا ، وهو كادلج بتشديدها . وقيل : معناه بالسكون : سار من أوله . وبالتشديد : سار من آخره . وعلى هذا : فيكون الذي هنا بالتشديد ، لأنه كان في آخر الليل ، وكأنه تأخر في مكانه حتى قرب الصبح ، فركب ليظهر له ما يسقط من الجيش مما يخفيه الليل ، ويحتمل أن يكون سبب تأخيره : ما جرت به عادته من غلبة النوم عليه ، كما في سنن أبي داود ، إذ شكته امرأته .
(9) بالمثناة المكسورة ، وهي للمؤنث مثل ذاكم للمذكر .
واستدلت عائشة بهذه الحالة على أنها استشعرت منه بعض جفاء ، ولكنها لما لم تكن تدري السبب لم تبالغ في التنقيب عن ذلك حتى عرفته .
ووقع في رواية أبي أويس " إلا أنه يقول وهو مار : كيف تيكم ؟ ولا يدخل عندي ولا يعودني ، ويسأل عني أهل البيت " ، وفي حديث ابن عمر : " وكنت أرى منه جفوة ، ولا أدري من أي شيء ؟ " .
(10) جمع كنيف . وهو الساتر ، والمراد به هنا : المكان المتخذ لقضاء الحاجة .
(11) بضم الراء وسكون الهاء .
(12) ابن كعب بن سعد بن تميم بن بكر .
(13) قال الحافظ : اسمها رائطة ، حكاه أبو نعيم .
(14) بضم الهمزة ومثلثتين ، الأولى خفيفة ، بينهما ألف ، ابن عباد بن المطلب ، فهو مطلبي من أبيه -[255]- وأمه . وأصل المسطح : عود من أعواد الخباء ، وهو لقب ، واسمه : عوف ، وقيل : عامر . والأول هو المعتمد ، وكان هو وأمه من المهاجرين الأولين ، وكان أبوه مات وهو صغير ، فكفله أبو بكر لقرابة أم مسطح منه ، وكانت وفاة مسطح سنة أربع وثلاثين ، وقيل : سنة سبع وثلاثين ، بعد أن شهد صفين مع علي رضي الله عنه . قاله الحافظ في " الفتح " .
(15) أي كب لوجهه ، أو هلك ولزمه الشر ، أو بعد .
(16) قال الحافظ في " الفتح " قوله : " فقلت : سبحان الله " استغاثت بالله متعجبة من وقوع مثل ذلك في حقها مع براءتها المحققة عندها .
(17) قال الحافظ : ظاهره : أن السؤال وقع بعد ما علمت بالقصة ، لأنها عقبت بكاءها تلك الليلة بهذا ، ثم عقبت هذا بالخطبة . ورواية هشام بن عروة تشعر بأن السؤال والخطبة وقعا قبل أن تعلم عائشة بالأمر ، فإن في أول رواية هشام عن أبيه عن عائشة " لما ذكر من شأني الذي ذكر ، وما علمت به -[256]- قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً " فذكر قصة الخطبة الآتية ؛ ويمكن الجمع بأن الفاء في قوله " فدعا " عاطفة على شيء محذوف ، تقديره : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك قد سمع ما قيل ، فدعا علياً .
(18) قال الحافظ في " الفتح " : قوله : " استلبث الوحي " بالرفع : أي طال لبث نزوله ، وبالنصب : أي استبطأ النبي صلى الله عليه وسلم نزول الوحي .
(19) قال الحافظ في " الفتح " : " هم أهلك " أي العفيفة اللائقة بك ، ويحتمل أن يكون قال ذلك متبرئاً من المشورة ، ووكل الأمر إلى رأي النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم لم يكتف بذلك ، حتى أخبر بما عنده ، فقال : " ولا نعلم إلا خيراً " وإطلاق " الأهل " على الزوجة شائع ، قال ابن التين : أطلق عليها أهلاً ، وذكرها بصيغة الجمع ، حيث قال : " هم أهلك " إشارة إلى تعميم الأزواج بالوصف المذكور . ا هـ ، ويحتمل أن يكون جمع لإرادة تعظيمها .
(20) وإنما قال علي رضي الله عنه ذلك : تسهيلاً للأمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإزالة لما هو متلبس به ، وتخفيفاً لما شاهده فيه ، لا عداوة لها ، حاشاهم عن ذلك ، قاله الكرماني .
(21) أي : ما رأيت فيها مما تسألون عنه شيئاً أصلاً ، وأما من غيره : ففيها ما ذكرت من غلبة النوم لصغر سنها ورطوبة بدنها ، قاله الحافظ في " الفتح " .
(22) أي : أعيبه .
(23) قال الحافظ في" الفتح " : وفي رواية مقسم " ما رأيت منها مذ كنت عندها إلا أني عجنت عجيناً ، فقلت : احفظي هذه العجينة حتى أقتبس ناراً لأخبزها ، فغفلت ، فجاءت الشاة فأكلتها " ، وهو يفسر المراد بقوله في رواية الباب : " حتى تأتي الداجن " .
(24) وإنما قال ذلك : لأنه سيدهم ، فجزم أن حكمه فيهم نافذ .
(25) " من " الأولى تبعيضية والأخرى بيانية ، ولهذا سقطت من رواية فليح ، قاله الحافظ في " الفتح " .
(26) هي الفريعة بنت خالد بن حبيش بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب بن ساعدة الأنصارية .
(27) أي : كامل الصلاح ، وفي رواية الواقدي " وكان صالحاً لكن الغضب بلغ منه ، ومع ذلك لم يغمص عليه في دينه " . قاله الحافظ في " الفتح " .
(28) قال الحافظ في " الفتح " : أطلق أُسيد ذلك مبالغة في زجره عن القول الذي قاله ، وأراد بقوله : " فإنك منافق " أي : تصنع صنيع المنافقين ، وفسره بقوله : " تجادل عن المنافقين " وقابل قوله لسعد بن معاذ : " كذبت ، لا تقتله " بقوله هو : " كذبت لنقتلنه " . وقال المازري : إطلاق أسيد لم يرد به نفاق الكفر ، وإنما أراد : أنه كان يظهر المودة لقومه الأوس ، ثم ظهر منه في هذه القصة ضد ذلك . فأشبه حال المنافق ، لأن حقيقة النفاق : إظهار شيء وإخفاء غيره ، ولعل هذا هو السبب في ترك إنكار النبي صلى الله عليه وسلم .
(29) قال الحافظ في " الفتح " : أي أنهما جاءا إلى المكان الذي كنت به من بيتهما ، لا أنها رجعت من عندهم إلى بيتها . ووقع في رواية محمد بن ثور عن معمر " وأنا في بيت أبوي " .
(30) قال الداودي : أمرها بالاعتراف ، ولم يندبها إلى الكتمان ، للفرق بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن ، فيجب على أزواجه الاعتراف بما يقع منهن ، ولا يكتمنه إياه ، لأنه لا يحل لنبي إمساك من يقع منها ذلك . بخلاف نساء الناس ، فإنهن يندبن إلى الستر . وتعقبه عياض بأنه ليس في الحديث ما يدل على ذلك ، ولا فيه أنه أمرها بالاعتراف ، وإنما أمرها أن تستغفر الله وتتوب إليه ، أي فيما بينها وبين ربها ، فليس صريحا في الأمر لها بأن تعترف عند الناس بذلك ، قال الحافظ : وسياق جواب عائشة يشعر بما قال الداودي ، لكن المعترف عنده ليس إطلاقه فليتأمل . ويؤيد ما قال عياض : أن في رواية ابن حاطب ، قالت " فقال أبي : إن كنت صنعت شيئاً فاستغفري الله ، وإلا فأخبري رسول الله صلى الله عليه وسلم بعذرك " .
(31) أي : أجد .
(32) قالت هذا ، توطئة لعذرها ، لكونها لم تستحضر اسم يعقوب عليه السلام .
(33) أي : ما فارق ، ومصدره : الريم بالتحتانية ، بخلاف رام ، بمعنى : طلب . فمصدره : الروم .
(34) " البرحاء " بضم الموحدة وفتح الراء ثم مهملة ثم مد : هي شدة الحمى ، وقيل : شدة الكرب ، وقيل : شدة الحر ، ومنه برح بي الهم : إذا بلغ غايته .
(35) قال الحافظ في " الفتح " : آخر العشرة قوله {والله يعلم وأنتم لا تعلمون} ، لكن وقع في رواية عطاء الخراساني عن الزهري " فأنزل الله {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم - إلى قوله - أن يغفر -[261]- الله لكم والله غفور رحيم} ، وعدد الآي إلى هذا الموضع : ثلاث عشرة آية ، فلعل في قولها " العشر الآيات " مجازاً بطريق إلغاء الكسر .
وفي رواية الحكم بن عيينة مرسلاً عند الطبري " لما خاض الناس في أمر عائشة " فذكر الحديث مختصراً ، وفي آخره : فأنزل الله خمس عشرة آية من سورة النور - حتى بلغ - {الخبيثات للخبيثين} [النور : 26] وهذا منه تجوز ، فعدد الآي إلى هذا الموضع ست عشرة . وفي مرسل سعيد بن جبير عند ابن أبي حاتم والحاكم في " الإكليل " : فنزل ثماني عشرة آية متوالية كذبت من قذف عائشة {إن الذين جاءوا - إلى قوله - رزق كريم} ، وفيه ما فيه أيضاً . وتحرير العدة : سبع عشرة آية . قال الزمخشري : لم يقع في القرآن من التغليظ في معصية ما وقع في قصة الإفك بأوجز عبارة وأشبعها ، لاشتماله على الوعيد الشديد ، والعقاب البليغ ، والزجر العنيف ، واستعظام القول في ذلك ، واستشناعه بطرق مختلفة ، وأساليب متقنة ، كل واحد منها كاف في بابه ، بل ما وقع من وعيد عبدة الأوثان ، إلا بما هو دون ذلك ، وما ذلك إلا لإظهار علو منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهير من هو منه بسبيل .
(36) أي : لا تحلفوا ، إذ الألية هي اليمين ، قاله النووي .
(37) بكسر الفاء ، وحكي فتحها . أي : جعلت أو شرعت .
(38) أي : تجادل لها وتتعصب ، وتحكي ما قال أهل الإفك ، أي : لتنخفض منزلة عائشة ، وتعلو منزلة أختها زينب .
(39) هو بفتح النون : الستر ، والمراد هنا : ثوبها الذي يكنفها ، كناية عن الجماع ، ومنه : هو في كنف الله وحفظه ، والكنف أيضاً : الجانب ، قاله الزركشي .
(40) قال الحافظ : أي : كما لا يعلم الصائغ من الذهب الأحمر إلا الخلوص من العيب ، فكذلك أنا : لا أعلم منها إلا الخلوص من العيب .
وفي رواية ابن أبي حاطب عن علقمة " فقالت الجارية الحبشية : والله لعائشة أطيب من الذهب ، ولئن كانت صنعت ما قال الناس ، ليخبرنك الله . قالت : فعجب الناس من فقهها " .
(41) قال الحافظ في مقدمة " الفتح " : هو أبو أيوب الأنصاري ، رواه الحاكم في " الإكليل " .
(42) بكسر اللام ، كذا رواه القابسي ، من التسليم وترك الكلام في إنكاره ، وفتحها الحموي [[وبعضهم]] من السلامة من الخوض فيه . [[ورواه النسفي وابن السكن مسيئا من الإساءة في الحمل عليها وترك التحزب لها وكذا رواه ابن أبي خيثمة وعليه تدل فصول الحديث في غير موضع رواه ابن أبي شيبة ، وعليه يدل فصول الحديث في غير موضع]] (*) ، وهو رضي الله عنه منزه أن يقول ما قال أهل الإفك . كما نص عليه في الحديث ، ولكن أشار بفراقها ، وشدد على بريرة في أمرها ، قاله الزركشي .
(43) أي : ينشد شعراً يتغزل به .
(44) قال الحافظ : هذا مشكل ، لأن ظاهره : أن المراد بقوله {والذي تولى كبره منهم} هو : حسان بن ثابت . وقد تقدم قبل هذا : أنه عبد الله بن أبي . وهو المعتمد .
وقد وقع في رواية أبي حذيفة عن سفيان الثوري عند أبي نعيم في " المستخرج " وهو ممن تولى كبره فهذه الرواية أخف إشكالاً .
(45) البخاري 5 / 198 - 201 في الشهادات ، باب تعديل النساء بعضهن بعضاً ، وباب القرعة في المشكلات ، وفي الهبة ، باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها . وفي الجهاد ، باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه ، وفي المغازي ، باب شهود الملائكة بدراً ، وباب غزوة النساء ، وفي تفسير سورة يوسف ، باب {بل سولت لكم أنفسك أمراً} ، وفي تفسير سورة النور ، باب {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً} ، وباب {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا} ، وفي الأيمان والنذور ، باب اليمين فيما لا يملك ، وفي الاعتصام ، باب قول الله تعالى {وأمرهم شورى بينهم} ، وفي التوحيد ، باب قول الله تعالى {يريدون أن يبدلوا كلام الله} ، وباب قول النبي صلى الله عليه وسلم : " الماهر بالقرآن مع الكرام البررة " ، ومسلم رقم (2770) في التوبة ، باب حديث الإفك وقبول توبة القاذف ، والترمذي رقم (3179) في التفسير ، باب ومن سورة النور ، والنسائي 1 / 163 - 164 في الطهارة ، باب بدء التيمم . قال العلماء : في هذا الحديث من الفوائد : جواز الحديث عن جماعة ملفقاً مجملاً ، وفيه مشروعية القرعة حتى بين النساء ، وفي المسافرة بهن ، والسفر بالنساء حتى في الغزو ، وجواز حكاية ما وقع للمرء من الفضل ولو كان فيه مدح ناس وذم ناس إذا تضمن ذلك إزالة توهم النقص عن الحاكي إذا كان بريئاً عند قصد نصح من يبلغه ذلك لئلا يقع فيما وقع فيه من سبق ، وأن الاعتناء بالسلامة من وقوع الغير في الإثم أولى من تركه يقع في الإثم ، وتحصيل الأجر للموقوع فيه ، وفيه استعمال التوطئة فيما يحتاج إليه من الكلام ، وأن الهودج يقوم مقام البيت في حجب المرأة ، وجواز ركوب المرأة الهودج على ظهر البعير ، ولو كان ذلك مما يشق عليه حيث يكون مطيقاً لذلك ، وفيه خدمة الأجانب للمرأة من وراء الحجاب ، وجواز تستر المرأة بالشيء المنفصل عن البدن ، وتوجه المرأة لقضاء حاجتها وحدها وبغير إذن خاص من زوجها ،بل اعتماداً على الإذن العام المستند إلى العرف العام ، وجواز تحلي المرأة في السفر بالقلادة ونحوها ، وصيانة المال ولو قل للنهي عن إضاعة المال ، فإن عقد عائشة لم يكن من ذهب -[270]- ولا جوهر ، وفيه شؤم الحرص على المال لأنها لو لم تطل في التفتيش لرجعت بسرعة فلما زاد على قدر الحاجة أثر ما جرى ، وتوقف رحيل الجند على إذن الأمير ، والاسترجاع عند المصيبة ، وتغطية المرأة وجهها عن نظر الأجنبي ، وإغاثة الملهوف ، وعون المنقطع ، وإنقاذ الضائع ، وإكرام ذوي القدر وإيثارهم بالركوب ، وتجشم المشقة لأجل ذلك ، وحسن الأدب مع الأجانب خصوصاً النساء ، لا سيما في الخلوة ، والمشي أمام المرأة ليستقر خاطرها وتأمن مما يتوهم من نظره لما عساه ينكشف منها في حركة المشي ، وفيه ملاطفة الزوجة وحسن معاشرتها ، والتقصير من ذلك عند إشاعة ما يقتضي النقص وإن لم يتحقق ، وفائدة ذلك أن تتفطن لتغير الحال فتعتذر أو تعترف ، وأنه لا ينبغي لأهل المريض أن يعلموه بما يؤذي باطنه لئلا يزيد ذلك في مرضه ، وفيه السؤال عن المريض والإشارة إلى مراتب الهجران بالكلام والملاطفة ، وفيه أن المرأة إذا خرجت لحاجة تستصحب من يؤنسها أو يخدمها ممن يؤمن عليها ، وفيه ذب المسلم عن المسلم خصوصاً من كان من أهل الفضل ، وردع من يؤذيهم ولو كان منهم بسبيل ، وبيان مزيد فضيلة أهل بدر ، وفيه البحث عن الأمر القبيح إذا أشيع ، وتعرف صحته وفساده بالتنقيب على من قيل فيه ، واستصحاب حال من اتهم بسوء إذا كان قبل ذلك معروفاً بالخير إذا لم يظهر عنه بالبحث ما يخالف ذلك ، وفيه فضيلة قوية لأم مسطح لأنها لم تحاب ولدها في وقوعه في حق عائشة ، بل تعمدت سبه على ذلك ، وفيه مشروعية التسبيح عند سماع ما يعتقد السامع أنه كذب ، وفيه توقف خروج المرأة من بيتها على إذن زوجها ولو كانت إلى أبويها ، وفيه البحث عن الأمر المقول ممن يدل عليه المقول فيه ، والتوقف في خبر الواحد ولو كان صادقاً ، وطلب الارتقاء من مرتبة الظن إلى مرتبة اليقين ، وأن خبر الواحد إذا جاء شيئاً بعد شيء أفاد القطع ، لقول عائشة : " لأستيقن الخبر من قبلهما " وأن ذلك لا يتوقف على عدد معين ، وفيه استشارة المرء أهل بطانته ممن يلوذ به بقرابة وغيرها ، وتخصيص من جربت صحة رأيه منهم بذلك ولو كان غيره أقرب ، والبحث عن حال من اتهم بشيء ، وحكاية ذلك للكشف عن أمره ، ولا يعد ذلك غيبة ، وفيه استعمال " لا نعلم إلا خيراً " في التزكية ، وأن ذلك كاف في حق من سبقت عدالته ممن يطلع على خفي أمره ، وفيه التثبت في الشهادة ، وفطنة الإمام عند الحادث المهم ، والاستنصار بالأخصاء على الأجانب ، وتوطئة العذر لمن يراد إيقاع العقاب به أو العتاب له ، واستشارة الأعلى لمن هو دونه ، وأن من استفسر عن حال شخص فأراد بيان ما فيه من عيب فليقدم ذكر عذره في ذلك إن كان يعلم ، كما قالت بريرة في عائشة حيث عابتها بالنوم عن العجين فقدمت قبل ذلك أنها جارية حديثة السن ، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يحكم لنفسه إلا بعد نزول الوحي ، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يجزم في القصة بشيء قبل نزول الوحي ، وأن الحمية لله ورسوله لا تذم ، وفيه فضائل جمة لعائشة ولأبويها ولصفوان ولعلي بن أبي طالب وأسامة وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير ، وفيه أن التعصب لأهل الباطل يخرج عن -[271]- اسم الصلاح ، وجواز سب من يتعرض للباطل ، ونسبته إلى ما يسوءه وإن لم يكن ذلك في الحقيقة فيه ، وإطلاق الكذب على الخطأ ، والقسم بلفظ " لعمر الله " ، وفيه الندب إلى قطع الخصومة وتسكين ثائرة الفتنة ، وسد ذريعة ذلك ، واحتمال أخف الضررين بزوال أغلظهما ، وفضل احتمال الأذى ، وفيه مباعدة من خالف الرسول ولو كان قريباً حميماً ، وفيه أن من آذى النبي صلى الله عليه وسلم بقول أو فعل يقتل ؛ لأن سعد بن معاذ أطلق ذلك ولم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه مساعدة من نزلت فيه بلية بالتوجع والبكاء والحزن ، وفيه تثبت أبي بكر الصديق في الأمور لأنه لم ينقل عنه في هذه القصة مع تمادي الحال فيها شهراً كلمة فما فوقها ، وفيه ابتداء الكلام في الأمر المهم بالتشهد والحمد والثناء ، وقول : " أما بعد " ، وتوقيف من نقل عنه ذنب على ما قيل فيه بعد البحث عنه ، وأن قول : " كذا وكذا " يكنى بها عن الأحوال كما يكنى بها عن الأعداد ولا تختص بالأعداد ، وفيه مشروعية التوبة ، وأنها تقبل من المعترف المقلع المخلص ، وأن مجرد الاعتراف لا يجزئ فيها ، وأن الاعتراف بما لم يقع لا يجوز ولو عرف أنه يصدق في ذلك ، ولا يؤاخذ على ما يترتب على اعترافه ، بل عليه أن يقول الحق أو يسكت ، وأن الصبر تحمد عاقبته ويغبط صاحبه ، وفيه تقديم الكبير في الكلام ، وتوقف من اشتبه عليه الأمر في الكلام ، وفيه تبشير من تجددت له نعمة ، أو اندفعت عنه نقمة ، وفيه الضحك والفرح والاستبشار عند ذلك ، ومعذرة من انزعج عند وقوع الشدة لصغر سن ونحوه ، وإدلال المرأة على زوجها وأبويها ، وتدريج من وقع في مصيبة فزالت عنه لئلا يهجم على قلبه الفرح من أول وهلة فيهلكه ، وفيه أن الشدة إذا اشتدت أعقبها الفرج ، وفضل من يفوض الأمر لربه ، وأن من قوي على ذلك خف عنه الهم والغم ، وفيه الحث على الإنفاق في سبيل الخير خصوصاً في صلة الرحم ، ووقوع المغفرة لمن أحسن إلى من أساء إليه أو صفح عنه ، وأن من حلف أن لا يفعل شيئاً من الخير استحب له الحنث ، وجواز الاستشهاد بآي القرآن في النوازل ، والتأسي بما وقع للأكابر من الأنبياء وغيرهم ، وفيه التسبيح عند التعجب واستعظام الأمر ، وذم الغيبة وذم سماعها وزجر من يتعاطاها لاسيما إن تضمنت تهمة المؤمن بما لم يقع منه ، وذم إشاعة الفاحشة ، وتحريم الشك في براءة عائشة رضي الله عنها.
(46) قال في " اللسان " : الإلمام في اللغة ، يوجب أنك تأتي في الوقت . ولا تقيم على الشيء . فهذا معنى اللمم . قال أبو منصور : ويدل على صواب قوله قول العرب : ألممت بفلان إلماماً ، وما تزورنا إلا لماماً . قال أبو عبيد : معناه : في الأحيان ، على غير مواظبة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (6/194) قال : حدثنا عبد الرزاق. قال : حدثنا معمر. وفي (6/197) قال : حدثنا بهز. قال : حدثني إبراهيم بن سعد ، عن صالح. قال : بهز قلت له : ابن كيسان ؟ قال: نعم. و «البخاري» (3/219 ، و4/40 ،و5/110 ،و6/96 ،و8/،168 ،172 و9/176) قال : حدثنا حجاج بن منهال.قال : حدثنا عبد الله بن عمر النميري.قال : حدثنا يونس بن يزيد الأيلي.وفي (3/227) قال: حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود.وأفهمني بعضه أحمد.قال : حدثنا فليح بن سليمان. وفي (5/148) ، (6/،95 و8/،168 ،162 و9/139) قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله -الأويسي -. قال: حدثنا إبر اهيم بن سعد ، عن صالح وفي (6/172) 9،/193) ،وفي خلق أفعال العباد (صفحة 35) قال : حدثنا يحيى بن بكير. قال:حدثنا الليث ، عن يونس. وفي خلق أفعال العباد (35) قال : حدثنا عبد الله.قال : حدثنا الليث ، قال : حدثني يونس. و «مسلم» (8/112) قال : حدثنا حبان بن موسى. قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك.وقال : أخبرنا يونس بن يزيد الأيلى. (ح) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ومحمد بن رافع وعبد بن حميد. قال ابن رافع : حدثنا.وقال الأخران : أخبرنا عبد الرزاق.قال : أخبرنا معمر. وفي (8/118) قال : حدثني أبو الربيع العتكي قال:حدثنا فليح بن سليمان. (ح) وحدثنا الحسن بن علي الحلواني ، وعبد بن حميد.قالا :حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد.قال : حدثنا أبي ، عن صالح بن كيسان. و «أبو داود» (4735) قال حدثنا سليمان بن داود المهري. قال : أخبرنا عبد الله بن وهب. قال : أخبرني يونس بن يزيد. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (11/16126) عن أبي داود سليمان بن سيف الحراني ، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن صالح بن كيسان. (ح) وعن محمد بن عبد الأعلى ، عن محمد بن ثور. عن معمر. وفي (11/16129) عن سليمان بن داود المهري.عن ابن وهب. عن يونس وذكر آخر.
أربعتهم - معمر بن راشد ، وصالح بن كيسان ، ويونس بن يزيد ، وفليح ابن سليمان - عن ابن شهاب الزهري. قال : أخبرني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ابن مسعود ، فذكره.
* وأخرجه الحميدي (284) قال : حدثنا سفيان. عن وائل بن داود ، عن ابنه بكر بن وائل ، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب ،عن عائشة ، فذكره مختصرا. ليس فيه - عروة بن الزبير ، ولا علقمة بن وقاص ، ولا عبيد الله بن عبد الله -.
وأخرجه أحمد (6/198) قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم. قال : حدثني أبي عن صالح بن كيسان. قال : قال ابن شهاب : حدثني عروة فذكر الحديث.
وأخرجه أحمد (6/264) قال : حدثنا محمد بن يزيد ، يعني الواسطي، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري، عن عروة ،عن عائشة. قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ياعائشة ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ، فإن التوبة من الذنب الندم والاستغفار.
وأخرجه البخاري (3/231) قال : حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود قال : وحدثنا فليح ، عن هشام بن عروة ، عن عروة ، عن عائشة وعبد الله بن الزبير مثله.
وأخرجه البخاري (6/127) قال : حدثنا أبو نعيم. قال حدثنا سفيان عن معمر ، عن الزهري عن عروة ، عن عائشة ، -رضي الله عنها- {والذي تولى كبره} قالت : عبد الله بن أبي بن سلول.
وأخرجه النسائي في الكبير «تحفة الأشراف» (11/16311) عن الربيع عن سليمان ، عن الشافعي ، عن محمد بن علي بن شافع ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن عائشة فذكره.
وأخرجه أحمد (6/59) قال:حدثنا أبو أسامة.و «البخاري» (9/139) قال:حدثني محمد ب حرب. قال:حدثنا يحيى بن أبي زكرياء الغساني.و «مسلم» (8/118) قال:حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ،ومحمد ابن العلاء قالا حدثنا أبوأسامة. و «أبو داود» (5219) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل. قال حدثنا حماد. و «الترمذي» (3180) قال : حدثنا محمود بن غيلان. قال : حدثنا أبو أسامة.
ثلاثتهم -أبو أسامة ، ويحيى، وحماد - عن هشام بن عروة ، عن أبيه فذكره.
وأخرجه أبو داود (4008) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل. قال : حدثنا حماد. قال : حدثنا هشام ابن عروة ، أن عائشة ، -رضي الله عنها- نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا : {سورة أنزلناها وفرضناها} حتى أتى على هذه الآيات.
قال أبو داود : يعني مخففة.
- ورواه أيضا عن عائشة ، القاسم بن محمد بن أبي بكر.
أخرجه البخاري (3/231) .ورواه أيضا عن عائشة عروة أخرجه أبو داود (785) وراه أيضا عنه عائشة ،أبو سلمة أخرجه أحمد (6/30و 6/103) .

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة : كان في العبارة خلل ونقص أصلحناه من مشارق الأنوار للقاضي عياض

730 - (خ) أمُّ رُومان (1) - رضي الله عنهما - : وهي أُمُّ عائشةَ -رضي الله عنها - قالت : بيْنا أَنا قاعدَةٌ أنا وعائشةُ ، إذْ وَلَجت امرأَةٌ من الأنصار ، فقالت : فعَلَ الله بفُلانٍ وفعَلَ ، فقالت : أُمُّ رُومان : ومَا ذَاك ؟ قالت : ابْنِي فِيمَنْ حَدَّثَ الحَدِيِثَ ، قالت : وما ذاكَ ؟ قالت : كذا وكذا ، قالت عائشةُ : وسَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : نعم ، قالت : وأبو بكرٍ ؟ قالت : نعم ، فَخرَّتْ مَغْشِيًّا عليها ، فَما أفاقَت إلا وعليها حُمَّى بنافِضٍ ، فطرَحْتُ عليها ثيابَها ، -[278]- فَغَطَّيْتُها ، فجاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : «ما شأْنُ هذه ؟» قُلْتُ : يا رسول الله ، أَخذتْها الحُمَّى بنافِضٍ ، قال : فلعلَّ في حديثٍ تُحُدِّثَ بَهِ ؟ قالت: نعم ، فقعدتْ عائشةُ ، فقالت : واللهِ لئن حلَفتُ لا تُصدِّقوني ، ولئن قلتُ لا تعذِروني ، مثَلي ومثلُكم كيعقوبَ وبنَيه {واللَّهُ الْمُستعانُ على ما تَصفُون} قالت : فانْصرفَ ، ولم يقل لي شيئاً ، فأنزل الله عُذْرها ، قالت : بحمدِ اللهِ ، لا بحمدِ أحدٍ ، ولا بحمْدِكَ . أخرجه البخاري.
قال الحميدي ، في كتاب «الجمع بين الصحيحين» : كان بعضُ مَن لقينا من الحفَّاظ البغداديِّين يقول : إِن الإرسالَ في هذا الحديثِ أبْيَنُ ، واستدلَّ على ذلك بأنَّ أُمَّ رُومانٍ توفِّيتْ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. ومَسْرُوقُ بن الأجْدَعِ - راوي هذا الحديثِ عن أُمِّ رومانِ - لم يُشاهدِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بلا خِلافٍ (2) .
__________
(1) أم رومان : - بفتح الراء وضمها - هي أم عائشة وعبد الرحمن ، ولدي أبي بكر الصديق رضي الله عنهم .
(2) 7 / 337 في المغازي ، باب حديث الإفك ، وفي الأنبياء ، باب قول الله تعالى {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} ، وفي تفسير سورة يوسف ، باب {قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً} ، وفي تفسير سورة النور ، باب قوله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته} وقد استشكل قول مسروق : حدثتني أم رومان مع أنها ماتت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومسروق ليست له صحبة ، لأنه لم يقدم من اليمن إلا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر أو عمر . قال الحافظ : قال الخطيب : لا نعلمه روى هذا الحديث عن أبي وائل غير حصين (بن عبد الرحمن الواسطي) ومسروق لم يدرك أم رومان ، وكان يرسل هذا الحديث عنها ، ويقول : سئلت أم رومان ، فوهم حصين فيه حيث جعل السائل لها مسروقاً ، أو يكون بعض النقلة كتب : " سئلت " بألف فصارت " سألت " فقرئت بفتحتين ، على أن بعض الرواة قد رواه عن حصين على الصواب ، يعني بالعنعنة ، وأخرج البخاري هذا الحديث بناء على ظاهر الاتصال ، ولم يظهر له علة . وقد حكى المزي كلام الخطيب هذا في التهذيب وفي الأطراف ولم يتعقبه ، بل أقره ، وزاد أنه روى عن مسروق عن ابن مسعود عن أم رومان ، وهو أشبه بالصواب . كذا قال . وهذه الرواية شاذة وهي من " المزيد في متصل الأسانيد " على ما سنوضحه ، والذي ظهر لي بعد التأمل أن الصواب مع البخاري ، لأن عمدة الخطيب ومن -[279]- تبعه في دعوى الوهم ، الاعتماد على قول من قال : إن أم رومان ماتت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم سنة أربع ، وقيل : سنة خمس ، وقيل : ست ، وهو شيء ذكره الواقدي ، ولا يتعقب الأسانيد الصحيحة بما يأتي عن الواقدي ، وذكره الزبير بن بكار بسند منقطع فيه ضعف أن أم رومان ماتت سنة ست في ذي الحجة ، وقد أشار البخاري إلى رد ذلك في تاريخه الأوسط والصغير ، فقال بعد أن ذكر أم رومان في فصل من مات في خلافة عثمان : روى علي بن يزيد عن القاسم قال : ماتت أم رومان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ست ، قال البخاري : وفيه نظر ، وحديث مسروق أسند ، أي أقوى إسناداً وأبين اتصالاً . انتهى . وقد جزم إبراهيم الحربي بأن مسروقاً سمع من أم رومان وله خمس عشرة سنة ، فعلى هذا يكون سماعه منها في خلافة عمر ، لأن مولد مسروق كان في سنة الهجرة ، ولهذا قال أبو نعيم الأصبهاني : عاشت أم رومان بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد تعقب ذلك كله الخطيب معتمداً على ما تقدم عن الواقدي والزبير ، وفيه نظر لما وقع عند أحمد من طريق أم سلمة عن عائشة قالت : " لما نزلت آية التخيير ، بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة فقال : يا عائشة إني عارض عليك أمراً فلا تفتاتي فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك أبي بكر وأم رومان ... الحديث ، وأصله في الصحيحين دون تسمية أم رومان ، وآية التخيير نزلت سنة تسع اتفاقاً ، فهذا دال على تأخر موت أم رومان عن الوقت الذي ذكره الواقدي والزبير أيضاً ، فقد تقدم في علامات النبوة من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر في قصة أضياف أبي بكر ، قال عبد الرحمن : وإنما هو أنا وأبي وأمي وامرأتي وخادم ، وفيه عند المصنف (يعني البخاري) في الأدب ، فلما جاء أبو بكر قالت له أمي : احتبست عن أضيافك ... الحديث ، وعبد الرحمن إنما هاجر في هدنة الحديبية ، وكانت الحديبية في ذي القعدة سنة ست ، وهجرة عبد الرحمن في سنة سبع في قول ابن سعد ، وفي قول الزبير فيها أو في التي بعدها ، لأنه روي أن عبد الرحمن خرج في فئة من قريش قبل الفتح إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فتكون أم رومان تأخرت عن الوقت الذي ذكراه فيه ، وفي بعض هذا كفاية في التعقب على الخطيب ومن تبعه فيما تعقبوه على هذا الجامع الصحيح ، والله المستعان . وقد تلقى كلام الخطيب بالتسليم صاحب المشارق والمطالع والسهيلي وابن سيد الناس ، وتبع المزي الذهبي في مختصراته والعلائي في المراسيل وآخرون ، وخالفهم صاحب " الهدي " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (6/376) قال : حدثنا هاشم بن القاسم. قال : حدثنا أبو جعفر، يعني الرازي. وفي (6/367) قال : حدثنا علي بن عاصم. و «البخاري» (4/183) قال : حدثنا محمد بن سلام. قال أخبرنا ابن فضيل.وفي (5/154) و (6/96) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل. قال : حدثنا أبو عوانة ، وفي (6/132) قال : حدثنا محمد بن كثير. قال : أخبرنا سليمان.
خمستهم -أبو جعفر الرازي ، وعلي بن عاصم ،وابن فضيل ،وأبو عوانة ،وسليمان بن كثير - عن حصين، عن أبي وائل شقيق بن سلمة ، عن مسروق بن الأجدع ، فذكره.
(*) لفظ رواية سليمان بن كثير : «رميت عائشة خرت مغشية عليها» .

731 - (ت) عائشة - رضي الله عنها - : قالت : لمَّا أُنْزِلَ عُذْرِي ، قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، وذكرَ ذلك ،وتلا القُرآنَ ، قالت : وأَمرَ بِرَجُلَيْنِ وامرأَةٍ ، فَجُلِدوا الحدَّ. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3180) في التفسير ، باب ومن سورة النور ، وقال : هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق ، نقول : وفيه عنعنة ابن إسحاق ، وهو مدلس لكن قد صرح بالتحديث كما ذكر الحافظ في " الفتح " ، فالحديث حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/61،35) . و «أبو داود» (4474) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي ، ومالك ابن عبد الواحد المسمعي. و «ابن ماجة» (2567) قال : حدثنا محمد بن بشار. و «الترمذي» (3181) قال: حدثنا محمد بن بشار ،.و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (12/17898) عن قتيبة.
أربعتهم -أحمد ، وقتيبة ،ومالك ، ومحمد بن بشار - عن محمد بن أبي عدي ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ، فذكرته.
وأخرجه أبو داود (4475) قال :حدثنا النفيلي. قال : حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق بهذا الحديث لم يذكر عائشة. قال : فأمر برجلين وامرأة ممن تكلم بالفاحشة: حسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة. قال النفيلي : ويقولون : المرأة حمنة بنت جحش.

732 - (خ د) عائشة - رضي الله عنها - : قالت : يَرْحَمُ الله نِساء المُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ (1) ، لَمَّا أُنزل {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ...} الآية [النور : 31] شَقَقْنَ ،مُرُوطَهُنَّ فاخْتَمَرْنَ بها.
وفي أخرى قالت : «أَخَذْنَ أُزُرَهُنَّ ، فَشَقَقْنَها مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشي ، واخْتَمَرْن بها (2)» . أخرجه البخاري.
وفي رواية أبي داود ، قال : «شَقَقْنَ أَكْنُفَ مُرُوطِهِنَّ (3) ، فاخْتََمَرْنَ بِهَا (4)» .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مروطهن) المروط : جمع مرط ، وهو كساء من خز أو صوف يتغطى به.
__________
(1) قال الحافظ : أي : السابقات من المهاجرات ، وهذا يقتضي أن الذي صنع ذلك نساء المهاجرات ، لكن في رواية صفية بنت شيبة عن عائشة : أن ذلك في نساء الأنصار . كما سأنبه عليه . انظر التعليق رقم (4) .
(2) أي : غطين وجوههن ؛ وصفة ذلك : أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر ، وهو التقنع ، قال الفراء : كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها ، فأمرن بالاستتار ، والخمار للمرأة كالعمامة للرجل .
(3) قال أبو داود : قال ابن صالح : أكثف مروطهن . ومعنى أكنف مروطهن : أي أشدها ستراً لصفاقته ، والأكثف : الأغلظ والأثخن .
(4) البخاري 8 / 376 في تفسير سورة النور ، باب {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} ، وأبو داود رقم (4102) في اللباس ، باب قول الله تعالى {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} ، قال الحافظ في " الفتح " : -[281]- قوله : " لما نزلت هذه الآية : {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} أخذن أزرهن " هكذا وقع عند البخاري الفاعل ضميراً ، وأخرجه النسائي من رواية ابن المبارك عن إبراهيم بن نافع بلفظ - أخذ النساء - وأخرجه الحاكم من طريق زيد بن الحباب عن إبراهيم بن نافع بلفظ - أخذ نساء الأنصار - ولابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن صفية ما يوضح ذلك ، ولفظه - ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن ، فقالت : إن نساء قريش لفضلاء ، ولكني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً بكتاب الله ولا إيماناً بالتنزيل ، لقد أنزلت سورة النور {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها ، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين الصبح معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان ، ويمكن الجمع بين الروايتين ، بأن نساء الأنصار بادرن إلى ذلك .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري في التفسير ترجمة الباب 34:13 تعليقا وقال أحمد بن شبيب ثنا أبي عن يونس تحفة الأشراف (12/112) .
وأبو داود في اللباس (22:1) عن أحمد بن صالح وسليمان بن داود المهدي وابن السرح وأحمد بن سعيد الهمداني أربعتهم عن ابن وهب عن قرة بن عبد الرحمن المعافري به و (32:2) عن ابن السرح قال قرأت في كتاب خالي عن عقيل عن بن شهاب بإسناده ومعناه. تحفة الأشراف (12- 70) .

733 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما - : ، {وقُلْ لِلْمُؤمِناتِ يَغْضُضْنَ -[281]- مِنْ أَبصارِهِنَّ...} الآية [النور : 31] فَنُسِخَ ، واستُثْني من ذلك ، {والْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتي لا يَرْجُونَ نِكاحاً...} الآية [النور : 60] ، أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (4111) في اللباس ، باب قوله تعالى : {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} ، وفي سنده الحسين بن واقد ، وهو ثقة له أوهام .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبوداود في اللباس (36:1) عن أحمد بن محمد بن ثابت المروزي ،عن علي بن حسين بن واقد عن أبيه الأشراف (5/178) .

734 - (م د) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - : قال : كان عبدُ الله بنُ أُبيِّ بن سلُول يقولُ لجاريةٍ له : اذهبي فابْغينا شيْئاً ، قال : فأَنزلَ الله عز وجل : {ولا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ على الْبِغَاءِ إنْ أَرَدْنَ (1) تَحصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الحياةِ الدُّنْيا ومَنْ يُكْرهْهُّنَّ فإن اللَّه من بعد إكراهِهنَّ -[282]- لَهُنَّ (2) - غَفُورٌ رَحيمٌ} [النور : 33] .
وفي أخرى : أنَّ جارية لعبدِ الله بن أُبّيٍ يُقال لها : مُسَيْكَةُ ، وأخرى يقال لها أُمَيْمةُ، كان يُريدُهما على الزِّنا ، فَشَكتا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل {ولا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ على الْبِغَاءِ - إلى قوله - غَفُورٌ رَحيمٌ} أخرجه مسلم.
وفي رواية أبي داود قال : جاءتْ مُسيكةُ لبعضِِ الأنصار ، فقالت : إنَّ سيدي يُكْرِِهُني على البغاء ، فنزل في ذلك : {ولا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ على الْبِغَاءِ} .
قال أبو داود : وروى مُعُتَمِرٌ عن أبيه : {ومَنْ يُكْرِهْهُّنَّ فإن اللَّه من بعد إكراهِهنَّ غَفُورٌ رَحيمٌ} قال : قال سعيدُ بنُ أبي الحسَنِ : غَفُورٌ لُهَنَّ : المُكْرَهَات (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(البغاء) : الزنا وهو في الأصل : الطلب.
__________
(1) قال النووي : قوله تعالى : {إن أردن تحصناً} خرج على الغالب ، لأن الإكراه إنما هو لمريدة التحصن ، أما غيرها فهي تسارع إلى البغاء من غير حاجة إلى إكراه ، والمقصود : أن الإكراه على الزنا حرام ، سواء أرادت تحصناً أم لا ، وصورة الإكراه - مع أنها لا تريد التحصن - : أن تكون هي مريدة للزنا بإنسان ، فيكرهها على الزنا بغيره ، فكله حرام .
(2) قال النووي : هكذا وقع في النسخ كلها : " لهن " وهذا تفسير ، ولم يرد : أن لفظة " لهن " منزلة ، فإنه لم يقرأ بها أحد ، وإنما هي تفسير وبيان : أن المغفرة والرحمة لهن ، لكونهن مستكرهات ، لا لمن أكرههن .
(3) مسلم رقم (3029) في التفسير ، باب قوله تعالى : {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} ، وأبو داود رقم (2311) في الطلاق ، باب تعظيم الزنا .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه مسلم (8/244) قال حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة ، وأبو كريب جميعا عن أبي معاوية (ح) وحدثني أبو كامل الجحدري قال : حدثنا أبو عوانة كلاهما -أبو معاوية ، وأبو عوانة -عن الأعمش عن أبي سفيان فذكره.

735 - (د) عكرمة بن أبي جهل - رضي الله عنه - : أنَّ نَفراً من أْهلِ -[283]- العراق قالوا : يا ابنَ عباسٍ ، كيف ترى في هذه الآية التي أُمِرْنا بها ولا يعمل بها أَحدٌ ؟ قَول الله عز وجل : {يا أيها الذين آمنوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الذين مَلَكَتْ أيمانكم ...} الآية [النور : 58] فقال ابن عباسٍ: إن الله حَليمٌ رحيمٌ بالمؤمنين ، يُحبُّ السِّتْرَ. وكان الناسُ ليس لِبُيُوتِهمْ سُتورٌ ولا حِجالٌ، فربما دخلَ الخادم ، أو الولدُ ، أو يتيمةُ الرَّجُلِ ، والرجلُ على أهله ، فأمرهم الله تعالى بالاستئذان في تلك العَوراتِ ، فجاءهم الله بالسُّتُورِ والخيرِ ، فلم أرَ أحداً يعمل بذلكَ بَعْدُ.
وفي رواية عن ابن عباس : «أنه سُمِعَ يقول : لم يُؤمَرْ (1) بها أَكثرُ الناس : آية الإذن، وإِني لآمرُ جاريتي هذه تستأْذِنُ عَليَّ» . أخرجه أبو داود (2) .
__________
(1) في بعض النسخ : لم يؤمن .
(2) رقم (5191) و (5192) في الأدب ، باب الاستئذان في العورات الثلاث ، وسنده حسن . وهذه الآية من العلماء من قال بنسخها ، ومنهم من قال : إنها محكمة ، والأكثرون على أنها محكمة ، قال ابن الجوزي في " نواسخ القرآن : الورقتان 110 ، 111 بعد أن أسند القول بالنسخ إلى سعيد بن المسيب : وهذا ليس بشيء ، لأن معنى الآية : {وإذا بلغ الأطفال منكم} أي من الأحرار {الحلم فليستأذنوا} أي في جميع الأوقات في الدخول عليكم {كما استأذن الذين من قبلهم} يعني كما استأذن الأحرار الكبار الذين بلغوا قبلهم ، فالبالغ يستأذن في كل وقت ، والطفل والمملوك يستأذنان في العورات الثلاث .
وقال في " زاد المسير " 6 / 62 : وأكثر علماء المفسرين على أن هذه الآية محكمة ، وممن روي عنه ذلك : ابن عباس ، والقاسم بن محمد ، وجابر بن زيد ، والشعبي ، وحكي عن سعيد بن المسيب أنها منسوخة ، والأول أصح .
وقال ابن كثير : ولما كانت هذه الآية محكمة ولم تنسخ بشيء وكان عمل الناس بها قليلاً جداً أنكر عبد الله بن عباس على الناس ، وذكر بعض الروايات الدالة على أنها محكمة ، منها رواية ابن أبي حاتم -[284]- بسند صحيح إلى ابن عباس ، ثم قال : ومما يدل على أنها محكمة لم تنسخ قوله تعالى : {كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم} ، ثم قال تعالى : {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم} يعني إذا بلغ الأطفال الذين إنما كانوا يستأذنون في العورات الثلاث ، إذا بلغوا الحلم ، وجب عليهم أن يستأذنوا على كل حال ، يعني بالنسبة إلى أجانبهم ، وإلى الأحوال التي يكون الرجل على امرأته ، وإن لم يكن في الأحوال الثلاث .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (5192) قال حدثنا عبد الله بن مسلمة قال حدثنا عبد العزير- يعني ابن محمد - عن عمروبن أبي عمرو عن عكرمة فذكره.

سورة الفرقان
736 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قوله تعالى : {ويَوْمَ يَعَضُّ الظَّالمُ على يَدَيْهِ} [الفرقان : 27] قال : الظَّالمُ : عُقْبةُ بن أَبي مُعَيْط {يقول يا ليتني اتخذْتُ مع الرسولِ سَبيلاً . يا ويْلَتا ليْتني لم أتَّخِذْ فُلاناً خليلاً} يعني : أُميَّةَ بن خلفٍ ، وقيل : أُبيّ» .أخرجه (1) .
__________
(1) بياض في الأصل ، وقد أخرجه بمعناه ابن جرير 18 / 6 من رواية حجاج بن محمد المصيصي عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس ، وحجاج ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته ، وابن جريج ثقة فقيه فاضل ولكنه كان يدلس ويرسل ، وعطاء الخراساني صدوق يهم كثيراً ، والحديث رواه أيضاً الواحدي في " أسباب النزول " 191 ، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 68 وزاد نسبته لابن المنذر ، وابن مردويه عن ابن عباس ، ورواه ابن جرير أيضاً عن ابن عباس ، وفي سنده عطية العوفي ، وهو صدوق يخطئ كثيراً .
قال ابن كثير : وسواء كان سبب نزولها في عقبة بن أبي معيط أو غيره من الأشقياء ، فإنها عامة في كل ظالم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
علقه الواحدي في أسباب النزول (683) بتحقيقي ،وذكره السيوطي في الدر المنثور (5/68) وزاد نسبته لا بن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس ، وقد أخرجه بمعناه ابن جرير (19/6) من رواية حجاج بن محمد المصيصي عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس وحجاج ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته وابن جريج ثقة فاضل لكنه كان يدلس ويرسل ، وعطاء الخراساني صدوق يهم كثيرا.

737 - (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : قال : صَنعَ عُقْبةُ بن أبي مُعيط طعاماً ، فدعا أَشْراف قُرَيْشٍ - وكان فيهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم - فامتنع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يَطْعَمَ ، أو يشْهَد عُقبةُ شهادةَ التوحيد ، ففَعلَ ، فأتاه أُبيٌّ ، -[285]- أو أُميَّةُ - وكان خَلِيلَهُ - فقال : أَصَبَأْتَ ؟ قال : لا ولكن اسْتَحْيَيْت أن يَخرج من منزلي ، أو يَطْعَمَ من طعامي ، فقال : ما كنتُ أَرضَى أو تبْصُقَ في وجهه ، ففعَلَ عقُبةُ ، وقُتِل يوم بدرٍ صَبْراً كافراً.أخرجه (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(خليلاً) الخليل : الصديق (2) .
(أصبأت) يقال : صبأ من دين إلى دين : إذا خرج من هذا إلى هذا.
(صبراً) الصبر حبس القتيل على القتل ، فكل من قُتل في غير حرب ولا غيلة ، فقد قُتل صبراً.
__________
(1) في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه . وقد ذكره السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 68 بمعناه من رواية أبي نعيم في " الحلية " من طريق الكلبي عن ابن عباس . والكلبي ، هو محمد بن السائب بن بشر الكلبي أبو النضر الكوفي النسابة المفسر ، متهم بالكذب .
(2) هو الذي تخللت محبته القلب .

738 - (خ م د) ابن مسعود - رضي الله عنه - : قال :سألتُ - أو سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم - أيُّ الذَّنبِ عند الله أَعْظَمُ ؟ قال : أنْ تَجْعَلَ للهِ ندّاً وهو خَلَقَكَ ، قال : قُلْتُ : إن ذلك لعظيمٌ ؛ قلتُ : ثم أَيٌّ ؟ قال : أنْ تقتُلَ ولَدَكَ مخافَةَ أنْ يَطْعَمَ معك ، قلت : ثم أيٌّ ؟ قال أنْ تُزَاني حَلِيلَةَ جارِك ، قال :ونزلت هذه الآية ، تصْديقاً لقولِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم : {والذين لا يدْعُونَ مع اللَّهِ إِلهاً آخَرَ ولا يقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بِالْحَقِّ ولا يَزْنونَ} -[286]-[الفرقان : 68] . أخرجه البخاري ،ومسلم ، وأبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ندّاً) الند : المثل
(حليلة) الحليلة : المرأة ، والحليل : الزوج
__________
(1) البخاري 8 / 378 في تفسير سورة الفرقان ، باب قوله : {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس} ، وفي تفسير سورة البقرة ، باب قوله تعالى : {فلا تجعلوا لله أنداداً} ، وفي الأدب ، باب قتل الولد خشية أن يأكل معه ، وفي المحاربين ، باب إثم الزناة ، وفي التوحيد ، باب قول الله تعالى : {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك} ، ومسلم رقم (86) في الإيمان ، باب كون الشرك أقبح الذنوب ، وأبو داود رقم (2310) في الطلاق ، باب تعظيم الزنا ، ورواه الترمذي من طريقين رقم (3181) ولم يرمز له المؤلف .
وأخرجه الترمذي في التفسير أيضاً من طريقين عن ابن مسعود ، وقال : هذا حديث حسن صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (1/434) (4131) قال : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان عن منصور، والأعمش ، وواصل.وفي (1/434) (4134) قال : حدثنا علي بن حفص ، قال : حدثنا ورقاء ، عن منصور. و «البخاري» (6/22) ، وفي (خلق أفعال العباد) (61) قال : حدثني عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا جرير عن منصور ، وفي (6/137) وفي خلق أفعال العباد (61) قال : حدثنا مسدد ، قال: حدثنا يحيى ، عن سفيان، قال : حدثني منصور ، وسليمان.وفي (8/9) وفي (خلق أفعال العباد) (61) قال : حدثنا محمد بن كثير قال : أخبرنا سفيان ،عن منصور. وفي (8/204) قال: حدثنا عمرو ابن علي ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثني منصور ، وسليمان. وفي (9/،2 190) وفي (خلق أفعال العباد) (61) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، وفي (9 / 186) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد. قال : حدثنا جرير ،عن منصور ، و «مسلم» (1/63) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، وإسحاق بن إبراهيم ، قال إسحاق : أخبرنا جرير ، وقال عثمان : حدثنا جرير، عن منصور (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ، وإسحاق بن إبراهيم ، جميعا عن جرير عن الأعمش. و «أبو داود» (2310) قال : حدثنا محمد بن كثير ، قال : أخبرنا سفيان عن منصور. «والترمذي» (3182) قال : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا سفيان عن واصل (ح) وحدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : ثنا سفيان عن منصور ، والأعمش. «النسائي» (7/89) قال : أخبرنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن يحيى عن واصل. وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (9480) عن عمرو بن علي ، عن يحيى، عن سفيان عن منصور ، والأعمش (ح) وعن قتيبة ،عن جرير ، عن منصور. (ح) وعن محمد بن بشار ، عن ابن مهدي ،. عن سفيان ، عن واصل.
ثلاثتهم - منصور ، وسليمان الأعمش ، وواصل الأحدب - عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل أبي ميسرة، فذكره.
وأخرجه أحمد (1/380) (3612) قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا الأعمش. وفي (1/431) (4102) قال : حدثنا وكيع ، وأبو معاوية ، قالا :حدثنا الأعمش. وفي (1/434) (4132) قال : حدثا بهز بن أسد ،قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا واصل الأحدب. وفي (1/434) (4133) ، (1/464) (4423) قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن واصل. وفي (1/462) (4411) قال حدثنا عفان ، قال : حدثنا مهدي ، قال :حدثنا واصل الأحدب. والبخاري» (6/137) قاال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى ، عن سفيان قال : حدثني واصل. وفي (8/204) قال : حدثنا عمرو بن علي ، قال : قال يحيى : وحدثنا سفيان ، قال : حدثني واصل.و «الترمذي» (3/318) قال : حدثنا عبد بن حميد ، قال : حدثنا سعيد بن الربيع أبو زيد ،قال : حدثنا شعبة ،عن واصل الأحدب. (ح) وحدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن واصل. و «النسائى» (7/90) قال : حدثنا عمرو بن علي ، قال : حدثنا يحيى ،قال : حدثنا سفيان ، قال حدثني واصل (ح) وأخبرنا عبدة قال : أنبأنا يزيد ،قال : أنبأنا شعبة ، عن عاصم ، وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (9271) عن هناد بن السري ، عن أبي معاوية عن الأعمش.وفي (9311) عن عبد الرحمن بن محمد بن سلام ، عن أبي أسامة ، عن مالك بن مغول عن واصل.
ثلاثتهم - الأعمش ، وواصل الأحدب ، وعاصم بن بهدلة -. عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود ، فذكره.-ليس فيه عمرو بن شرحبيل -.
(*) قال النسائي عقب رواية عاصم : حديث يزيد هذا خطأ ، إنماه هو واصل والله تعالى أعلم.
(*) قال عمروبن علي - عقب حديث يحيى ، عن سفيان ، عن واصل ، عن أبي وائل ،عن عبد الله - فذكرته لعبد الرحمن ، وكان حدثنا عن سفيان عن الأعمش ، ومنصور ، وواصل ، عن أبي وائل ، عن أبي ميسرة ،قال : دعه دعه.

سورة الشعراء
739 - (خ م ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : لما نزَلتْ : {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء : 214] (1) صَعِدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على -[287]- الصَّفا ، فجعل يُنادي : يا بني فِهْرٍ ، يا بني عدِيّ - لِبُطونِ قُريشٍ - حتى اجتمعوا. فجعل الرجلُ إذا لم يستْطِعْ أَن يخرجَ أرسل رسولاً ، ليَنْظرَ ما هو ؟ فجاء أبو لهبٍ وقُريشٌ ، فقال : أرأيْتَكُم لو أخبَرْتُكم أن خَيْلاً بالوادي ، تُريدُ أن تغير عليكم ، أَكُنْتمْ مُصدِّقيَّ ؟ (2) قالوا : نعم ، ما جرَّبنا عليكَ إلا صِدقاً ، قال : فإِنِّي نذيرٌ لكم بين يديْ عذاب شديدٍ ، فقال أبو لهب : تَبّاً لك سائرَ اليومِ ، أَلهذا جمَعْتنَا ؟ فنزلت {تَبَّتْ يدَا أبي لهبٍ وتبَّ . ما أغنى عنه مالُه وما كَسَبَ} .
وفي بعض الروايات : «وقد تَبَّ» كذا قرأَ الأعمش (3) .
وفي رواية : أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرجَ إلى البَطْحاء ، فصَعِدَ الجبَلَ ، فنَادى : «يا صَبَاحاهْ، يا صباحاهْ» ، فاجتمعت إليه قُريشٌ فقال : «أرأيتُم إِنْ -[288]- حَدَّثْتُكُم : أَنَّ الْعَدُوَّ مُصَبِّحُكمْ ، أو مُمَسِّيكُمْ ، أَكنتُم تُصَدِّقوني ؟» قالوا : نعم ، قال : «فإني نذِيرٌ لكم بْين يدَيْ عذابٍ شديدٍ» - وذكر نحوه.
هذه رواية البخاري ، ومسلم.
وللبخاري أيضاً قال : لما نزل : {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأْقربين} جعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعوهم قَبَائِِلَ، قَبَائِلَ. وأخرج الترمذي الرواية الثانية.
وفي رواية للبخاري : لما نزلت : {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأْقربين . ورهْطَك منهم المُخْلَصيِن} (4) خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صِعد الصَّفا ، فهتفَ : يا صَباحَاه ، فقالوا : مَنْ هذا ؟ فاجتمعوا إليه ، فقال : أرأيتم إنْ أخبرتُكم أنَّ خيلاً تخرجُ من سَفْح هذا الجبلِ ، أكنتم مُصدِّقيَّ (5) ؟ قالوا : ما جرَّبنا عليك كذباً ... وذكر الحديث (6) . -[289]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(البطحاء) : الأرض المستوية.
(تباً لك) التب : الهلاك : أي هلاكاً لك ، وهو منصوب بفعل مضمر.
(صباحاه) كلمة يقولها المنهوب والمستغيث ،وأصله: من يؤم الصباح ، وهو يوم الغارة.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 385 : " قوله : عن ابن عباس : لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} : هذا مرسل من مراسيل الصحابة ، وبذلك جزم الإسماعيلي ، لأن أبا هريرة إنما أسلم بالمدينة ، وهذه القصة وقعت بمكة ، وابن عباس كان حينئذ إما لم يولد ، وإما طفلاً ، ويؤيد الثاني نداء فاطمة ، فإنه يشعر بأنها كانت حينئذ بحيث تخاطب بالأحكام " .
قال الحافظ : وقد قدمت في " باب من انتسب إلى آبائه " في أوائل السيرة النبوية احتمال أن تكون هذه القصة وقعت مرتين ، لكن الأصل عدم تكرار النزول ، وقد صرح في هذه الرواية بأن ذلك وقع حين نزلت . نعم وقع عند الطبراني من حديث أبي أمامة قال : " لما نزلت {وأنذر عشيرتك} -[287]- جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني هاشم ونساءه وأهله ، فقال : يا بني هاشم اشتروا أنفسكم من النار ، واسعوا في فكاك رقابكم ، يا عائشة بنت أبي بكر ، يا حفصة بنت عمر ، يا أم سلمة ... فذكر حديثاً طويلاً ، فهذا إن ثبت دل على تعدد القصة ، لأن القصة الأولى وقعت بمكة لتصريحه في حديث الباب أنه صعد الصفا ، ولم تكن عائشة وحفصة وأم سلمة عنده ومن أزواجه إلا بالمدينة ، فيجوز أن تكون متأخرة عن الأولى ، فيمكن أن يحضرها أبو هريرة وابن عباس أيضاً ، ويحمل قوله : " لما نزلت ، جمع " ، أي بعد ذلك ، لأن الجمع وقع على الفور ، ولعله كان نزل أولاً {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع قريشاً فعم ، ثم خص ، كما سيأتي ، ثم نزل ثانياً : " ورهطك منهم المخلصين " فخص بذلك بني هاشم ونساءه ، والله أعلم .
(2) قال الحافظ : أراد بذلك تقريرهم بأنهم يعلمون صدقه إذا أخبر عن الأمر الغائب .
(3) قال الحافظ : ليست هذه القراءة فيما نقل الفراء عن الأعمش ، فالذي يظهر أنه قرأها حاكياً لا قارئاً ، ويؤيده قوله في هذا السياق : يومئذ ، فإنه يشعر بأنه كان لا يستمر على قراءتها كذلك ، والمحفوظ أنها قراءة ابن مسعود وحده .
(4) قوله : " ورهطك منهم المخلصين " هذه الرواية في تفسير سورة تبت من رواية أبي أسامة عن الأعمش بهذا السند ، قال الحافظ : وهذه الزيادة : وصلها الطبراني من وجه آخر ، عن عمرو بن مرة : أنه كان يقرؤها كذلك . قال القرطبي : لعل هذه الزيادة كانت قرآناً ، فنسخت تلاوتها ، ثم استشكل ذلك ، بأن المراد : إنذار الكفار ، والمخلص صفة المؤمن ، والجواب عن ذلك : أنه لا يمتنع عطف الخاص على العام ، وقوله : {وأنذر عشيرتك الأقربين} عام فيمن آمن منهم ومن لم يؤمن ؛ ثم عطف عليه الرهط المخلصين تنويهاً بهم وتأكيداً . وقال الحافظ أيضاً : وفي هذه الزيادة تعقب على النووي حيث قال في " شرح مسلم " : إن البخاري لم يخرجها ، أعني " ورهطك منهم المخلصين " اعتماداً على ما في سورة الشعراء ، وأغفل كونها موجودة عند البخاري في سورة تبت .
(5) " مصدقي " بتشديد الياء ، أدغمت الياء في الياء ، وحذفت النون للإضافة .
(6) البخاري 8 / 385 في تفسير سورة الشعراء ، باب {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، وفي الجنائز ، باب ذكر شرار الموتى ، وفي الأنبياء ، باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية ، وفي تفسير سورة سبأ ، وفي تفسير سورة تبت ، ومسلم رقم (208) في الإيمان ، باب قوله تعالى {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، والترمذي رقم (3360) في التفسير ، باب ومن سورة تبت .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : 1-أخرجه أحمد (1/281) (2544) قال : حدثنا أبو معاوية.وفي (1/307) (2802) قال : حدثنا عبد الله بن نمير. و «البخاري» (2/129) وفي 4/224) وفي (6/140و6/222) قال : حدثنا عمر بن حفص ، قال : حدثنا أبي. في (6/153) قال :حدثنا علي بن عبد الله ،قال : حدثنا محمد بن خازم.وفي (6/221) قال : حدثنا يوسف بن موسى ، قال : حدثنا أبو أسامة. وفي (6/221) قال : حدثنا محمد بن سلام ، قال : أخبرنا أبو معاوية.و «مسلم» (1/134) قال : حدثنا أبوكريب محمد بن العلاء ، قال : حدثنا أبو أسامة. (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وأبو كريب قالا:حدثنا أبو معاوية. و «الترمذي» (3363) قال : حدثنا هناد، وأحمد بن منيع قالا ، حدثنا أبو معاوية.و «والنسائى» في عمل اليوم واللية» (983) قال : أخبرنا أبو كريب محمد بن العلاء ، قال : أخبرنا أبو معاوية. وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (5594) عن هناد بن السري ، عن أبي معاوية (ح) وعن إبراهيم ابن يعقوب ، عن عمر بن حفص ، عن أبيه.
أربعتهم - أبو معاوية محمد بن خازم ،وعبد الله بن نمير ، وحفص بن غياث ، وأبو أسامة - عن الأعمش، عن عمرو بن مرة.
2- وأخرجه البخاري (4/224) قال : وقال لنا قبيصة. و «النسائي» في عمل اليوم والليلة (8922) قال أخبرنا محمود بن غيلان ، قال : حدثنا معاوية وهو ابن هشام القصار. وفي الكبري «تحفة ا لأشراف» (5476) عن أحمد بن سليمان ، عن معاوية بن هشام ،. كلاهما- قبيصة ، ومعاوية - عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت.
كلاهما - عمرو ، وحبيب - عن سعيد عن جبير ، فذكره.
(*) الروايات مطولحة ومختصرة.

740 - (خ م ت س) أبو هريرة - رضي الله عنه - : قال : قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله عز وجل {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأْقربينَ} قال : «يا معْشر قُريشٍ - أو كلمة نحوها - اشْتَرُوا أَنفسكم ، لا أُغني عنكم من الله شيئاً (1) . يا بني عبد منافٍ ، لا أغني عنكم من الله شيئاً. يا عباسَ بنَ عبْد المطلبِ ، لا أغني عنك من الله شيئاً. ويا صفِيَّةُ (2) عمَّةَ رسُولِ الله ، لا أغني عنكِ من -[290]- الله شيئاً.ويا فاطمةُ بنْتَ محمَّدٍ ، سَلِيني ما شِئْتِ مِنْ مالي ، لا أغني عنْكِ من الله شيئاً» .
وفي رواية نحوه ، ولم يذكر فيه «يا بني عبدٍ منافٍ» وذكر بدله: «بني عبد المطلب» .
هذه رواية البخاري ، ومسلم .
وللبخاري أيضاً قال : يا بني عبدِ منافٍ ، اشْتَرُوا أنْفُسَكُمْ من الله ، يا بني عبدِ المطلب ، اشتروا أنفسكم من الله ، يا أُمَّ الزُّبَيْرِ عَّمةَ رسولِ الله، يا فاطمةُ بنتَ مُحمَّدٍ ، اشْتَرِيا أَنفُسَكُما من الله، لا أملك لَكُما من الله شيئاً ، سَلاني مِنْ مالي ما شِئْتما.
ولمسلم أيضاً قال : لمَّا نَزلت هذه الآية {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأْقَربينَ} دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قريشاً ، فاجتمُعوا ، فعَمَّ وخَصَّ ، فقال : يا بني كعبِ بنِ لُؤيّ ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ ، يا بني مُرَّة بنِ كَعبٍ ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ ، يا بني عبدِ شمسٍ ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ، يا بني عبد مناف ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني هاشم ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبدِ المطلب ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ ، يا فَاطِمَةُ (3) ، أنِقذُي نفُسَكِ مِنَ النَّارِ ، -[291]- فإنَّي لا أملك لكم من الله شيْئاً ، غير أنَّ لكم رَحِماً ،سَأبُلُّها بِبَلالِها (4) .
وأخرجه الترمذي قال : لما نزلت {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأْقربينَ} جَمَع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قريشاً ، فخصَّ وعمَّ ، فقال «يا مَعْشَر قريْشٍ أنْقِذوا أنَفْسَكم مِنَ النَّارِ فإني لا أملك لكم من الله ضَرًّا ولا نفعاً ، يا معشر بني عبدٍ منافٍ ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ ، فإني لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعاً ، يا معشر بني قُصيّ ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ ، فإني لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعاً ، يا معشرَ بني عبد المطلب ، أنِقذُوا أنفُسَكم مِنَ النَّارِ ، فإني لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعاً ، يا فاطمة بنتَ محمد أنِقذي نفْسَكِ مِنَ النَّارِ ، فإني لا أملك لك من الله ضرًّا ولا نفعاً ، إِنَّ لكِ رَحِماً ، سأبُلُّها ببِلالها» .
وأخرج النسائي الرواية الأولى من روايات البخاري ، ومسلم ، والرواية التي أخرجها مسلم وحْدَهُ (5) . -[292]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أنقذوا) أنقذت فلاناً : أذا خلصته مما يكون قد وقع فيه أو شارف أن يقع فيه.
(سأبلها) البلال : ما يبل به ، وإنما قالوا في صلة الرحم : بلَّ رحمه ؛ لأنهم لما رأوا بعض الأشياء يتصل ويختلط بالنداوة ، ويحصل بينهما التجافي والتفرق باليُبس ، استعاروا البل لمعنى الوصل ، واليبس لمعنى القطيعة ، والمعنى : سأصل الرحم بصلتها ، وقيل : البلال : جمع بل.
__________
(1) قال الحافظ : أي باعتبار تخليصها من العذاب ليكون ذلك كالشراء ، كأنهم جعلوا الطاعة ثمن النجاة . وأما قوله تعالى : {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم} فهناك المؤمن بائع باعتبار تحصيل الثواب ، والثمن : الجنة ، وفيه إشارة إلى أن النفوس كلها ملك لله تعالى ، وأن من أطاعه حق طاعته في امتثال أوامره واجتناب نواهيه ، وفي ما عليه من الثمن .
(2) يجوز في " صفية " الرفع والنصب ، وكذا القول في " يا فاطمة بنت محمد " .
وقال النووي : والنصب أفصح وأشهر ، وأما " بنت وابن " فمنصوب لا غير ، وهذا - وإن كان ظاهراً معروفاً - فلا بأس بالتنبيه عليه لمن لا يحفظه ، وأفردهم صلى الله عليه وسلم لشدة قرابتهم .
(3) قال النووي : هكذا وقع في بعض الأصول " يا فاطمة " وفي بعضها أو أكثرها : " يا فاطم " بحذف الهاء ، على الترخيم ، وعلى هذا يجوز : ضم الميم وفتحها كما عرف في نظائره .
(4) قوله : " ببلالها " قال النووي : ضبطناه بفتح الباء الثانية وكسرها ، وهما وجهان مشهوران ذكرهما جماعات من العلماء ، والبلال : الماء ، ومعنى الحديث : سأصلها ، شبهت قطيعة الرحم بالحرارة ، ووصلها بإطفاء الحرارة ببرودة الماء ، ومنه " بلوا أرحامكم " أي : صلوها .
(5) البخاري 8 / 386 في تفسير سورة الشعراء ، باب {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، وفي الوصايا ، باب هل يدخل النساء والأولاد في الأقارب ، وفي الأنبياء ، باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية ، ومسلم رقم (206) في الإيمان ، باب قوله تعالى : {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، والترمذي رقم (3184) في التفسير ، باب ومن سورة الشعراء ، والنسائي 6 / 248 في الوصايا ، باب إذا أوصى لعشيرته الأقربين .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجة الدارمي (2735) قال : حدثنا الحكم بن نافع ، عن شعيب.و «البخاري» (4/7و6/140) قال : حدثنا أبو اليمان. قال : أخبرنا شعيب. و «مسلم» (1/133) قال : حدثني حرملة بن يحيى. قال : أخبرنا ابن وهب. قال : أخبرني يونس. و «النسائي» (6/349) قال : أخبرنا سليمان بن داود ، عن ابن وهب. قال : أخبرني يونس. (ح) وأخبرنا محمد بن خالد. قال : حدثنا بشر بن شعيب ، عن أبيه.
كلاهما -شعيب ، ويونس - عن ابن شهاب الزهري. قال : أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، فذكره.
- ورواه أيضا موسى بن طلحة عن أبي هريرة ، أخرجه أحمد (2/،333 2/،360 2/519) والبخاري في الأدب المفرد (48) و «مسلم» (1/133) و «الترمذي» (3185) ، و «النسائي» (6/248) .
- ورواه أيصا عن أبي هريرة الأعرج ، أخرجه أحمد (2/350) وفي (2/448) و «البخاري» (4/224) و «مسلم» (1331) .

741 - (م ت س) عائشة - رضي الله عنها - : قالت : لما نزلت : {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأْقربينَ} قامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على الصَّفا ، فقال : «يا فاطمةُ بنتَ محمد ، يا صفيةُ بنَت عبد المطلب ، يا بني عبد المطلب ، لا أملك لكم من الله شيئاً ، سَلُوني مِنْ مالي ما شئُتْم» .أخرجه مسلم ، والترمذي ، والنسائي (1) .
__________
(1) مسلم رقم (205) في الإيمان ، باب قوله تعالى : {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، والترمذي رقم (3183) في التفسير ، باب ومن سورة الشعراء ، والنسائي 6 / 250 في الوصايا ، باب إذا أوصى لعشيرته الأقربين .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح أخرجه أحمد (6/ 136و187) . قال :حدثنا وكيع. و «مسلم» (1/133) قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير. قال : حدثنا وكيع ويونس بن بكير. و «الترمذي» (2310) ، (3184) قال: حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي. و «النسائي» (6/250) قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم. قال :أنبأنا أبو معاوية.
أربعتهم - وكيع، ويونس بن بكير ، ومحمد بن عبد الرحمن ، وأبو معاوية الضرير - قالوا: حدثنا هشام ابن عروة ،عن أبيه ، فذكره.

742 - (ت) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - : قال : لما نزلت : {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأقْربينَ} وضعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أصبعيهِ في أُذنَيْهِ ، فرفع صوتهُ ، فقال : «يا بني عبد منافٍ ، يا صَباحاهُ» . -[293]-
أخرجه الترمذي ، وقال :وقد رُوي مرسلاً ، ولم يُذْكَر الأشعريُّ ، قال : وهو أصحُّ (1) .
__________
(1) رقم (3185) في التفسير ، باب ومن سورة الشعراء ، وقال : هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث أبي موسى ، وقد رواه بعضهم عن عوف عن قسامة بن زهير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً وهو أصح ، ولم يذكر فيه عن أبي موسى . وقد ذاكرت فيه محمد بن إسماعيل (يعني البخاري) فلم يعرفه من حديث أبي موسى . ورواه ابن جرير مرسلاً وموصولاً . ورواه السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 59 وزاد نسبته لعبد بن حميد ، وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3186) قال : حدثنا عبد الله بن أبي زياد. قال : حدثنا أبو زيد ، عن عوف، عن قسامة بن زهير ، فذكره..
(*) قال أبو عيسى الترمذي : هذا حدث غريب من هذا الوجه ، من حديث أبي موسى.وقد رواه بعضهم عن عوف ، عن قسامة بن زهير ، عن النبيصلى الله عليه وسلم مرسلا. ولم يذكروا فيه عن أبي موسى وهو أصح. ذاكرت به محمد بن إسماعيل البخاري فلم يعرفه من حديث أبي موسى.

743 - (م) قبيصة بن مخارق وزهير بن عمرو - رضي الله عنهما - : قالا : لما نزلت {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأْقربينَ} انطلقَ نبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى رَضْمَةِ جَبلٍ ، فعَلا أعْلاها حَجَراً ، ثم نادى : «يا بني عبدٍ منافٍ إِني نَذِيرٌ لكم ، إِنما مَثَلي ومَثَلُكُم كمَثَلِ رَجُلٍٍ رأَى العَدُوَّ ، فانْطَلَق يَرْبَأُ أَهْلَهُ ، فخشِيَ أَن يسبقوهُ ، فجعل يَهْتِفُ : «يا صاحباهُ» .أخرجه مسلم (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(رَضمة) الرَّضمة : واحدة الرضم: وهي الحجارة والصخور بعضها على بعض.
(يربأ) الربيئة : الذين يحرسُ القوم، ويتطلع لهم، خوفاً [من] أن يكبسهم العدو.
__________
(1) رقم (207) في الإيمان ، باب قوله تعالى : {وأنذر عشيرتك الأقربين} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (3/476) قال: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن سليمان، يعني التيمي ، عن أبي عثمان، يعني النهدي ، فذكره.
قال أحمد : قال ابن أبي عدي في هذا الحديث -عن قبيصة بن مخارق، أو وهب بن عمرو- وهو خطأ ، إنما هو -زهير بن عمرو- فلما أخطأت تركت -وهب بن عمرو-.

744 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قوله تعالى {وَالشُّعَراءُ -[294]- يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء : 224] قال : اسْتَثْنَى الله منهم {الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً} [الشعراء : 227] . أخرجه أبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الغاوون) جمع غاو : وهو ضد الراشد.
__________
(1) رقم (5016) في الأدب ، باب ما جاء في الشعر ، وفي سنده الحسين بن واقد ، وهو ثقة له أوهام .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود في الأدب (95:8) عن أحمد بن محمد بن ثابت المروزي ،عن علي بن حسين بن واقد عن أبيه. تحفة الأشراف (5/178) .

سورة النمل
745 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «تَخْرُجُ الدَّابَّةُ ومَعها خاتَمُ سُلَيْمان ، وعَصَا موسى ، فتجْلُو وجْهَ المُؤمِنِ ، وتَخْطِمُ أنفَ الكافِرِ بالخاتم ، حَتَّى إِنَّ أَهْلَ الْخُوَانِ (1) لَيجْتَمِعُونَ ، فيقول هذا : يا مؤمن ، ويقول هذا : يا كافر ، ويقول هذا : يا كافر ، ويقول هذا : يا مؤمن» .أخرجه الترمذي (2) . -[295]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الدابة) : هي التي تخرج من الأرض ، وهي من أشراط الساعة ، وقد مرَّ ذكرها في سورة الأنعام.
(وتخطم) يريد : أنها تَسِمُ أنفه بسِمَة يعرف بها ، والخطام : سمة في عرض الوجه إلى الخد، يقال: جمل مخطومُ [خطامٍ، ومخطوم] خطامين ، بالإضافة ، وربما وُسِمَ بخطام ، وربما وسم بخطامين.
__________
(1) " الخوان " بضم الخاء وكسرها : ما يؤكل عليه .
(2) رقم (3186) في التفسير ، باب ومن سورة النمل ، ولفظه : ها ها يا مؤمن ، ويقال : ها ها يا كافر ، ويقول هذا : يا مؤمن ، ويقول هذا : يا كافر . وأخرجه الطبري 20 / 15 ، وفي سنده علي بن زيد بن جدعان ، وهو ضعيف ، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي وقال : وقد روي هذا الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجه في دابة الأرض ، وفي الباب عن أبي أمامة ، وحذيفة بن أسيد ، وأخرجه أيضاً أحمد وابن ماجة وأبو داود الطيالسي ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 116 وزاد نسبته لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في " البعث " عن أبي هريرة رضي الله عنه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف : أخرجه أحمد (2/295) قال : حدثنا يزيد. (ح) وعفان. وفي (2/491) قال: حدثنا بهز. وابن ماجة (4066) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال : حدثنا يونس بن محمد. والترمذي (3187) قال : حدثنا عبد بن حميد. قال : حدثنا روح بن عبادة.
خمستهم -يزيد بن هارون ، وعفان، وبهز بن أسد، ويونس بن محمد، وروح بن عبادة - عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد، عن أوس بن خالد، فذكره.
قال أبوالحسن القطان -راوي السنن عن ابن ماجة - عقب هذا الحديث : حدثناه إبراهيم بن يحيى قال : حدثنا موسى بن إسماعيل. قال : حدثنا حماد بن سلمة فذكر نحوه ، وقال فيه مرة : فيقول هذا : يا مؤمن، وهذا يا كافر.

سورة القصص
746 - (خ) سعيد بن جبير -رحمه الله - : قال : سألني يهوديّ من أهلِ الحيَرَةِ (1) ، أيَّ الأَجَلَيْنِ قضَى موسى عليه السلام ؟ قلتُ : لا أَدري ، حتى أقدَم على حَبْرِ العرب (2) فأسأَلَه ، فقدِمتُ ، فسألتُ ابن عباس ؟ فقال : قضَى أكثرَهما وأطيبهما ، إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا قال فَعلَ (3) . -[296]- أخرجه البخاري (4) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حَبْر) الحَبْرُ : العالمُ.
__________
(1) بلد معروف بالعراق .
(2) المراد به العالم الماهر .
(3) قال الحافظ في " الفتح " : قوله : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال فعل : المراد برسول الله صلى الله عليه وسلم من اتصف بذلك ، ولم يرد شخصاً بعينه ، وفي رواية حكيم بن جبير : إن النبي إذا وعد لم يخلف ، زاد الإسماعيلي من الطريق التي أخرجها البخاري ، قال سعيد : فلقيني اليهودي فأعلمته بذلك ، فقال : صاحبك والله عالم . والغرض من ذكر هذا الحديث بيان توكيد الوفاء بالوعد ، لأن موسى صلى الله عليه وسلم لم يجزم بوفاء العشر ، ومع ذلك فوفاها ، فكيف لو جزم . قال ابن الجوزي : لما رأى موسى عليه السلام طمع شعيب عليه السلام متعلقاً بالزيادة لم يقتض كريم أخلاقه أن يخيب ظنه فيه .
(4) 5 / 213 ، 214 في الشهادات ، باب من أمر بإنجاز الوعد ، من رواية سالم الأفطس عن سعيد بن جبير . قال الحافظ في " الفتح " : سالم الأفطس ، هو ابن عجلان الجزري شامي ثقة ، ليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الطب ، وكذا الراوي عنه مروان بن شجاع ، وقد تابع سالماً على روايته لهذا الحديث حكيم بن جبير، وتابع سعيداً عكرمة عن ابن عباس ، ورواه أيضاً أبو ذر وأبو هريرة وعتبة بن النذر (بضم النون وتشديد الذال المعجمة المفتوحة بعدها راء) وجابر وأبو سعيد ، رفعوه كلهم ، وجميعها عند ابن مردويه في التفسير ، وحديث عتبة وأبي ذر عند البزار أيضاً ، وحديث جابر عند الطبراني في الأوسط ، ورواية عكرمة في مسند الحميدي .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : البخاري في الشهادات (29:4) عن محمد بن عبد الرحيم عن سعيد بن سليمان عن مروان ابن شجاع.تحفة الأشراف (4/415) .

747 - (م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - : {إنَّك لا تَهْدي مَنْ أَحبَبْتَ} [القصص: 56] نزلتْ في رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، حيثُ يُرَاوِدُ عَمَّهُ أبا طالبٍ على الإسلام. أخرجه مسلم، والترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يُرَاوِدُ) المراودة : المراجعة في طلب الحاجة والغرض.
__________
(1) مسلم رقم (25) في الإيمان ، باب الدليل على صحة إسلام من حضر الموت ، والترمذي رقم (3187) في التفسير ، باب ومن سورة القصص ، ورواه البخاري مطولاً من حديث ابن المسيب عن أبيه في قصة موت أبي طالب في باب قوله : {إنك لا تهدي من أحببت} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (2/434) قال : حدثنا يحيى. وفي (2/441) قال: حدثنا محمد بن عبيد. ومسلم (1/41) قال : حدثنا محمد بن عباد ، وابن أبي عمر، قالا: حدثنا مروان. (ح) وحدثنا محمد بن حاتم بن ميمون. قال: حدثنا يحيى بن سعيد، والترمذي (3188) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد.
ثلاثتهم -يحيى بن سعيد، ومحمد بن عبيد، ومروان بن معاوية- عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم الأشجعي، فذكره.

748 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قوله تعالى : {لرَادُّكَ إلى معَادٍ} [القصص : 85] قال : إلى مكة. أخرجه البخاري (1) . -[297]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(لرادُّكَ إلى معاد) أي : لراجعك إلى مكة، كذا جاء في التفسير.
__________
(1) 8 / 392 في تفسير سورة القصص ، باب {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : البخاري في التفسير (28:2) ، عن محمد بن مقاتل ، والنسائي فيه التفسير في الكبرى عن أبي داود الحراني كلاهما عن يعلى بن عبيد. تحفة الأشراف (5/135) .

سورة العنكبوت
749 - (ت) أم هانئ - رضي الله تعالى عنها - : قالت : سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن المنكر الذي كانوا يأتونه في ناديهم ؟ فقال : كانوا يَحْبِقونَ فيه ،والخذْفُ والسُّخْرِيُّ بِمنْ مَرَّ بهم في أَهل الأرض.هذه روايةٌ.
وفي رواية الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : {وتأتونَ في نادِيكم المنْكَرَ} [العنكبوت : 29] قال : كانوا يَخْذِفون أَهل الأرض ، ويسْخَرونَ منهم (1) . -[298]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يَحْبِقُونَ) الحَبْقُ : الضرط.
(الخذف) رَمي الحصاة من طرف الإصبعين.
__________
(1) الرواية الأولى لم أجدها بهذا اللفظ ، والرواية الثانية هي رواية الترمذي رقم (3189) في التفسير ، باب ومن سورة العنكبوت ، وقال : حديث حسن ، إنما نعرفه من حديث حاتم بن أبي صغيرة عن سماك . ورواه أحمد في " المسند " 6 / 341 و 424 ، وابن جرير الطبري 20 / 493 ، والحاكم 2 / 409 وصححه ووافقه الذهبي ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 144 وزاد نسبته للفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وابن أبي الدنيا في كتاب " الصمت " ، وابن المنذر ، والشاشي في " مسنده " والطبراني ، وابن مردويه ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ، وابن عساكر عن أم هانئ رضي الله عنها . قال ابن كثير : قوله : {وتأتون في ناديكم المنكر} أي : يفعلون (يعني قوم لوط) ما لا يليق من الأقوال والأفعال في مجالسهم التي يجتمعون فيها ، لا ينكر بعضهم على بعض شيئاً من ذلك ، فمن قائل : كانوا يأتون بعضهم بعضاً في الملأ قاله مجاهد ، ومن قائل : كانوا يتضارطون ويتضاحكون ، قالته عائشة ، رضي الله عنها والقاسم ، ومن قائل : كانوا يناطحون بين الكباش، ويناقرون بين الديوك ، وكل ذلك -[298]- كان يصدر عنهم ، وكانوا شراً من ذلك . وقال ابن جرير الطبري : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معناه : وتخذفون في مجالسكم المارة بكم ، وتسخرون منهم ، لما ذكر من الرواية بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/341) قال: حدثنا حماد بن أسامة، (ح) وروح. وفي (6/424) قال: حدثنا أبو أسامة. والترمذي (3190) قال: حدثنا محمود بن غيلان. قال: حدثنا أبو أسامة ، وعبد الله بن بكر السهمي (ح) وحدثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: حدثنا سليم بن أخضر.
أربعتهم -حماد بن أسامة أبو أسامة، وروح، وعبد الله بن بكر، وسليم بن أخضر- عن حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب، عن أبي صالح مولى أم هانيء، فذكره.

750 - (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : في قوله : {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أكْبَرُ} [العنكبوت:45] قال : ذِكْرُ الْعَبْدِ اللهَ بلسانِه كَبِيرٌ ، وذِكره له وخوفه منه ، إذا أشْفَى على ذَنْبٍ ، فتركَهُ من خَوْفِه : أكَبرُ من ذِكره بلسانه ، من غَيْرِ نزْعٍ عن الذَّنبِ. أخرجه (1) .
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه . ولم أر من ذكره بهذا اللفظ عن ابن عباس من المفسرين وغيرهم ، قال ابن جرير الطبري : اختلف أهل التأويل في قوله تعالى : {ولذكر الله أكبر} فقال بعضهم : معناه : ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه ، وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولذكركم الله أفضل من كل شيء ، وقال آخرون : محتمل للوجهين جميعاً . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وللصلاة التي أتيت أنت بها ، وذكرك الله فيها أكبر مما نهتك الصلاة من الفحشاء والمنكر ، ثم قال : وأشبه هذه الأقوال بما دل عليه ظاهر التنزيل : قول من قال : ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
الأثر رواه عبد الرزاق في تفسيره (2/82/2256) عن الثوري، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن ربيعة، عن ابن عباس، قال: سألني عن هذه الآية : {ولذكر الله أكبر} قال : قلت: التكبير والتسبيح ، فقال ابن عباس : ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه ، ورواه أيضا سفيان الثوري في تفسيره، (ص،235 رقم 758) وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (2/409) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (5/146) .

سورة الروم
751 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - : قال : لما كان يومُ بدْرٍ ظَهَرَتِ الرُّومُ على فارس ، فأعجَبَ ذلك المؤمنين ، فنزلت : {الم . غُلِبَتِ -[299]- الرُّوم . في أدْنَى الأرض وهُمْ من بعْدِ غَلَبِهم سيَغْلِبون . في بِضْعِ سنينَ للَّه الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ ويومئذٍ يَفْرَحُ المؤمنون} [الروم : 1- 4] قال : ففرح المؤمنون بظهور الروِم على فارس. أخرجه الترمذي.
وقال : هكذا قال نصرُ بنُ عليٍّ : {غَلَبَتْ} (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بِضْع) البضعُ : ما بين الثلاث إلى التسع من العدد.
__________
(1) رقم (3190) في التفسير ، باب ومن سورة الروم ، وقال : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه . أقول : وفي سنده عطية بن سعد العوفي ، وهو صدوق يخطئ كثيراً ، ونصر بن علي : هو الجهضمي شيخ الترمذي ، وهو ثقة . وقد قرأ " غلبت " بفتح الغين واللام ، وقراءة حفص عن عاصم " غلبت " بضم الغين وكسر اللام .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف : أخرجه الترمذي (،2935 3192) قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن سليمان الأعمش عن عطية فذكره.

752 - (ت) نيار بن مُكرِم الأسلمي - رضي الله عنه - (1) : قال : لما نزلت {الم . غُلِبَتِ الرُّومُ . في أدْنَى الأرض وهُمْ من بعْدِ غَلَبِهم سيَغْلِبون . في بِضْعِ سنينَ} فكانت فارس يوم نزلت هذه الآيةُ قاهِرينَ للرومِ ، وكان المسلمون يُحِبُّون ظُهُورَ الروم عليهم ، لأنهم وإِيَّاهم أَهلُ كِتابٍ، وفي ذلك (2) قولُ اللهِ : {ويومئذ يَفْرَحُ المؤمنون بنصر اللَّه ينصُر من يشاء وهو العزيز الحكيم} [الروم : 4 -5] وكانت قريشٌ تُحِبُّ ظهورَ فارسَ ، لأنهم -[300]- وإيَّاهم ليسُوا بأهلِ كتابٍ ، ولا إيمانٍ ببعْثٍ ، فلما أنزلَ الله هذه الآية ، خرج أبو بكرٍ الصِّدِّيق يصيحُ في نواحي مكة : {الم . غُلِبَتِ الرُّوم . في أدْنَى الأرض وهُمْ من بعْدِ غَلَبِهم سيَغْلِبون . في بِضْعِ سنينَ} قال ناسٌ من قُريشٍ لأَبي بكرٍ : فذلك بيننا وبينك ، زعَمَ صاحبُكَ أنَّ الروم سَتَغْلِبُ فارسَ في بضعِ سنين ، أفلا نُراهنُكَ على ذلك ؟ قال : بلى ، - وذلك قبل تحريم الرِّهان - فارْتهنْ أبو بكرٍ والمشركون، وتواَضعُوا الرِّهانَ ، وقالوا لأبي بكرٍ ، كم تجعلُ البِضْعَ : ثلاثَ سنين إلى تسعِ سنين، فسَمِّ بيننا وبينك وسطاً ننتهي إليه ، قال : فسمَّوا بينهم سِتَّ سنين ، قال : فمضَتِ السِّتُّ سنينَ قبلَ أن يظهروا ، فأخذَ الْمُشركونَ رَهْن أبي بكرٍ ، فلما دخلتِ السَّنَةُ السابعُة، ظهرتِ الرومُ على فارسَ ، فعابَ المسلمونَ على أبي بكرٍ تسْمِيَةَ سِتّ سِنين ، قال : لأنَّ الله قال : {في بضْعِ سِنينَ} قال : وأسلم عند ذلك ناسٌ كثير. أخرجه الترمذي (3) .
__________
(1) " نيار بن مكرم " بكسر النون وتخفيف الياء ، و " مكرم " بضم الميم وسكون الكاف وكسر الراء : له صحبة عاش إلى أول خلافة معاوية وقد أنكر ابن سعد أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره في الطبقة الأولى من أهل المدينة ، وقال : سمع من أبي بكر ، وكان ثقة قليل الحديث ، وذكره ابن حبان في الصحابة وفي ثقات التابعين أيضاً ، وهذه عادته فيمن اختلف في صحبته .
(2) في بعض النسخ : وذلك .
(3) رقم (3192) في التفسير ، باب ومن سورة الروم ، وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد . أقول : وعبد الرحمن بن أبي الزناد صدوق ، تغير حفظه لما قدم بغداد وكان فقيهاً .
قال ابن كثير : وقد روي نحو هذا مرسلاً عن جماعة من التابعين ، مثل عكرمة ، والشعبي ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي ، والزهري ، وغيرهم . أقول : وهو حديث حسن بشواهده .
وقد ذكره السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 151 وزاد نسبته للدارقطني في " الأفراد " ، والطبراني ، وابن مردويه ، وأبي نعيم في " الحلية " ، والبيهقي في " شعب الإيمان " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3194) قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثني ابن أبي الزناد عن أبي الزناد عن عروة بن الزبير فذكره.

753 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قوله تعالى {الم . -[301]- غُلِبَتِ الرُّوم . في أدْنَى الأرض} قال : غُلِبتْ وغَلَبت ، قال : كان المشركون يُحبُّون أن يظهرَ أهلُ فارسَ على الرومِ لأنهم وإيَّاهم أهل الأوثانِ ، وكان المسلمون يحبون أن يظهرَ الرومُ على فارس لأنهم أهلُ كتابٍ ، فذكروهُ لأبي بكرٍ ، فذكرهُ أبو بكرٍ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أَما إنهُمْ سَيَغْلِبُونَ، فذكره أبو بكرٍ لهم ، فقالوا : اجعلْ بيننا وبينك أجلاً ، فإن ظهرْنا كان لنا كذا وكذا ، وإن ظهرتُم كان لكم كذا وكذا ، فجعل أَجلَ خمسِ سنينَ ، فلم يظهروا ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أَلا جَعَلْتهُ إلى دون العشْرِ ؟ - قال سعيد بن جبير : والبِضْعُ ، ما دونَ العشْرِ - قال : ثم ظهرتِ الرومُ بعدُ فذلك قوله : {الم . غُلِبَتِ الرُّوم - إلى قوله - ويومئذ يَفْرَحُ المؤمنون . بنصر الله} قال سفيان : سمعتُ أنَّهُمْ ظهروا عليهم يومَ بدْرٍ.
وفي رواية : أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكرٍ في مُنَاحَبَةٍ {الم . غُلِبَتِ الرُّوم} : أَلاَّ أَخْفَضْتَ (1) يا أبا بكرٍ ؟ فإِنَّ البِضعَ ، ما بين ثلاث إلى تسْعٍ. أخرجه الترمذي (2) . -[302]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الأوثان) الأصنام.
(مُنَاحَبة) المناحبة : المراهنة.
__________
(1) وفي رواية : ألا احتطت .
(2) رقم (3191) في التفسير ، باب ومن سورة الروم ، وقال عن الرواية الأولى : هذا حديث حسن صحيح غريب ، إنما نعرفه من حديث سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة .
أقول : وإسناده صحيح ، وقد رواه أحمد ، وابن جرير وغيرهما ، والحاكم وصححه ، ووافقه الذهبي ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 150 وزاد نسبته للنسائي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني في " الكبير " ، وابن مردويه ، والبيهقي في " الدلائل " ، والضياء .
والرواية الثانية : قال عنها الترمذي : هذا حديث غريب حسن من هذا الوجه من حديث الزهري عن عبد الله بن عباس ، أقول : وفي سندها عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي أبو سعيد -[302]- المدني ، قال الحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب " قال عثمان الدارمي : قلت لابن معين : كيف هو ؟ فقال : لا أعرفه ، قلت (ابن حجر) وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال ابن عدي : مجهول .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/276) (2495) ، (1/304) (2770) قال: حدثنا معاوية بن عمرو. والبخاري في «خلق أفعال العباد» صفحة (16) قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا معاوية ، (ح) وحدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا محمد أبو سعيد التغلبي، والترمذي (3193) . والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (5489) . كلاهما -الترمذي، والنسائي- عن الحسين بن حريث، قال: حدثنا معاوية بن عمرو.
كلاهما -معاوية بن عمرو ، وأبو سعيد التغلبي محمد بن أسعد- قالا: حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جُبير ، فذكره.

سورة لقمان
754 - (خ) ابن عمر - رضي الله عنهما - : أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : «مَفاتِيحُ الغيب خمسٌ ، ثم قرأَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} إلى آخر الآية» [لقمان : 34] أخرجه البخاري.
وفي أُخرى له : «مفاتيحُ الْغَيْبِ خمسٌ لا يعْلَمُها إلاَّ الله : لا يعلمُ أحدٌ ما يكونُ في غدٍ إِلاَ اللهُ ، ولا يعلمُ أَحدٌ ما يكون في الأرحام ، ولا تعلم نفسٌ ماذا تَكْسِبُ غداً ؟ ولا تدري نفسٌ بأي أَرضٍ تموتُ ؟ وما يدْري أحدٌ متى يَجيء المطرُ ؟» .
وفي رواية أُخرى : مفاتيحُ الْغَيْبِ خمسٌ لا يعْلَمُها إلا الله : لا يعلمُ ما تَغِيضُ الأَرحامُ إلا اللهُ ، ولا يعْلَمُ ما في غَدٍ إلا الله ، ولا يعلم مَتَى يأتي المطَرُ أَحدٌ إلا الله ، ولا تدري نفسٌ بأيِّ أَرضٍ تَموت إلا الله ، ولا يعلم متى -[303]- تقومُ الساعة إلا اللهُ (1) .
__________
(1) 8 / 395 ، 396 في تفسير سورة لقمان ، باب قوله : {إن الله عنده علم الساعة} ، وفي الاستسقاء ، باب لا يدري متى يجيء المطر إلا الله ، وفي تفسير سورة الأنعام ، باب {وعنده مفاتح الغيب} ، وفي تفسير سورة الرعد ، باب {الله يعلم ما تحمل كل أنثى} ، وفي التوحيد ، باب قول الله تعالى : {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً} . قال ابن كثير : هذه مفاتيح الغيب التي استأثر الله تعالى بعلمها ، فلا يعلمها أحد إلا بعد إعلامه تعالى بها ؛ فعلم وقت الساعة لا يعلمه نبي مرسل ، ولا ملك مقرب ، {لا يجليها لوقتها إلا هو} ، وكذلك إنزال الغيث لا يعلمه إلا الله ، ولكن إذا أمر به علمته الملائكة الموكلون بذلك ومن شاء الله من خلقه ، وكذلك لا يعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه الله تعالى سواه ، ولكن إذا أمر بكونه ذكراً أو أنثى ، أو شقياً أو سعيداً علم الملائكة الموكلون ومن شاء الله من خلقه ، وكذلك لا تدري نفس ماذا تكسب غداً في دنياها وأخراها ، {وما تدري نفس بأي أرض تموت} في بلدها أو غيره من أي بلاد الله كان ، لا علم لأحد بذلك .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1 - أخرجه أحمد (2/24) (4766) ، (2/58) (5226) قال: حدثنا وكيع. وفي (2/52) (5133) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، وعبد بن حميد (791) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الزبيري أبو أحمد، والبخاري (2/41) قال: حدثنا محمد بن يوسف، أربعتهم -وكيع، وعبد الرحمن، وأبو أحمد، وابن يوسف- عن سفيان.
2- وأخرجه البخاري (6/99) ، قال: حدثني إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا معن، قال: حدثني مالك.
3- وأخرجه البخاري (9/142) قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا سليمان بن بلال.
4- وأخرجه النسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (7146) عن علي بن حُجر، عن إسماعيل بن جعفر.
أربعتهم -سفيان، ومالك، وسليمان، وإسماعيل- عن عبد الله بن دينار، فذكره.

سورة السجدة
755 - (ت د) أنس بن مالك - رضي الله عنه - : في قوله تعالى : {تَتَجافى جُنُوبُهُم عن المضاجع} [السجدة : 16] نزلت في انتظار الصلاة التي تُدْعى الْعَتَمَة. هذه رواية الترمذي (1) .
وفي رواية أَبي داود قال : كانوا يَتَنَفَّلُونَ ما بيْنَ المغرب والعِشاء ، ويُصَلُّونَ وكان الحسن يقول : «قيامُ الليل (2)» .
__________
(1) رقم (3194) في التفسير ، باب ومن سورة السجدة ، وقال : هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
أقول : وإسناده جيد ، ورواه كذلك الطبري 21 / 63 ، 64 وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 174 وزاد نسبته لابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، ومحمد بن نصر في " كتاب الصلاة " .
(2) رقم (1321) في الصلاة ، باب أي الصلاة أفضل ، وإسناده قوي ، ورواه الطبري 20 / 63 -[304]- وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 175 وزاد نسبته لابن أبي شيبة ، ومحمد بن نصر ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (السجدة 1:32) عن عبد الله بن أبي زياد، عن عبد العزيز بن عبد الله الأويسي عن سليمان بن بلال ، وقال: حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.تحفة الأشراف (1/429) .

756 - (م) أُبيُّ بن كعب - رضي الله عنه - : في قوله تعالى : {وَلنُذِيقَنَّهُمْ من العَذابِ الأَدْنَى دُونَ العذابِ الأكْبَر} [السجدة : 21] قال : مصائبُ الدنيا ، والرُّوم ، والْبَطْشَةُ أَو الدُّخان. شك شعبَةُ في البطشَةِ أو الدُّخان. أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) رقم (2799) في صفة القيامة ، باب الدخان ، فسر العذاب الأدنى ، بمصائب الدنيا والروم والبطشة أو الدخان ، والعذاب الأكبر ، هو عذاب الآخرة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :مسلم في التوبة (20) عن أبي بكر وأبي موسى بندار كلهم عن غندر ، عن شعبة ، عن قتادة، عن عزره العرني عن يحيى بن الجزار عن عبد الرحمن بن أبي ليلى.تحفة الأشراف (1/33) .

سورة الأحزاب
757 - (خ م ت) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - : قال : إِنَّ زَيدَ بن حارثَةَ مَوْلَى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، ما كُنَّا ندُعوهُ إِلا زيدَ بنَ محمدٍ ، حتَّى نَزَلَ القرآنُ {ادْعُوهُمْ لآبائهم هو أقْسَطُ عند اللَّه...} الآية. أخرجه البخاري ،ومسلم ، والترمذي (1) . -[305]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أَقْسَطَ) الرجلُ : إذا عدل، وقسط : إذا جار.
__________
(1) البخاري 8 / 397 في تفسير سورة الأحزاب ، باب {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} ، ومسلم رقم (2425) في فضائل الصحابة ، باب فضائل زيد بن حارثة ، والترمذي رقم (3207) في التفسير ، باب ومن سورة الأحزاب . قال النووي : قال العلماء : كان النبي صلى الله عليه وسلم قد تبنى زيداً ودعاه ابنه ، وكانت العرب تفعل ذلك ؛ يتبنى الرجل مولاه أو غيره فيكون ابناً له يورثه ، وينتسب إليه ، حتى نزلت الآية ، فرجع كل إنسان إلى نسبه ، إلا من لم يكن له نسب معروف فيضاف إلى مواليه ، كما قال تعالى : {فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (2/77) (5479) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا وهيب. والبخاري (6/145) قال: حدثنا معلى بن أسد، قال: حدثنا عبد العزيزبن المختار. ومسلم (7/130) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن القاري. وفي (7/131) قال: حدثني أحمد بن سعيد الدارمي. قال: حدثنا حبان، قال: حدثنا وهيب. والترمذي (3209) ، (3814) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن. والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (7021) عن قتيبة، عن يعقوب بن عبد الرحمن. (ح) وعن الحسن بن محمد، عن حجاج، عن ابن جريج.
أربعتهم -وهيب، وعبد العزيزبن المختار، ويعقوب، وابن جريج- عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، فذكره.

758 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه - : أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : «ما مِن مُؤمنٍِ ، إلا وأنا أولَى الناس به في الدنيا والآخرة ، اقْرؤُوا إنْ شئتم {النبيُّ أَوْلَى بالمؤمنين من أنفسهم} [الأحزاب : 6] فأيُّما مُؤمنٍ تَركَ مالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبتُه من كانوا ، فإِن ترك دَيناً أو ضَياعاً ، فَليأتِني فأنا مولاه» أخرجه البخاري ، ومسلم (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عَصَبة) الميت : من يرثُهُ، سوى من له فرض مقدر.
(ضياعاً) الضياع : العيال، وقيل: هو مصدر ضاع يضيع.
__________
(1) البخاري 8 / 397 في تفسير سورة الأحزاب في فاتحتها ، وفي الكفالة ، باب الدين ، وفي الاستقراض ، باب الصلاة على من ترك ديناً ، وفي النفقات ، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من ترك كلاً أو ضياعاً فإلي " ، وفي الفرائض ، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من ترك مالاً فلأهله " ، وباب ابني عم أحدهما أخ للأم والآخر زوج ، وباب ميراث الأسير ، ومسلم رقم (1619) في الفرائض ، باب من ترك مالاً فلورثته ، وفي رواية لمسلم " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين فيسأل : هل ترك لدينه من قضاء ، فإن حدث أنه ترك وفاءاً صلى عليه ، وإلا قال : صلوا على صاحبكم ، فلما فتح الله عليه الفتوح قال : " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه ، ومن ترك مالاً فهو لورثته " أي إذا لم يترك وفاءاً .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري في التفسير (1:33) عن إبراهيم بن المنذر ، عن محمد بن فليح، عن أبيه، عن هلال بن علي، وفي الاستقراض (11:2) عن عبد الله بن محمد ، عن أبي عامر العقدي، عن فليح به، تحفة الأشراف (10/4478) .
وأخرجه مسلم في كتاب الفرائض باب من ترك مالا فلورثته رقم (1619) .

759 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قوله تعالى : {ما جَعلَ الله لِرَجلٍ من قَلبَيْن في جَوْفِهِ} [الأحزاب : 4] قال أبو ظبيان : قُلنا لابنِ -[306]- عباسٍ : أرأَيت قولَ الله تعالى {ما جَعلَ اللَّهُ لِرَجلٍ من قَلبَيْن في جَوْفِهِ} ما عَنَى بذلك ؟ قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يُصلّي ، فَخطَرَ خَطْرَة ، فقال المنافقون الذي يُصلون معه : أَلا ترى أنَّ له قلْبَين : قلباً معكم ، وقلباً معهم ؟ فأنزل الله تعالى : {ما جَعلَ اللَّه لِرَجلٍ من قَلبَيْن في جَوْفِهِ} أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3197) في التفسير ، باب ومن سورة الأحزاب بسندين ، وقال : هذا حديث حسن ، أقول : وفي سنده قابوس بن أبي ظبيان ، وفيه لين كما قال الحافظ ابن حجر في " التقريب " ، ورواه الحاكم 2 / 415 وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وتعقبه الذهبي فقال : قلت : قابوس ضعيف . ورواه أيضاً أحمد وابن جرير الطبري وابن أبي حاتم ، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " وزاد نسبته لابن المنذر ، وابن مردويه ، والضياء في " المختارة " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي في التفسير (34 الأحزاب : 1) عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، عن صاعد الحراني ، و (34 الأحزاب : 2) عن عبد بن حميد ، عن أحمد بن يونس كلاهما عن زهير ، عن قابوس عن أبيه. وقال: حسن.تحفة الأشراف (4/379) .

760 - (خ م) عائشة - رضي الله عنها - : في قوله تعالى {إذْ جاءُوكم من فَوْقِكُم ومن أسْفَلَ منكم وإذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجرَ} [الأحزاب : 10] قالت : كان ذلك يومَ الخَنْدَق. أخرجه البخاري ، ومسلم (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(زاغت الأبصار) : مالت عن مكانها ، وذلك كما يعرض للإنسان عند الخوف.
(الحناجر) : جمع الحنجرة ، وهي الحلقوم.
__________
(1) البخاري 7 / 307 في المغازي ، باب غزوة الخندق ، ولم نجده في مسلم ، وربما يكون وهماً من المؤلف فإن السيوطي أورده في " الدر المنثور " 5 / 185 ولم يعزه إلى مسلم ، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في " الدلائل " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (5/139) قال: حدثني عثمان بن أبي شيبة، والنسائي في الكبرى (6/429) (11398) قال: أخبرنا هارون بن إسحاق.
ثلاثتهم -عثمان، وأبو بكر، وهارون- عن عبدة بن سليمان ، عن هشام بن عروة، عن أبيه ، فذكره.

761 - (خ م ت س) أنس بن مالك - رضي الله عنه - : قال : نَرى هذه الآية نزلت في عَمِّي أنَسِ بن النَّضِر (1) {من المؤمنين رجال صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عليه} [الأحزاب : 23] . أخرجه البخاري (2) .
وقد أخرج هو ومسلم ، والترمذيُّ هذا الحديثَ بأَطْوَلَ مِنْهُ ،وهو مذكورٌ في غزوةِ أُحدٍ،من كتاب الغزَوات ، من حرفِ الغين (3) .
__________
(1) قتل أنس بن النضر يوم أحد شهيداً ، ووجد في جسده بضع وثمانون ما بين ضربة بسيف ورمية بسهم وطعنه برمح ، حتى قالت أخته الربيع بنت النضر : ما عرفت أخي إلا ببنانه .
(2) 8 / 398 في تفسير سورة الأحزاب ، باب {فمنهم من قضى نحبه} .
(3) مسلم رقم (1903) في الإمارة ، باب ثبوت الجنة للشهيد ، والترمذي رقم (3198) و (3199) في التفسير ، باب ومن سورة الأحزاب .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (6/146) ، قال: حدثني محمد بن بشار ، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال: حدثني أبي ، عن ثمامة فذكره.

762 - (ت) أمُّ عمارَة الأنصارية - رضي الله عنها - : قالت : أَتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : ما أرَى كُلَّ شيءٍ إلا للرجال ، وما أرى النساءَ يُذْكرْنَ بشيءٍ ، فنزلت {إِن المسلمين والمسلمات - إلى قوله - : أَعدَّ اللَّه لهم مغفرةً وأَجراً عظيماً} [الأحزاب : 35] . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3209) في التفسير ، باب ومن سورة الأحزاب ، وقال : هذا حديث حسن غريب ، وإنما نعرف هذا الحديث من هذا الوجه . أقول : وسنده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3211) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: حدثنا سليمان بن كثير عن حصين عن عكرمة ، فذكره.

763 - (ت) عائشة - رضي الله عنها - : قالت : لو كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم -[308]- كاتماً شيئاً من الوَحْي ، لكَتَم هذه الآية : {وإذْ تقولُ للذي أنْعَمَ اللَّه عليه} [الأحزاب : 37] يعني : بالإِسلام {وأنعمتَ عليه} : بالعتق فَأَعْتَقْتَهُ {أمْسِكْ عليك زوجَكَ واتَّقِ اللَّه وتُخفي في نفسك مَا اللَّهُ مُبدِيهِ وتَخْشى النَّاسَ واللَّهُ أحَقُّ أنْ تَخْشاهُ فلما قَضى زيدٌ منها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْلَا يكون على المؤمنين حَرَجٌ في أزواج أَدْعِيائهم إذا قَضَوْا منهن وطَراً وكان أمرُ اللَّهِ مفعولاً} [الأحزاب : 37] فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لما تَزَوَّجَها ، قالوا : تَزوَّجَ حَلِيلةَ ابْنِهِ ، فأنزل الله تعالى {ما كان محمدٌ أبا أَحدٍ من رجالكم ولكن رسولَ اللَّهِ وخاتَمَ النبيين} [الأحزاب :40] وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم تَبَنَّاهُ وهو صغيرٌ ، فَلبِثَ حتى صارَ رَجُلاً ، يقالُ له : زَيْدُ بنُ مُحمَّدٍ ، فأنزل الله تعالى : {ادْعُوهم لآبائهم هو أقْسَطُ عند اللَّه فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانُكم في الدِّينِ ومَواليكم} فُلانٌ مولى فُلانٍ ، وفلانٌ أخو فلانٍ {هو أقْسَطُ عند اللَّه} يعني : أعدلُ عند الله (1) .
وفي رواية مختصراً : لو كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوَحْي ، لكَتَم هذه الآية : {وإذ تقولُ للذي أنْعَمَ اللَّه عليه وأنعمتَ عليه} لم يَزِدْ. -[309]- أخرجه الترمذي (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حَلِيلَة) قد ذكرت في سورة الفرقان.
__________
(1) رواه الترمذي رقم (3205) في التفسير ، باب ومن سورة الأحزاب ، وقال : هذا حديث غريب . أقول : وفي سنده داود بن الزبرقان الرقاشي البصري نزيل بغداد ، وهو متروك ، وكذبه الأزدي كما قال الحافظ ابن حجر في " التقريب " . وقول عائشة في أول الحديث : لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية ، هذا القدر ثابت . وقال الحافظ في " الفتح " : وأظن الزائد بعده مدرجاً في الخبر ، فإن الراوي له عن داود - يعني بن أبي هند - لم يكن بالحافظ - يريد به داود بن الزبرقان - .
(2) رقم (3206) وقال : هذا حديث حسن صحيح . ورواه مسلم رقم (177) في الإيمان ، باب معنى قول الله عز وجل : {ولقد رآه نزلة أخرى} ، والطبري 22 / 11 ، ورواه البخاري من حديث أنس 13 / 347 في التوحيد ، باب {وكان عرشه على الماء} . قال الحافظ : وفي مسند الفردوس عن عائشة من لفظه صلى الله عليه وسلم : " لو كنت كاتماً شيئاً من الوحي ... " الحديث .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/241) قال: حدثنا ابن أبي عدي. وفي (6/266) قال: حدثنا عبد الوهاب. والترمذي (3207) قال: حدثنا علي بن حُجْر. قال: أخبرنا داود بن الزبرقان.
ثلاثتهم -ابن أبي عدي، وعبد الوهاب، وداود بن الزبرقان- عن داود بن أبي هند، عن عامر الشعبي، فذكره.
وأخرجه الترمذي (3207) قال: حدثنا عبد الله بن وضاح الكوفي، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس. وفي (3208) قال: حدثنا محمد بن أبان. قال: حدثنا ابن أبي عدي.
كلاهما -عبد الله بن إدريس، وابن أبي عدي- عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق ، عن عائشة -رضي الله عنها- مختصرا على أوله. وزاد فيه : «عن مسروق» .

764 - (خ ت س) أنس بن مالك - رضي الله عنه - : قال : جاءَ زيدُ بن حارثةَ يشْكُو، فجعل رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول : اتقِ اللهَ ، وأمْسِكْ عليك زوجكَ ، قال أنسٌ لو كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوَحْي ، لكَتَم هذه الآية : قال : وكانت تَفْخَرُ على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تقول : زَوَّجَكُنَّ أَهِالِيكنَّ ، وزوجني اللهُ من فوق سَبع سمواتِ.
وفي رواية قال : {وتُخفي في نفسك مَا اللَّهُ مُبدِيهِ} نزلت في شأن زينب بنت جَحْشٍ وزيد بن حارثة. أخرجه البخاري.
وفي رواية الترمذي قال : لما نزلت هذه الآية {وتُخفي في نفسك مَا اللَّهُ مُبدِيهِ} في شأن زينب بن جحش ، جاء زيدٌ يَشكُو ، فهمَّ بِطلاَقِها ، فاستأْمَرَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : أَمْسِكْ عليك زوجك ، واتق الله.
وفي أخرى له قال : لما نزلت هذه الآية في زينب بن جحش {فلما قَضى -[310]- زيدٌ مِنهَا وَطَراً زَوَّجْناكَها} قال : فكانت تَفْخرُ على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول : زَوَّجَكُنَّ أَهْلوكنَّ ، وزوجني اللهُ من فوق سَبع سمواتٍِ.
وفي رواية النسائي قال : كانت زينب تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقول : أنْكَحَني من السَّمَاءِ ، وفيها نزلت آية الحجاب (1) .
__________
(1) البخاري 13 / 347 ، 348 في التوحيد ، باب {وكان عرشه على الماء} ، وفي تفسير سورة الأحزاب ، باب {وتخفي في نفسك ما الله مبديه} ، والترمذي رقم (3212) و (3210) في التفسير ، باب ومن سورة الأحزاب ، والنسائي 6 / 80 في النكاح ، باب صلاة المرأة إذا خطبت واستخارتها ربها ، وأخرجه أحمد ، والحاكم 2 / 417 وصححه ووافقه الذهبي ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 201 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه .
قال الحافظ في " الفتح " : وقد أخرج بن أبي حاتم هذه القصة من طريق السدي فساقها سياقاً واضحاً حسناً ، ولفظه : بلغنا أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يزوجها زيد بن حارثة ، فكرهت ذلك ، ثم أنها رضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه ، ثم أعلم الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بعد أنها من أزواجه فكان يستحي أن يأمر بطلاقها ، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب ما يكون من الناس ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك عليه زوجه وأن يتقي الله ، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه ويقولوا : تزوج امرأة ابنه ، وكان قد تبنى زيداً ، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : جاء زيد بن حارثة فقال : يا رسول الله إن زينب أشتد علي لسانها ، وأنا أريد أن أطلقها ، فقال له : اتق الله وأمسك عليك زوجك ، قال : والنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها ويخشى قالة الناس .
قال الحافظ : ووردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم والطبري ونقلها كثير من المفسرين لا ينبغي التشاغل بها ، والذي أوردته منها هو المعتمد .
والحاصل أن الذي كان يخفيه النبي صلى الله عليه وسلم هو إخبار الله إياه أنها ستصير زوجته ، والذي كان يحمله على إخفاء ذلك خشية قول الناس : تزوج امرأة ابنه ، وأراد الله إبطال ما كان أهل الجاهلية عليه من أحكام التبني بأمر لا أبلغ في الإبطال منه ، وهو تزوج امرأة الذي يدعى ابناً ووقوع ذلك من إمام المسلمين ليكون أدعى لقبولهم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (3/149) قال : ثنال مؤمل بن إسماعيل.وعبد بن حميد (1207) وقال : ثنا محمد بن الفضل. و «البخاري» (6/147) قال : ثنا محمد بن عبد الرحيم ،قال : ثنا معلي بن منصور وفي (9/152) قال : ثنا أحمد ، قال :ثنا محمد بن أبي بكر المقدسي. و «الترمذي» 3212 قال: ثنا عبد بن حميد ، قال : ثنا محمد ثنا بن الفضل.و «النسائي» في الكبري «تحفة الأشراف» (296) عن محمد بن سليمان ، لوين.
خمستهم - مؤمل ، وابن الفضل ، ومعلى ، والمقدمي ، ولوين - قالوا: ثنا حماد بن زيد ، عن ثابت،فذكره.والرواية الأخرى أخرجها أحمد (3/226) . و «البخاري» (9/152) . و «النسائي» (6/79) وفي الكبرى تحفة الأشراف (1124) عن عيسى بن طهران فذكره.

765 - (خ م ت س) أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أَنَّهُ كان ابنَ عَشْرِ سنين مَقْدَمَ (1) رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، قال : وَكُنَّ أُمَّهاتِي يُواظِبْنَني (2) على خدمِة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فَخَدْمتُهُ عَشْر سِنينَ ، وتُوُفِّيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، وأنا ابنُ عشرين سنة ، وكنتُ أعلَم النَّاسِ بشأنِ الحجاب حين أُنْزِلَ ، وكان أول ما نزل في مُبْتَنَى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش : أصْبَحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عَروساً بها فدعا القومَ فأصابوا الطعام ، ثم خرجوا وبقي رَهْطٌ منهم عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأطالوا المُكْثَ ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم ، فخرج وخرجتُ معه لِكَيْ يخرجوا ، فمشى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ومَشَيْتُ ، حتَّى جاءَ عَتَبَةَ حُجْرةِ عائشة ، ثم ظَنَّ أنهم خرجوا ، فرجع ورجعتُ معه ، حتى إذا دخل على زينب فإذا هم جلوس لم يقوموا ، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم ورجعت معه ، حتى إذا بلغ عَتبةَ حُجْرة عائشة ظنَّ أَنهم خرجوا ، فرجع ورجعت معه ، فإذا هم قد خرجوا ، فضربَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيني وبينه بالسِّتْرِ ، وأُنْزِلَ الحِجابُ.
زاد في رواية : أَنا أَعْلَمُ النَّاسِ بالحِجَابِ ، وكان أُبَيُّ بن كعب يَسألُني -[312]- عنه. هذه رواية البخاري ومسلم.
وللبخاري من رواية الجَعْد عن أنس ، قال : مَرَّ بنا أنَسٌ في مسجد بني رِفاعة ، فسمعتُه يقولُ : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا مَرَّ بِجَنَبَاتِ أُمِّ سُليم (3) دَخلَ [عليها] فَسَلَّمَ عليها ، ثم قال : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم عَروساً بزينبَ ، فقالت لي أُمُّ سُلَيم : لَوْ أَهْدَينا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم هَدِيَّة ؟ فقلتُ لها : افْعَلي ، فعمَدَتْ إلى تَمرٍ وسَمْنٍ وأَقِطٍ ، فاتخذتْ حَيْسَة في بُرْمَةٍ ، فأرسلتْ بها مَعي إليه ، فانطلقْتُ بها إليه ، فقال [لي] : ضَعْها ، ثُمَّ أمرني ، فقال : ادْعُ لي رجالاً سمَّاهم، وادْعُ لي من لَقِيتَ ، قال : ففعلْتُ الذي أَمرني ، فرجعتُ ، فإذا البيتُ غاصٌّ بأهله، ورأَيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وضَعَ يدَهُ على تِلْكَ الْحَيْسَةِ ، وتَكلَّمَ بما شاء اللهُ ، ثم جعل يدْعُو عشرة عَشرَة ، يأكلونَ منه ، ويقولُ لهم : اذكروا اسم الله ، وليأكلْ كُلُّ رُجل ممَّا يلِيه ، حتى تصدَّعُوا كلُّهم ، فخَرجَ مَنْ خَرَجَ ، وبَقيَ نَفرٌ يتحدَّثون ، ثم خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم نحو الحُجراتِ، وخَرجتُ في إِثْرِهِ ، فقلتُ : إنهم قد ذَهبُوا ، فرجع فدخل البيتَ وأَرْخَى السِّتْرَ ، وإنِّي لَفي الحجرة ، وهو يقول : {يا أيُّها الذين آمنوا لا تدخلوا بيُوتَ النبيِّ إِلّا أنْ يُؤذَن لكم إلى طعامٍ غيرَ ناظرين إِناهُ ولكن إِذا دُعِيتُمْ فادخلوا فإِذا طَعِمْتُم فانْتَشِروا ولا مُسْتَأنِسين لحديثٍ إِن ذلكم كان يُؤذي النبيَّ فيستحيي منكم واللَّه لا يستحيِي من الْحَقِّ} [الأَحزاب : 53] . -[313]-
وقال الجعدُ (4) : قال أنس : إِنَّهُ خدم النبي صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سنين.
ولمسلم من رواية الْجَعْدِ أيضاً قال : تزوج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فدخلَ بأهله،قال: فَصنَعَتْ أُمِّي أُمُّ سُلَيْم حَيْساً ، فجعلتْهُ في تَوْرٍ ، فقالت : يا أَنسُ ، اذْهبْ بهذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقل:بعَثَتْ بهذا إليك أُمِّي ، وهي تُقْرِئُكَ السلام، وتقول : إِنَّ هذا لَكَ منَّا قليلٌ، فقال : ضَعْهُ ، ثم قال : «اذهب فادْعُ لي فُلاناً وفُلاناً [وفلاناً] ومَنْ لِقيتَ» ، قال : فدعوتُ من سَمَّى ومن لقيتُ ، قال : قُلْتُ لأنسٍ : عَدَدَ (5) كَمْ كانوا ؟ قال: زُهاءَ ثَلاثِمائةٍ (6) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أنسُ ، هاتِ التَّوْرَ (7) ، قال : فدخلوا حتى امتلأتِ الصُّفَّةُ والحُجْرَةُ ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : لِيتَحلَّقْ عشرةٌ عشرة ، وليأكلْ كلُّ إنسانٍ مما يليه ، قال : فأكلوا حتى شبعوا ، قال : فخرجتْ طائفةٌ ، و دخلت طائفة، حتى أكلوا كلُّهم ، فقال لي : يا أنسُ، ارفع ، فرفعتُ ، فما أدري حين وضعتُ كان أكثرَ ، أم حين رفعتُ ؟ قال : وجلس طوائفُ منهم يتحدَّثون في بيت -[314]- رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ ، وزوجتُهُ مُوَلِّيَةٌ وجهها (8) إلى الحائطِ ، فثقُلوا (9) على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلَّمَ على نسائه ثم رجع، فلما رأوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد رجعَ ، ظنُّوا أنهم قد ثقُلوا [عليه] ، قال : فابتدروا الباب، فخرجوا كلُّهم، وجاءَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، حتى أرخى السِّترَ ، ودخلَ وأنا جالسٌ في الحُجْرة ، فلم يلْبَثْ إلا يسيراً ، حتى خرج عليَّ، وأُنزلت هذه الآية، فخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقرأَهُنَّ على الناس: {يا أيُّها الذين آمنوا لا تدخلوا بُيوتَ النبيِّ إلا أن يُؤذَنَ لكم...} إلى آخر الآية، قال : الجعد : قال أنس : أنا أَحْدَثُ الناسِ عهداً بهذه الآيات ، وحُجِبْنَ نساءُ النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي أخرى للبخاري قال : بنى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بزينبَ ، فأوْلَمَ بخبزٍ ولحمٍ ، فأُرْسِلْتُ على الطعام داعياً ، فيجيءُ قومٌ فيأكلونَ ويخرجونَ ، ثم يجيءُ قومٌ فيأَكلونَ ويخرجونَ، فدعوتُ حتى ما أجِدُ أَحداً أَدْعُو ، فقلتُ : يا نبيَّ الله ، ما أَجدُ أحداً أَدعو، قال : «ارفعوا طعامكم» وبقي ثلاثةُ رهْطٍ يتحدَّثونَ في البيت ، فخرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فانطلق إلى حُجْرة عائشة ، فقال : «السلام عليكم أهلَ البيت ورحمةُ الله» ، وقالت : وعليك السَّلامُ ورحمة الله ، -[315]- كيف وجدتَ أهلكَ ؟ باركَ اللهُ لك ، فتقرَّى حُجَرَ نسائه (10) كُلِّهِنَّ ، يقولُ لهن كما يقولُ لعائشة ، ويقُلْنَ له كما قالت عائشةُ ، ثمَّ رجعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فإذا رهطٌ ثلاثةٌ في البيتِ يتحدَّثونَ، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم شديدَ الحياء ، فخرج مُنْطلقاً نحو حُجرةِ عائشة ، فما أدري أخبَرْتُهُ أو أُخْبِرَ أنَّ القومَ قد خرجوا ، فرجع حتى وضع رِجْلهُ في أُسْكُفَّةِ البابِ داخلة ، وأُخرى خارجة ، أَرْخى السِّتر بيني وبينه ، وأُنزلَ الحجابُ.
وفي أخرى له قال : أوْلَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حينَ بَنَى بزَينَبَ بِنْتِ جحشٍ ، فأَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزاً ولَحماً ، وخرجَ إلى حُجَرِ أُمَّهاتِ المُؤمِنينَ ، كما كان يصَنْعُ صَبِيحَة بنائهِ ، فَيُسَلِّمُ عليهنَّ ويدْعُو لهنَّ ، ويُسَلِّمْنَ عليه ويدعون له ، فلما رجع إلى بيْتِهِ ، رأى رجلين ، جرى بهما الحديث ، فلما رآهما رجَعَ عن بيته ، فلما رأى الرَّجُلانِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجع عن بيته وثَبا مُسْرِعيْنِ ، فما أدْرِي أَنا أخبرتُه بخُرُوجِهمِا أو أُخْبِر ؟ فرجع حتَّى دخلَ الْبيْتَ ، وأرْخَى السِّتْرَ بيْني وبينَهُ ، وأُنْزِلت آيَةُ الحجابِ.
وأخرج الترمذي من هذه الروايات رواية الجعد التي أخرجها مسلم.
ولَهُ في رواية أُخرى قال: بنى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ مِن نسائِهِ،فأرْسَلَني، فدعوتُ له قوماً إلى الطعامِ ، فلمَّا أَكلوا وخرجُوا ، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مُنْطلقاً قِبَلَ بيت عائشة، فرأى رجلين جالسيْنِ ، فانصرفَ راِجعاً ،فقام -[316]- الرَّجُلانِ فخرجا ، فأنزلَ الله {يا أَيُّها الذين آمنوا لا تدخُلوا بُيُوتَ النبيِّ إلّا أنْ يُؤذَنَ لكم إلى طعامٍ غيْرَ ناظِرينَ إِناهُ (11)} . قال : وفي الحديث قصةٌ. وقد أَخرج البخاري هذه الرواية مختصرة قال : بنى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ ، فأرسلني ، فدعوتُ رجالاً إلى الطعامِ ، لم يَزِدْ على هذا، ولم يُسَمِّها.
وللترمذي من طريق آخر قال : كنتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فأتَى بابَ امرأةٍ عَرَّسَ بها، فإذا عندها قومٌ ، فانطلق يقضي حاجته واحْتُبِسَ ، ثم رجع وعندها قومٌ ، فانطلقَ، فقضى حاجتهُ ، فرجع وقد خرجوا ، قال : فدخلَ وأَرْخى بيني وبينه سِتْراً ، قال : فذكرتُه لأبي طلحة ، قال : فقال : لئن كان كما تقولُ لِيْنزِلَنَّ في هذا شيءٌ. قال : فنزلت آية الحجاب . وأخرج النسائي من هذه الروايات : رواية مسلم من طريق الجعد (12) . -[317]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مبتنى) الابتناء بالمرأة : الدخول بها ، وكذلك البناء ، والأصل فيه : أن الرجل كان إذا تزوج امرأة ، بنى عليها قبة ليدخل بها فيها.
قال الجوهري : ولا يقال : بنى بأهله ، إنما يقال : بنى على أهله.
(عروساً) العروس : يطلق على الرجل وعلى المرأة أيام دخول أحدهما بالآخر.
(رهط) الرهط : ما بين الثلاث إلى التسع من الرجال.
(بجنبات) جنبات الإنسان : نواحيه.
(أقط) الأقط : لبن مجفف يابس صلب.
(حيسة) الحيسة : خلط من تمر وسمن وأقط.
(برمة) البرمة : القدر من الحجر المعروف بالحجاز ، والبرمة : القدر مطلقاً.
(زُهاء) يقال : القوم زهاء مائة ، أي : قدر مائة.
(تصدَّعوا) أي : تفرقوا.
(ليتحلق) التحلق : أن يصير القوم حلقة مجتمعة.
(أولم) الوليمة : طعام العرس.
(فتقرَّى) تقرَّى : مثل استقرى ، أي : تتبَع شيئاً فشيئاً.
(إناه) الإنا مقصور : النضج.
__________
(1) أي زمان قدومه .
(2) قال الحافظ في " الفتح " : يواظبنني ، كذا للأكثر بظاء مشالة وموحدة ثم نونين من المواظبة ، وللكشميهني بطاء مهملة بعدها تحتانية مهموزة بدل الموحدة من المواطأة وهي الموافقة .
وفي رواية الإسماعيلي " يوطنني " بتشديد الطاء المهملة ونونين ، الأولى : مشددة بغير ألف بعد الواو ، ولا حرف آخر بعد الطاء ، من التوطين ، وفي لفظ له مثله لكن بهمزة ساكنة بعدها النونان من التوطئة ، يقول : وطأته على كذا : أي حرضته عليه .
(3) " الجنبات " بفتحتين : النواحي ، ويحتمل أن يكون مأخوذاً من الجناب ، وهو الفناء . وأم سليم : هي أم أنس .
(4) هو أبو عثمان الجعد بن دينار اليشكري الصيرفي ، من أهل البصرة ، وهو ثقة مشهور تابعي ، روى عن أنس بن مالك وأبي رجاء العطاردي ، سمع منه يونس وشعبة وحماد بن زيد ، ويقال له : صاحب الحلي . قال ابن حبان في الثقات : يخطئ .
(5) كلمة " عدد " مقحم .
(6) قوله : " زهاء " بضم الزاي وفتح الهاء والمد ومعناه : نحن ثلاثمائة ، وفيه : أنه يجوز في الدعوة أن يأذن المرسل في ناس معينين وفي مبهمين ، لقوله : " من لقيت ، من أردت " ، وفي هذا الحديث معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لتكثير الطعام ، قاله النووي .
(7) " هات " هو بكسر التاء ، كسرت للأمر ، كما تكسر الطاء من : أعط ، والتور : إناء يشرب فيه .
(8) قال النووي : هكذا هو في جميع النسخ " وزوجته " بالتاء ، وهي لغة قليلة تكررت في الحديث والشعر ، والمشهور : حذفها .
(9) هو بضم القاف المخففة .
(10) أي : تتبعهن واحدة واحدة ، يقال منه : قروت الأرض : إذا تتبعتها أرضاً بعد أرض ، وناساً بعد ناس ، قاله الزركشي .
(11) " إناه " أي إدراكه ووقت نضجه . يقال : أنى الحميم : إذا انتهى حره ، وأنى أن يفعل ذلك : إذا حان ، إنى - بكسر الهمزة مقصورة - فإذا فتحتها مددت ، فقلت : الأناء . وفيه لغتان : أنى يأني وآن يئين ، مثل حان يحين .
(12) البخاري 8 / 405 - 407 في تفسير سورة الأحزاب ، باب قوله : {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} ، وفي النكاح ، باب الوليمة حق ، وباب الهدية للعروس ، وفي الأطعمة ، باب قول الله تعالى : {فإذا طعمتم فانتشروا} ، وفي الاستئذان ، باب آية الحجاب ، وباب من قام من مجلسه أو بيته ولم يستأذن أصحابه ، وفي التوحيد ، باب {وكان عرشه على الماء} ، ومسلم رقم (1428) في النكاح ، باب زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب ، والترمذي رقم (3215) و (3216) و (3217) في التفسير ، باب ومن سورة الأحزاب .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1-أخرجه أحمد (3/168) قال : ثنا حجاج بن محمد. و «البخارى» (7/30) قال : ثنا يحيى بن بكير. وفي «الأدب المفرد» . (105) قال البخاري ، ثنا عبد الله بن صالح.ثلاثتهم - حجاج ، وابن بكير ، وعبد الله بن صالح - قالوا: ثنا الليث بن سعد عن عقيل.
2- وأخرجه أحمد (3/236) . و «البخاري «(7/107) قال : ثني عبد الله بن محمد. و «مسلم» (4/105) قال :ثني عمرو الناقد. و «النسائى» في الكبرى «تحفة الأشراف» (1505) عن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم.
أربعتهم- أحمد ، وعبد الله بن محمد ، وعمرو الناقد ، وعبيد الله- عن يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا أبي، عن صالح بن كيسان.
3- وأخرجه البخاري 8/65 قال : ثنا يحيى بن سليمان ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : عن يونس.
ثلاثتهم - عقيل ، وصالح بن كيسان ، ويونس - عن الزهري ، فذكره.
والرواية الأخرى. أخرجها أحمد (3/163) ، ومسلم (4/152،151) ، «والترمذي» (3218) ، «والنسائى» 6/،136وفي «الكبرى» «تحفة الأشراف» (513 ، 1721) عن الجعد ، فذكره.
والرواية الأخرى أخرجها أحمد (3/868 ، 236) و «البخاري» (307 ، 82107 / 65) وفي «الأدب المفرد» 1061 و «مسلم» 4/،150و «النسائي» في الكبرى تحفة الأشراف1505» عن الزهري ، فذكره.

766 - (خ م د س) عائشة - رضي الله عنها - : قال عروةُ : كانت خولةُ بنتُ حكيمٍ من اللاتي وهبْنَ أنفَسهُنَّ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فقالت عائشةُ : أما تستحي المرأةُ أن تهبَ نفسها للرجلِ، فلما نزلت : {تُرْجي من تشاءُ مِنْهُنَّ} قلت : يا رسولَ اللهِ ، ما أرى ربَّكَ إِلا يُسارِعُ في هواكَ (1) . وفي أخرى ، قالت : كنتُ أغارُ على اللاتي وهبْنَ أنفسَهُنَّ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم (2) ، وذكر نحوه . وفي أخرى ، قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يسْتأْذِنُنَا إذا كان في يومِ المرأةِ مِنَّا ، بعد أنْ نزلت هذه الآية : {تُرْجي منْ تشاءُ مِنْهُنَّ وتُؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممَّنْ عزلتَ فلا جُناح عليك} فقلتُ لها : ما كنتِ تقولين ؟ قالت : كنتُ أقول لهُ : إن كان ذلك إليَّ ، فإنِّي لا أُريدُ يا رسولَ الله -[319]- أنْ أُوثِرَ عليك أحداً . وفي رواية : لم أُوثِرْ على نفسي أحداً . أخرجه البخاري ، ومسلم، والنسائي، ووافقهم على الرواية الثالثة ، أبو داود (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ترجي) الإرجاء : التأخير.
__________
(1) أي : ما أرى الله إلا موجداً لما تريد بلا تأخير ، منزلاً لما تحب وتختار .
(2) قال الحافظ : ووقع عند الإسماعيلي من طريق محمد بن بشر عن هشام بن عروة بلفظ : كانت تعير اللاتي وهبن أنفسهن ، بعين مهملة وتشديد .
قال النووي : هذا من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهو زواج من وهبت نفسها له بلا مهر ، قال الله تعالى : {خالصة لك من دون المؤمنين} واختلف العلماء في هذه الآية ، وهي قوله : {ترجي من تشاء} فقيل : ناسخة لقوله تعالى : {لا يحل لك النساء من بعد} ومبيحة له أن يتزوج ما شاء . وقيل : بل نسخت تلك الآية بالسنة ، قال زيد بن أرقم : " تزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد نزول هذه الآية ميمونة ، ومليكة ، وصفية ، وجويرية " ، وقالت عائشة رضي الله عنها : " ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء " ، وقيل : عكس هذا ، وأن قوله تعالى : {لا يحل لك النساء} ناسخة لقوله {ترجي من تشاء} والأول : أصح . قال أصحابنا : الأصح : أنه صلى الله عليه وسلم ما توفي حتى أبيح له النساء مع أزواجه .
(3) البخاري 8 / 404 في تفسير سورة الأحزاب ، باب قوله {ترجي من تشاء منهن} ، وفي النكاح ، باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد ، ومسلم رقم (1464) في الرضاع ، باب جواز هبتها نوبتها لضرتها ، وأبو داود رقم (2136) في النكاح ، باب في القسم بين النساء ، والنسائي 6 / 54 في النكاح ، باب ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح وأزواجه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (6/134) قال : حدثنا عفان. قال : حدثنا حماد بن سلمة. وفي (6/158) قال : حدثنا محمد بن بشر.وفي (6 /261) قال : حدثنا يونس. قال : حدثنا حماد بن سلمة. و «البخاري» (6/147) قال : حدثنا زكريا بن يحيى. وقال : حدثنا أبو أسامة. وفي (7/15) قال : حدثنا محمد بن سلام. قال : حدثنا ابن فضيل. و «مسلم» (4/174) قال : حدثنا أبو كريب محمد بن العباس.
قال : حدثنا أبو أسامة. (ح) وحدثناه أبو بكر بن أبي شبيب.قال : حدثناه عبدة بن سليمان. و «ابن ماجة» (2000) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال : حدثنا عبدة بن سليمان. و «النسائي» (6/54) قال:أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي. قال : حدثنا أبو أسامة.
خمستهم -حماد بن سلمة ، ومحمد بن بشر ، وأبو أسامة ، ومحمد بن فضيل ، وعبدة بن سليمان - عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، فذكره.
- والرواية الأخرى: أخرجها أحمد (6/76) . و «البخارى» (6/147) . و «مسلم» (4/186) . و «أبو داود» (2136) . و «النسائى» في الكبرى تحفة الأشراف (12 / 17665) عن معاذه، فذكرته.

767 - (ت) أم هانئ - رضي الله عنها - : قالت : خطَبني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فاعتذَرْتُ إليه ، فعذرَني ، ثم أَنزل الله : {إِنا أحْلَلْنا لك أزواجَكَ اللَّاتي آتيْتَ أجُورهُنَّ وما ملكتْ يمينُكَ ممَّا أفاءَ اللَّه عليك وبناتِ عَمِّكَ وبناتِ عمَّاتك وبناتِ خالك وبنات خالاتك اللَّاتي هاجَرْنَ معك...} الآية [الأحزاب:50] فلم أكُنْ لأحِلَّ له ؛ لأني لما هاجرتُ كنتُ من الطُّلقاءِ. أخرجه الترمذي (1) . -[320]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الطلقاء) جمع طليق : وهم أهل مكة الذين عفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة ، فقال لهم : «اذهبوا فأنتم الطلقاء» والطليق : الأسير إذا خلي سبيله.
__________
(1) رقم (3211) في التفسير ، باب ومن سورة الأحزاب ، وقال : هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث السدي ، أقول : والسدي هذا ، هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي الكبير أبو محمد الكوفي ، وهو صدوق يهم كما قال الحافظ في " التقريب " ، وفي سنده أيضاً أبو صالح باذام مولى أم هانئ ، وهو ضعيف مدلس ، ومع ذلك فقد صححه الحاكم 2 / 420 ووافقه الذهبي ، قال الحافظ في " تخريج الكشاف " : رواه الترمذي ، والحاكم ، وابن أبي شيبة ، وإسحاق ، والطبري ، والطبراني ، وابن أبي حاتم ، كلهم من رواية السدي عن أبي صالح عن أم هانئ .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3214) قال : ثنا عبد بن حميد. قال : ثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل عن السدي ، وعن أبي صالح ، فذكره.

768 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : نُهيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن أَصنافِ النِّساءِ ، إلا ما كان من المؤمناتِ المهاجرَاتِ بقوله : {لا يحل لك النِّساءُ من بعدُ ولا أَن تَبَدَّلَ بِهنَّ مِنْ أزواجٍ ولو أَعْجَبكَ حُسْنُهُنَّ إلا ما ملكتْ يمينُك} فأحلَّ اللهُ فتياتِكم المؤمناتِ {وامرأَةً مؤمِنَةً إِنْ وهبَتْ نفسها للنبيِّ} وحرَّم كُلَّ ذات دِينٍ غير الإسلام ، قال : {ومن يَكْفُرْ بالإيمانِ فقد حبط عملُهُ وهو في الآخرةِ من الخاسرين} [المائدة : 5] وقال : {يا أَيُّها النبيُّ إنا أحللنا لك أَزواجَكَ اللَّاتي آتيتَ أُجورَهنَّ وما ملكت يمينك مِمَّا أفاءَ اللَّه عليك - إلى قوله - خالصةً لك من دون المؤمنين} وحرَّم ما سِوى ذلك من أصنافِ النِّساءِ. أخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(حبط عمله) أي : بطل.
__________
(1) رقم (3213) في التفسير ، باب ومن سورة الأحزاب وقال : هذا حديث حسن ، إنما نعرفه من حديث عبد الحميد بن بهرام قال : سمعت أحمد بن الحسن يقول : قال أحمد بن حنبل : لا بأس بحديث عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب . أقول : وشهر بن حوشب صدوق كثير الإرسال والأوهام ، ومع ذلك فقد حسن حديثه بعضهم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/318) (25 29) و (4/164) قال : ثنا أبو النضر..و «الترمذي» (3215) قال: ثنا عبد ، قال : ثنا روح. كلاهما - أبو النضر ، وروح- عن عبد الحميد بن بهرام ، قال : ثني شهر ابن حوشب ، فذكره.

769 - (ت س (1) - عائشة - رضي الله عنها - : قالت : ما ماتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى أُحِلَّ له النساء . أخرجه الترمذي والنسائي .
وللنسائي أيضاً : حتَّى أُحِلَّ له أَنْ يَتَزوَّجَ من النساء ما شاءَ (2) .
__________
(1) في الأصل : خ م ، وهو خطأ .
(2) الترمذي رقم (3214) في التفسير ، باب ومن سورة الأحزاب ، والنسائي 6 / 56 في النكاح ، باب ما افترض الله عز وجل على رسوله عليه السلام وحرمه على خلقه من حديث سفيان ، عن عمرو عن عطاء عن عائشة ، وإسناده صحيح . وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان ، والحاكم من طريق ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة ، وله شاهد عند ابن أبي حاتم كما نقله عنه ابن كثير 6 / 512 من حديث أم سلمة أنها قالت : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم ... .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
حسن : أخرجه أحمد 6/180 قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. و «الدارمي» 2247 قال: أخبرنا المعلى. و «النسائي» 6/56 قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال : حدثنا أبو هشام، وهوالمغيرة بن سلمة المخزومي.
ثلاثتهم - عبد الرحمن بن مهدي ، والمعلى ، وأبو هشام - قالوا : حدثنا وهيب ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير ، فذكره.
وأخرجه الحميدي (25) قال : حدثنا سفيان. قال : حدثنا عمرو. و «أحمد» (6/14) قال : حدثنا سفيان. قال : حدثنا عمرو. وفي (6 /201) قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن جريج. و «الترمذي» (3216) قال : حدثنا ابن أبي عمر. قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو. و «النسائى» (6/56) قال : أخبرنا محمد بن منصور ، عن سفيان. قال : حفظناه من عمرو. كلاهما - عمرو بن دينار ، وابن جريج- عن عطاء ، قال : قالت عائشة مثله ، وليس فيه - عبيد بن عمير - وقال الترمذي : هذا حديث حسن.

770 - (خ م) عائشة - رضي الله عنها - : أنَّ أزواجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كُنَّ يَخْرُجْنَ باللَّيلِ قِبَلَ الْمَناصِع - وهو صَعيدٌ أَفيح - وكان عمرُ يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : احْجُبْ نِساءك، فلم يكن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يفعل ، فخرجتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زوجُ النبي صلى الله عليه وسلم ، ليلة من الليالي عِشاءاً - وكانت امرأَة طويلة - فناداها عمر : ألاَ قد عَرفْناكِ يا سودةُ ، حِرْصاً على أن ينزلَ الحجابُ.
وفي رواية:كان أَزواجُ النبي صلى الله عليه وسلم يَخْرُجْنَ ليلاً إلى ليْلٍ قِبَلَ المناصع،وذكر نحوه.
وفي أخرى قالت : خرَجتْ سودةُ بعد ما ضُرِبَ الحجَابُ (1) لحاجَتِها -[322]- وكانَت امرأَة جسيمة تفرَعُ النِّساءَ جِسْماً (2) ، لا تَخْفَى على مَنْ يعْرِفُها (3) - فرآها عمرُ بنُ الخطاب ، فقال : يا سَوْدةُ ، [أما وَاللهِ] ما تَخْفَيْنَ علينا ، فانظُري كيفَ تخرُجينَ ؟ قالت : فانْكَفَأتْ راِجعة ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ، وإنه ليتَعَشَّى وفي يدِهِ عَرْقٌ ، فدَخلَتْ ، فقالتْ : يا رسول اللهِ ، إني خَرَجْتُ ، فقال لي عمرُ كذا وكذا ، قالت : فأُوحِي إليه، ثُمَّ رُفِعَ عنه وإنَّ العَرْق في يَدِهِ ما وضَعهُ ، فقال : إِنهُ قد أُذِنَ لكُنَّ أَن تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ ، قال هشامٌ : يعني : البَراز (4) . أخرجه البخاري ، ومسلم (5) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(المناصع) : المواضع الخالية لقضاء الحاجة من الغائط والبول ، وقد ذكرت. -[323]-
(صعيد) الصعيد : وجه الأرض.
(أفيح) الأفيح : الواسع.
(جسيمة) امرأة جسيمة : عظيمة الجسم.
(تفرع) النساء طولاً، أي : تطولهن.
(فانكفأت) الانكفاء :الرجوع.
(عَرْق) العَرْق : العظم الذي يقشر عنه معظم اللحم ، ويبقى [عليه] منه بقية.
__________
(1) قال الحافظ 8 / 408 قوله : " بعد ما ضرب الحجاب " وقد تقدم في كتاب الطهارة من طريق هشام بن عروة عن أبيه ما يخالف ظاهره رواية الزهري هذه عن عروة .
قال الكرماني : فإن قلت : وقع هنا " أنه كان بعد ما ضرب الحجاب " وتقدم في الوضوء " أنه كان قبل الحجاب " فالجواب : لعله وقع مرتين .
قلت : (القائل ابن حجر) بل المراد بالحجاب الأول غير الحجاب الثاني .
والحاصل : أن عمر رضي الله عنه وقع في قلبه نفرة من اطلاع الأجانب على الحريم النبوي ، حتى صرح بقوله له -عليه الصلاة والسلام - : " احجب نساءك " وأكد ذلك ، إلى أن نزلت آية الحجاب ، ثم قصد بعد -[322]- ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلاً ، ولو كن مستترات ، فبالغ في ذلك ، فمنع منه ، وأذن لهن في الخروج لحاجتهن ، دفعاً للمشقة ، ورفعاً للحرج .
(2) أي : تطولهن ، فتكون أطول منهن ، والفارع : المرتفع العالي .
(3) أي : إذا كانت متلففة في ثيابها ومرطها ، في ظلمة الليل ونحوها ، على من قد سبقت له معرفة طولها ، لانفرادها بذلك .
(4) " البراز " بفتح الباء : هو كناية عن قضاء حاجة الإنسان ، والبروز لها من البيوت إلى الخلاء .
(5) البخاري 1 / 218 في الوضوء ، باب خروج النساء إلى البراز ، وفي التفسير ، في تفسير سورة الأحزاب ، باب قوله : {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} ، وفي الاستئذان ، باب آية الحجاب ، ومسلم رقم (2170) في كتاب السلام ، باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :أخرجه أحمد (6/56) قال : حدثنا ابن نمير. قال: حدثنا هشام. وفي (6/223) قال : حدثنا حجاج. قال : حدثنا ليث.قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ثنا.وفي (6/271) قال : حدثنا يعقوب. قال : حدثنا أبي ، عن صالح بن كيسان. قال : قال ابن شهاب. و «البخاري» (1/49) قال : حدثنا يحيى بن بكير. قال : حدثنا الليث. قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب. وفي (1/49) و (6/150) قال :حدثني زكرياء بن يحيى. قال : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة. وفي (7/49) قال حدثنا فروة بن أبي المعراء. قال : حدثنا علي بن مسهر ، عن هشام. وفي (8/66)
قال: حدثنا إسحاق. قال : أخبرنا يعمر بن إبراهيم.قال : حدثنا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب. و «مسلم» (7/6 ،7) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام. (ح) وحدثناه أبو كريب. قال : حدثنا بن نمير. قال :حدثنا هشام. (ح) وحدثنيه سويد بن سعد. قال : حدثنا علي بن مسهر ، عن هشام. (ح) وحدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث. قال : حدثني أبي ، عن جدي. قال : حدثني عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب. (ح) وحدثنا عمرو الناقد. قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد. قال : حدثنا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب. و «ابن خزيمة» (54) قال : حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، عن الطفاوي، قال: حدثنا هشام بن عروة. (ح) وحدثنا أبو بكر قال : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام. كلاهما -هشام بن عروة ، وابن شهاب الزهري - عن عروة بن الزبير.

771 - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - : أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : «كانت بنو إسرائيل يغتسِلونَ عُراة ينظُر بعضُهُمْ إلى سوْأَةِ بعضٍ ، وكان موسى - عليه السلام- يغتسلُ وحدهُ ، فقالوا : واللهِ ما يمْنَعُ موسى أَنْ يغتسلَ معنا إلا أنهُ آدَرُ ، قال : فذهبَ مرَّة يغتسلُ ، فوضع ثوبهُ على حجرٍ ، ففرَّ الحجَرُ بثوْبِه ، قال : فجمحَ موسى -عليه السلام - بإثْره ، يقول : ثوْبي حَجَرُ ، ثوبي حَجَرُ ، حتى نظرتْ بنو إسرائيل إلى سوأَةِ موسى. فقالوا : والله ما بموسى من بأْسٍ. فقام الحجرُ حتى نُظِرَ إليه ، قال : فأَخذَ ثوبَهُ ، فطفِقَ بالحجر ضرباً (1) ، قال أَبو هريرة : والله إنَّ بالْحَجَر نَدَباً - ستَّة أو سبعة - من ضربِ موسى بالحجرِ» . -[324]- هذه رواية البخاري ، ومسلم.
وللبخاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ موسى كانَ رجلاً حَييّاً سِتِّيراً ، لا يُرى شيءٌ من جلده ، استحياء منه ، فآذاه مَنْ آذاه من بني إسرائيل ، فقالوا : ما يَسْتَتِرُ هذا السِّتر إلا من عَيبٍ بجِلده : إِمَّا بَرَصٍ ، وإِمَّا أُدْرَةٍ ، وإِمَّا آفةٍ ، وإِنَّ الله أراد أن يُبَرِّئهُ مِمَّا قالوا لموسى، فخَلا يوماً وحده ، فوضع ثيابه على الحجر ثم اغْتَسَلَ ، فلمَّا فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخُذَها ، وإنَّ الحجَرَ عدَا بثوبه ، فأخذ موسى عصاهُ ، وطلب الحجر ، وجعل يقول: ثوْبي حَجَرُ ، ثوبي حَجَرُ ، حتى انتهى إلى مَلإِ بني إسرائيل ، فرأوه عُرْياناً أحسنَ ما خلق اللهُ ، وأبْرَأَهُ مما يقولون ، وقام الحجرُ ؛ فأَخذه بثوبه فلبِسَه، وطَفِقَ بالحجرِ ضرباً بعصاهُ ، فو اللهِ إنَّ بالحجر لنَدَباً من أَثَرِ ضرْبِه - ثلاثاً أو أَرْبعاً أو خمساً - فذلك قوله تعالى : {يا أَيُّها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذَوْا موسى فَبرَّأَهُ اللَّهُ مما قالوا وكان عند اللَّه وَجِيهاً} (2)» .
ولمسلم قال : وكان موسى رجلاً حَيِيّاً ، قال : فكان لا يُرَى -[325]- متجرِّداً ، قال : فقالت بنو إسرائيل : إنهُّ آدَرُ ، قال : فاغتْسَلَ عند مُوَيْهٍ ، فوضع ثوبهُ على حجرٍ ، فانطلقَ الحجرُ يَسْعى ، واتَّبعَهُ بعصاه يضْرِبه : ثوْبي حَجَرُ ، ثوبي حَجَرُ ، حتى وقفَ على ملأٍ من بني إسرائيل ، فنزلت : {يا أَيُّها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذَوْا موسى فَبرَّأَهُ اللَّهُ مما قالوا وكان عند اللَّه وَجِيهاً} ، وأخرجه الترمذي مثْلَ روايةِ البخاري المفردة (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(سوأة) السوأة : كل ما يستحي الإنسان منه إذا انكشف.
(آدر) الأدرة : نفخة في الخصية ، والرجل آدر.
(فجمح) جمح : إذا أسرع.
(ندباً) الندب : أثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد ، فشبه به أثر الضرب في الحجر.
(ملأ) الملأ : أشراف الناس إذا كانوا مجتمعين.
__________
(1) أي : جعل يضرب ، يقال : طفق يفعل كذا ، وطفق - بكسر الفاء وفتحها - وجعل وأخذ وأقبل بمعنى واحد .
(2) قال الحافظ : وقد روى أحمد بن منيع في مسنده ، والطبري وابن أبي حاتم بإسناد قوي عن ابن عباس عن علي قال : " صعد موسى وهارون الجبل ، فمات هارون ، فقال بنو إسرائيل لموسى : أنت قتلته ، كان ألين لنا منك ، وأشد حياء ، فآذوه بذلك ، فأمر الله الملائكة فحملته ، فمروا به على بني إسرائيل ، فعلموا بموته " ، قال الطبري : يحتمل أن يكون هذا هو المراد بالأذى في قوله : {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} ، قال الحافظ : وما في الصحيح أصح من هذا ، لكن لا مانع أن يكون للشيء سببان فأكثر ، كما تقدم تقريره غير مرة .
(3) البخاري 1 / 330 في الغسل ، باب من اغتسل عرياناً وحده ، وفي الأنبياء ، باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام ، وفي تفسير سورة الأحزاب ، باب قوله {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} ، ومسلم رقم (339) في الحيض ، باب جواز الاغتسال عرياناً في الخلوة ، ورقم (339) في الفضائل ، باب فضائل موسى عليه السلام ، والترمذي رقم (3219) في التفسير ، باب ومن سورة الأحزاب .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (2/315) . و «البخاري» (781) قال : ثنا إسحاق بن نصر.و «مسلم» (1/183) ، (7/99) قال : ثنا محمد بن رافع.
ثلاثتهم - أحمد بن حنبل ، وإسحاق ، ومحمد بن رافع - عن عبد الرزاق بن همام ، قال : ثنا معمر ، عن همام بن منبه ، فذكره.
والرواية الثانية : أخرجها أحمد (2/492 ، 514 ، 535) ،والبخاري (4/190) ، (6/151) «الترمذي» (3221) ،والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (9/12302) عن خلاس ، عن عمار بن أبي عمار ، فذكره.

سورة سبأ
772 - (ت د) - (فروةُ بن مُسيكٍ المرادي - رضي الله عنه - (1) : قال : أَتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ، ألا أُقاتِلُ مَنْ أَدْبَرَ من قومي بمن أقبَلَ منهم ؟ فأذِنَ لي في قتالهم وأمَّرَني ، فلما خرجتُ من عنده ، سأَل عني ، ما فعل الغُطَيْفيُّ ؟ فأُخبِرَ أني سِرْتُ ، فأرسل في إثْري فرَدَّني ، فأتيْتُهُ - وهو في نفرٍ من أصحابه - فقال : ادْعُ القوم، فمن أسلمَ منهم فاقْبَلْ منه ، ومن لم يُسِلم فلا تَعْجَلْ حتى أُحَدِّث إليك ، قال: وأُنزِلَ في سبأٍ ما أنزلَ ، فقال رجل : يا رسولَ الله ، وما سبَأ ؟ أَرضٌ ، أَو امرأة ؟ قال : «ليس بأَرضٍ ، ولا امرأة ، ولكنه رجلٌ وَلدَ عشرة من العرب، فتَيَامَنَ منهم ستةٌ وتشاءمَ منهم أربعةٌ ، فأما الذين تشاءموا : فلَخْمٌ ،وجُذامٌ ، وغسان ، وعامِلةُ. وأما الذين تَيَامنُوا : فالأزدُ ، والأشْعريون (2) ، وحِمَيرُ ، وكِنْدَة ، ومِذْحجُ ، وأنمارُ» . فقال رجلٌ : وما أنمارُ ؟ قال : «الذين منهم خَثْعَمُ وبَجيلةُ» .هذه رواية الترمذي.
وأخرجه أبو داود مختصراً في كتاب الحروف ، وهذا لفظُهُ ، قال : أتيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث ، ولم يذكر لفظه - فقال رجل من القومِ : يارسولَ الله ، -[327]- أخبِرنا عن سبأٍ ، ما هو : أرضٌ ، أو امرأةٌ ؟ قال : «ليس بأرضٍ ولا امرأةٍ ، ولكنه رجلٌ وَلدَ عشرة من العرب ، فتيامَنَ ستةٌ ، وتشاءمَ أربعةٌ» (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فتيامن وتشاءم) تيامن ، أي : قصد جهة اليمن ، وتشاءم ، أي : قصد جهة الشام.
__________
(1) فروة بن مسيك - بضم الميم ، مصغر - المرادي ثم الغطيفي أبو عمر له صحبة ، أسلم سنة تسع وسكن الكوفة . روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وروى عنه هانئ بن عروة ، والشعبي ، وأبو سبرة النخعي وغيرهم ، قال ابن سعد : استعمله عمر رضي الله عنه على صدقات مذحج . ثم سكن الكوفة ، وكان من وجوه قومه .
(2) في الأصل والمطبوع : الأشعرون ، والتصحيح من الترمذي .
(3) الترمذي رقم (3220) في التفسير ، باب ومن سورة سبأ ، وأبو داود رقم (3978) في الحروف والقراءات ، وفي سنده أبو سبرة النخعي الكوفي ، لم يوثقه غير ابن حبان ، وأخرجه الحاكم 2 / 423 من طريق آخر ، وله شاهد عنده من حديث ابن عباس 2 / 423 وصححه ووافقه الذهبي ، ولذا قال الترمذي : حديث حسن ، وهو كما قال ، وأخرجه أحمد 3 / 451 ، وابن جرير الطبري 22 / 52 ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 231 وزاد نسبته لعبد بن حميد ، والبخاري في تاريخه ، وابن المنذر ، وابن مردويه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (3988) قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة وهارون بن عبد الله. و «الترمذي» 3222 قال : حدثنا أبو كريب وعبد بن حميد وغير واحد. و «عبد الله بن أحمد» قال : حدثنا خلف ابن هشام. (ح) وحدثنا عبد الله بن محمد.
ستتهم - عثمان ، وهارون ، و محمد بن العلاء أبو كريب ، وعبد بن حميد ، وخلف ، وعبد الله بن محمد أبو بكر بن أبي شيبة - عن أبي أسامة حماد بن أسامة ، عن الحسن بن الحكم النخعي ، قال : حدثناه أبو سيبرة النخعي ، فذكره.
أخرجه أحمد. قال : حدثنا حسين ، قال : حدثنا شيبان ، قال : حدثنا الحسن بن الحكم ، عن عبد الله ابن عايش ، عن فروة بن مسيك ، فذكره.

773 - (خ ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - : أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال : «إذا قضى اللهُ الأمرَ في السماءِ ضرَبت الملائكةُ بأجنحتها خُضْعاناً لقوله ، كأنه سِلْسِلةٌ على صفوان، فإذا فُزِّعَ عن قلوبِهمْ قالوا : ماذا قال ربُّكُمْ ؟ قالوا للذي قال : الحقَّ (1) ، وهو العليُّ الكبيرُ ، فَيَسمعُها مُستَرِقُ السَّمْعِ ، ومسترقُو السَّمع (2) هكذا ، بعضُه فوق بعض - ووَصفَ سُفيانُ (3) بِكفِّهِ فحرَّفَها ، وبدَّدَ بين أصابعه - فيَسْمعُ الكلمةَ -[328]- فَيُلْقيها إلى من هو تَحْتَهُ ، حَتَّى يُلْقِيها على لِسانِ السَّاحِر أو الكاهِنِ ، فرُبَّما أدْرَكَ الشِّهابُ قَبْلَ أن يُلْقِيَها ، وربما ألقَاهَا قَبْلَ أن يُدْرِكَهُ،فيَكْذِبُ معها مائَةَ كذْبةٍ ، فيقال : أَليسَ قد قال لنا يومَ كذا وكذا : كذا وكذا ؟ فيُصَدَّقُ بتلك الكلمة التي سُمِعَتْ من السماء» . أخرجه البخاري.
وأخرجه الترمذي قال : إذا قَضَى اللهُ في السَّمَاءِ أَمْراً ، ضَرَبتِ الملائكةُ بأجْنِحَتها خُضَّعاً لقوله ، كأنها سِلْسِلةٌ على صفوان فإذا فُزِّعَ عن قلوبِهمْ قالوا : ماذا قال ربُّكُمْ ؟ قالوا : الحقَّ ، وهو العليُّ الكبيرُ ، قال : والشَّيَاطين بعضُهم فوقَ بعضٍ (4) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فُزِّع) عن قلوبهم : كشف عنها الفزع.
(خُضَّعاً) جمع خاضع ، وهو المنقاد المتطامن ، وخضعاناً : مصدر ، ويجوز أن يكون جمع خاضع.
(صفوان) الصفوان : الحجر الأملس ، وجمعه: صُفِيٌّ ، وقيل : هو جمع واحدته صفوانة والصفا أيضاً : جمع صفاة ، وهي الحجر الأملس .
__________
(1) أي للذي قال القول الحق ، وهو الله سبحانه وتعالى .
(2) قال الحافظ : في رواية علي عند أبي ذر : ومسترق السمع ، بالإفراد ، وهو فصيح .
(3) هو سفيان بن عيينة .
(4) البخاري 8 / 413 ، 414 في تفسير سورة سبأ ، باب {حتى إذا فزع عن قلوبهم} ، وفي تفسير سورة الحجر ، باب قوله : {إلا من استرق السمع} ، والترمذي رقم (3221) في التفسير ، باب ومن سورة سبأ ، وقال : حديث حسن صحيح .

774 - (د) ابن مسعود - رضي الله عنه - : قال : إذا تكَلَّمَ الله بِالْوَحْيِ سَمِعَ أهلُ السماءِ صَلْصَلَة كجرّ السّلْسِلَةِ على الصَّفَا ، فيَصْعَقُونَ ، فلا يزالونَ -[329]- كذلك ، حتَّى يأتِيَهُمْ جبريلُ ، فإذا جاء فُزّع عن قُلوبهم ، فيقولون : يا جبريلُ ماذا قال ربك (1) ؟ فيقول : الحقَّ ، فيقولونَ : الحقَّ الحقَّ. أخرجه أبو داود (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(صلصلة) الصلصلة: صوت الأجرام الصلبة بعضها على بعض.
__________
(1) في الأصل : ربكم ، والتصحيح من أبي داود .
(2) رقم (4738) وسنده حسن ، وعلقه البخاري موقوفاً على ابن عباس في التوحيد 13 / 381 ، باب قول الله تعالى : {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} . قال الحافظ في "الفتح " : وقد وصله البيهقي في " الأسماء والصفات " من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن مسلم بن صبيح وهو أبو الضحى عن مسروق ، وهكذا أخرجه أحمد عن أبي معاوية ، وأخرجه البخاري في كتاب " خلق أفعال العباد " ، وابن أبي حاتم في كتاب " الرد على الجهمية " ، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 236 وزاد نسبته لسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ " في العظمة " ، وابن مردويه ، والبيهقي .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (4738) قال : ثنا أحمد بن أبي سريح الرازي ، وعلي بن الحسين بن أبراهيم، علي ابن مسلم ، قالوا: ثنا أبو معاوية ، قال : ثنا الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، فذكره.

سورة فاطر
775 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - : أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية : {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتابَ الذين اصْطَفيْنا من عِبادِنا فمنهم ظالمٌ لِنَفْسِهِ ومنهم مُقْتَصِدٌ ومنهم سابقٌ بالخيرات بإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر : 32] قال : «هؤلاءِ كُلُّهُم بمنزلةٍ واحدَةٍ ، وكُلُّهُم في الْجَنَّةِ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3223) في التفسير ، باب ومن سورة الملائكة وقال : حديث غريب حسن . وأبو داود الطيالسي 2 / 22 ، والطبري 22 / 90 ، وفي سنده من لم يسم ، وله شاهد عند أحمد 5 / 198 و 6 / 444 من حديث أبي الدرداء ، وأبي داود الطيالسي 2 / 22 من حديث عائشة ، وغيرهما ، وهذه الطرق يشد بعضها بعضاً كما قال ابن كثير ، فتقوى .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (3/78) . و «الترمذي» (3225) قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى ، ومحمد بن بشار.
ثلاثتهم - أحمد ، وابن المثني ، وابن بشار - قالوا: حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الوليد بن العيزار ، أنه سمع رجلا من ثقيف ، يحدث عن رجل من جرير كنانة، فذكره.

776 - ابن عباس رضي الله عنهما قال : {وجاءكُم النذير} [فاطر : 37] : الرسول بالقرآن . أخرجه رزين (1) .
__________
(1) قال ابن جرير الطبري : قال ابن زيد في قوله تعالى : {وجاءكم النذير} قال النذير : النبي ، وقرأ {هذا نذير من النذر الأولى} . وقال ابن كثير : وهذا هو الصحيح عن قتادة فيما رواه شيبان عنه أنه قال : احتج عليهم بالعمر والرسل ، وهذا اختيار ابن جرير ، وهو الأظهر ، لقوله تعالى : {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون . لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون} أي : لقد بينا لكم الحق على ألسنة الرسل فأبيتم وخالفتم .

سورة يس
777 - (ت) (أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -) : قال : كانت بنُو سَلِمَةَ في ناحِيَةِ المدينة ، فأرادوا النُّقْلَةَ إلى قُرب المسجد ، فنزلت هذه الآية {إنَّا نَحنُ نُحْييِ الموتَى ونكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وآثارهُمْ} [يس : 12] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِنَّ آثاركم تُكْتَب، فلم ينْتَقِلُوا» . أخرجه الترمذي (1) . -[331]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(آثاركم) الآثار : آثار أقدامهم في الأرض ، أراد به : مشيهم إلى العبادة.
__________
(1) رقم (3224) في التفسير ، باب ومن سورة يس ، وقال : هذا حديث حسن غريب ، من حديث الثوري . وقال ابن كثير 7 / 84 : وقد روي من غير طريق الثوري .
فقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا عباد بن زياد الساجي ، حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا شعبة ، عن سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : إن بني سلمة شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد منازلهم من المسجد ، فنزلت : {ونكتب ما قدموا وآثارهم} ، فأقاموا في مكانهم ، وحدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا الجريري ، عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، وفيه غرابة من حيث ذكر سبب نزول الآية ، والسورة بكمالها مكية ، فالله أعلم . ا هـ .
وللحديث شاهد أيضاً عند ابن جرير 22 / 100 من طريق إسرائيل عن سماك عن عكرمة -[331]- عن ابن عباس بنحوه فيتقوى الحديث به ، ولذلك حسنه الترمذي ، وصححه الحاكم 2 / 428 ، 429 ووافقه الذهبي ، وأصل الحديث عند مسلم رقم (665) من حديث جابر دون سبب النزول .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3226) قال : ثنا محمد بن وجرير الواسطي.قال: ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، عن سفيان ، والثوري ، عن أبي سفيان السعدي ، عن أبي نضرة ، فذكره.

778 - () (ابن عباس - رضي الله عنهما -) قال : كان بمدينة أنطاكِيةَ فرعونٌ من الفراعِنة، فبعثَ اللهُ إليهم المرسَلين ، وهم ثلاثةٌ ، قدَّمَ اثنين ، فكذَّبوهُمَا فقوَّاهم بثالث ، فلما دعتْهُ الرُّسلُ ، وصَدَعت بالذي أُمِرتَ به ، وعابَتْ دينَهُ ، قال لهم : {إنَّا تَطَيَّرْنَا بكم} {قالوا طائرُكم معكم} [يس : 18-19] ، أي : مصائبكُم. أخرجه رزين (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تطيرنا بكم) : تشاءمنا بكم
__________
(1) ورواه ابن جرير الطبري بمعناه 22 / 101 من رواية ابن إسحاق بسند معضل فيما بلغه عن ابن عباس ، وكعب الأحبار ، ووهب بن منبه .

779 - () (ابن عباس - رضي الله عنهما -) في قوله تعالى : {وجاء من أقْصى المدينةِ رَجُلٌ يسعى - إلى قوله - وجَعلني من المُكْرَمين} [يس : 20 - 27] قال : نَصَحَ قومَهُ حيّاً وميِّتاً. -[332]- أخرجه رزين (1) .
__________
(1) ذكره ابن كثير عن ابن عباس بلفظ : نصح قومه في حياته بقوله : {يا قوم اتبعوا المرسلين} ، وبعد مماته في قوله : {يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} ، وقال : رواه ابن أبي حاتم .

780 - (خ م ت) أبو ذَرٍ الغفاري - رضي الله عنه - : قال : كنتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، عند غروب الشمسِ ، فقال : «يا أبا ذَرٍّ ، أتَدري أينَ تذهبُ هذه الشمس ؟» قلتُ : الله ورسولُه أعلم ، قال : «تذهب تسجُد تحتَ العرش ، فتستأذِنُ ، فيُؤذَنُ لها ، ويوشكُ أَن تسجُدَ فلا يُقْبَل منها ، وتستأذِنَ فلا يُؤذَن لها ، فيقال لها : ارجعِي مِن حيثُ جِئتِ ، فتطلُع من مَغرِبِها ، فذلك قوله عز وجل : {والشمسُ تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم} [يس : 38]» .
وفي رواية : ثم قرأَ : {ذلك مُسْتَقَرٌّ لها} في قراءِة عبد الله (1) .
وفي أخرى : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تَدْرُونَ مَتى ذاكُم؟ ذاكَ حين لا يَنْفَعُ نفساً إيمانُها، لم تكن آمنتْ مِنْ قبلُ ، أو كسَبتْ في إيمانها خَيراً.
وفي رواية مُخْتَصراً ، قال : سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن قوله : {والشمسُ تجرى لمستقرٍّ لها} ؟ قال : مُسْتَقَرُّها : تحت العرش. أخرجه البخاري ، ومسلم.
وفي رواية الترمذي نحو ذلك (2) . -[333]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يوشك) الإيشاك : الإسراع.
__________
(1) أي عبد الله بن مسعود ، وقرأها كذلك عكرمة ، وعلي بن الحسين ، والشيزري عن الكسائي ، كما في زاد المسير 7 / 19 لابن الجوزي .
(2) البخاري 8 / 416 ، في تفسير سورة يس ، وفي بدء الخلق ، باب صفة الشمس والقمر ، وفي التوحيد ، -[333]- باب {وكان عرشه على الماء} ، وباب قول الله تعالى : {تعرج الملائكة والروح إليه} ، ومسلم رقم (159) في الإيمان ، باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان ، والترمذي رقم (3225) في التفسير ، ومن سورة يس . قال الحافظ في " الفتح " : قال ابن العربي : أنكر قوم سجودها ، وهو صحيح ممكن ، وتأوله قوم على ما هي عليه من التسخير الدائم ، قال الحافظ : ويحتمل أن يكون المراد بالسجود ، سجود من هو موكل بها من الملائكة ، أو تسجد بصورة الحال ، فيكون عبارة عن الزيادة في الانقياد والخضوع في ذلك . وقال ابن كثير : في معنى قوله : {لمستقر لها} قولان : أحدهما : أن المراد : مستقرها المكاني ، وهو تحت العرش مما يلي الأرض في ذلك الجانب ، وهي أينما كانت فهي تحت العرش وجميع المخلوقات ، لأنه سقفها ، والقول الثاني : أن المراد بمستقرها ، هو منتهى سيرها ، وهو يوم القيامة يبطل سيرها وتسكن حركتها ، وتكور ، وينتهي هذا العالم إلى غايته ، وهذا هو مستقرها الزماني . وقال الحافظ : وقال الخطابي : يحتمل أن يكون المراد باستقرارها تحت العرش ، أنها تستقر تحته استقراراً لا نحيط به نحن ، ويحتمل أن يكون المعنى : أو علم ما سألت عنه - يعني أبا ذر - من مستقرها تحت العرش في كتاب فيه ابتداء أمور العالم ونهايتها ، فينقطع دوران الشمس وتستقر عند ذلك ويبطل فعلها ، وليس في سجودها كل ليلة تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (5/145) قال : حدثنا مؤمل ،قال : حدثنا حماد ، يعني ابن سلمة. قال : حدثنا يونس. وفي (5/152) قال حدثنا : محمد عبد عبيد.قال : حدثنا الأعمش والبخاري (4/131) قال : حدثنا محمد بن يوسف قال : حدثنا سفيان عن الأعمش. وفي (5/158 ، 177) قال : حدثنا وكيع. قال : حدثنا الأعمش. وفي (5/165) قال : حدثنا يزيد. قال : حدثنا سفيان ،يعني ابن حسين ، عن الحكم. وفي (5/177) قال :حدثنا سفيان عن الأعمش. وفي (6/154) قال : حدثنا أبو نعيم.قال : حدثنا الأعمش. وفي (6/154) قال : حدثنا الحميدي. قال : حدثنا وكيع. قال : حدثنا الأعمش. وفي 9/153 قال : حدثنا يحيى بن جعفر. قال : حدثنا أبو معاوية. عن الأعمش. وفي (9/155) قال:حدثنا عياش ابن الوليد. قال : حدثنا وكيع ، عن الأعمش. و «مسلم» 1/96 قال :حدثنا يحيى بن أيوب وإسحاق بن إبراهيم ، جميعا عن ابن علية. قال : حدثنا يونس (ح) وحدثني عبد الحميد بن بيان الواسطي. قال : أخبرنا خالد ، يعني بن عبد الله ، عن يونس. (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا الأعمش. (ح) وحدثنا أبو سعيد الأشج ، وإسحاق بن إبراهيم. قال : إسحاق: أخبرنا. وقال الأشج : حدثنا وكيع. قال : حدثنا الأعمش. و «أبو داود» (4402) قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، وعبيد الله بن ميسرة. قالا: حدثنا يزيد بن هارون، عن سفيان حسين ، عن الحكم بن عتيبة. و «الترمذي» (3227،2186) قال : حدثنا هناد. قال : حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش عن إسماعيل بن علية ،عن يونس بن عبيد. (ح) وعن إسحاق بن إبراهيم عن أبي نعيم، عن أبيه ،عن الأعمش.
ثلاثتهم - يونس بن عبيد ، والأعمش ، والحكم بن عتيبة - عن إبراهيم بن يزيد التيمي ،عن أبيه ، فذكره.
(*) في رواية ابن علية قال : (حدثنا يونس ، عن إبراهيم بن يزيد التيمي ، سمعه فيما أعلم عن أبيه)

سورة الصافات
781 - (ت) سمرة بن جندب - رضي الله عنه - : في قوله تعالى : {وجعلنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقين} [الصافات : 77] عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «حَامٌ ، وسَامٌ ، ويافث ، ويقال : يافث بالثاء والتاء ، ويقال : يَفَث» (1) . -[334]-
وفي رواية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «سامٌ : أَبو العرب ، وحام : أبو الحبش ، ويافث : أبو الرومِ» . أخرجه الترمذي (2) .
__________
(1) الترمذي رقم (3228) في التفسير ، باب ومن سورة الصافات ، وفي سنده سعيد بن بشير الأزدي ، وهو ضعيف ، كما قال الحافظ في " التقريب " .
(2) رقم (3229) ، وفيه عنعنة الحسن عن سمرة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3230) قال : ثنا محمد بن المثني ، قال : ثنا محمد بن خالد بن عثمة ، قال : ثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة عن الحسن ، فذكره.
- والرواية الثانية : أخرجها أحمد (5/9) قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد (ح) وحدثنا حسين ، قال : حدثنا شيبان. وفي (5/10) قال : حدثنا روح في كتابه ،قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة. و «الترمذي» (،3231 و3931) قال :أخبرنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد بن أبي عروبة.
كلاهما (سعيد ، وشيبان) عن قتادة ، عن الحسن ، فذكره.

782 - () (ابن عباس وابن مسعود - رضي الله عنهما -) : يُذكَرُ عنهما :أَنَّ إلْياسَ: هو إدْرِيسُ ، وكان ابنُ مسعودٍ يقرأُ : {سلام على إدْراسين} [الصافات : 130] . أخرجه رزين (1) .
__________
(1) ذكره ابن كثير من رواية ابن أبي حاتم ، وذكر هذه القراءة ابن الجوزي في " زاد المسير " عن عبد الله بن مسعود .

783 - (ت) (أبي بن كعب - رضي الله عنه -) : قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى : {وأَرسلناه إلى مائة أَلفٍ أو يزيدونَ} [الصافات :147] قال : «يزيدُون عِشْرينَ ألفاً» .أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3227) في التفسير ، باب ومن سورة الصافات وقال : هذا حديث غريب ، ورواه ابن جرير الطبري 23 /67 ، وفي سنده مجهول وضعيف ، وأورده السيوطي في "الدر المنثور " 2 / 219 وزاد نسبته لابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3229) قال : ثنا علي بن حجر قال :ثنا الوليد بن مسلم ، عن زهير بن محمد ، عن رجل ، عن أبي العالية ،فذكره.

784 - () (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : في قوله تعالى : {وإنا لنحن الصَّافُّونَ} [الصافات : 165] قال : الملائكةُ تُصَفُّ عند ربها بالتسبيح. أخرجه رزين (1) .
__________
(1) ذكره بمعناه ابن جرير الطبري 23 / 72 وابن عباس قوله : {وإنا لنحن الصافون} قال : يعني -[335]- الملائكة {وإنا لنحن المسبحون} قال : الملائكة صافون تسبح لله عز وجل ، وفي سنده عطية العوفي ، وهو ضعيف ، وفي صحيح مسلم رقم (522) في المساجد ومواضع الصلاة ، من حديث حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فضلنا على الناس بثلاث : جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ، وجعلت لنا الأرض كلها مسجداً ، وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء ، وذكر خصلة أخرى " .

سورة ص
785 - (ت) (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : قال : مرضَ أبو طالبٍ فجاءتْهُ قريشٌ، وجاءه النبي صلى الله عليه وسلم - وعند أبي طالبٍ مجلسُ رجُلٍ - فقام أبو جهلٍ كي يمنَعه من الجلوس فيه ، قال: وشكَوْه إلى أبي طالبٍ. فقال : يا ابن أَخي ، ما تُريدُ من قومِكَ ؟ قال : أُريدُ منهم كلمة تدينُ لهم بها العربُ ، وتُؤدِّي إليهم العجمُ الجِزيةَ. قال : كلمة واحدة ؟ قال : كلمة واحدة ، فقال : يا عمِّ. قولوا : لا إله إلا الله. فقالوا : إلهاً واحداً ؟ ما سمعنا بهذا في المِلَّة الآخرة. إنْ هذا إلا اختلاقٌ. قال : فنزل فيهم القرآن {ص . والقرآنِ ذي الذِّكْر . بل الذين كفروا في عِزَّةٍ وشقاقٍ . كم أَهلكنا من قبلِهم من قَرْنٍ فنادَوْا ولاتَ حين منَاص . وعجبوا أنْ جاءهم منْذِرٌ منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذَّاب . أجعلَ الآلهة إلهاً واحداً إنَّ هذا لشيءٌ عُجاب . وانطلقَ الملأُ منهم أن امْشُوا واصبروا على آلهتِكم إن هذا لشيءٌ يُراد . ما سمعنا بهذا في الْمِلَّةِ الآخِرة إنْ هذا إلا اخْتِلاق} [ص : 1 - 7] . -[336]- أَخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تدين) دان له يدين : إذا أطاعه ، ودخل تحت حكمه.
(اختلاق) الاختلاق : الكذب.
__________
(1) رقم (3230) في التفسير ، باب ومن سورة ص ، وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (2008) ، وفي سنده يحيى بن عمارة الكوفي لم يوثقه غير ابن حبان ، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي ، ورواه الحاكم 2 / 432 وقال : صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبي ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 295 وزاد نسبته لابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، والنسائي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1-أخرجه أحمد (1/227) (2008) قال :حدثنا يحيى. و «الترمذي» (3232) قال : حدثنا محمود بن غيلان ، وعبد بن حميد ،. قالا : حدثنا أبو أحمد. (ح) وحدثنا بندار ، قال : حدثنا يحيى ابن سعيد. و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف) 5647 عن إبراهيم بن محمد التيمي ، عن يحيى بن سعيد. (ح) عن ابن بشار عن عبد عبد الرحمن. ثلاثتهم- يحيى ، وأبو أحمد ، وعبد الرحمن -عن سفيان.
2- وأخرجه أحمد (1/228) (2008) ، (1/362) (3419) . و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف) (5647) عن الحسن بن أحمد بن حبيب الكرماني ، عن محمد بن عبد الله بن نمير. كلاهما -أحمد ، ومحمد -عن حماد بن أسامة أبي أسامة.
كلاهما (سفيان ، وحماد) عن الأعمش ، عن يحيى بن عمارة ، عن سعيد بن جبير ، فذكره.
في رواية يحيى (يحيى بن عمارة) .
في رواية محمود بن غيلان (يحيى) ولم ينسبه.
في رواية عبد بن حميد (يحيى بن عباد) .
في رواية حماد بن أسامة (عباد بن جعفر) .

سورة الزمر
786 - (ت) (عبد الله بن الزبير بن العوام - رضي الله عنهما -) : قال : لما نزلت {ثم إنَّكم يومَ القيامة عند ربكم تَخْتصِمون} [الزمر : 31] قال الزبير : يا رسول الله ، أتُكَرَّرُ علينا الخصومةُ بعد الذي كان بيننا في الدنيا ؟ قال : «نعم» فقال : «إنَّ الأمرَ إذاً لشديدٌ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3234) في التفسير ، باب ومن سورة الزمر ، وإسناده حسن إن شاء الله ، وقال الترمذي : حسن صحيح ، وأخرجه الحاكم 2 / 435 وقال : صحيح على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 327 وزاد نسبته لأحمد ، وعبد الرزاق ، وابن منيع ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في " البعث والنشور " ، وأبي نعيم في " الحلية " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الحميدي (60) قال : حدثنا سفيان.وفي (62) قال : حدثنا أبو ضمرة ، أنس بن عياض الليثي.و «أحمد» (1/164) (1405) قال : حدثنا سفيان.وفي (1/167) (1434) قال حدثنا ابن نمير و «الترمذي» (3236) قال حدثنا ابن أبي عمر. قال : حدثنا سفيان.
ثلاثتهم -سفيان ، وأبو ضمرة، وابن نمير - عن محمد بن عمرو بن علقمة ،عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن عبد الله بن الزبير ، فذكره.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.

787 - (س) (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : قال : إِنَّ قَوْماً قَتَلوا فأكْثَرُوا، وزنُوا فَأكثَرُوا وانتَهَكُوا ، فأتَوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا محمدُ ، إِنَّ الذي تقولُ وتدعو إليه لَحسَنٌ ، لو تُخْبِرنا أَنَّ لَمِا عَمِلْنا كفَّارة ؟ فنزلت : {والذين -[337]- لا يَدْعون مع اللَّه إلَهاً آخر - إلى قوله - فأُولئِكَ يُبَدِّلُ اللَّه سيِّئاتِهم حَسَناتٍ} [الفرقان : 68-70] قال : يُبَدِّلُ الله شركَهُم إيماناً ، وزِناهم إحصْاناً ، ونزلَت {قُلْ يا عباديَ الذين أسْرفوا على أنفسهم لا تقْنَطُوا من رحمة اللَّهِ} [الزمر : 53] أخرجه النسائي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(انتهكوا) يقال : انتهكت محارم الشرع : إذا فعلت ما حرمه عليك ولم تلزم أوامره.
(كفارة) الكفارة : التي تجب على الحالف إذا حنث ، ونحو ذلك من الأحكام الشرعية ، التي أوجب فيها الشرع كفارة ، كالصوم والظهار ، وسميت كفارة ،لأنها تغطي الذنب وتمحوه.
(تقنطوا) القنوط : اليأس من الشيء.
__________
(1) 7 / 86 في تحريم الدم ، باب تعظيم الدم ، وهو بمعناه واختلاف يسير في ألفاظه في البخاري 8 / 422 في تفسير سورة الزمر ، باب قوله : {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} ، ومسلم رقم (122) في الإيمان ، باب كون الإسلام يهدم ما قبله ، وأبو داود رقم (4273) في الفتن والملاحم ، باب تعظيم قتل المؤمن ، والنسائي 7 / 86 ، والحاكم 2 / 403 وصححه ووافقه الذهبي ، كلهم من حديث ابن جريج عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 77 وزاد نسبته لابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي .

788 - (ت) (أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها -) : قالت : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقرأ : {يا عباديَ الذين أَسْرفوا على أنفسهم لا تقْنَطُوا من -[338]- رحمة اللَّهِ إن اللَّه يغفرُ الذُّنوبَ جميعاً} ولا يبالي . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3235) في التفسير ، باب ومن سورة الزمر ، ورواه أحمد 6 / 454 ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث ثابت عن شهر بن حوشب . نقول : وشهر بن حوشب ضعيف .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (6/454) قال : حدثنا يزيد بن هارون. وفي (6/459) قال : حدثنا حجاج بن محمد.وفي (6/460) قال : حدثنا عفان. وفي (6/461) قال : حدثنا عبد الصمد.و «عبد بن حميد» (1577) قال : حدثني حبان بن هلال وسليمان بن حرب وحجاج بن منهال. و «الترمذي» (3237) قال : حدثنا عبد بن حميد. قال :حدثنا حبان بن هلال وسليمان بن حرب ، وحجاج بن منهال ، سبعتهم -يزيد، وحجاج بن محمد ، وعفان ، وعبد الصمد بن عبد الوراث ، وحبان بن هلال ، وسليمان بن حرب. وحجاج بن منهال - عن حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن شهر بن حوشب، فذكره.
(*) قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث ثابت ، عن شهر بن حوشب.

789 - (خ م ت) (ابن مسعود - رضي الله عنه -) : قال : جاء حَبْرٌ (1) إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمدُ ، إن الله يضَع السَّماءَ على إِصْبَعٍ ، والأرضِينَ على إصْبَعٍ ، والجبال على إصبعٍ. والشَّجرَ والأنهار على إصبعٍ ،وسائرَ الخلقِ على إِصبع ، ثم يقول: أنا الملكُ، فضَحِكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال : {وما قَدَروا اللَّه حقَّ قدره} [الزمر : 67] .
وفي رواية نحوه ، وقال : والماء والثرى على إصبع ، وسائر الخلائق على إصبع، ثم يَهُزُّهُنَّ - وفيه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ، تَعَجُّباً وتصديقاً لَهُ (2) ، ثم قرأَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : {وما قدَروا الله حقَّ قدرهِ.....} الآية. أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي ، فقال : يا محمد ، إن الله يُمسِكُ السمواتِ على إصبعٍ، والجبالَ على إصبعٍ ، والأرضينَ على إصبع ، والخلائق على إصْبَعٍ ، ثم يقول: -[339]- أَنا الملِكُ، قال: فضحِكَ النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذُه ، قال : {وما قَدَروا اللَّه حقَّ قدرِهِ} .
وفي رواية قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تعجباً وتَصديقاً (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نواجذ) النواجذ : الأضراس التي تلي الأنياب ، وهي الضواحك ، وقيل : هي أواخر الأسنان.
__________
(1) بفتح الحاء المهملة وكسرها : واحد الأحبار ، وهو العالم .
(2) قال القرطبي في " المفهم " : وأما من زاد " تصديقاً له " فليست بشيء ، فإنها من قول الراوي ، وهي باطلة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصدق المحال . وقال الحافظ في " الفتح " 13 / 336 : عن الخطابي : إن قول الراوي " تصديقاً له " ظن منه وحسبان ، وقد جاء الحديث من عدة طرق ليس فيها هذه الزيادة ، وعلى تقدير صحتها ، فقد يستدل بحمرة الوجه على الخجل ، وبصفرته على الوجل ، ويكون الأمر بخلاف ذلك ، فقد تكون الحمرة لأمر حدث في البدن كثوران الدم ، والصفرة كثوران خلط من مرار وغيره ، وعلى تقدير أن يكون ذلك محفوظاً ، فهو محمول على تأويل قوله تعالى : {والسموات مطويات بيمينه} أي : قدرته على طيها وسهولة الأمر عليه في جمعها بمنزلة من جمع شيئاً في كفه ، واستقل بحمله من غير أن يجمع كفه عليه ، بل يقله ببعض أصابعه ، وقد جرى في أمثالهم : فلان يقل كذا بأصبعه ، ويعمله بخنصره (*) .
(3) البخاري 8 / 423 في تفسير سورة الزمر ، باب قوله تعالى : {وما قدروا الله حق قدره} ، وفي التوحيد ، باب قوله تعالى : {لما خلقت بيدي} ، وباب قول الله تعالى : {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا} ، وباب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء ، ومسلم رقم (2786) في صفة القيامة ، والترمذي رقم (3239) في التفسير ، باب ومن سورة الزمر . وقد أفاض الحافظ ابن حجر في " الفتح " 13 / 336 ، 337 في شرح هذا الحديث فارجع إليه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (1/378) (3590) قال :حدثنا أبو معاوية. و «البخاري» (9/151) قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، قال : حدثنا أبي. وفي (9/164) قال : حدثنا موسى ، قال : حدثنا أبو عوانة. و «مسلم» (8/125) قال : حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، قال : حدثنا أبي. وفي (8/126) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وأبو كريب ، قالا : حدثنا أبومعاوية. (ح) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، وعلى بن خشرم،قالا: أخبرنا عيسى بن يونس (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا جرير. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9422) عن إسحاق بن إبراهيم ، عن عيسى بن يونس. خمستهم - أبو معاوية، وحفص بن غياث ، وأبو عوانة ، وعيسى بن يونس ، وجرير - عن الأعمش.
2- وأخرجه النسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (9459) عن أحمد بن الأزهر ، عن عبد الرزاق ، عن سفيان ابن عيينة ، فضيل بن عياض ، كلاهما عن منصور.
كلاهما الأعمش ، ومنصور عن إبراهيم ، عن علقمة ، فذكره.
والرواية الأخرى.
1- أخرجها أحمد 1/429 (4087) . و «البخارى» 9/150 قال : حدثنا مسدد. و «الترمذي» (3238) قال : حدثنا محمد بن بشار. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9404) عن محمد بن مثنى. أربعتهم - أحمد ، ومسدد ، وابن بشار، وابن مثنى - عن يحيى بن سعيد ، عن سفيان قال :حدثني منصور وسليمان.
2- وأخرجهما أحمد (1/457) (4368) قال : حدثنا يونس. قال : حدثنا شيبان. وفي (1/457) (4369) قال : حدثناه أسود ، وقال: حدثنا إسرائىل. و «البخاري» 6/157 قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا شيبان.وفي (9/181) قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا جرير. و «مسلم» (8/125) قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا فضيل (يعني ابن عياض) . (ح) وحدثنا عثمان ابن أبي شيبة ، وإسحاق بن إبراهيم ، كلاها عن جرير. و «الترمذي» (3239) قال : حدثنا محمد بن بشار. قال : حدثنا يحيى بن سعيد. قال : حدثنا فضيل بن عياض. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9404) عن إسحاق بن إبراهيم ، عن جرير. (ح) وعن علي بن حجر ، عن جرير.
أربعتعهم - شيبان ، وإسرائيل ، وجرير ، وفضيل -عن منصور.
كلاهما - منصور ، وسليمان الأعمش - عن إبراهيم ، عن عبيدة السلماني ، فذكره.
في رواية أحمد (1/429) ، و مسدد ، ومحمد بن المثنى ، قال:يحيى بن سعيد ، وزاد فيه :فضيل بن عياض،عن منصور ، عن إبراهيم ، وعن عبيدة ، عن عبد الله ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبا وتصديقا له.

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة : في الهامش ، نقل الشيخ عبد القادر - رحمه الله - عن القرطبي في المفهم والحافظ في الفتح أقوال المتأولين لصفة الأصابع ولم ينبه ويبين مذهب أهل السنة في إثبات الأصابع لله سبحانه وتعالى على صفة تليق بجلاله وعظمته من غير تحريف ولا تعطيل و لا تكييف ولا تمثيل .
قال الشيخ البراك: من العجب إفراط الحافظ عفا الله عنا وعنه في نقل أقوال المتأولين من النفاة لحقائق كثير من الصفات مع ما فيها من التمحلات والتكلفات في صرف الكلام عن وجهه بشبهات واهية؛ مثل التشكيك في تفسير ابن مسعود رضي الله عنه لضحك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "تصديقًا له"، وتخطئة ابن مسعود رضي الله عنه في خبره ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو المشاهد للقصة والأعلم بدلالة حال النبي صلى الله عليه وسلم ومقاله... إلخ (التعليق 121) وينظر (التعليق 119) [تعليقات الشيخ البراك على المخالفات العقدية في فتح الباري - نقله على الشبكة العنكبوتية عبد الرحمن بن صالح السديس] وينظر التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري - لعلي الشبل وهو إكمال لما بدأه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على الفتح بإشارته ومتابعته ومراجعته وقراءته - ص 115 - 116

790 - (خ م د) (ابن عمر - رضي الله عنهما -) : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يَطوِي الله - عز وجل - السمواتِ يوم القيامة ، ثم يأخُذُهُنَّ بيده اليُمنى ، ثم يقول: أَنا الملكُ ، أَيْن الجبَّاروُن ؟ أينَ المتَكبِّرون ؟ ثم يطوِي الأرض بشِماله ، ثم يقول : أنا الملكُ ، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟» . هذه رواية مسلم.
وفي رواية البخاري قال : «إن الله -عز وجل- يَقبِضُ يومَ القيامةِ -[340]- الأرَضينَ ، وتكونُ السموات بِيَمِينهِ ، ثم يقولُ : أنا الملكُ» .
ثم قال البخاري : وقال عمر بنُ حمزة (1) : سمعتُ سالماً (2) سمعتُ ابنَ عُمَرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا.
وفي أخرى لمسلم من حديث عبيد الله بن مِقْسَم ، أَنه نَظَر إلى عبد الله بن عمر كيف يَحكي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : يأخُذُ الله - عَز وجل- سماواتِهِ وأَرَضيهِ بيَديه ، ويقول : أنا الله - ويَقْبِضُ أصَابعه (3) و يَبْسطُها - ويقول : -[341]- أنا الملكُ ، حتى نظرتُ إلى المنبر يَتَحرَّكُ من أسْفَلِ شيءٍ منه (4) ، حتى إني أقولُ : أَساقِطٌ هو برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟.
وفي أخرى نحوه ، وفي آخره : «يأخذ الجبَّارُ عز وجل سماواتِه وأرَضيهِ بيديه» .
وأخرج أبو داود الرواية الأولى ، وقال في حديثه : بيده الأخرى ، ولم يقل : بشماله (5) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الجبارون) : جمع جبار ، وهو القهار المتسلط ، وقيل : العظيم الذي يفوت الأيدي فلا تناله.
__________
(1) يعني ابن عبد الله بن عمر .
(2) هو ابن عبد الله بن عمر ، عم عمر بن حمزة وشيخه ، وهذه الرواية ذكرها البخاري تعليقاً ، وقد وصلها مسلم رقم (2788) من رواية أبي أسامة عن عمر بن حمزة بلفظ " يطوي الله عز وجل السموات يوم القيامة ، ثم يأخذهن بيده اليمنى ، ثم يقول : أنا الملك ، أين الجبارون ، أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرض بشماله ، ثم يقول : أنا الملك ، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ " . قال الحافظ في " الفتح " : قال البيهقي : تفرد بذكر الشمال فيه عمر بن حمزة ، وقد رواه عن ابن عمر أيضاً نافع وعبيد الله بن مقسم بدونها ، ورواه أبو هريرة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم كذلك ، وثبت عند مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رفعه " المقسطون يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين " ، وكذا في حديث أبي هريرة قال : " اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين " ثم قال : وقال القرطبي في " المفهم " : كذا جاءت هذه الرواية بإطلاق لفظ الشمال على يد الله تعالى على المقابلة المتعارفة في حقنا ، وفي أكثر الروايات وقع التحرز عن إطلاقها على الله ، حتى قال : " وكلتا يديه يمين " لئلا يتوهم نقص في صفته سبحانه وتعالى ، لأن الشمال في حقنا أضعف من اليمين .
(3) قال القاضي عياض : وفي هذا الحديث ثلاثة ألفاظ " يقبض ، ويطوي ، ويأخذ " وكله بمعنى الجمع ، لأن السموات مبسوطة ، والأرضين مدحوة ممدودة ، ثم يرجع ذلك إلى معنى الرفع والإزالة ، وتبديل الأرض غير الأرض والسموات ، فعاد كله إلى معنى ضم بعضها إلى بعض ، ورفعها وتبديلها بغيرها ، قال : وقبض النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه وبسطها : تمثيل لقبض هذه المخلوقات وجمعها بعد بسطها ، وحكاية للمقبوض المبسوط ، وهو السموات والأرضون ، لا إشارة إلى القبض والبسط -[341]- الذي هو صفة للقابض والباسط سبحانه وتعالى ، ولا تمثيل لصفة الله تعالى السمعية المسماة باليد التي ليست بجارحة .
ثم قال : والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم فيما ورد في هذه الأحاديث من مشكل ، ونحن نؤمن بالله تعالى وصفاته ، ولا نشبه شيئاً به ، ولا نشبهه بشيء ، {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} وما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت عنه ، فهو حق وصدق ، فما أدركنا علمه فبفضل الله تعالى ، وما خفي علينا آمنا به ، ووكلنا علمه إليه سبحانه وتعالى ، وحملنا لفظه على ما احتمل في لسان العرب الذي خوطبنا به ، ولم نقطع على أحد معنييه ، بعد تنزيهه سبحانه عن ظاهره الذي لا يليق به سبحانه وتعالى ، وبالله التوفيق .
(4) أي : من أسفله إلى أعلاه ، لأن بحركة الأسفل يتحرك الأعلى ، ويحتمل أن تحركه بحركة النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الإشارة ، ويحتمل أن يكون تحرك بنفسه هيبة لسمعه ، كما حن الجذع ، قاله النووي .
(5) البخاري 13 / 334 في التوحيد ، باب قول الله تعالى : {لما خلقت بيدي} ، ومسلم رقم (2788) في صفات المنافقين ، باب صفة القيامة ، وأبو داود رقم (4738) في السنة ، باب الرد على الجهمية .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه عبد بن حميد (744) قال : ثني ابن أبي شيبة. و «مسلم» (8/126) قال : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة. و «أبو داود» 4732 قال : ثنا عثمان بن أبي شبية ، ومحمد بن العلاء.
ثلاثتهم - أبو بكر بن أبي شيبة ، وعثمان بن أبي شيبة ، وابن العلاء - عن أبي أسامة ، عن عمر بن حمزة، عن سالم فذكره.
ورواية أخرى أخرجها البخاري (9/150) قال : ثنا مقدم بن محمد بن يحيى ، قال : ثنى عمى القاسم بن يحيى ، عن عبيد الله ، عن نافع ، فذكره.
ورواية مسلم :
1- أخرجها أحمد 2/72 (5414) قال : حدثنا عفان. وفي 2/87 (5608) قال : حدثنا بهز ، وحسن ابن موسى. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) 7315 عن عمرو بن منصور ، عن حجاج ابن منهال (ح) وعن أ بي داود الحراني ، عن عفان ، أربعتهم - عفان ، وبهز ، وحسن وحجاج - عن حماد ابن سلمة ، قال : أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة.
2- وأخرجها مسلم (8/126) قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا يعقوب ، يعني ابن عبد الرحمن. وفي (8/127) قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم. و «ابن ماجة» (198 ، 4275) قال : حدثنا هشام بن عمار ، ومحمد بن الصباح ، قالا : حدثنا عبد العزيز ابن أبي حازم. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (7315) عن الحسين بن حريث ،عن عبد الله بن نافع الزبيري، عن عبد العزيز بن أبي حازم (ح) وعن قتيبة عن يعقوب. كلاهما - يعقوب ، وعبد العزيز - عن أبي حازم.كلاهما - إسحاق ،وأبو حازم - عن عبيد الله بن مقسم ، فذكره.

791 - (خ) (أبو هريرة - رضي الله عنه -) : قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : «يقْبِضُ الله الأَرضَ ، ويطوي السماءَ بيمينه ، ثم يقول : أنا الملِكُ ، أَيْنَ ملوك الأرض؟» . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 423 في تفسير سورة الزمر ، باب قوله تعالى : {والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (2/374) قال:حدثنا إبراهيم بن إسحاق قال:حدثنا ابن المبارك.و «البخاري» (8/135) قال : حدثنا محمد بن مقاتل.قال : أخبرنا عبد الله. وفي (9/142) قال : حدثنا أحمد بن صالح قال : حدثنا ابن وهب. و «مسلم» (8/126) قال : ثنى حرملة بن يحيى قال: نا ابن وهب.و «ابن ماجة» (192) قال : ثنا حرملة بن يحيى ويونس بن عبد الأعلى. قال :ثنا عبد الله بن وهب. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (10/13322) عن سويد بن نصر ، عن عبد الله بن المبارك. (ح) وعن سليمان بن داود المهري ، عن ابن وهب. (ح) وعن يونس بن عبد الأعلى ، عن بن وهب.
كلاهما - عبد الله بن المبارك ، وعبد الله بن وهب - عن يونس ، عن ابن شهاب. قال :ثنى سعيد بن المسيب ، فذكره.
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن : أخرجه الدارمي (2802) قال : حدثنا الحكم بن نافع. قال : حدثنا شعيب. و «البخاري» (6/158) قال : حدثنا سعيد بن عفير. قال : حدثنى الليث. قال : حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر كلاهما. -شعيب بن أبي حمزة. وعبد الرحمن بن خالد- عن ابن شهاب الزهري. قال : سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن ، فذكره.

792 - (ت) (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : قال : مَرَّ يهودِيٌّ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم : «يا يَهوديّ ، حدِّثنا» ، قال : كيف تقولُ يا أبا القاسم إذا وَضَع الله السمواتِ على ذِهْ ، والأرضَينَ على ذِهْ ، والماءَ على ذِهْ ، والجبال على ذِهْ ، وسائر الخلائقِ على ذِهْ - وأشار محمد بن الصَّلت بخِنْصَره أولاً ، ثم تابع حتى بلغَ الإبهامَ - فأنزلَ اللهُ {وما قَدَرُوا اللَّه حَقَّ قدره} .أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3238) في التفسير ، باب ومن سورة الزمر ، وإسناده حسن ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب صحيح . لا نعرفه إلا من هذا الوجه . وأبو كدينة - أحد الرواة - اسمه : يحيى بن المهلب ، ورأيت محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - روى هذا الحديث عن الحسن بن شجاع عن محمد بن الصلت ، ورواه أحمد في " المسند " رقم (2267) من رواية حسين الأشقر ، عن أبي كدينة عن عطاء عن أبي الضحى عن ابن عباس ، وإسناده ضعيف ، لكن طريق الترمذي تقويه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/251) (2267) و (1/324) (2990) قال : حدثنا حسين بن حسن الأشقر. و «الترمذي» (3240) قال : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، قال : أخبرنا محمد بن الصلت.
كلاهما -حسين ومحمد بن الصلت - قالا:حدثنا أبو كدينة عن عطاء بن السائب ،عن أبي الضحى.فذكره.

سورة حم : المؤمن
793 - (خ) (العلاء بن زياد - رحمه الله - (1) : كان يُذَكِّرُ بالنَّارِ (2) ، فقال -[343]- رجلٌ : لِمَ تُقَنِّطُ الناسَ ؟ قال : وأنا أقدِرُ أنْ أُقَنِّط الناسَ ، والله يقول : {يا عبادِيَ الذين أَسْرَفوا على أنفُسهم لا تَقْنَطُوا من رحمةِ اللَّه} [الزمر : 53] ويقول: {وأَنَّ المُسْرفين هُم أَصحابُ النارِ} [غافر : 43] ولكِنَّكم تُحبون أن تُبَشَّروا بالجنة على مَساوِئِ أعْمالِكم ، وإِنما بعَثَ الله- عز وجل- محمداً صلى الله عليه وسلم مُبشِّراً بالجنة لِمَن أَطاَعَهُ ، ومُنذِراً بالنار لمن عَصاهُ.
ذكره البخاري ، ولم يذكر له إسناداً (3) .
__________
(1) هو أبو نصر العلاء بن زياد بن مطر العدوي البصري ، تابعي ثقة زاهد ، قليل الحديث ، قال الحافظ : ليس له في البخاري ذكر إلا في هذا الموضع ، ومات قديماً سنة أربع وتسعين .
(2) أي : يخوفهم بها .
(3) 8 /426 في تفسير سورة حم المؤمن .

سورة حم : السجدة
794 - (خ م ت) ابن مسعود - رضي الله عنه - : قال : اجتَمعَ عند البيتِ ثلاثةُ نَفرٍ : ثَقَفِيَّانِ ، وقُرَشِيٌّ (1) ، أوْ قُرَشِيَّانِ ، وثَقَفِيٌّ ،كثيرٌ شَحْمُ بُطونِهِم ، قليلٌ فِقْهُ قلوبهم ، فقال أَحَدُهُمْ : أَتُرَوْنَ أَنَّ الله يَسْمَعُ ما نقُولُ ؟ فقال الآخرُ : يَسْمع إِنْ جَهَرْنا، ولا يسمع إِنْ أَخْفَيْنا، وقال الآخرُ : إنْ كان يَسْمَعُ إذا جَهرنا ، فهو يسْمعُ إذا أَخفَيْنا ، فأنزل الله عز وجل {وما كنتُم تَستَتِرُونَ أَن يشهدَ -[344]- عليكم سمعُكم ولا أَبصارُكم...} الآية [فُصِّلت : 22] . أخرجه البخاري ، ومسلم ، والترمذي (2) .
وللترمذي أيضاً ، قال : كنتُ مُسْتَتِراً بأسْتَارِ الكَعْبةِ ، فجاء ثلاثَةُ نَفَرٍ ، كثيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ ، قليلٌ فقْهُ قُلوبِهِمْ : قُرَشِيٌّ ، وخَتَنَاهُ ثَقَفِيَّانِ ، أو ثَقَفِيٌّ وخَتَنَاهُ قُرَشِيَّانِ ، فتَكَلَّمُوا بِكلام لم أَفْهَمْهُ ، فقال أحدُهُمْ : أَتُرَوْنَ أَنَّ الله يَسمَعُ كلامنا هذا ، فقال الآخرُ: إِنَّا إذا رفَعْنا أَصْواتَنا سَمِعَهُ ، وإذا لم نرفعْ أصواتَنا لمْ يسمعه ، فقال الآخر : إنْ سَمِعَ منه شيئاً سَمِعَهُ كُلَّهُ ، قال عبد الله : فذكرتُ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله {وما كُنتُم تَسْتَتِرُونَ أَنْ يشْهَدَ عليكم سَمْعُكم ولا أَبْصَارُكم ولا جُلُودُكم ولكن ظَنَنْتُم أن اللَّهَ لا يعلمُ كثيراً مما تعملون . وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الذي ظَننتم بربكم أَرْداكُم فأصْبَحْتُم من الخاسرين} (3) [فُصِّلت : 22 ، 23] .
__________
(1) البخاري 8 / 431 في التفسير " كان رجلان من قريش وختن لهما من ثقيف ، أو رجلان من ثقيف وختن لهما من قريش في بيت - الحديث " .
قال الحافظ : هذا الشك من أبي معمر راويه عن ابن مسعود ، وهو عبد الله بن سخبرة ، وقد أخرجه عبد الرزاق من طريق وهب بن ربيعة عن ابن مسعود بلفظ : ثقفي وختناه قرشيان ، ولم يشك .
(2) البخاري 8 / 431 في تفسير حم السجدة ، باب {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم} ، وباب قوله : {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم} ، وفي التوحيد ، باب قول الله تعالى : {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم} ، ومسلم رقم (2775) في صفات المنافقين ، والترمذي رقم (3245) في التفسير ، باب ومن سورة حم السجدة ، وقال : حديث حسن صحيح .
(3) الترمذي رقم (3246) وحسنه ، وإسناده صحيح ، وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (3614) ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 362 وزاد نسبته لسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، والبيهقي في " الأسماء والصفات " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي (87) قال : حدثنا سفيان. و «أحمد» (1/143) (4238) قال : حدثنا يحيى ، عن سفيان. و «البخاري» (161) قال : حدثنا الصلت بن محمد ، قال : حدثنا يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم. وفي (6/161) و (9/186) قال :حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان. وفي (6/161) قال: حدثنا عمرو بن علي. قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سفيان الثوري. و «مسلم» (8/121) قال : حدثنا محمد بن أبي عمر المكي ،قال : حدثنا سفيان (ح) وحدثني أبوبكر بن خلاد الباهلي، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سفيان.و «الترمذي» (3248) قال : حدثنا ابن أبي عمر ، قال: حدثنا سفيان. و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9335) عن محمد بن منصور ، عن سفيان ابن عيينة. (ح) وعن محمد بن بشار ، عن يحيى ، عن سفيان الثوري.
ثلاثتهم - سفيان بن عيينة ،وسفيان الثوري ، وروح بن القاسم -عن منصور ، عن مجاهد ، عن أبي معمر، فذكره.
والرواية الثانية : أخرجها أحمد (1/381) (3614) و1/426 (4047) و1/442 (4222) . و «الترمذي» (3249) قال : ثنا هناد.
كلاهما - أحمد بن حنبل ، وهناد - قالا: ثنا أبو معاوية ، قال : ثنا الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، فذكره.

795 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قرأ {إِنَّ الذين قالوا رَبُّنا اللَّهُ ثم استقاموا} [فُصِّلت : 30] قال : قد -[345]- قال الناسُ ، ثم كَفَرَ أكْثَرُهم ، فَمنْ مات عليها ، فهو مِمَّنِ استقامَ. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3247) في التفسير ، باب ومن سورة حم السجدة ، من حديث عمرو بن علي الفلاس ، عن أبي قتيبة سلم بن قتيبة عن سهيل بن أبي حازم عن ثابت عن أنس ، وقال : هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، نقول : وسهيل بن أبي حزم القطعي ضعيف ، وذكره ابن كثير 7 / 335 من رواية أبي يعلى الموصلي ، وقال : وكذا رواه النسائي في تفسيره ، والبزار وابن جرير عن عمرو بن علي الفلاس عن سلم بن قتيبة ، عن سهيل بن أبي حزم به .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3250) ، والنسائى في الكبرى «تحفة 433» كلاهما عن عمرو بن علي الفلاس، قال : ثنا أبو قيتية مسلم بن قتيبة ، قال ثنا سهيل بن أبي حزم القطعي ، قال: ثنا ثابت فذكره.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

796 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قوله تعالى : {ادْفَعْ بالتي هي أَحْسَنُ} [فُصِّلت : 34] قال : الصَّبْر عند الغَضَبِ ، والعَفْوُ عند الإساءة ، فإذا فَعَلوا عَصَمَهُمُ الله ،وخَضَعَ لهم عَدُوُّهُم.
ذكره البخاري ، ولم يذكر له إسناداً (1) .
__________
(1) 8 / 431 في تفسير حم السجدة ، وقد وصله الطبري 24 / 76 من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وعلي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ذكره البخاري تعليقا في التفسير - باب سورة حم السجدة ،وقال الحافظ ابن حجر : وقد وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.

سورة حم عسق
797 - (خ ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : سُئِلَ عن قوله تعالى : {إِلا الْمَوَدَّةَ في القُرْبى} [حم عسق : 23] فقال سعيد بن جبير : قُرْبى آل محمدٍ، فقال ابن عباس: عَجِلْتَ ،إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يكن بَطْنٌ من قريش إلا كان له فيهم قَرابةٌ ، فقال : إلا أَنْ تَصِلُوا ما بَيْني وبينْكم من القرابة.
أخرجه البخاري ، والترمذي ، إلا أن الترمذي قال عوضَ «عَجِلتَ» -[346]- «أعَلمْتَ؟» (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 433 في تفسير حم عسق ، وفي الأنبياء ، باب قول الله تعالى {إلا المودة في القربى} ، والترمذي رقم (3248) في التفسير ، باب ومن سورة الشورى ، وفي تفسير هذه الآية أقول أخرى ، قال ابن جرير بعد أن سردها : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، وأشبهها بظاهر التنزيل قول من قال : معناه : قل لا أسألكم عليه أجراً يا معشر قريش إلا أن تودوا لي في قرابتي منكم وتصلوا الرحم التي بيني وبينكم . وقال ابن كثير في تفسيرها : قل يا محمد لهؤلاء المشركين من كفار قريش : لا أسألكم على هذا البلاغ والنصح لكم مالاً تعطونيه ، وإنما أطلب منكم أن تكفوا شركم عني ، وتذروني أبلغ رسالات ربي ، إن لم تنصروني ، فلا تؤذوني بما بيني وبينكم من القرابة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :أخرجه أحمد (1/229 (2024) قال : حدثنا يحيى (ح) وسليمان بن داود. وفي (1/286) (2599) قال : حدثنا محمد بن جعفر. و «البخارى» (4/217) قال : حدثنا مسدد ، قال : حثنا يحيى. وفي (6/162) قال : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر. و «الترمذي» (3251) قال : حدثنا بندار ، قال : حدثنا محمد ابن جعفر. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (31 57) عن إسحاق بن إبراهيم ، عن غندر.
ثلاثتهم - يحيى ، وسليمان بن داود ، ومحمد بن جعفر غندر عن شعبة ، قال : حدثني عبد الملك بن ميسرة ، عن طاووس ، فذكره.

798 - (د) ابن عوْن -رحمه الله - : قال : كنتُ أَسألُ عن الانتصارِ ؟ وعن قوله: {وَلَمنِ انْتَصَرَ بعدَ ظُلْمِهِ فأولئك ما عليهم مِنْ سَبيلٍ} [الشورى : 41] فحدَّثني علي بنُ زيد بن جُدعان عن أمِّ مُحَمَّدٍ - امرأة أبيه - قال ابنُ عونٍ : وزَعُموا أَنَّها كانت تدْخُلُ على أُمِّ المؤمنين عائشة ، قالت : قالَت عائشة أُمُّ المؤمنين : دخَلَ عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، وعندنا زينبُ بنت جَحْشٍ ، فَجعلَ يَصْنَعُ بيدِه شيئاً (1) ، فقلتُ بيده حتى فَطَّنْتُهُ لها (2) ، فأمْسَكَ ، وأقْبَلَتْ زينبُ تُقَحِّمُ لعائشة ، فنهاها ، فأبَتْ أنْ تنتهيَ ، فقال لعائشة: «سُبِّيها» فسَبَّتْها ، فَغَلَبَتْها، فانْطَلَقتْ زينبُ إلى عليّ ، قالت : إِنَّ عائشَة وقَعتْ بكم (3) ، وفَعلتْ ، فجاءتْ -[347]- فاطمة، فقال لها (4) : إِنَّها حِبَّةُ أَبيك - ورَبِّ الكعبةِ - فانْصَرفَتْ ، فقالت لهم : إني قلتُ له كذا وكذا ، فقال لي : كذا وكذا ، قال : وجاء عليٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وكلَّمه في ذلك. أخرجه أبو داود (5) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تقحم) : تعرض لشتمها ، وتدخل عليها ، ومنه قولهم : فلان تقحم في الأمور : إذا كان يقع فيها من غير تثبت ولا روية.
(حبة) الحبة بكسر الحاء : المحبوبة ، والحب : المحبوب.
__________
(1) أي : جعل النبي صلى الله عليه وسلم يصنع شيئاً بيده من المس ونحوه مما يجري بين الزوج وزوجه .
(2) أي : نبهته إلى وجود زينب ، فتنبه .
(3) تعني في بني هاشم ، لأن أم زينب : هي عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
(4) أي : فقال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته .
(5) رقم (4898) في الأدب ، باب الانتصار ، وعلي بن زيد بن جدعان لا يحتج بحديثه ، وأم محمد امرأة زيد بن جدعان مجهولة ، فالحديث ضعيف .

سورة حم : الزخرف
799 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : {ولَوْلا أنْ يكونَ النَّاسُ أُمَّةً واحدةً} [الزخرف : 33] : لَوْلا أنْ جعل النَّاس كُلَّهُم كُفَّاراً ، لَجَعلتُ لبيوتِ الكفارِ سُقُفاً من فضَّةٍ ، ومعارجَ من فضَّةٍ - وهي الدُّرُجُ - وسُرُراً من فضَّةٍ ذكره البخاري ، ولم يذكرْ له إسناداً (1) .
__________
(1) 8 / 435 في تفسير سورة حم الزخرف ، وقد وصله الطبري 25 / 41 ، وابن أبي حاتم في تفسيره من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وهو منقطع .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري تعليقا في التفسبر - باب سورة حم الزخزف.وقال الحافظ في «الفتح» وصله الطبري وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.

سورة حم : الدخان
800 - (خ م ت) عن مسروق بن الأجدع -رحمه الله - : قال : كُنَّا جلوساً عند عبد الله بن مسعودِ - وهو مُضْطجِعٌ بيننا - فأتاه رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن، إنَّ قاصًّا عند أبواب كِنْدَة يَقُصُّ ، ويَزعمُ : أنَّ آيةَ الدُّخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار ، وَيأْخُذُ المؤمنين منها كهيئة الزُّكام ، فقال عبد الله - وَجلَسَ وهو غَضْبانُ- : يَا أُيُّها الناس، اتقوا الله ، مَنْ عَلِمَ منكم شيئاً فلْيَقُلْ بما يعْلَمُ ، ومن لا يعْلَمُ ، فَلْيَقُل: الله أعلم ، فإِنه أَعلمُ لأَحدِكم أنْ يقولَ لما لا يعْلَمُ : الله أعلمُ ، فإِن الله تعالى قال لنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم : {قُلْ ما أَسْأَلُكُمْ عليه من أجْرٍ وما أنا مِن المُتَكلِّفين} [ص: 86] إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لمَّا رأَى من الناس إِدْباراً قال : اللهم سَبْعٌ (1) كسَبْعِ يُوسُفَ .
وفي رواية: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لما دعا قريشاً كَذَّبُوه ، واسْتعْصَوْا عليه ، فقال : اللهم أعِنِّي عليهم بسبعٍ كسبْعِ يُوسف ، فأَخذتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شيءٍ ، حتى أكلوا الجُلودَ والمَيْتَةَ من الجوع ، ويْنظُرُ إلى السماء أحدُهم ، فَيرى كهَيْئَةِ الدُّخان ، فأتاه أبو سفيان ، فقال : يا محمد ، إِنَّك جئتَ تأَمرُ بطاعةِ اللهِ -[349]- وبصِلةِ الرَّحِمِ ، وإِنَّ قَوْمَك قد هَلَكوا، فادْعُ الله- عَزَّ وجلَّ - لهم ، قال الله تعالى {فارْتَقِبْ يومَ تأتي السَّماءُ بدُخَانٍ مُبين . يَغْشَى الناسَ هذا عذابٌ أليم . ربَّنا اكشِفْ عنا العذابَ إنا مؤمنون . أَنَّى لهم الذكرى وقد جاءهم رسولٌ مُبين . ثم تَولَّوْا عنه وقالوا مُعَلَّمٌ مجنونٌ . إِنَّا كاشِفُوا العَذَابِ قَليلاً إِنَّكُمْ عائدون} [الدخان : 10- 15] قال عبدُ الله : أفَيُكْشَفُ عذابُ الآخرة {يوم نَبْطِش البَطْشَةَ الكبرى إِنَّا منتقمون} فالبطشَةُ : يومُ بدرٍ.
وفي رواية قال : قال عبد اللهِ : إنما كان هذا ؛ لأن قريشاً لما اسْتَعْصَوا على النبي صلى الله عليه وسلم ، دعا عليهم بِسِنِينَ كَسِني يوسفَ فأصابهم قَحْطٌ وجَهْدٌ ، حتى أكلوا العظامَ ، فجعل الرجلُ ينظرُ إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجَهدِ ، فأنزل الله عز وجل {فارْتَقِبْ يومَ تأتي السَّماءُ بدُخَانٍ مُبين . يَغْشَى الناسَ هذا عذابٌ أليم} قال: فأُتي (2) رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل: يا رسولَ الله ، اسْتَسْقِ الله لِمُضَرَ (3) ، فإنها قد هَلَكَتْ. قال : -[350]- لِمُضَرَ (4) ؟ إنك لجريء فاستسقى لهم ، فَسُقُوا ، فنزلت : {إنكم عَائدون} فلما أصابهم الرفاهيةُ ، عَادُوا إلى حالهم، حين أصابتهم الرفاهية ، فأنزل الله عز وجل {يوم نَبْطِش البَطْشَةَ الكبرى إِنَّا منتقمون} قال : يعني يومَ بدر.
وفي رواية نحوه ، وفيها : فقيل له : إِنْ كَشَفنا عنهم عادوا ، فدعا ربَّه فكشف عنهم،فعادوا ، فانتقم الله منهم يومَ بدرٍ ، فذلك قولُه : {فارْتَقِبْ يومَ تأتي السَّماءُ بدُخَانٍ مُبين - إلى قوله - إنا منتقمون} . هذه رواية البخاري ، ومسلم.
وفي رواية الترمذي مثل الرواية الأولى إلى قوله : {فارْتَقِبْ يومَ تأتي السَّماءُ بدُخَان مُبين . يَغْشَى الناسَ هذا عذابٌ أليم} قال أحد رواتِهِ : هذا كقوله : {ربنا اكشف عنَّا العذابَ} فهل يكشفُ عذابُ الآخرة ؟ قد مضى البطشةُ واللِّزامُ والدخانُ ، وقال أحدهم : القمر، وقال الآخر : الرومُ واللزام يوم بدرٍ.
وقد أخرج البخاري في أحد طُرقِه هذا الذي ذكره الترمذي.
وفي أخرى للبخاري ومسلم قال : قال عبد اللهِ : خمسٌ قد مَضَيْنَ : -[351]- الدخانُ ، واللِّزامُ ، والرومُ ، والبطشةُ ، والقمرُ (5) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بسبع كسبع) أراد بالسبع : سبع سنين التي كانت في زمن النبي يوسف عليه السلام المجدبة التي ذكرها الله تعالى في القرآن.
(حصت) حلقت واستأصلت.
(قحط) القحط : احتباس المطر.
(جهده) الجهد - بفتح الجيم - : المشقة.
(الرفاهية) : الدعة وسعة العيش.
__________
(1) هذه رواية مسلم ، وللبخاري : سبعاً ، قال الزركشي : والنصب هو المختار ، لأن الموضع ، موضع فعل دعاء ، فالاسم الواقع فيه بدل من اللفظ بذلك الفعل ، والتقدير : اللهم ابعث أو سلط ، والرفع جائز على إضمار مبتدأ أو فعل رافع .
(2) كذا بضم الهمزة على البناء للمجهول للجمهور ، والآتي المذكور : هو أبو سفيان كما صرح به في الرواية المتقدمة .
(3) إنما قال : لمضر ، لأن غالبهم كانوا بالقرب من مياه الحجاز ، وكان الدعاء بالقحط على قريش ، وهم سكان مكة ، فسرى القحط إلى من حولهم ، فحسن أن يطلب الدعاء لهم ، ولعل السائل عدل عن التعبير بقريش لئلا يذكرهم ، فيذكر بجرمهم ، فقال " لمضر " : ليندرجوا فيهم ، ويشير أيضاً إلى أن المدعو عليهم قد هلكوا بجريرتهم ، وقد وقع في الرواية الأخيرة " وإن قومك هلكوا " ولا منافاة بينهما ، لأن مضر أيضاً قومه .
(4) أي : أتأمرني أن أستسقي الله لمضر ، مع ما هم عليه من المعصية والإشراك به ؟ !
(5) البخاري 8 / 439 في تفسير حم الدخان ، باب {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} ، وفي الاستسقاء ، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم " اجعلها عليهم سنين كسني يوسف " ، وباب إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط ، وفي تفسير سورة يوسف ، باب {وروادته التي هو في بيتها عن نفسه} ، وفي تفسير سورة الروم ، وفي تفسير سورة ص ، ومسلم رقم (2798) في صفات المنافقين ، باب الدخان ، والترمذي رقم (3251) في التفسير ، باب ومن سورة الدخان .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه الحميدي (116) قال : حدثنا سفيان. و «أحمد» (1/380) (3613) قال : حدثنا أبو معاوية. وفي (1/431) (4104) قال : حدثنا وكيع ، وابن نمير. و «البخاري» (6/96) قال : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان.وفي (6/156) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا جرير. وفي (6/164) قال : حدثنا يحيى ،قال : حدثنا أبو معاوية. وفي (6/164) قال : حدثنا يحيى، قال: حدثنا وكيع. وفي (6/165) قال : حدثنا سليمان بن حرب ،قال : حدثنا جرير بن حازم. و «مسلم» (8/131) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال: حدثنا أبو معاوية ،ووكيع (ح) وحدثني أبو سعيد الأشج ، قال : أخبرنا وكيع (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا جرير (ح) وحدثنا يحيى بن يحيى ، وأبو كريب ، قالا: حدثنا أبو معاوية. و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9574) عن أبي كريب ، عن أبي معاوية. ستتهم -سفيان ، وأبو معاوية ، ووكيع ، وعبد الله بن نمير ، وجرير بن عبد الحميد ، وجرير بن حازم - عن الأعمش.
2- وأخرجه أحمد (1/441) (4206) قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة. و «البخاري» (2/37 6،/142) قال : حدثنا محمد بن كثير ، قال : حدثنا سفيان. وفي (6/165) قال : حدثنا بشر ابن خالد ، قال : أخبرنا محمد ، عن شعبة. «والترمذي» (3254) قال : حدثنا محمود بن غيلان ، قال: حدثنا عبد الملك بن إبراهيم ، قال : حدثنا شعبة و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9574) عن بشر بن خالد ، عن محمد بن جعفر ، عن شعبة. (ح) وعن محمود بن غيلان ، وعن النضر بن شميل ، عن شعبة كلاهما -شعبة ، وسفيان- عن منصور ، والأعمش.
3- وأخرجه البخاري (2/33) قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة.و «مسلم» (8/130) قال : حدثنا إسحاق إبراهيم. كلاهما - عثمان ، وإسحاق - عن جرير ، عن منصور.
كلاهما -الأعمش ، ومنصور- عن مسلم بن صبيح أبي الضحى ، عن مسروق ، فذكره.
(*) الروايات مطولة ومختصرة ويزيد بعضهم على بعض.
* جاء مختصرا من قول عبد الله بن مسعود على : «خمس قد مضين الدخان ، واللزام ، الروم ، والبطشة والقمر» أخرجه البخاري (6/139) قال :حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، قال : حدثنا أبي، قال : حدثنا الأعمش. وفي (6/164) قال : حدثنا عبدان ، عن أبي حمزة ، عن الأعمش.وفي (6/166) قال : حدثنا يحيى ،قال :حدثنا وكيع ، عن الأعمش.و «مسلم» (8/132) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش. (ح) وحدثنا أبو سعيد الأشج ، قال : حدثنا وكيع ، قال :حدثنا الأعمش. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9576) عن قتيبة ، عن عمرو بن محمد ، عن سفيان، عن منصور. (ح) وعن شعيب بن يوسف ، عن يحيى بن سعيد ، عن فطر بن خليفة.
ثلاثتهم -الأعمش ، ومنصور ، وفطر - عن مسلم بن أبي الضحى ، عن مسروق عن عبد الله ، فذكره موقوفا.

801 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ مُؤمِنٍ إلا وله بابانِ : بابٌ يَصعَدُ منه عَمَلُهُ ، وبابٌ ينزلُ منه رِزْقُه. فإذا مات بَكيَا عليه ، فذلك قوله : {فما بكَتْ عليهم السماءُ والأَرضُ وما كانوا مُنظرين}» . -[352]-
أخرجه الترمذي ، وقال : هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه (1) .
__________
(1) رقم (3252) في التفسير ، باب ومن سورة الدخان ، وتمام كلامه : وموسى بن عبيدة ، ويزيد بن أبان الرقاشي يضعفان في الحديث ، وقد أورده السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 30 وزاد نسبته لابن أبي الدنيا في " ذكر الموت " ، وأبي يعلى ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبي نعيم في " الحلية " ، والخطيب .

802 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - : «أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : {كالمُهْلِ} [الدخان : 45] كَعَكَرِ الزَّيْتِ ، إذا قَرَّبَهُ إلى وجههِ سَقَطَتْ فَرْوَةُ وجهه فيه» . أخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فروة وجهه) فروة الوجه : هي جلدته.
__________
(1) رقم (2584) و (2587) في أبواب صفة جهنم ، باب ما جاء في صفة شراب أهل النار ، و (3319) في التفسير ، باب ومن سورة سأل سائل ، ورواه أحمد في " المسند " 3 / 70 ، 71 ، وفي سنده رشدين بن سعد أبو الحجاج المصري ، وهو ضعيف ، ودراج أبو السمح حديثه عن أبي الهيثم ضعيف ، وهذا منها .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف :
1-أخرجه (3/70) قال : حدثنا حسن ، قال : حدثنا ابن لهيعة.
2- إسناده ضعيف :وأخرجه عبد بن حميد (930) قال:حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال:حدثنا ابن المبارك و «الترمذي» (2581 ، 3322) قال : حدثنا أبو كريب.وفي (2584) قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك. كلاهما - ابن المبارك. وأبو كريب - عن رشدين بن سعد عن عمرو بن الحارث.
كلاهما - ابن لهيعة ، وعمرو - عن دراج أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، فذكره.
وقال الترمذي : هذا الحديث لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن سعد ، ورشدين قد تكلم فيه.

سورة حم الأحقاف
803 - (خ) يوسف بن مَاهَكْ (1) - رحمه الله - : قال : كان مَرْوانُ على الحجازِ (2) استعمله مُعاويةُ ، فَخَطَبَ فجعل يذكُرُ يزيد بن مُعاوية ؛ لكي -[353]- يُبايعَ له بعد أبيه ، فقال له عبد الرحمن بْنُ أبي بكرٍ شيئاً (3) ، فقال : خُذوهُ ، فدَخلَ بيتَ عائِشَةَ فلم يقدرُوا عليه (4) ، فقال مروانُ : إنَّ هذا الذي أَنزل الله فيه {والذي قال لوالديه أُفٍّ لكُما} [الأحقاف: 17] فقالت عائشة من وراء الحجاب : ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن ، إِلا ما أنزل في سورة النُّورِ من بَرَاءتِي (5) . أخرجه البخاري (6) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أف لكما) أفّ : صوت إذا صَوَّتَ به الإنسان علم أنه متضجر ، واللام في (لكما) للبيان ، ومعناه : هذا التأفيف لكما خاصة دون غيركما ، -[354]- والمعنى : الكراهية ، وقيل : الكلام الغليظ ، وقيل : أصل الأف ، من وسخ الإصبع إذا فُتل.
__________
(1) بفتح الهاء وبكسرها ، ومعناه : القمير ، تصغير القمر ، ويجوز صرفه وعدمه .
(2) أي : أميراً على المدينة من قبل معاوية .
(3) قال الحافظ في " الفتح " : والذي في رواية الإسماعيلي : فقال عبد الرحمن : ما هي إلا هرقلية ، ولابن المنذر : أجئتم بها هرقلية تبايعون لأبنائكم ، ولأبي يعلى وابن أبي حاتم من طريق إسماعيل بن أبي خالد : حدثني عبد الله المدني قال : كنت في المسجد حين خطب مروان فقال : إن الله قد أرى أمير المؤمنين رأياً حسناً في يزيد وأن يستخلفه ، فقد استخلف أبو بكر وعمر ، فقال عبد الرحمن : هرقلية ، إن أبا بكر والله ما جعلها في أحد من ولد ولا في أهل بيته ، وما جعلها معاوية إلا كرامة لولده .
(4) أي : امتنعوا من الدخول خلفه إعظاماً لعائشة . وفي رواية أبي يعلى " فنزل مروان عن المنبر ، حتى أتى باب المسجد ، حتى أتى عائشة ، فجعل يكلمها وتكلمه ، ثم انصرف " قاله الحافظ .
(5) أي : الآية التي في سورة النور ، في قصة أهل الإفك وبراءتها مما رموها به رضي الله عنها . قال الحافظ : وفي رواية الإسماعيلي : فقالت عائشة : كذب والله ما نزلت فيه . قال ابن كثير : ومن زعم أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما ، فقوله ضعيف ، لأن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أسلم بعد ذلك ، وحسن إسلامه ، وكان من خيار أهل زمانه .
(6) 8 / 442 و 443 في تفسير سورة الأحقاف .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (6/166) قال : ثنا موسى بن إسماعيل ،قال : ثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن يوسف بن ماهك فذكره.

804 - (م ت د) علقمة -رحمه الله - : قال : قلت لابن مسعودٍ : هل صَحِبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ليلةَ الجِنِّ منكم أحدٌ ؟ قال : ما صحبه منَّا أحدٌ ، ولكنَّا كُنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ ليْلَةٍ فَفقَدناهُ ، فالتمسناه في الأودية والشِّعابِ ، فَقُلْنَا : اسْتُطِيرَ ، أَوِ اغْتِيلَ (1) ، فبِتْنا بشرِّ ليْلَةٍ باتَ بها قومٌ ، فلما أَصبحنا إذا هُوَجَاءٍ من قِبلِ حِراءَ، قال : فقُلْنا : يا رسول الله ، فَقَدْناكَ، فطلبناكَ ، فلم نَجِدْكَ ، فَبِتْنا بشَرِّ ليلةٍ باتَ بها قومٌ ، قال : «أتَاني داِعي الجِنِّ ، فذَهبْتُ معه ، فقرأتُ عليهم القرآن» قال : فانطَلقَ بنا ، فأرانا آثارهم ، وآثار نِيرَانِهمْ (2) ، وسألُوهُ الزَّادَ ، فقال : «لكم كلُّ عَظْمٍ ذُكر اسم الله عليه (3) يقع في أيديكم أوْفَرَ ما يكون لَحْماً، وكلُّ بَعْرَةٍ علَفٌ لِدَوَابِّكم» فقال- رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «فلا تَسْتَنْجوا بهما ، فإنهما طعامُ إخوانِكم» . -[355]-
وفي رواية بعد قوله : «وآثار نيرانِهِم» قال الشعبيُّ : وسألُوهُ الزَّادَ ؟ وكانُوا من جِنِّ الجزيرَةِ - إلى آخر الحديث من قول الشعبي مفصَّلاً من حديث عبد الله ، هذه رواية مسلم.
وأخرجه الترمذي ، وذكر فيه قول الشعبي ، كما سبق في هذه الرواية الآخرة، وزاد فيه : أَو رَوْثةٍ.
وفي رواية لمسلم ، أَنَّ ابنَ مسعود قال : لم أكن ليلَة الجنِّ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، ََوَوَدِدْتُ أَنِّي كنتُ معَهُ ، لم يزد على هذا.
وأخرج أبو داود منه طرفاً ، قال : قلتُ لعبد الله بن مسعودٍ : «مَنْ كان منكم ليْلَةَ الجن مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ما كان معه منَّا أحَدٌ» . لم يزدْ على هذا (4) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(استطير) : استفعل من الطيران ، كأنه أخذه شيء وطار به.
(اغتيل) : أُخِذَ غيلة ، والاغتيال : الاحتيال .
__________
(1) استطير ، أي : طارت به الجن ، و " اغتيل " أي : قتل سراً ، والغيلة بكسر الغين : هي القتل خفية .
(2) قال النووي : قال الدارقطني : انتهى حديث ابن مسعود عند قوله : " فأرانا آثارهم ، وآثار نيرانهم " وما بعده من قول الشعبي ، كذا رواه أصحاب داود الراوي عن الشعبي ، وابن علية ، وابن زريع ، وابن أبي زائدة ، وابن إدريس وغيرهم . هكذا قاله الدارقطني وغيره . ومعنى قوله : إنه من كلام الشعبي ، أنه ليس مروياً عن ابن مسعود بهذا الإسناد ، وإلا فالشعبي لا يقول هذا الكلام إلا بتوقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم .
(3) قال بعض العلماء : هذا لمؤمنيهم ، وأما غيرهم : فجاء في حديث آخر " أن طعامهم : ما لم يذكر اسم الله عليه " .
(4) مسلم رقم (450) في الصلاة ، باب الجهر بالقراءة في الصبح ، والترمذي رقم (3254) في التفسير ، باب ومن سورة الأحقاف ، وأبو داود رقم (85) في الطهارة ، باب الوضوء بالنبيذ ، ورواه أحمد في " المسند " ، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 44 وزاد نسبته لعبد بن حميد .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-أخرجه أحمد (1/436) (4149) قال : حدثنا إسماعيل (ح) وابن أبي زائدة. و «مسلم» (2/36) قال : حدثنا محمد بن المثنى ،قال : حدثنا عبد الأعلى. (ح) وحدثنيه علي بن حجر السعدي ، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم. (ح) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا عبد الله بن إدريس. و «أبو داود» (85) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا وهيب. «والترمذي» (3258) قال : حدثنا علي بن حجر ، قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) 9463 عن أحمد بن منيع ، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة. و «ابن خزيمة» 82 قال : حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى ، قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى. (ح) وحدثنا أبو هاشم زياد بن أيوب. ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، وعبد الأعلى،وعبد الله بن إدريس ، ووهيب عن داود أبي هند ، عن عامر.
2- وأخرجه مسلم 2/37 قال :حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : أخبرنا خالد بن عبد الله ، عن خالد ، عن أبي معشر عن إبراهيم.
كلاهما - عامر الشعبي ، وإبراهيم - عن علقمة ، فذكره.
(*) رواية وهيب مختصرة على : «عن علقمة قال : قلت : لعبد الله بن مسعود : من كان منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ؟ فقال : ما كان معه منا أحد» .
(*) ورواية إبراهيم مختصرة على : «عن عبد الله قال : لم أكن ليلة الجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وودت أني كنت معه» .

سورة الفتح
805 - (خ م ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - : {إِنَّا فَتَحنَا لك فَتْحاً -[356]- مبيناً} [الفتح : 1] قال : الحُدْيبِيَةُ (1) ، فقال أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم : هَنيئاً مَريئاً ، فَمالنا ؟ فأنزل الله عز وجل : {لِيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمناتِ جَناتٍ تجري من تحتها الأنهار} [الفتح : 5] قال شعبةُ : فقَدِمْتُ الكوفةَ ، فحدَّثتُ بهذا كُلِّه عن قتادة ، ثم رجَعتُ فذكرتُ له ، فقال : أَمَّا {إِنَّا فَتَحنَا لك فَتْحاً مبيناً} فَعنْ أنسٍ ، وأما «هنيئاً مريئاً» فَعنْ عِكْرِمَةَ. هذه رواية البخاري (2) .
وأخرجه مسلم عن قَتادة عن أنس قال : لما نزلتْ {إِنَّا فَتَحنَا لك فَتْحاً مبيناً . ليغفر لَكَ اللَّهُ ما تقدَّمَ من ذنبك وما تأَخَّر ويُتمَّ نعمته عليك ويَهديَك صراطاً مستقيماً . ويَنْصُرَك اللَّه نصراً عزيزاً . هو الذي أنزل السَّكينةَ في قُلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً معَ إيمانهم وللَّه جنُودُ السموات والأرض وكان اللَّه عليماً حكيماً . لِيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمناتِ جَنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويُكفِّرَ عنهم سَيِّئاتهم وكان ذلك عند اللَّه فَوزاً عظيماً} [الفتح :1-5] مَرْجِعهُ من الحديبية - وهم يُخَالِطُهُم الحزنُ والكآبةُ -[357]- وقد نَحَر الهديَ بالحُدَيْبِية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لقد أُنزِلَتْ عليَّ آيةٌ هي أحبُّ إليَّ من الدُّنيا جميعاً» .
وأخرجه الترمذي عن قتادة عن أنس قال : أُنزِلَتْ على النبي صلى الله عليه وسلم {ليغفرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقدَّمَ من ذنبك وما تأَخَّرَ} مرجِعَهُ من الحديبية ، فقال النبي : «لقد أُنزلت عليَّ آيةٌ أحَبُّ إليَّ مِمَّا على الأرضِ» ، ثم قرأها النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : هنيئاً مريئاً ، يا رسولَ الله، لقد بَيَّنَ الله لك ما يُفعَل بك ، فماذا يُفعَل بنا ؟ فنزلت عليه {لِيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمناتِ جَنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار - حتى بَلَغَ - فوزاً عظيماً} (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الهدي) : ما يهديه الحاج أو المعتمر إلى البيت الحرام من النعم لينحره بالحرم.
__________
(1) الحديبية : بالتخفيف ، وكثير من المحدثين يشددونها ، والصواب تخفيفها ، وهي قرية متوسطة ليست بالكبيرة ، سميت ببئر عند الشجرة التي بايع الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها ، أو بشجرة حدباء كانت في ذلك الموضع ، بينها وبين مكة مرحلة ، وبينها وبين المدينة تسع مراحل ، وسمي ما وقع في الحديبية فتحاً ، لأنه كان مقدمة الفتح وأول أسبابه .
(2) قال الحافظ : أفاد هنا أن بعض الحديث عن قتادة عن أنس ، وبعضه عن عكرمة ، وقد أورده الإسماعيلي من طريق حجاج بن محمد عن شعبة ، وجمع في الحديث بين أنس وعكرمة وساقه مساقاً واحداً .
(3) البخاري 7 / 347 في المغازي ، باب غزوة الحديبية ، وفي تفسير سورة الفتح ، باب {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً} ، ومسلم رقم (1786) في الجهاد ، باب صلح الحديبية ، والترمذي رقم (3259) في التفسير ، باب ومن سورة الفتح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1- أخرجه أحمد (3/122) قال : حدثنا يزيد. وفي (3/134) قال : حدثنا بهز. وفي (3/252) قال: حدثنا عفان. و «مسلم» (5/176) قال : حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود. أربعتهم - يزيد بن هارون ، وبهز بن أسد ، وعفان ، وأبو داود - عن همام بن يحيى.
2- وأخرجه أحمد (3/197) ، الترمذي (3263) قال : حدثنا عبد بن حميد. كلاهما - أحمد ، و عبد - قالا : حدثنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا معمر.
3-وأخرجه أحمد (3/173) قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثني شعبة.
4- وأخرجه أحمد (3/215) قال : حدثنا محمد بن بكر (ح) وحدثنا عبد الوهاب. و «مسلم» 5/176 قال : حدثنا نصر بن علي الجهضمي ،قال : حدثنا خالد بن الحارث. ثلاثتهم - ابن بكر ، وعبد الوهاب، وخالد - عن سعيد بن أبي عروبة.
5- وأخرجه عبد بن حميد (1188) ، ومسلم (5/176) قال : حدثنا عبد بن حميد ، قال : حدثنا يونس ابن محمد ، قال : حدثنا شيبان بن عبد الرحمن.
6-وأخرجه مسلم (5/176) قال : حدثنا عاصم بن النضر التيمي ،قال :حدثنا معتمر ، قال : سمعت أبي (سليمان التيمي) .
ستتهم -همام ، ومعمر ، وشعبة ، وسعد ،وشيبان، وسليمان- عن قتادة ، فذكره ولفظ البخاري أخرجه (4172) قال ثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عثمان بن عمر. وفي (34 48) قال : ثنا محمد بن بشار ، ثنا غندر كلاهما - عثمان بن عمر، وغندر - قال عثمان: وأخبرنا ، وقال غندر : ثنا شعبة ،قال : سمعت قتادة ، فذكره.

806 - (خ ط ت) أسلم - رضي الله عنه - : أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يسيرُ في بعض أسفاره (1) - وعُمر بنُ الخطابِ يسيرُ معهُ ليلاً - فسأله عمرُ -[358]- عن شيء؟ فلم يُجِبْهُ ، ثم سأله فلم يجبه ، ثم سأله فلم يجبه ، فقال عمر : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ عُمَرُ ، نَزَرْتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ثَلاثَ مَراتٍ ، كلُّ ذلك لا يُجيبُكَ ، قالَ عمرُ : فَحَرَّكتُ بعيري ، حتى تقدَّمتُ أمامَ النَّاسِ ، وخَشيتُ أنْ ينزلَ فيَّ قُرآنٌ ، فما نَشِبْتُ أنْ سَمِعتُ صَارخاً يَصْرُخُ بي ، فقلت : لقد خشيِتُ أن يكون قد نزلَ فِيَّ قرآن ، فجئتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، فسلَّمت عليه ، فقال : لقد أُنزِلت عليَّ الليلةَ سورةٌ ، لهيَ أحبُّ إليَّ مما طلَعَتْ عليه الشمسُ ، ثم قرأ : {إِنَّا فَتَحنَا لك فَتْحاً مبيناً} أخرجه البخاري ، والموطأ هكذا.
وأخرجه الترمذي عن أسْلَمَ ، قال : سمعتُ عمر بن الخطاب يقول : كُنَّا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسْفَارِهِ... الحديث (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نزرت) فلاناً : إذا ألححت عليه في السؤال.
(فما نشبت) أي ما لبثت.
__________
(1) قال الحافظ : هذا السياق صورته الإرسال ، لأن أسلم لم يدرك زمان هذه القصة ، لكنه محمول على أنه سمعه من عمر ، بدليل قوله في أثنائه : قال عمر : فحركت بعيري ... إلى آخره ، وإلى ذلك أشار القابسي ، وقد جاء من طريق أخرى : سمعت عمر ، أخرجه البزار من طريق محمد بن خالد بن عثمة عن مالك ، ثم قال : لا نعلم رواه عن مالك هكذا ، إلا ابن عثمة وابن غزوان . انتهى . ورواية ابن غزوان - وهو عبد الرحمن أبو نوح المعروف بقراد - قد أخرجها أحمد عنه ، واستدركها مغلطاي على البزار ظاناً أنه غير ابن غزوان ، وأورده الدارقطني في " غرائب مالك " من طريق هذين ، ومن طريق يزيد بن أبي حكيم ومحمد بن حرب وإسحاق الْحُنَيْنِيِّ أيضاً ، فهؤلاء خمسة رووه عن مالك بصريح الاتصال ، قال الحافظ : وجاء في رواية الطبراني من طريق عبد الرحمن بن أبي علقمة عن ابن مسعود أن السفر المذكور هو عمرة الحديبية ، وكذا في رواية معتمر عن أبيه -[358]- عن قتادة عن أنس قال : لما رجعنا من الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا ، فنحن بين الحزن والكآبة فنزلت . قال : واختلف في المكان الذي نزلت فيه : فوقع عند محمد بن سعد بضجنان ، وعند الحاكم في " الإكليل " بكراع الغميم ، وعن أبي معشر بالجحفة ، والأماكن الثلاثة متقاربة .
(2) البخاري 8 / 447 و 448 في تفسير سورة الفتح ، باب {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً} ، وفي المغازي ، باب غزوة الحديبية ، وفي فضائل القرآن ، باب فضل سورة الفتح ، والموطأ 1 / 203 و 204 في القرآن ، باب ما جاء في القرآن ، والترمذي رقم (3257) في التفسير ، باب ومن سورة الفتح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه مالك (الموطأ) صفحة (144) . وأحمد 1/31 (209) قال : حدثنا أبو نوح. و «البخاري» 5/160 قال : حدثني عبد الله بن يوسف. وفي (6/168) قال : حدثنا عبد الله بن مسلمة،. وفي 6/232 قال : حدثنا إسماعيل.و «الترمذي» 3262 قال : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا محمد بن خالد ابن عثمة.و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف) (8/10387) عن محمد بن عبد الله المخرمي ، عن عبد الرحمن بن مهدي
ستتهم - أبو نوح ، وعبد الله بن يوسف ،وعبد الله بن مسلمة ، وإسماعيل بن أبي أويس ، ومحمد بن خالد، رابن مهدي - عن مالك ، عن زيد بن أسلم عن أبيه ، فذكره.

807 - (م ت د) أنس بن مالك - رضي الله عنه - :أَنَّ ثمانِينَ رجُلاً مِنْ أهْلِ مَكَّةَ، هَبَطُوا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من جَبَل التَنْعِيمِ مُسَلَّحِينَ - يُرِيدُونَ غِرَّةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم (1) - فأخَذَهم سلْماً، فاسْتَحْياهُم ، وأنْزَلَ اللهُ عزَّ وجل : {وهو الذي كفَّ أَيديَهُمْ عنكم وأيدَيكم عنهم بِبَطْنِ مكة من بعد أنْ أظْفَرَكم عليهم} [الفتح : 24] هذه رواية مسلم.
وفي رواية الترمذي ، أَنَّ ثمانِينَ نزلُوا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من جبل التنعيم عند صلاة الصبح ؛ يُرِيدونَ أَنْ يقْتُلُوهُ ، فأُخِذُوا ، فأَعتقهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله {وهو الذي كفَّ أَيديَهُمْ عنكم وأيدَيكم عنهم...} الآية.
وأخرجه أبو داود بنحوه من مجموع الروايتين (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مسلحين) قوم مسلحون ، أي : معهم سلاح.
(غِرَّة) الغرة : الغفلة.
(استحياهم) : استبقاهم ولم يقتلهم.
(سِلماً) - السِّلْم بكسر السين وفتحها : الصلح ، وهو المراد في الحديث ، على ما فسره الحميدي في غريبه ، وكذا يكون قد رواه بدليل شرحه. -[360]- وقال الخطابي : إنه السلم - بفتح السين واللام -يريد به الاستسلام والإذعان ، ومنه قوله تعالى : {وأَلْقَوْا إليكم السَّلَمَ} أي : الانقياد.
والذي ذهب إليه الخطابي هو الأشبه بالقصة ، فإنهم لم يؤخذوا عن صلح وإنما أخذوا قهراً ، فأسلموا أنفسهم عجزاً ، على أن الأول له وجه ، وذلك : أنه لم يَجْرِ لهم معهم حرب ، إنما صالحوهم على أن يؤخذوا أسرى ولا يقتلوهم ، فسمي الانقياد إلى ذلك صلحاً. وهو السِّلم ، والله أعلم.
__________
(1) أي : يريدون أن يصادفوا منه ومن أصحابه غفلة عن التأهب لهم ليتمكنوا من غدرهم والفتك بهم .
(2) مسلم رقم (1808) في الجهاد ، باب قوله تعالى : {وهو الذي كف أيديهم عنكم} ، والترمذي رقم (3260) في التفسير ، باب ومن سورة الفتح ، وأبو داود رقم (2688) في الجهاد ، باب في المن على الأسير بغير فداء .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (3/122 ، 124) قال :حدثنا يزيد. وفي (3/290) قال : حدثنا عفان و «عبد بن حميد» (1208) قال : حدثنا سليمان بن حرب. و «مسلم» (5/195) قال : حدثني عمر بن محمد الناقد ،قال : حدثنا يزيد بن هارون.و «أبو داود» (2688) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل. و «الترمذي» (3264) قال : حدثنا عبد بن حميد ، قال : حدثني سليمان بن حرب. و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف 390» عن أبي بكر بن نافع ، عن بهز ، وفيه أيضا عن إسحاق بن إبراهيم ، عن عفان.
خمستهم - يزيد بن هارون ، وعفان، وسليمان ، وموسى ،وبهز - عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، فذكره.

808 - (ت) أبي بن كعب - رضي الله عنه - : عن النبي صلى الله عليه وسلم {وألْزَمَهم كلمةَ التَّقْوَى} [الفتح : 26] قال : «لا إله إلا الله» .أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3261) في التفسير ، باب ومن سورة الفتح ، وفي سنده ثوير بن أبي فاختة ، وهو ضعيف ، وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث الحسن بن فزعة ، قال : وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث ، فلم يعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف : أخرجه الترمذي (3265) وعبد الله بن أحمد (5/138) قالا : ثنا الحسن بن قزعة ، قال: ثنا سفيان بن حبيب ، عن شعبة ، عن ثوير ، عن أبيه ،عن الطفيل فذكره.
وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث الحسن بن قزعة وقال :وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث فلم يعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه.

سورة الحجرات
809 - (خ س ت) عبد الله بن الزبير بن العوام - رضي الله عنهما - : قال : قَدِمَ رَكْبٌ من بني تَميمٍ على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال أَبو بكْرٍ : أَمِّر الْقَعْقَاعَ ْبنَ مَعْبَد بنِ زُرَارة، وقال عمر : أَمِّر الأقْرَعَ بنَ حابسٍ ، فقال أبو بكرٍ : ما أَرَدْتَ إِلا خِلافي (1) ، وقال عمر : ما أردتُ خِلافَكَ ، فَتَمارَيا ، حتى -[361]- ارْتَفَعَتْ أصواتُهُما ، فنزل في ذلك : {يا أيُّها الذين آمنوا لا تُقدِّمُوا بين يَدي اللَّه ورَسُولِه واتَّقُوا اللَّه إن اللَّه سميع عليم} [الحجرات : 1] .
وفي رواية : قال ابنُ أبي مُلَيْكَةَ : كادَ الْخَيِّرَان أنْ يَهْلكا : أَبُو بكرٍ ، وعُمَرُ ، لمَّا قَدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفدُ بني تميم ، أشَارَ أحَدُهُما بالأقْرَعِ بن حابِس الْحَنْظَلِيِّ ، وأشار الآخر بغيره، ثم ذكره نحوه، ونزولَ الآية (2) . ثم قال : قال ابن الزبير : فكان عمرُ بعدُ إذا حدَّثَ بحديثٍ حدَّثَهُ كأخي السِّرارِ ، لم يُسْمِعْهُ حتى يسْتَفهِمَهُ.
وفي أخرى نحوه ، وفيه قال ابن الزبير : فما كان عمر يُسْمِعُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتى يستفهمه، ولم يذكرْ ذلك عن أبيه ، يعني : أبا بكرٍ الصِّديق. أخرجه البخاري، وأخرج النسائي الرواية الأولى.
وأخرجه الترمذي قال :إِنَّ الأقْرَعَ بنَ حابسٍ قَدِمَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكرٍ: يا رسول الله ، استعْمِلْهُ على قومه ، فقال عمر : لا تستعْمِلْهُ -[362]- يا رسول الله ، فتكلَّما عند النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى علَتْ أصواتُهُما ، فقال أبو بكرٍ لعُمر : ما أَرَدْتَ إِلا خِلافي ، فقال: ما أردتُ خِلافَكَ ، قال : فنزلت هذه الآية : {يا أيُّها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوقَ صوتِ النبي} [الحجرات : 2] قال : فكان عمرُ بعد ذلك إذا تكلم عند النبي صلى الله عليه وسلم : لم يُسْمِعْ كلامَهُ، حتى يسْتَفْهِمَهُ. وما ذكرَ ابنُ الزُّبَيْرِ جدَّه : يعني أبا بكرٍ.
وقال الترمذي : وقد رواه بعضُهم عن ابن أبي مُلَيْكَةَ مرْسَلاً ، ولم يذكر ابنَ الزبير (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فتماريا) التماري : المجادلة والمنازعة في الكلام.
(كأخي السِّرار) أي كلاماً كمثل المساررة بخفض صوته ، والكاف ، صفة لمصدر محذوف ، والضمير في «يُسْمعه» راجع إلى الكاف ، ولا يسمعه : منصوب المحل بمنزلة الكاف.
__________
(1) ولأحمد " إنما أردت خلافي " .
(2) الآية التي ذكرت في هذا الحديث هي {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} . قال الحافظ في " الفتح " 8 / 453 : زاد وكيع كما سيأتي في " الاعتصام " إلى قوله " عظيم " ، وفي رواية ابن جريج : فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} إلى قوله {ولو أنهم صبروا} وقد استشكل ذلك ، قال ابن عطية : الصحيح أن سبب نزول هذه الآية كلام جفاة الأعراب .
قلت - القائل ابن حجر - : لا يعارض ذلك هذا الحديث ، فإن الذي يتعلق بقصة الشيخين في تخالفهما في التأمير في أول السورة {لا تقدموا} لكن لما اتصل بها قوله : {لا ترفعوا} تمسك عمر منها بخفض صوته ، وجفاة الأعراب الذين نزلت فيهم هم من بني تميم ، والذي يختص بهم قوله : {إن الذين ينادونك من وراء الحجرات} .
(3) البخاري 8 / 452 - 454 في تفسير سورة الحجرات ، باب {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} ، وباب {إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون} ، وفي المغازي ، باب وفد بني تميم ، وفي الاعتصام ، باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم ، والترمذي رقم (3262) في التفسير ، باب ومن سورة الحجرات ، والنسائي 6 / 226 في القضاء ، باب استعمال الشعراء .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1-أخرجه أحمد (4/4) قال : حدثنا موسى بن داود. وفي (4/6) قال :حدثنا وكيع. و «البخاري» (6/171) قال : حدثنا بسرة بن صفوان بن جميل اللخمي. وفي (9 /120) قال : حدثنا محمد بن مقاتل، قال أخبرنا وكيع.و «الترمذي» (3266) قال : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثا مؤمل بن إسماعيل. أربعتهم - موسى ، ووكيع ، وبسرة ، ومؤمل - عن نافع بن عمر الجمحي.
2- وأخرجه البخارى (5/213) قال :حدثني إبراهيم بن موسى ، قال حدثني هشام بن يوسف. وفي (6/172) قال : حدثنا الحسن بن محمد ، قال حدثنا حجاج. و «النسائي» (8/226) قال : أخبرنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا حجاج. كلاهما -هشام ، وحجاج - عن ابن جريج.
كلاهما (نافع بن عمر ، وابن جريج) عن ابن أبي مليكة (قال ابن جريج:أخبرني ابن أبي مليكة) فذكره.

810 - (ت) البراء بن عازب - رضي الله عنه - : في قوله {إنَّ الّذينَ يُنَادُونَك من وَرَاءِ الحُجُرَاتِ} [الحجرات : 4] قال : قام رجلٌ ، فقال : يا رسول الله ، إِنَّ حَمْدي زَيْنٌ ، وذَمِّي شَيْنٌ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «ذاك الله -[363]- عز وجل» . أخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(شين) الشين : الذم والعيب.
__________
(1) رقم (3263) في التفسير ، باب ومن سورة الحجرات ، وقال : هذا حديث حسن ، وهو كما قال ، فإن له شاهداً يتقوى به عند أحمد 3 / 488 و 6 / 393 ، 394 من حديث الأقرع بن حابس أنه نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات ، فقال : يا رسول الله ، فلم يجبه رسول الله ، فقال : يا رسول الله ، ألا إن حمدي زين ، وإن ذمي شين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذاك الله عز وجل " ، وسنده حسن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف : أخرجه الترمذي (3267) قال : حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث ،قال : حدثنا الفضل ابن موسى. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف» (1829) عن محمد بن علي بن ا لحسن بن شقيق،عن أبيه.
كلاهما- الفضل ، وعلي بن الحسن ، - عن الحسين بن واقد ، عن أبي إسحاق فذكره.وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.

811 - (ت) أبو نَضرة (1) - رحمه الله - : قال : قرأَ أبو سعيد الخدري : {واعْلَمُوا أنَّ فيكم رسولَ اللَّه لو يُطيعُكُمْ في كثيرٍ من الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ (2)} [الحجرات : 7] قال : هذا نبيُّكمْ يُوَحى
إليه ، وخِيَارُ أئمَّتِكم (3) لو أَطاعهم في كثير من الأَمرِ لَعَنِتُوا ، فكيف بكم اليوم ؟. أخرجه الترمذي (4) . -[364]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(لعنتُّم) العنت : الإثم.
__________
(1) بالنون المفتوحة والضاد الساكنة : المنذر بن مالك بن قطعة - بكسر القاف وسكون الطاء - العبدي العوفي البصري . وثقه أحمد وابن معين ، وقال ابن سعد : كان ثقة كثير الحديث .
(2) أي : اعلموا أن بين أظهركم رسول الله فعظموه ووقروه وتأدبوا معه ، وانقادوا لأمره ، فإنه أعلم بمصالحكم ، وأشفق عليكم منكم ، ورأيه فيكم أتم من رأيكم لأنفسكم ، ثم بين أن رأيهم سخيف بالنسبة إلى مراعاة مصالحهم فقال : {لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم} أي لو أطاعكم في جميع ما تختارونه لأدى ذلك إلى عنتكم وحرجكم .
(3) يريد أبو سعيد بخيار الأئمة هنا : الصحابة رضي الله عنهم لو أطاعهم النبي صلى الله عليه وسلم لعنتوا ، وقوله : " فكيف بكم اليوم " الخطاب فيه للتابعين ، أي كيف يكون حالكم لو يقتدي بكم ويأخذ بآرائكم ويترك كتاب الله وسنة رسوله .
(4) رقم (3265) في التفسير ، باب ومن سورة الحجرات ، وإسناده صحيح ، وقال الترمذي : هذا حديث غريب حسن صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه الترمذي (3269) قال : ثنا عبد بن حميد ، قال ثنا عثمان بن عمر ، عن المستمر ابن الريان ، عن أبي نضرة ، فذكره.
وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب. وقال علي بن المديني : سألت يحيى بن سعيد القطان عن المستمر بن الريان ، فقال : ثقة.

812 - (ت د) أبو جبيرة (1) بن الضحاك - رضي الله عنه - : قال : فينا نزلت هذه الآيةُ - بني سَلِمَةَ - قال : قدِمَ علينا رسول صلى الله عليه وسلم - وليس مِنَّا رجلٌ إلا ولَهُ اسْمانِ، أو ثلاثَةٌ - فَجَعلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول : «يا فلان» فيقولون : مَهْ يا رسول الله ، إِنه يَغْضَبُ من هذا الاسم ، فأُنزِلت هذه الآيةُ {ولا تَنابَزُوا بالألقَابِ بئْسَ الاسْمُ الفسوقُ بعد الإيمانِ} [الحجرات : 11] هذه رواية أبي داود.
وأخرجه الترمذي قال : كان الرَّجلُ منَّا يكونُ له الاسمانِ والثلاثةُ ، فَيُدْعَى بِبَعْضِها فعَسَى أنْ يكْرَهَ ، قال : فنزلت هذه الآية {ولا تنابَزُوا بالألقَابِ} (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تنابزوا) التنابز : التداعي بالألقاب ، والأصل : تتنابزوا ، فحذف التاء الأولى ، وهو حذف مطرد في العربية.
__________
(1) بفتح الجيم وكسر الباء : ابن خليفة ، من بني عبد الأشهل ، أخو ثابت بن الضحاك . صحابي . وقيل : لا صحبة له .
(2) الترمذي رقم (3264) في التفسير ، باب ومن سورة الحجرات ، وأبو داود رقم (4962) في الأدب ، باب في الألقاب ، وإسناده حسن ، وقال الترمذي : حسن صحيح ، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 2 / 463 ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي ، وأخرجه الطبري 16 / 132 ، وأحمد في " المسند " 5 / 380 .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (4/260) قال : حدثنا إسماعيل.و «أبو داود» (4962) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ،قال : حدثنا وهيب. و «ابن ماجة» (3741) قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا عبد الله بن إدريس. و «الترمذي» (3268) قال : حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهري البصري ، قال : حدثنا أبو زيد ، عن شعبة. (ح) قال : حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف قال : حدثنا بشر بن المفضل و «النسائى» في الكبرى تحفة الأشراف (11882) عن حميد بن مسعدة ، عن بشر بن المفضل.
خمستهم- إسماعيل ووهيب ، وعبد الله بن إدريس ، وشعبة ، وبشر بن المفضل- عن داود بن أبي هند، عن الشعبي ، فذكره.
* وأخرجه أحمد (4/69 ، 5/380) قال : حدثنا حفص بن غياث ،قال : حدثنا داود بن أبي هند ، عن الشعبي، عن أبي جبيرة بن الضحاك الأنصاري ،عن عمومة له ، فذكره.وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وأبو جبير ،هو أخو ثابت بن الضحاك بن خليفة الأنصاري ، وأبوزيد بن سعيد بن الربيع صاحب الهروي بصري ثقة.

813 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - : {وجعلناكم شُعُوباً وقَبائِلَ} [الحجرات: 13] قال : الشعوبُ : القبائِلُ الكبارُ العظامُ ، والقبائِلُ : الْبُطُونُ (1) . أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) قال الخطابي في " معالم السنن " : الشعوب : " جمع شعب - بفتح الشين - وهي رؤوس القبائل ، مثل ربيعة ومضر والأوس والخزرج ، سموا شعوباً لتشعبهم واجتماعهم ، كتشعب أغصان الشجر ، والشعب : من الأضداد ، يقال: شعب أي : جمع ، وشعب أي : فرق ، و " قبائل " وهي دون الشعوب ، واحدتها قبيلة ، وهي كبكر من ربيعة ، وتميم من مضر ، ودون القبائل : العمائر ، واحدتها : عمارة - بفتح العين - وهم كشيبان من بكر ، ودارم من تميم ، ودون العمائر : البطون ، واحدها : بطن ، وهم كبني غالب ولؤي من قريش ، ودون البطون : الأفخاذ ، واحدها : فخذ ، وهم كبني هاشم ، وأمية من بني لؤي ، ثم الفصائل والعشائر ، واحدتها : فصيلة وعشيرة ، وليس بعد العشيرة حي يوصف.
وقيل : الشعوب : من العجم ، والقبائل من العرب ، والأسباط من بني إسرائيل . وقال أبو روق : الشعوب الذين لا يعتزون إلى أحد ، بل ينتسبون إلى المدائن والقرى ، والقبائل : العرب الذين ينتسبون إلى آبائهم .
(2) 6 / 382 ، 383 في الأنبياء ، باب المناقب ، وقول الله تعالى : {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى} .

سورة ق
814 - (خ) مجاهد بن جبر -رحمه الله - : قال ابنُ عباس : أمَرَهُ أن يُسَبِّحَ في أدْبار الصَّلواتِ كلِّها ، يعني قوله : {وأَدْبَارَ السُّجُود} [ق : 40] . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 459 في تفسير سورة ق ، باب قوله : {فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (4852) قال : ثنا آدم ، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ،قال : فذكره.

الذاريات
815 - (د ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - : في قوله تعالى {كانوا قليلاً من الليل ما يَهْجَعون} [الذاريات : 17] قال : كانوا يُصَلُّونَ بين المغربِ والعشاء.
زاد في رواية (1) وكذلك {تَتَجافى جنوبهم عن المضاجِع} [السجدة : 16] أخرجه أبو داود (2) .
وقد أخرج الترمذي قْولَه : {تَتَجافى جنوبهم} وهو مذكور في سورة [السجدة : 16] (3) .
__________
(1) هي رواية يحيى بن سعيد القطان .
(2) رقم (1322) في الصلاة ، باب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل ، وإسناده قوي .
(3) انظر صفحة 303 .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
تقدم برقم 755.

سورة الطور
816 - (خ) أبو هريرة - رضي الله عنه - : عن النبي صلى الله عليه وسلم : «أنهُ رأى البَيْتَ المعمورَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَومٍ سبعُونَ ألفَ مَلكٍ» . أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 6 / 219 في بدء الخلق ، باب ذكر الملائكة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
وجدته عن مالك بن صعصعة ، وهو جزء من حديث طويل :
صحيح : أخرجه أحمد 4/207قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال حدثنا هشام الدستوائي ، وفي (4/208) قال : حدثنا عفان. قال : حدثنا همام بن يحيى.وفي (4/210) قال : حدثنا محمد بن جعفر،.قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة. وفي (4/120) قال : حدثنا محمد بن بكر. قال : أخبرنا سعيد. و «البخاري» (4/133 ، 185 و199و5/66) قال : حدثنا هدبة بن خالد. قال : حدثنا همام بن يحيى وفي (4/133) قال البخاري :وقال لي خليفة : حدثنا يزيد بن زريع. قال : حدثا سعيد وهشام. و «مسلم» (1/103) قال : حدثنا محمد بن المثني. قال : حدثنا ابن أبي عدي.، عن سعيد. وفي (1/104) قال :حدثنا محمد بن المثنى. قال : حدثنا معاذ بن هشام. قال : حدثني أبي.و «الترمذي» (3346) قال : حدثنا محمد بن بشار. قال : حثنا محمد بن جعفر وابن أبي عدي، عن سعيد بن أبي عروبة. والنسائي» 1/217 قال : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم. قال :حدثنا يحيى بن سعيد. قال : حدثنا هشام الدستوائي. وفي الكبرى (305) قال : حدثنا إسماعيل بن مسعود. قال : حدثنا يزيد بن زريع. قال : حدثنا هشام ، يعني ابن أبي عبد الله وسعيد. و «ابن خزيمة» (301) ،قال :حدثنا محمد بن بشار بندار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر وابن أبي عدي ، عن سعيد بن أبي عروبة وفي (302) قال : حدثنا محمد بن يحيى ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال حدثنا همام بن يحيى ا لعوذي ثم المحملي.
أربعتهم - هشام ،وشيبان ، وهمام ، وابن أبي عروبة - عن قتادة ، عن أنس ابن مالك ، فذكره.

817 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إِدْبارُ النُّجُوم: الركَعَتان قَبْل الفجر ، وأَدْبَارُ السُّجُودِ : الركعَتان بعد المغربِ» . -[367]- أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3271) في التفسير ، باب ومن سورة الطور ، وفي سنده رشدين بن كريب ، وهو ضعيف .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف : أخرجه الترمذي (3275) قال : ثنا أبو هشام الرفاعي ، قال :ثنا محمد بن فضيل ، عن رشدين بن كريب ، عن أبيه فذكره.
قال أبو عيسى : هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه من حديث محمد بن فضيل عن رشدين بن كريب وسألت محمد بن إسماعيل عن محمد ورشدين بن كريب أيهما أوثق ؟ قال : ما أقربها ، ومحمد عندي أرحج. قال : وسألت عبد الله بن عبد الرحمن عن هذا ؟ فقال : ما أقربهما عندي ، ورشدين بن كريب أرجحهما عندي. قال : والقول عندي ما قال أبو عبد الله ، ورشدين أرجح من محمد وأقدم ، وقد أدرك رشدين ابن عباس ورآه.

سورة النجم
818 - (خ م ت) ابن مسعود - رضي الله عنه - : في قوله تعالى {فكانَ قابَ قوسَيْنِ أَو أَدْنَى} [النجم : 9] وفي قوله تعالى : {ما كَذَبَ الْفُؤَادُ ما رَأَى} [النجم : 11] وفي قوله تعالى : {لقد رأَى من آياتِ رَبِّه الكُبْرَى} [النجم : 18] قال : فيها كُلهَا : رَأَىَ جبريلَ عليه السلام ، له ستمائة جَناح - زادَ في قوله تعالى : {لقد رأَى من آياتِ رَبِّه الكُبْرَى} أي جبريل في صورته. كذا عند مسلم.
وعند البخاري في قوله تعالى : {فكانَ قابَ قوسَيْنِ أَو أَدْنَى (1) . فأَوْحَى إلى عبدِه ما أَوْحَى} قال : رأَى جبريلَ له ستمائة جناح. -[368]-
ولمْ يذكر في سائر الآيات هذا ، ولا ذكر منها غير ما أَوْرَدْنَا.
وفي رواية الترمذي : {ما كذبَ الفؤادُ ما رأَى} قال : رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جبريلَ في حُلَّةٍ من رَفْرَفٍ قد مَلأ ما بين السَّماءِ والأرض.
وللبخاري ، والترمذي في قوله : {لقد رأَى من آياتِ رَبِّه الكُبْرَى} قال : رأَى رَفْرفاً أَخْضرَ سَدَّ أُفُقَ السماءِ (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قاب قوسين) قاب الشيء : قدره ، و المعنى : فكان قرب جبريل من محمد صلى الله عليه وسلم قدر قوسين عربيتين ، وقيل : قاب القوس : صدرها ، حيث يشد عليه السير.
(رفرف) يقال : لأطراف الثياب والبسط وفضولها : رفارف ورفرف السحاب : هيدبه.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 469 : و " القاب " : ما بين القبضة والسية من القوس ، قال الواحدي : هذا قول جمهور المفسرين : أن المراد : القوس التي يرمى بها ، قال : وقيل المراد بها : الذراع ، لأنه يقاس بها الشيء ، قلت : (القائل ابن حجر) وينبغي أن يكون هذا القول هو الراجح ، فقد أخرج ابن مردويه بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : " القاب : القدر ، والقوسان : الذراعان " ويؤيده أنه لو كان المراد به القوس التي يرمى بها لم يمثل بذلك ليحتاج إلى التثنية ، فكان يقال مثلاً : قاب رمح ونحو ذلك . وقد قيل إنه على القلب ، والمراد : فكان قاب قوس ، لأن القاب : ما بين المقبض إلى السية ، ولكل قوس قابان بالنسبة إلى خالفته ، وقوله " أو أدنى " : أي أقرب ، قال الزجاج : خاطب الله العرب بما ألفوا ، والمعنى : فيما تقدرون أنتم عليه ، والله تعالى عالم بالأشياء على ما هي عليه ، لا تردد عنده ، وقيل " أو " بمعنى " بل " والتقدير : بل هو أقرب من القدر المذكور .
(2) البخاري 8 / 469 في تفسير سورة النجم ، باب {فكان قاب قوسين أو أدنى} ، وباب قوله تعالى {فأوحى إلى عبده ما أوحى} ، وفي بدء الخلق ، باب ذكر الملائكة ، ومسلم رقم (173) في الإيمان ، باب ذكر سدرة المنتهى ، والترمذي رقم (3279) في التفسير ، باب ومن سورة النجم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1-أخرجه أحمد (1/398) (3780) قال : حدثنا حسن بن موسى.، قال : حدثنا زهير. و «البخارى» (4/140) قال : حدثنا قتيبة ، قال : حدثنا أبو عوانة. وفي (6/176) قال : حدثنا أبو النعمان، قال : حدثنا عبد الواحد. (ح) وحدثنا طلق بن غنام ، قا ل : حدثنا زائدة. و «مسلم» (1/109) قال : حدثني أبو الربيع الزهراني ، قال : حدثنا عباد ، و هو ابن العوام. (ح) وحدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة ، قال : حدثنا حفص بن غياث (ح) وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري ، وقال : حدثنا أبي،قال : حدثنا شعبة.و «الترمذي» (3277) قال : أخبرنا أحمد بن منيع ، قال : حدثنا عباد بن العوام.و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9205) عن أحمد بن منيع ، عن عباد بن العوام.وفي (9217) عن محمد بن منصور ، عن سفيان. ثمانيتهم - زهير ، وأبو عوانة ، عبد الواحد بن زياد ، وزائدة ، وعباد بن العوام ، وحفص بن غياث ، وشعبة ، وسفيان - عن أبي إسحاق الشيباني.
2- وأخرجه أحمد (1/ 412) (3915) قال : حدثنا عفان. وفي (4601) (96 43) قال : حدثنا حسن ابن موسى. و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف) (9216) عن يحيى بن حكيم ، عن يحيى بن سعيد. ثلاثتهم - عفان ، وحسن ، ويحيى -عن حماد بن سلمة ، عن عاصم بن بهدلة.
كلاهما ،أبو إسحاق الشيباني ، وعاصم بن بهدلة - عن زر بن حبيش فذكره.

819 - (م ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : {ما كذبَ الفُؤَادُ ما رأَى} {ولقد رآه نَزْلَةً أُخرى} [النجم : 11 - 13] قال : -[369]- رآه بفؤاده ، مرَّتينِ (1) .
وفي رواية قال : رآه بقلبه ، ولقد رآه نزلة أُخرى هذه رواية مسلم.
وفي رواية الترمذي قال : رأى محمدٌ ربَّه ، قال عكرمة : قلتُ : أليسَ الله يقول : {لا تُدْرِكُهُ الأَبصارُ وهو يُدْركُ الأَبصارَ} [الأنعام : 103] قال : ويْحَكَ، ذاكَ إذا تَجَلَّى بنوره الذي هو نورُهُ ، وقد رأى رَبَّهُ مرتين.
وفي أخرى له : {ولقد رآه نَزْلَةً أُخرى . عند سِدرةَ المنتهى} ، {فأوحى إلى عبده ما أوحى} ، {فكان قابَ قوسين أو أدْنَى} قال ابن عباس : قد رآه صلى الله عليه وسلم.
وله في أخرى {ما كذب الفؤاد ما رأى} قال : رآه بقلبه (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(سدرة المنتهى) : السدر : شجر النبق. والمنتهى : الغاية التي ينتهي إليها علم الخلائق.
__________
(1) هذا الخبر وما ماثله يقيد الأخبار المطلقة التي جاءت عن ابن عباس في الرؤية ، فيجب حمل مطلقها على مقيدها ، قال الحافظ : وأصرح من ذلك ما أخرجه ابن مردويه من طريق عطاء عن ابن عباس قال : لم يره رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينيه إنما رآه بقلبه .
(2) مسلم رقم (176) في الإيمان ، باب معنى قول الله عز وجل : {ولقد رآه نزلة أخرى} ، والترمذي رقم (3275) و (3276) و (3277) في التفسير ، باب ومن سورة النجم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:أخرجه أحمد (1/223) (1956) قال : حدثنا أبو معاوية. و «مسلم» (1/109) قال : حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة ، وأبو سعيد الأشج جميعا ، عن وكيع وفي (1/110) قال :حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا حفص بن غياث. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (5423) عن أبي كريب ، عن أبي معاوية عن الحسين بن منصور ، عن عبد الله بن نمير.
أربعتهم- أبو معاوية، ووكيع ، وحفص ، وعبد الله - عن الأعمش ، عن زياد بن الحصين أبي جهمة ، عن أبي العالية ، فذكره.
والرواية الأخرى : أخرجها مسلم (1/ 109) قال : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : ثنا حفص ، عن عبد الملك ، عن عطاء ، فذكره.
* ورواية الترمذي المذكورة أخرجها الترمذي (3281) قال : ثنا عبد بن حميد ، قال : ثنا عبد الرزاق ، وابن أبي رزمة ، وأبونعيم ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، فذكره.
* والرواية الثانية : أخرجها الترمذي (3280) قال : ثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، قال : ثنا أبي قال: ثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، فذكرة.

820 - (م) أبوهريرة - رضي الله عنه - قال : {ولقد رآه نَزْلَةً أُخرى} قال: رأى جبريل عليه السلام. أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) رقم (175) في الإيمان ، باب معنى قول الله عز وجل : {ولقد رآه نزلة أخرى} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مسلم (1/109) قال : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال : ثنا علي بن مسهر ، عن عبد الملك ، عن عطاء ، فذكره.

821 - (ت) الشعبي -رحمه الله - : قال : لقِيَ ابنُ عباسٍ كعْباً بعَرفَة ، فسألَهُ عن شيء ، فكبّرَ ، حتى جاوبَتْهُ الجبالُ ، فقال ابن عباس : إنَّا بنُو هاشمٍ ، فقال كعبٌ: إِن الله قَسَمَ رُؤيَتَهُ وكلاَمه بين مُحمَّدٍ وموسى ، فكلَّمَ موسى مرتين ، ورآه محمد مرتين ، قال مسروق : فدخلتُ على عائشة - رضي الله عنها - ، فقلتُ : هل رأَى محمدٌ ربَّهُ ؟ فقالت: لقد تكلَّمْتَ بشيءٍ قَفَّ له شَعري ، قُلتُ : رويداً ، ثم قرأتُ {لقد رأَى من آياتِ رَبِّه الكُبْرَى} فقالت : أيْن يُذْهَبُ بِكَ ؟ إنما هو جبريل ، مَن أخبَركَ أنَّ محمداً رأى ربَّهُ ، أو كَتَم شيئاً ممَّا أُمِرَ به ، أو يعلمُ الْخَمْسَ التي قال الله : {إنَّ اللَّه عنده علمُ الساعَةِ وينزِّلُ الغَيْثَ} [لقمان : 34] فقد أعظَمَ الفِرْيَة ، ولكنه رأى جبريلَ ، لم يره في صورِتِه إلا مرتين:مرة عند سِدرةِ المنتهى ، ومرةَ في جيادٍ (1) له سِتُّمائَة جَناحٍ ، قد سَدَّ الأُفُق. أخرجه الترمذي (2) .
وقد أخرج هو والبخاري ومسلم هذا الحديثَ بأَلفاظٍ أُخرى ، تتضمن زيادة ، وهو مذكورٌ في كتاب القيامةِ من حرف القاف. -[371]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قفَّ له شعري) : إذا سمع الإنسان أمراً عظيماً هائلاً قام شعر رأسه وبدنه ، فيقول: قد قف شعري لذلك.
(الفِرية) : الكذب.
(جياد) : موضع بمكة.
__________
(1) ويقال : أجياد : موضع معروف بأسفل مكة ، من شعابها .
(2) رقم (3274) في التفسير ، باب ومن سورة النجم ، وفي سنده مجالد بن سعيد ، وهو ضعيف . لكن الحديث ثابت بمعناه من طرق أخرى في " الصحيحين " كما ذكر المؤلف ، فقد أخرجه البخاري 8 / 466 و 467 و 468 و 469 في تفسير سورة النجم في فاتحتها ، وفي تفسير سورة المائدة ، باب {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك} ، وفي بدء الخلق ، باب ذكر الملائكة ، وفي التوحيد ، باب قول الله تعالى : {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً} ، وأخرجه مسلم رقم (177) في الإيمان ، باب معنى قول الله عز وجل : {ولقد رآه نزلة أخرى} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه الترمذي (3278) قال : ثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان عن مجالد ، عن الشعبي قال: مسروق ، فذكره.وقال الترمذي : وقد روى داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق ، وعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الحديث ، وحديث داود أقصر من حديث مجالد.

822 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - : {أفرأَيتُم الَّلاتَ والعُزَّى} [النجم:19] قال : كان الَّلاتُ رجلاً يَلُتُّ سَويقَ الحاجِّ. أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 470 في تفسير سورة النجم ، باب {أفرأيتم اللات والعزى} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (4859) قال : ثنا مسلم بن إبراهيم ، ثنا أبو الأشهب ، ثنا أبو الجوزاء ، فذكره.

823 - (خ م د) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : ما رأيتُ شيئاً أَشبَه باللَّمَمِ مما قال أبو هريرة : إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : «إِنَّ الله كتبَ على ابن آدمَ حَظَّهُ من الزِّنا ، أَدْرَكَ ذلك لا مَحالَةَ ، فَزِنا العينين النظرُ ، وزِنا اللسانِ النُّطْقُ ، والنفسُ تَمنَّى وتَشْتهي ، والْفَرْجُ يُصدِّقُ ذلك أو يُكَذِّبُهُ» . أخرجه البخاري ،ومسلم ، وأبو داود.
ولمسلم قال : كُتِبَ على ابن آدمَ نصيبُهُ من الزِّنا ، مُدْرِكٌ ذلك لا مَحالَةَ ، الْعينانِ زِنَاهُما النَّظَرُ ، والأُذُنَانِ زناهُمَا الاستماعُ ، واللِّسانُ زِناه الْكلامُ ، والْيَدُ زِناها البْطَشُ، والرِّجْل زِناها الخُطَا ، والْقَلْبُ يَهوى ويَتمنَّى ، ويُصَدِّقُ ذلك الْفَرْجُ أو يُكَذِّبُهُ (1) . -[372]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(اللمم) : صغار الذنوب ، وقيل : مقاربة الذنب.
__________
(1) البخاري 10 / 22 في الاستئذان ، باب زنى الجوارح دون الفرج ، وفي القدر ، باب {وحرام -[372]- على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون} ، ومسلم رقم (2657) في القدر ، باب قدر على ابن آدم حظه من الزنا ، وأبو داود رقم (2152) في النكاح ، باب ما يؤمر به من غض البصر .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (2/276) قال : حدثنا عبد الرزاق. و (البخارى) (8/67و156) قال : حدثني محمود بن غيلان. قال : حدثنا عبد الرزاق.و (مسلم) (8/52) قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد. قالا : أخبرنا عبد الرزاق. و (أبو داود) 2152 قال :حدثنا محمد بن عبيد. قال : حدثنا ابن عبد الرزاق.و (النسائي) في الكبرى (تحفة الأشراف) 13573 عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق.
كلاهما - عبد الرزاق ، ومحمد بن ثور- عن معمر ، قال : أخبرنا ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس، فذكره.
* أخرجه البخاري (678) قال :حدثنا الحميدي. قال : حدثنا سفيان ، عن ابن طاووس ، عن أبيه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما. قال : لم أر شيئا أشبه باللمم من قول أبي هريرة..
ورواية مسلم :أخرجها أحمد (2/343) قال : حدثنا عفان. قال : حدثنا حماد بن سلمة. قال : أخبرنا سهيل بن أبي صالح. وفي (2/379) قال : حدثنا قتيبة. قال : حدثنا ليث بن سعد.،عن ابن عجلان ، عن القعقاع. وفي (2/536) قال : حدثنا عبد الصمد بن الوارث قال : حدثنا حماد ، عن سهيل. و (مسلم) (8/52) قال : حدثنا إسحاق بن منصور. قال : أخبرنا أبو هشام المخزومي. قال :حدثنا وهيب. قال :حدثنا سهيل بن أبي صالح. و (أبو داود) (2153) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا حماد ، عن سهيل بن أبي صالح. وفي (2154) قال : حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث ، عن ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم.
كلاهما -سهيل ، والقعقاع- عن أ بي صالح ، فذكره.

824 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : {الذينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ والفواحِشَ إِلّا اللَّمَمَ (1)} [النجم : 32] قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إن تَغْفِر اللهمَّ تَغفِرْ جَمًّا ، وأَيُّ عبدٍ لكَ لا أَلمَّا ؟» . أخرجه الترمذي (2) .
__________
(1) قال الطيبي : استثناء منقطع ، فإن اللمم ما قل وما صغر من الذنوب ، ومنه قولهم : ألم بالمكان : إذا قل لبثه فيه ، ويجوز أن يكون " إلا اللمم " صفة ، و " إلا " بمعنى " غير " فقيل : هو النظرة والغمزة والقبلة ، وقيل : الخطرة من الذنب ، وقيل : كل ذنب لم يذكر الله فيه حداً ولا عذاباً .
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استشهاداً بأن المؤمن لا يخلو من اللمم " إن تغفر اللهم تغفر جما " بألف بعد ميم مشددة : أي كثيراً كبيراً ، " وأي عبد لك لا ألما " فعل ماض مفرد ، والألف للإطلاق ، أي : لم يلم بمعصية .
(2) رقم (3280) في التفسير ، باب ومن سورة النجم ، وإسناده صحيح ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
: أخرجه الترمذي (3284) قال : ثنا أحمد بن عثمان البصري ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن زكريا بن إسحاق ، عن عمرو بن دينار. عن عطاء ،فذكره.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث زكريا بن إسحاق.

سورة القمر
825 - (م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - : قال : جاء مُشركو قُريشٍ يُخاصِمونَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في الْقَدَرِ ، فنزلت {يَوْمَ يُسْحَبُونَ في النَّارِ على وُجوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ . إنا كلَّ شيءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ} [القمر : 48 ، 49] . -[373]- أخرجه مسلم ، والترمذي (1) .
__________
(1) مسلم رقم (2656) في القدر ، باب كل شيء بقدر ، والترمذي رقم (3286) في التفسير ، باب ومن سورة النجم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (2/444 و476) قال : حدثنا وكيع. و (البخاري) في خلق أفعال العباد (19) قال : حدثنا أبو نعيم. (ح) وحدثنا قبيصة. و (مسلم) (8/52) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ، قالا : حدثنا وكيع. و (ابن ماجة) 83 قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا :حدثنا وكيع. و (الترمذي) (2157 ، 3290) قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ومحمد بن بشار، قالا : حدثنا وكيع.
ثلاثتهم - وكيع، وأبو نعيم ، وقبيصة- عن سفيان الثوري ، عن زياد بن إسماعيل ، عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي ، فذكره.

سورة الرحمن
826 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - : قال : خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه ، فقرأَ عليهم سورة الرحمن ، من أَولها إلى آخِرِها ، فسَكَتُوا ، فقال : «لقد قرأتُها على الجِنِّ ليلةَ الجنِّ ، فكانُوا أحسنَ مردوداً منكم ، كنتُ كُلَّما أتيتُ على قوله : {فبأيِّ آلاءِ ربِّكما تُكَذِّبان} قالوا : لا بشيء من نِعَمِكَ ربَّنَا نُكَذِّبُ ، فَلكَ الحمدُ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3287) في التفسير ، باب ومن سورة الرحمن ، وقال الترمذي : حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد ، نقول : والوليد مدلس وقد عنعن ، وزهير بن محمد رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة ، وهذا منها ، ورواه الحاكم 2 / 473 وصححه ووافقه الذهبي .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف : أخرجه الترمذي (3291) قال : حدثنا عبد الرحمان بن واقد ، أبو مسلم السعدي ، قال حدثنا الوليد بن مسلم ، عن زهير بن محمد ، عن محمد بن المنكدر ، فذكره.
قال الترمذي : هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد. قال ابن حنبل : كأن زهير بن محمد الذي وقع بالشام ليس هو يرى عنه بالعراق ، كأنه رجل آخر قلبوا اسمه - يعني لما يروون عنه من المناكير.
قلت: فيه الوليد بن مسلم ، وهو مدلس ، و قد عنعن.

سورة الواقعة
827 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - : في قوله : {وفُرُشٍ مرْفُوعةٍ} [الواقعة : 34] : أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : ارتفاعها كما بيْن السماءِ والأرضِ ، مسيرةُ ما بيْنِهما خمسمائة عام. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (2543) في صفة الجنة ، باب ما جاء في صفة أهل الجنة ، وأخرجه أحمد 3 / 75 ، والنسائي وابن أبي حاتم والضياء في صفة الجنة كلهم من حديث دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد ، ودراج عن أبي الهيثم ضعيف .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف : أخرجه أحمد (3/75) قال :حدثنا حسن ، قال :حدثنا ابن لهيعة. و (الترمذي) (2540 ،3294) قال : حدثنا أبوكريب ، قال :حدثنا رشدين بن سعد ، وعن عمرو بن الحارث. كلاهما - ابن لهيعة ، وابن الحارث - عن دراج أبي السمح ، عن أبي الهثم ، فذكر ه.وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن سعد.

828 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - : في قوله : {إِنَّا أنْشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً} [الواقعة : 35] إِنَّ مِنَ الْمُنْشَآتِ : الَّلاتِي كُنَّ في الدُّنْيا عَجَائِزَ عُمْشاً رُمْصاً . أخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(إنشاء) الإنشاء : ابتداء الخلقة
__________
(1) رقم (3292) في التفسير ، باب ومن سورة الواقعة من حديث موسى بن عبيدة ، عن يزيد بن أبان عن أنس وقال : هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث موسى بن عبيدة ، وموسى بن عبيدة ويزيد بن أبان الرقاشي يضعفان في الحديث .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف : أخرجه الترمذي 3296 قال : ثنا أبو عمار الحسين بن حريث الخزاعي ، قال : ثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة ، عن يزيد بن أبان ، فذكره.
وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه مرفرعا إلا من حديث موسى بن عبيدة ويزيد بن أبان الرقاشي يضعفان في الحديث.

829 - (ط) عبد الله بن أبي بكر بن [محمد بن] عمرو بن حزمٍ -رحمه الله - : قال : إنَّ في الكتاب الذي كتبه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، لِعَمْرو بن حزمٍ : «أن لا يَمسَّ القرآنَ إلا طاهرٌ» . أخرجه الموطأ (1) .
__________
(1) 1 / 199 في القرآن ، باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن مرسلاً ، وإسناده صحيح ، وهو قطعة من كتاب كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أقيال اليمن ، وبعث به عمرو بن حزم وبقي بعده عند آله ، وقد رواه الحاكم بطوله في " المستدرك " 1 / 395 من طريق الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة ، عن سليمان بن داود ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه عن جده ، وصححه هو وابن حبان رقم (793) وصححه غير واحد من الحفاظ .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
حسن:أخرجه الدارمي (1628 ،1635 ،1642 ،2271 ،2357 2359، 2369، 2370 ،23716 ،2376 ، 2378 ، 2380) (مقطعا) . والنسائي (8/57) قال : أخبرنا عمرو بن منصور. و (ابن حبان) (8/180) (6525) قال : أخبرنا الحسين سفيان وأبو يعلي وحامد بن محمد بن شعيب ، في آخرين.
خمستهم -الدارمي عبد الله بن عبد الرحمان ، وعمرو بن منصور الحسن بن سفيان ، وأبو يعلي ، وحامد ابن محمد ، عن الحكم بن موسى ، قال : حدثنا يحيي بن حمزة ، عن سليمان بن داود الخولاني ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه، فذكره.
أخرجه النسائي (8/58) قال : أخبرنا الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران العنسي ، قال : حدثنا محمد بن بكار بن بلال ، قال : حدثنا يحيى ،قال :حدثنا سليمان بن أرقم ، قال : حدثني الزهري ، عن أبي بكر بن محمد بن عمروبن حزم ، عن أبيه ، عن جده ، فذكره. قال النسائي : وهذا أشبه بالصواب ،والله أعلم وسليمان بن أرقم متروك الحديث.
وأخرجه الدارمي (1629) قال : حدثنا بشر بن الحكم. و (ابن خزيمة) 2269 قال : حدثنا عبد الرحمان بن بشر بن الحكم. كلاهما -بشر ، وعبد الرحمان - قالا : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ،عن جده ، فذكره.
* وأخرجه مالك مالك (الموطأ) 530. والنسائي (8/60) قال : قال الحارث بن مسكين ،قراءة عليه وأنا أسمع : عن ابن القاسم ، قال : حدثني مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه ، قال : الكتاب الذي كتبه رسول الله لعمرو بن حزم في العقول..فذكره. ولم يقل (عن جده) .
* وأخرجه النسائي (8/59) قال : أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن بن شهاب. قال : قرأت كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كتب لعمرو بن حزم فذكره. لم يذكر 0 أبا بكر بن محمد - ولا (أباه) ولا (جده) .
* وأخرجه النسائي (8/59) قال : أخبرنا أحمد بن عبد الواحد ، قال : حدثنا مروان بن محمد ، قال : حدثنا سعيد ، وهو بن عبد العزيز ، عن الزهري. قال : جاءني أبو بكر بن حزم بكتاب في رقعة من أدم، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -...فذكره. لم يذكر (أباه) ولا (جده) .
* وأخرجه النسائي (8/56) قال : أخبرنا الحسين بن منصور ، قال : حدثنا عبد الله بن نمير ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ؛ أنه لما وجد الكتاب الذي عند آل عمرو بن حزم ، الذي ذكروا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب لهم. وجدوا فيه : وفيما هنالك من الأصابع عشرا عشرا.

830 - (م) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : مُطِرَ الناسُ على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : أَصبحَ من الناس شاكرٌ ، ومنهم كافر (1) ، قالوا : هذه رحمةُ الله ، وقال بعضهم : لقد صدقَ نَوْءُ كذا وكذا ، فنزلت : -[375]- هذه الآية : {فلا أُقْسِمُ بمواقِعِ النَّجُومِ . وإِنَّهُ لقَسَمٌ لو تعلمونَ عظِيمٌ . إنَّهُ لقُرآنٌ كريمٌ . في كتَابٍ مَكْنُونٍ . لا يَمسُّهُ إلَّا المُطَهَّرُونَ . تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ العَالمِينَ . أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أنتمْ مُدْهِنُونَ . وتَجْعلونَ رِزْقَكُمْ أنَّكم تُكَذِّبُونَ} [الواقعة : 75 -82] أخرجه مسلم (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(بمواقع) : مواقع النجوم : مساقطها ومغاربها ، وقيل :منازلها ومسايرها.
__________
(1) المراد : كفر نعمة الله تعالى لاقتصاره على إضافة الغيث للكوكب ، وهذا فيمن لا يعتقد تدبير الكوكب . انظر " شرح مسلم " 2 / 60 ، 61 للنووي .
(2) رقم (73) في الإيمان ، باب بيان كفر من قال : مطر بالنوء ، وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح : ليس مراده أن جميع هذا نزل في قولهم في الأنواء ، فإن الأمر في ذلك وتفسيره يأبى ذلك ، وإنما النازل في ذلك قوله تعالى : {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} والباقي نزل في غير ذلك ، ولكن اجتمعا في وقت النزول ، فذكر الجميع من أجل ذلك .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه مسلم (1/60) قال : ثني عباس بن عبد العظيم العنبري ، قال : ثنا النضر بن محمد، قال : ثنا عكرمة وهو ابن عمار ، قال : ثنا أبو زميل ، فذكره.

831 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «{وتَجْعَلونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُم تُكَذِّبُونَ} قال : شُكرَكُم ، تقُولُونَ : مُطِرْنا بِنَوْءِ كذَا وكذا ، وبِنَجْمِ كذا وكذا ؟» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3291) في التفسير ، باب ومن سورة الواقعة ، وأخرجه أحمد في " المسند " 1 / 89 و 108 و 131 ، وفي سنده عبد الأعلى بن عامر الثعلبي ، وهو ضعيف ، لكنه يتقوى بما قبله فإنه بمعناه ، وذكره ابن كثير في التفسير 8 / 208 من رواية أحمد رقم (849) ثم قال : " وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن مخول بن إبراهيم النهدي وابن جرير عن محمد بن المثنى عن عبد الله بن موسى وعن يعقوب بن إبراهيم عن يحيى بن أبي بكير ، ثلاثتهم عن إسرائيل به مرفوعاً ، وكذا رواه الترمذي عن أحمد بن منيع عن حسين بن محمد وهو المروزي به . وقال : حسن غريب ، و قد رواه سفيان الثوري عن عبد الأعلى ولم يرفعه . وقرأ ابن عباس (وتجعلون شكركم أنكم تكذبون) أخرجه عنه ابن جرير بإسناد صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/89) (677) قال : ثنا أبو سعيد. وفي (1 /108) (849) قال : ثنا حسين بن محمد.و (الترمذي) (3295) قال : ثنا أحمد بن منيع ، قال : ثنا الحسين بن محمد. و (عبد الله بن أحمد) (1/131) (1087) قال : ثنا إسحاق بن إسماعيل ، قال : ثنا يحيى بن أبي بكر.
ثلاثتهم -أبو سعيد ، وحسين ، ويحيى- عن إسرائيل ، عن عبد الأعلى بن عامر الثعلبي ، وعن أبي عبد الرحمان ، فذكره.
* أخرجه أحمد (1/108) (850) قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا إسرائيل ، قال : حدثنا عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمان ، عن علي رفعه.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب صحيح ، لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث إسرائيل ورواه سفيان الثوري عن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي نحوه، ولم يرفعه.

سورة الحديد
832 - (م) ابن مسعود - رضي الله عنه - : قال : مَا كان بيْنَ إسْلاَمِنا وبيْنَ أنْ عاتَبَنا اللهُ تعالى بقوله : {أَلَمْ يأْنِ للذين آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذكْرِ اللَّه} [الحديد : 16] . إلا أربع سِنين. أخرجه مسلم (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ألم يأن) : ألم يقرب.
(الخاشع) والمنيب : الراجع إلى الله تعالى بالتوبة ، وأناب : إذا رجع.
__________
(1) رقم (3027) في التفسير ، باب قوله تعالى {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه مسلم (8/243) قال : حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي. و (النسائى) في الكبرى (تحفة الأشراف) 9342 عن هارون بن سعيد. كلاهما - يونس ، وهارون - عن عبد الله بن وهب، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن عون بن عبد الله ، عن أبيه ، فذكره.

833 - () (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : في قوله تعالى : {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيي الأرضَ بعْدَ مَوْتِها} [الحديد : 17] . قال : يُلَيِّنُ الْقُلُوبَ بعد قَسْوَتِها ، فيَجْعلُها مُخْبِتَة منيبة ، يُحْيي القلوبَ الميِّتَةَ بالعِلْمِ ، والحكمةِ ، وإِلا فقد عُلِمَ إحياءُ الأرضِ بالمطر مُشاهَدَة. أخرجه (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مخبتة) المخبت : المطمئن.
__________
(1) الذي في " الدر المنثور " 6 / 175 من رواية ابن المبارك عن ابن عباس مختصراً بلفظ : {اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها} قال : يلين القلوب بعد قسوتها .

834 - (س) (ابن عباس - رضي الله عنهما -) : قال : كانت مُلوكٌ بعد عيسى -عليه السلام- بدَّلوا التَّوراةَ والإنجيلَ ، وكان فيهم مؤمنون يقرؤون -[377]- التوارة والإنجيل ، قيل لِمُلوكِهِمْ: ما نجدُ شتماً أَشدَّ من شَتْمٍ يشتمُونا هؤلاء ، إنهم يقرؤون {ومَنْ لمْ يحكُمْ بما أنزلَ اللَّه فأولئك هم الكافرون} [المائدة : 44] مع ما يعيبونا به في أعمالنا في قراءتهم ، فادْعهُم فلْيَقرؤوا كما نَقْرَأُ ، ولْيُؤْمِنُوا كَما آمَنَّا ، فدَعَاهُمْ فَجَمَعَهُمْ ، وعَرَضَ عليهم القتل أو يترُكوا قراءةَ التَّوراةِ والإنجيلِ ، إلا ما بدَّلوا منها ، فقالوا : ما تُريدون إلى ذلك ؟ دَعُونا ، فقالت طائفةٌ منهم : ابْنُوا لنا أُُسْطُواناً ، ثم ارفعونا إليها ، ثم أَعطونا شيئاً نرَفعُ به طعامَنا وشرابَنا ، فلا نَرِدُ عليكم ، وقالت طائفةٌ : دَعُونا نَسيحُ في الأرضِ ، ونَهيمُ ونشرَبُ كما يشربُ الوحْشُ ، فإن قَدَرْتُم علينا في أَرِضكُم فاقتُلونا ، وقالت طائفةٌ منهم : ابْنُوا لنا دوراً في الفَيافِي، ونحتْفِرُ الآبارَ ، ونَحْتَرِثُ البُقولَ ، ولا نَرِدُ عليكم ، ولا نَمُرُّ بكم ، وليس أَحدٌ من القبائل إلا ولهُ حميمٌ فيهم ، قال : فَفعلوا ذلك ، فأنزل الله عز وجل : {ورَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كتبناها عليهم - إلا ابْتِغاءَ رضوانِ اللَّهِ (1) - فَما رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِها} [الحديد : 27] والآخَرُونَ قالوا:نَتَعَبَّدُ كما تَعَبَّدَ فُلانٌ ، ونَسيحُ كما ساحَ فُلانٌ ، وهم على شِرْكِهِمْ ،ولا عِلْمَ لهم بإِيمانِ الذين اقْتَدَوْا بهم ، فَلمَّا بُعِثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لمْ يَبْقَ منهم إلا قليلٌ ، انْحَطَّ رجلٌ من صَوْمَعَتِهِ، وجاءَ سائِحٌ من -[378]- سياحَتِهِ ، وصاحبُ الدَّيْرِ من دَيْرِهِ ، فآمنُوا به وصدَّقوه ، فقال الله تبارك وتعالى : {يا أيُّها الذين آمنُوا اتَّقُوا اللَّه وآمنوا برسولِهِ يُؤتِكُم كِفْلَيْنِ من رحمته} [الحديد : 28] : أجْرَينِ ، بإيمانهم بعيَسى عليه السلام ، وبالتوارة والإنجيل ، وبإِيمانهم بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وتصديقهم، وقال : {ويجْعلْ لكم نوراً تمشُونَ بهِ} [الحديد : 28] : القرآن ، واتِّباعَهُم النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، قال : {لِئَلَّا يَعْلَمَ أهلُ الكِتابِ} [الحديد :29] الذين يَتَشبَّهون بكم {أَلَّا يقدرون على شيءٍ من فَضْلِ اللَّه} ... الآية. أخرجه النسائي (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نهيم) هام في البراري : إذا ذهب لوجهه على غير جادة ، ولا طالب مقصد.
(الفيافي) البراري.
__________
(1) فيه قولان : أحدهما : أنهم قصدوا بذلك رضوان الله ، قاله سعيد بن جبير وقتادة . والآخر : ما كتبنا عليهم ذلك ، إنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله ، وقوله : {فما رعوها حق رعايتها} أي : فما قاموا بما التزموه حق القيام ، وهذا ذم لهم من وجهين . أحدهما : الابتداع في دين الله بما لم يأمر به الله . والثاني : في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله عز وجل . قاله ابن كثير .
(2) 8 / 231 - 233 في القضاء ، باب تأويل قول الله عز وجل : {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، وإسناده قوي ، فإن الراوي عن عطاء بن السائب فيه سفيان الثوري ، وقد سمع منه قبل أن يختلط ، كما نبه على ذلك غير واحد من النقاد ، وذكره ابن كثير في تفسيره 4 / 316 عن النسائي وابن جرير ثم قال : وهذا السياق فيه غرابة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه النسائي (8/231-233) قال : نا الحسين بن حريث ، قال : نا الفضل بن موسى عن سفيان بن سعيد ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، فذكره.

835 - (خ س) (عائشة - رضي الله عنها -) : قالت : الحمد لله الذي وسعَ -[379]- سَمْعُهُ الأصواتَ ، لقد جاءَتِ المُجادِلَةُ : خَوْلَةُ (1) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكلَّمته في جانِبِ البيتِ، وما أسْمعُ ما تقول ، فأنزل الله عز وجل {قد سمع اللَّه قولَ التي تجادِلُكَ في زوجها وتشتكي إلى اللَّهِ...} إلى آخر الآية. [المجادلة : 1] . أخرجه البخاري والنسائي (2) .
__________
(1) هي خولة بنت ثعلبة ، وقيل : بنت حكيم ، وزوجها أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت ، وقد مر بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته والناس معه على حمار ، فاستوقفته طويلاً ووعظته ، وقالت : يا عمر : قد كنت تدعى عميراً ، ثم قيل لك : عمر ، ثم قيل لك : أمير المؤمنين ، فاتق الله يا عمر ، فإنه من أيقن بالموت خاف الفوت ، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب ، وهو واقف يسمع كلامها ، فقيل له : يا أمير المؤمنين أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف ؟ قال : والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره ، لا زلت إلا للصلاة المكتوبة ، أتدرون من هذه العجوز ؟ هي خولة بنت ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سموات أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر ؟ !
(2) البخاري 13 / 316 في التوحيد ، باب قول الله تعالى : {وكان الله سميعاً بصيراً} تعليقاً ، ووصله النسائي 6 / 168 في النكاح ، باب الظهار ، وأخرجه أحمد في " المسند " 6 / 46 ، و إسناده صحيح ، وصححه الحاكم في " المستدرك " 2 / 481 ووافقه الذهبي ، وأخرجه ابن ماجة رقم (2063) من حديث عروة عن عائشة قالت : تبارك الذي وسع سمعه كل شيء ، وإني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ، ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي تقول : يا رسول الله ، أكل شبابي ونثرت له بطني ، حتى إذا كبرت سني ، وانقطع ولدي ظاهر مني ، اللهم إني أشكو إليك ، فما برحت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله} ، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 2 / 481 وصححه ووافقه الذهبي .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (6 /46) قال :حدثنا أبو معاوية. و (عبد بن حميد) (1514) قال : حدثنا إبراهيم بن الأشعث. قال : حدثنا فضيل بن عياض. و (ابن ماجة) (188) قال : حدثنا علي بن محمد. قال : حدثنا أبو معاوية. وفي (2063) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال : حدثنا محمد ابن أبي عبيدة.قال : حدثنا أبي. و (النسائي) (6/168) قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم. قال : أنبأنا جرير. أربعتهم - أبو معاوية ، وفضيل بن عياض ، وأبو عبيدة بن معن ، وجرير - عن سليمان الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة بن الزبير ، فذكره.
* أما البخاري ، فقد أخرجه تعليقا في التوحيد - باب قول الله تعالى : {وكان الله سميعا بصيرا} .

836 - (ت) (علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -) : قال : لما نزلت {يا أيُّها الذي آمنوا إذا ناجيْتُمُ الرَّسولَ فقدِّمُوا بينَ يَدَيْ نجواكُمْ صدقَةً} [المجادلة : 12] قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «مَا تَرى ؟ دينارٌ ؟» قلتُ : لا يُطيقُونَه ، قال : «فَنِصفُ -[380]- دينارٍ ؟» قلت : لا يُطيقونه ، قال : «فَكمْ ؟» قلت : شَعيرة (1) ، قال : «إنك لَزهِيدٌ» ، قال : فنزلت : {أَأَشْفَقْتُمْ أنْ تُقَدِّمُوا بيْنَ يَدَيْ نَجْواكم صدقاتٍ...} الآية [المجادلة : 13] ، قال : «فَبِي خَفَّفَ الله عن هذه الأمة» . أخرجه الترمذي (2) .
وفي رواية ذكرها رزين : ما عمل بهذه الآية غيري (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(لزهيد) الزهيد : القليل.
__________
(1) يعني وزن شعيرة من ذهب .
(2) رقم (3297) في التفسير ، باب ومن سورة المجادلة ، أخرجه ابن جرير 28 / 15 ، وفي سنده علي بن علقمة الأنماري الراوي عن علي ، وقد اختلف فيه . قال البخاري : في حديثه نظر ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال ابن عدي : ما أرى بحديثه بأساً ، وقد حسن الترمذي حديثه هذا .
(3) ذكره الحافظ ابن كثير 4 / 326 عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن علي بنحوه ، ولم يعزه لأحد .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف :أخرجه عبد بن حميد (90) قال : حدثني ابن أبي شيبة. و (الترمذي) (3300) قال : حدثنا سفيان بن وكيع.
كلاهما -ابن أبي شيبة ،وسفيان بن وكيع - قالا: حدثنا يحيى بن آدم قال : حدثني عبيد الله الأشجعي ، عن سفيان بن سعيد الثوري ، عن عثمان بن المغيرة الثقفي ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن علي بن علقمة الأنماري ، فذكره.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، إنما نعرفه من هذ الوجه.

سورة الحشر
837 - (خ م ت د) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - : قال : حَرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نَخْلَ بني النَّضِير وقَطَعَ ، وهي البُوَيْرَةُ ، فأنزل الله : {ما قَطَعْتُمْ من لِينةٍ أو تَرَكْتُمُوهَا قَائمَةً على أصُولها فبِإِذْنِ اللَّه ولِيُخْزِيَ الفاسقين} . أخرجه البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وأبو داود.
وسيجيء لهذا الحديث رواياتٌ في كتاب الغَزَواتِ ، من حرف -[381]- الغين (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 483 في تفسير سورة الحشر ، باب قوله تعالى : {ما قطعتم من لينة} ، وفي الحرث والمزارعة ، باب قطع الشجر والنخل ، وفي الجهاد ، باب حرق الدور والنخيل ، وفي المغازي ، باب حديث بني النضير ومخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم في دية الرجلين ، ومسلم رقم (746) في الجهاد ، باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها ، والترمذي رقم (3298) في التفسير ، باب ومن سورة الحشر ، وأبو داود رقم (2615) في الجهاد ، باب الحرق في بلاد العدو .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:أخرجه الحميدي (685) قال : حدثنا سفيان ،عن موسى بن عقبة. (قال سفيان ولم أسمعه منه) و (أحمد) 2/7 (4532) و2/52 (5136) قال : حدثنا عبد الرحمان ، قال : حدثا سفيان، عن موسى بن عقبة. وفي 2/80 (5520) قال : حدثنا عبد الرزاق. قال : أخبرنا سفيان ، عن موسى بن عقبة. وفي (2/86 (5582) قال : حدثنا موسى بن طارق أبو قرة الزبيدي ، من أهل زبيد من أهل الحصيب باليمن ، عن موسى ، يعني ابن عقبة. وفي 2/123 (6054) قال : حدثنا يونس ، قال حدثنا ليث وفي (2/140) (6251) قال : حدثنا حجاج وأبو النضر قالا : حدثنا ليث ، و (الدارمي) (2463) قال: حدثنا عبد الله بن سعيد ، : حدثنا عقبة بن خالد ، قال :حدثنا عبيد الله. و (البخاري) (3/136) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل، قال : حدثنا جويرية. وفي 4/76 قال : حدثنا محمد بن كثير، قال : أخبرنا سفيان ، عن موسى بن عقبة. وفي (5/113) قال : حدثنا آدم، قال : حدثنا الليث. وفي (5/113) قال :حدثني إسحاق ، قال : أخبرنا حبان ، قال : أخبرنا جويرية بن أسماء. وفي (6/184) قال: حدثنا قتيبة ،قال : حدثنا ليث. و (مسلم) (5/145) قال : حدثنا يحيى بن يحيى ، ومحمد بن رمح، قال: أخبرنا الليث. (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا ليث. (ح) وحدثنا سعيد بن منصور، وهناد بن السري ، قالا : حدثنا ابن المبارك ، عن موسى بن عقبة. (ح) وحدثنا سهل بن عثمان،قال : أخبرني عقبة بن خالد السكوني ، عن عبيد الله. و (أبو داود) 2615 قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال: حدثنا اليث ، و (ابن ماجة) (2844) قال : حدثنا محمد بن رمح ، قال : أنبأنا الليث بن سعد. وفي (2845) قال : حدثنا عبد الله بن سعيد ، قال : حدثنا عقبة بن خالد ، عن عبيد الله. و (الترمذي) (1552 ، 3302) قال : حدثنا قتيبة ،قال : حدثنا الليث. و (النسائى) في الكبرى (الورقة /115-ب) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد ، قال: حدثنا ليث. (ح) وأخبرنا عبد الرحمان بن خالد ، حدثنا حجاج ، قال: قال ابن جريج ، عن موسى بن عقبة. أربعتهم -موسى بن عقبة ، والليث بن سعد ، وعبيد الله بن عمر ، وجويرية بن أسماء - عن نافع ، فذكره

838 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قوله الله عز وجل : {ما قَطَعْتُمْ من لِينةٍ أو تَرَكْتُمُوهَا قَائمَةً على أُصُولها} قال : اللِّينَةُ : النَّخْلَةُ ، {ولِيُخْزِيَ الفاسقين} قال : اسْتَنْزلُوهم من حُصونهم ، قال : وأُمِرُوا بقَطعِ النَّخْلِ قال : فَحَك (1) ذلك في صُدُورِهْم ، فقال المسلمون : قد قطَعْنَا بعْضاً ، وتَركْنا بعْضاً ، فلَنَسْألنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم : هل لنا فيما قَطَعْناهُ من أَجرٍ ، وهَلْ علينا فيما تركْنَاهُ من وِزْرٍ ؟ فأنزل الله {ما قَطَعْتُمْ من لِينةٍ أو تَرَكْتُمُوهَا قَائمَةً على أُصُولها...} الآية. أخرجه الترمذي (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(لينة) اللينة : مادون العجوة من النخل ، والعجوة : نوع من التمر معروف بالمدينة.
(وزر) الوزر : الحمل والثقل والإثم.
__________
(1) يقال : حك الشيء في نفسي : إذا لم يكن منشرح الصدر به ، وكان في قلبه شيء منه من الشك والريب ، لتوهمه أنه ذنب أو خطيئة .
(2) رقم (3299) في التفسير ، باب ومن سورة الحشر ، وإسناده حسن ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، ذكره ابن كثير 4 / 333 من رواية النسائي بنحوه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3303) ،و (النسائى) في الكبرى (تحفة الأشراف) (5488) .
كلاهما -الترمذي، النسائي - عن الحسن بن محمد الزعفراني ،قال: حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، قال : حثنا حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد بن جبير ، فذكره.
* أخرجه الترمذي (3303) قال : حدثني عبد الله بن عبد الرحمان ،قال : حدثنا هارون بن معاوية ، عن حفص بن غياث ، عن حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد بن جبير، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. مرسلا.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب.

839 - () (كعب بن مالك - رضي الله عنه -) : قال : نَزَلَ قولُهُ تعالى : {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بأَيْدِيهم وأيْدِي المؤمنين} [الحشر : 2] في اليهود ، حين أجْلاهُم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، على أَنَّ لهم ما أقَلَّتْ الإبِلُ من أَمتعتهم ، فكانُوا يُخْرِبُونَ الْبيْتَ عن عَتَبَتِهِ وبابِهِ وخَشَبِهِ ، قال : فكان نَخْلُ بني النَّضِير لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم خاصة ، أعطَاهُ اللهُ إِيَّاها ، وخصَّهُ بها. أخرجه رزين (1) .
__________
(1) ذكر معناه في حديث طويل أخرجه أبو داود رقم (3004) من حديث الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي سنده محمد بن داود بن سفيان شيخ أبي داود وهو مجهول .

840 - (د) محمد بن شهاب الزهري -رحمه الله - : في قوله : {فَما أوْجَفْتُمْ علَيْهِ من خَيْلٍ ولا رِكابٍ} [الحشر : 6] قال : صَالَحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ فَدَك وقُرى - قد سَمَّاها ، لا أحفظُها - وهُو محاصِرٌ قَوْماً آخرين ، فأرسَلُوا إليه بالصلح قال : {فَما أوْجَفْتُمْ علَيْهِ من خَيْلٍ ولا رِكابٍ} يقول : بغير قتالٍ ، قال الزهريُّ : وكانت بنُو النضير للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خالصاً ، لم يَفْتَحُوها عَنْوَة ، افْتَتحوها عَلى صُلح ، فَقسَمَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين ، لم يُعْطِ الأَنصارَ منها شيئاً ، إلا رجلين كانت بهما حاجة. أخرجه أبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أوجفتم) الإيجاف : سرعة السير. -[383]-
(ركاب) الركاب : الإبل ، واحدها : راحلة.
(عنوة) فُتحت المدينة عنوة : إذا أُخذت قهراً من غير صلح.
__________
(1) رقم (2971) في الخراج ، باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال ، ورجاله ثقات ، لكن لم يذكر الزهري ممن سمعه ، فهو منقطع .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (2971) قال حدثنا محمد بن عبيد، قال ثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري فذكره.

841 - (د) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : قال : إِنَّ أموالَ بني النَّضير مما أفاء الله على رسولِهِ مما لم يُوجف المسلمونَ عليه بخيل ولا رِكاب ، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة - قرى : عُرَينَةَ ، وفَدَكَ وكذا وكذا - يُنْفِقُ على أهله منها نَفقَة سَنَتِهم ، ثُمَّ يَجْعَلُ ما بَقِيَ في السِّلاح ، والكُراعِ عُدَّة في سبيل اللهِ ، وتلا {ما أَفاءَ اللَّه على رسوله من أهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ وللرسولِ...} الآية ، [الحشر : 7] وقال : استَوعَبَتْ هذه هؤلاءِ ، وللفقراء الذين أُخْرِجُوا من ديارهم وأموالهم ، والذين تَبَوَّءُوا الدارَ والإِيمانَ من قبلهم ، والذين جاءوا من بعدهم ، فاسْتَوْعبتْ هذه النَّاسَ ، فلم يَبْقَ أَحدٌ من المسلمين، إلا له فيها حّظٌ وحقٌّ ، إلا بعض من تَمِلكونَ من أَرِقَّائِكُمْ. أخرجه أبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أرقائكم) الأرقاء : العبيد والإماء، وقوله : «إلا بعض من تملكون من أرقائكم» أراد به : أرقاء مخصوصين ، وذلك «أن عمر رضي الله عنه كان يعطي ثلاثة مماليك لبني غفار شهدوا بدراً ، لكل واحد منهم في كل سنة ثلاثة -[384]- آلاف درهم» .قال أبو عبيد : أحسبه إنما أراد بهذا الاستثناء : هؤلاء المماليك الثلاثة حيث شهدوا بدراً.
وقيل : أراد : جميع المماليك ، وإنما استثنى من جملة المسلمين بعضاً من كل ، فكان ذلك منصرفاً إلى جنس المماليك ، وقد يوضع البعض موضع الكل ، حتى قيل : إنه من الأضداد..
__________
(1) رقم (2965) و (2966) في الخراج ، باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال ، واللفظ الذي ساقه المصنف فلفق من الروايتين الأولى : منهما إسنادها صحيح وهي في الصحيحين ، والثانية : فيها انقطاع .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
الجزء الأول صحيح :
الجزء الأول :
أخرجه الحميدي (22) قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عمرو بن دينار ومعمر. و (أحمد) (1/25) (171) قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ومعمر. وفي (1/48) (337) قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو،. (البخاري) 4/46، 6 /184 قال : حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو و (مسلم) (5/151) قال : حدثنا قتيبة بن سعد ومحمد بن عباد وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم. قال إسحاق أخبرنا. وقال الأخرون : حدثنا سفيان ،عن عمرو (ح) وحدثنا يحيى بن يحيى ،قال : أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن معمر. و (أبوداود) (2965) قال :حدثنا عثمان بن أبي شيبة أحمد بن عبدة بن سفيان بن عيينة أخبرهم ، عن عمرو بن دينار. و (الترمذي) (1719) قال : حدثنا ابن أبي عمر ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار. و (النسائي) (7/132) قال : أخبرنا عبيد الله بن سعيد ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، يعني ابن دينار. وفي الكبرى (الورقة 124-أ) قال : أخبرنا سعيد بن عبد الرحمان، قال : حدثنا سفيان ، عن معمر ، (ح) وأخبرنا زياد بن أيوب ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ومعمر وفي الكبرى أيضا (تحفة الأشراف 10631) عن عبيد الله بن سعد و يحيى بن موسي وهارون ابن عبد الله.
ثلاثتهم عن سفيان ، عن عمرو بن دينار.
كلاهما (عمرو، ومعمر) عن الزهري ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، فذكره.
* أخرجه البخاري (7/81) قال : حدثني محمد بن سلام ، قال : أخبرنا وكيع ، عن ابن عيينة، قال : قال لي معمر : قال لي الثوري : هل سمعت في الرجل يجمع لأهله قوت سنتهم ، وأبو بعض السنة ؟ قال معمر : فلم يحضرني. ثم ذكرت حديثا لابن شهاب الزهري ، عن مالك بن أوس ، عن عمر رضي الله عنه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبيع نخل بني النضير ، يحبس لأهله قوت سنتهم.
والجزء الثاني : أخرجه أبو داود (2966) قال : ثنا مسدد ، قال : ثتا إسماعيل بن إبراهيم قال : ثنا أيوب، عن الزهري ، فذكره.

842 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - : أَن رجلاً من الأنصارِ باتَ به ضَيْفٌ ، ولم يَكُنْ عندَهُ إلا قُوتُهُ وقُوتُ صِبْيانِهِ ، فقال لامرأتِهِ : نَوِّمي الصِّبَيَة ، وأَطْفِئِي السِّراَجِ ، وقَرِّبي للضِّيْفِ ما عندكِ ، فنزلت هذه الآية : {ويُؤثِرونَ على أنفسِهم ولو كان بهم خَصاصَةٌ} . أخرجه الترمذي (1) .
وهو طرف من حديث طويل ، أخرجه البخاري ، ومسلم ، والرجل : هو أبو طلحة الأنصاري ، والحديث مذكور في كتاب الفضائل من حرف الفاء ، في فضائل أبي طلحة.
__________
(1) رقم (3301) في التفسير ، باب ومن سورة الحشر ، وإسناده صحيح ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (5/42) . وفي الأدب المفرد (740) قال : حدثنا مسدد. قال : حدثنا عبد الله بن داود،. وفي (6/185) قال : حدثني يعقوب بن إبراهيم بن كثير. قال : حدثنا أبو أسامة. و (مسلم) 6/127 قال : حدثني زهير بن حرب. قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد. وفي (6/128) قال : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء. قال : حدثنا وكيع. (ح) وحدثناه أبو كريب. قال : حدثنا ابن فضيل. و (الترمذي) (3304) قال : حدثنا أبوكريب. قال : حدثنا وكيع. و (النسائى) في الكبرى (تحفة الأشراف) (10 /13419) عن هناد ، عن وكيع.
خمستهم - عبد الله بن داود ، وأبو أسامة ، وجرير ، ووكيع ، ومحمد بن فضيل - عن فضيل بن غزوان، عن أبي حازم ، فذكره.
(*) في رواية ابن فضيل : فقام رجل من الأنصار يقال له أ بو طلحة.

843 - () (أنس بن مالك - رضي الله عنه -) : في قوله : {أَلمْ تَرَ إلى الذين نافَقوا يقولون لإخوانهم...} الآية قال : إِنَّ ابنَ أُبِيّ قالَهُ ليهود بني النَّضِير ، إذ أراد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إجلاءهُم ، فنزلت. أخرجه .
-[385]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(إجلاءهُم) الإجلاء : النفي من الموطن من غير اختيار.

سورة الممتحنة
844 - (خ م ت) عائشة - رضي الله عنها - : قالت : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُبايِعُ النساءَ بالكلام بهذا الآية {لا يُشْرِكْنَ باللَّه شْيئاً} [الممتحنة : 12] وما مَسَّتْ يَدُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يَدَ امْرأَةٍ لا يْملِكُها.
وفي رواية : كان المؤمناتُ إذا هاجَرْنَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَمتَحِنُهُنَّ بقَولِ اللهِ : {يا أَيُّها الذين آمنُوا إذا جاءَكم المؤمناتُ مُهاجِراتٍ فامْتَحِنُوهُنَّ...} إلى آخر الآية [الممتحنة : 10] قالت عائشة : فمن أقَرَّ بهذا الشَّرْطِ من المؤمِناتِ ، فَقَدْ أَقَرَّ بالْمِحنِة ، فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أقْررْنَ بذلك من قَوْلِهِنَّ ، قال لَهُنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم : «انْطَلِقْنَ ، فقد بايَعْتُكُنَّ» لاَ واللهِ ، مَا مَسَّتْ يَدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ ، غير أنه بايعهن بالكلام ، والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء إلا بما أَمَرَهُ اللهُ ، وكان يقولُ لهُنَّ إذا أخَذ عليهنَّ قد بايَعْتَكُنَّ كلاماً. هذه رواية البخاري ، ومسلم.
وفي رواية الترمذي ، قالت : ما كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَمتَحِنُ إلا بالآيَةِ -[386]- التي قال الله : {إذا جاءك المؤمناتُ يُبَايِعْنَكَ...} الآية [الممتحنة :12] قال معمر : فأخبَرني ابن طاوُوسَ ، عن أبيه قال : ما مَسَّتْ يَدُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يَدَ امْرأَةٍ ، إلا [يد] امرأة يملكها (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يمتحنهن) الامتحان : الاختبار.
__________
(1) البخاري 8 / 488 في تفسير سورة الممتحنة ، باب {إذا جاءك المؤمنات مهاجرات} ، وفي الطلاق ، باب إذا أسلمت المشركة والنصرانية تحت الذمي والحربي ، وفي الأحكام ، باب بيعة النساء ، ومسلم رقم (1866) في الإمارة ، باب كيفية بيعة النساء ، والترمذي رقم (3303) في التفسير ، باب ومن سورة الممتحنة ، وقوله " للنساء " قال الحافظ : أي : على النساء . وقد اختلف في الشرط ، والأكثر على أنه النياحة ، كما في حديث أم عطية ... انظر " زاد المسير " لابن الجوزي طبع المكتب الإسلامي 8 / 245 .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (6/114) قال : حدثنا إبراهيم بن أبي العباس. قال : حدثنا أبو أويس. وفي (6/153 و163) قال : حدثنا عبد الرزاق. قال : أخبرنا معمر. وفي (6/153) قال : حدثنا بن آدم. قال : حدثنا ابن مبارك ، عن معمر. وفي 6/270 قال حدثنا يعقوب. قال : حدثنا يحيى ابن أخي ابن شهاب. و (البخاري) (5/162 ، 6/186) قال : حدثنا إسحاق. قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم. قال: حدثنا ابن أخي ابن شهاب. وفي 7/63 قال : حدثنا يحيى بن بكير. قال : حدثنا الليث، عن عقيل. وفي 9/99 قال : حدثنا محمود. قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر. و (مسلم) (6/29) قال : حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح. قال : أخبرنا ابن وهب. قال : أخبرني يونس بن يزيد. (ح) وحدثني هارون بن سعيد الأيلي وأبو الطاهر. قال أ بو الطاهر : أخبرنا.وقال هارون : حدثنا وابن وهب. قال : حدثني مالك. و (أبو داود) (2941) قال : حدثنا أحمد بن صالح. قال : حدثنا ابن وهب. قال : حدثني مالك. و (ابن ماجة) (2875) قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح المصري. قال : حدثنا عبد الله بن وهب. قال أخبرني يونس. و (الترمذي) (3306) قال: حدثنا عبد بن حميد. قال حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر. و (النسائى) في الكبرى (تحفة الأشراف) (12/16668) عن محمد بن يحيى بن عبد الله ، عن عبد الرزاق ، عن معمر (12/16697) عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن يونس.
ستتهم - أبو أويس عبد الله بن عبد الله ،و معمر ، وابن أخي ابن شهاب ، وعقيل بن خالد ، ويونس بن يزيد ، ومالك - عن ابن شهاب الزهر ، قال : أخبرني عروة بن الزبير ، فذكره..
* أخرجه أحمد 6/151 قال : حدثنا عبد الرزاق. قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، أو غيره ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : جاءت فاطمة بنت عتبة بن ربيعة تبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذ عليها أن لا يشركن بالله شيئا.... الحديث.

845 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قوله : {ولا يعْصِينَكَ في معروفٍ} [الممتحنة :12] إنَّما هو شَرْطٌ شَرَطهُ الله للنِّساءِ. أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 490 في تفسير سورة الممتحنة ، باب {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (4893) قال : ثنا عبد الله بن محمد ، قال: ثنا وهب بن جرير ، قال : ثنا أبي قال : سمعت الزبير ، عن عكرمة فذكره.

سورة الصف
846 - (ت) عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - : قال : كُنْتُ جالساً في نَفَرٍ من أصْحَابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم نَتَذَاكَرُ ، نقُولُ : لَوْ نَعْلَمُ أيُّ الأْعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ لعَمِلْناهُ ؟ فأنزل الله تعالى {سَبَّح للَّه ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم . يا أيُّها الذين آمنوا لِمَ تَقُولُونَ مالا تَفْعَلونَ . كَبُرَ مَقْتاً عندَ اللَّهِ} أي : عَظُمَ {أنْ تقُولُوا مالا تفْعَلُونَ} [الصف:1-3] فخرجَ -[387]- علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأَها علينا. أخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(مقتاً) المقت : أشد البغض.
__________
(1) رقم (3306) في التفسير ، باب ومن سورة الصف ، من حديث محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام ، وذكره ابن كثير 8 / 336 من رواية ابن أبي حاتم عن العباس بن الوليد بن مزيد - وفي ابن كثير مرثد وهو خطأ - البيروتي عن أبيه ، سمعت الأوزاعي ، حدثني يحيى بن أبي كثير ، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، حدثني عبد الله بن سلام ، وإسناده صحيح ، وصححه الحاكم 2 / 487 ، وأخرجه أحمد في " المسند " 5 / 452 من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ، وعن عطاء بن يسار عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال : تذاكرنا أيكم يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيسأله أي الأعمال أحب إلى الله ، فلم يقم أحد منا ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً ، فجمعنا ، فقرأ علينا هذه السورة - يعني سورة الصف - كلها .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
1- أخرجه أحمد 5/452 قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال : حدثنا ابن المبارك.و (الدارمي) (2395) قال : أخبرنا محمد بن كثير. و (الترمذي) 3309 قال : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمان ، قال: أخبرنا محمد بن كثير.كلاهما - ابن المبارك،ومحمد بن كثير - عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير.
2- وأخرجه أحمد 5/452 قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال : حدثنا ابن المبارك ،عن عطاء بن يسار.
كلاهما - يحيى ، وعطاء - عن أبي سلمة ،فذكره
* وأخرجه أحمد 5/452 قال : حدثنا يعمر قال : حدثنا عبد الله بن المبارك قال : أخبرنا الأوزاعي ، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني هلال بن أبي ميمونة ، أن عطاء بن يسار حدثه ،أن عبد الله بن سلام حدثه ، أو قال (هلال) حدثني أ بو سلمة بن عبد الرحمان ،فذكره.

سورة الجمعة
847 - (خ م ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - : قال : بيْنَما (1) -[388]- نحن نُصَلِّي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، إذْ أَقْبلَتْ عِيرٌ تَحْمِلُ طعاماً ، فالتَفَتُوا إليْها ، حتَّى ما بَقِيَ مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عَشَرَ رُجلاً ، فنزلت هذه الآيةُ {وإذا رَأَوْا تِجارَةً أَو لَهْواً انْفَضُّوا إليها وتَركُوك قَائِماً} [الجمعة : 11] .
وفي رواية : أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يخطُبُ قائماً ، فجاءتْ عيرٌ من الشَّامِ وذكر نحوه .
وفيه : إلا اثْنا عَشَرَ رجلاً ، فيهم : أبو بكرٍ وعمر.
وفي أخرى : إلا اثنا عشر رجلاً ، أنا فيهم. أخرجه البخاري ، ومسلم ، والترمذي.
وفي رواية لمسلم قال : كُنَّا معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يومَ الْجُمُعَةِ ، فَقَدِمتْ سُوَيْقَةٌ ، فخرجَ الناسُ إليها ، فلم يبق إلا اثْنا عَشَرَ رجلاً أنا فيهم ، قال : فأنزل الله {وإذا رَأَوْا تِجارَةً أَو لَهْواً انْفَضُّوا إليها وتَركُوكَ قَائِماً...} إلى آخر الآية (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(العير) الإبل والحمير تحمل الميرة والأحمال.
(انفضوا) : تفرقوا ، وهو مطاوع قولك : فضضت.
__________
(1) قال الحافظ في" الفتح " 2 / 338 : في رواية خالد المذكورة عند أبي نعيم في " المستخرج " " بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة " وهذا ظاهر في أن انفضاضهم وقع بعد دخولهم في الصلاة ، لكن وقع عند مسلم من رواية عبد الله بن إدريس ، عن حصين " ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب " وله في رواية هشيم " بينا النبي صلى الله عليه وسلم قائم " زاد أبو عوانة في صحيحه والترمذي والدارقطني من طريقه " يخطب " ومثله لأبي عوانة من طريق عباد بن العوام ، ولعبد بن حميد من طريق سليمان بن كثير ، كلاهما عن حصين ، وكذا وقع في رواية قيس بن الربيع وإسرائيل ، ومثله في حديث ابن عباس ، وفي حديث أبي هريرة عند الطبراني في " الأوسط " وفي مرسل قتادة عند الطبراني وغيره ، فعلى هذا فقوله " نصلي " أي : ننتظر الصلاة ، وقوله " في الصلاة " أي : في الخطبة مثلاً ، وهو من تسمية الشيء بما قاربه ، فبهذا يجمع بين الروايتين ، ويؤيده : استدلال ابن مسعود على القيام في الخطبة بالآية المذكورة ، كما أخرجه ابن ماجة بإسناد صحيح ، وكذا استدل به كعب بن عجرة في " صحيح مسلم " .
(2) البخاري 8 /493 و 494 في تفسير سورة الجمعة ، باب {وإذا رأوا تجارة أو لهواً} ، وفي الجمعة ، باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة ، وفي البيوع ، باب قول الله تعالى : {وإذا رأوا تجارة أو لهواً} ، ومسلم رقم (863) في الجمعة ، باب قوله تعالى : {وإذا رأوا تجارة أو لهواً} ، والترمذي رقم (3308) في التفسير ، باب ومن سورة الجمعة .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (3/313) قال : حدثنا ابن إدريس. وفي (3/370) قال : حدثنا معاوية بن عمرو ، قال : حدثنا زائدة. و (عبد بن حميد) (1110) قال : حدثني محمد بن كثير ، قال حدثنا سليمان ابن كثير. و (البخاري) (2/16) قال : حدثنا معاوية بن عمرو ، قال : حدثنا زائدة. وفي (3/71) قال: حدثنا طلق بن غنام ، قال : حدثنا زائدة. وفي (3/73) قال : حدثني محمد ، قال : حدثني محمد بن فضيل. و (مسلم) (3/9) قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم ، كلاهما عن جرير. وفي (3/10) قال : حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة ،قال : حدثنا عبد الله بن إدريس. و (الترمذي) (3311) قال: حدثنا أحمد بن منيع ، قال : حدثنا هشيم. و (النسائي) في الكبرى (تحفة الأشراف) (2239) عن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن عبثر. و (ابن خزيمة) 1823 قال : حدثنا يوسف بن موسى ، قال: حدثنا جرير
سبعتهم - ابن إدريس ، وزائدة ، وسليمان بن كثير ، وابن فضيل ، وجرير ، وهشيم ، وعبثر - عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد ، فذكره.
* وأخرجه عبد بن حميد (1111) قال: حدثني عمرو بن عون ، عن هشيم. و (البخاري) 6/189 قال: حدثني حفص بن عمر ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله. و (مسلم) 3/10 قال : حدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي ،قال : حدثنا خالد (يعني الطحان) . وفي 3/10 قال : حدثنا إسماعيل بن سالم ، قال:أخبرنا هشيم.
كلاهما - هشيم ، وخالد - عن حصين ، عن سالم بن أبي الجعد ، وأبي سفيان ، فذكراه.
* وأخرجه الترمذي (3311) قال : حدثنا أحمد بن منيع ، قال : حدثنا هشيم ،قال : أخبرنا حصين، عن أبي سفيان ، فذكره.

سورة المنافقين
848 - (خ م ت) جابر - رضي الله عنه - : قال : غَزَوْنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، وقَدْ ثَابِ معه ناسٌ من المهاجرين حتى كَثُرُوا ، وكان مِن المهاجرينَ رجلٌ لَعَّابٌ ، فَكَسَعَ أنصاريّاً (1) ، فَغَضِبَ الأْنصَاريُّ غَضباً شديداً ، حتى تَدَاعَوْا ، وقال الأنصاريُّ : يَالِ الأنْصَارِ ، وقال المهاجِريُّ : يالَ المهاجرينَ ، فَخَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال : مَا بَال دَعْوَى الجاهلية ؟ ثم قال : مَا شَأْنُهُمْ ؟ فأُخبر بكَسْعَةِ المهاجِريِّ الأنْصارِي ، قال : فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : دَعُوها ، فإنها خبيثةٌ ، وقال عبدُ الله بنُ أُبَيّ بنِ سلولٍ : أَقَدْ تَدَاعَوْا علينا ؟ لئن رََجَعْنَا إلى المدينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ منها الأذَلَّ ، قال عمر : ألاَ نَقْتُلُ -[390]- يا نبي اللهِ هذا الخبيثَ ؟ - لعبدِ اللهِ - فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : «لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كان يَقْتُلُ أصحابَهُ» .
وفي رواية نحوه ، إلا أَنه قال : فَأتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَألهُ القَوَدَ ؟ فقال : دعُوها ، فإنها مُنتْنَةٌ (2) ... الحديث ، هذه رواية البخاري ، ومسلم.
وفي رواية لمسلم قال : اقْتَتَلَ غُلامانِ : غُلامٌ من المهاجرين ، وغلام من الأنصار، فَنادَى المهاجِريُّ - أو المهاجرون - : يالَ الْمُهاجرين ، ونادى الأنصاري : يالَ الأنصارِ ، فخرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما هذا ؟ دعوى [أهل] الجاهلية ؟ قالوا : لا يا رسول الله ، إلا أنَّ غُلامَيْن اقْتَتَلا ، فكَسَعَ أحدُهما الآخر ، فقال : لا بأس، وَلَينصُرِ الرُجلُ أخاهُ ظالماً ، أو مظلوماً ، إِنْ كان ظَالماً فَلْيَنْهَهُ ، فإنَّهُ له نَصْرٌ ، وإِن كان مظْلُوماً ، فَلْيَنْصُرْهُ.
وأخرجه الترمذي بنحوه ، وفي أوله ، قال سفيانُ : يَرَوْنَ أنَّها غزوة بني الْمُصْطَلِقِ.
وفي آخرها : لا يتَحَدَّثُ النَّاسُ أنَّ مُحمَّداً يَقْتلُ أصْحابَهُ.
وقال غيرُ عَمْرو بن دينار : فقال لَهُ ابْنُه عبدُ اللهِ بنُ عبد اللهِ : لا تَنْقَلِبُ حتَّى تُقِرَّ : أنَّكَ الذليل ، ورسولُ اللهِ : العزيزُ ، فَفَعَلَ (3) . -[391]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ثاب) : إذا رجع.
(الكسع) أن تضرب دبر الإنسان بيدك ، أو بصدر قدمك .
(الخبيث) الرديء الكريه المنتنة والمنتن معروف ، أراد : أن دعوى الجاهلية (يال فلان) كريهة رديئة في الشرع.
(القود) القصاص.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 497 ، 498 : المشهور فيه أنه ضرب الدبر باليد أو بالرجل . ووقع عند الطبري من وجه آخر عن عمرو بن دينار عن جابر " أن رجلاً من المهاجرين كسع رجلاً من الأنصار برجله ، وذلك عند أهل اليمن شديد " والرجل المهاجري هو : جهجاه بن قيس ، ويقال : ابن سعيد الغفاري ، وكان مع عمر بن الخطاب يقود له فرسه ، والرجل الأنصاري هو : سنان بن وبرة الجهني حليف الأنصار - وفي رواية عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مرسلاً ، أن الأنصاري كان حليفاً لهم من جهينة ، وأن المهاجري كان من غفار ، وسماهما ابن إسحاق في المغازي عن شيوخه - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عقيل عن الزهري عن عروة بن الزبير وعمرو بن ثابت أنهما أخبراه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة المريسيع - وهي التي هدم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مناة الطاغية ، التي كانت بين قفا المشلل وبين البحر - فاقتتل رجلان فاستعلى المهاجري على الأنصاري ، فقال حليف الأنصار : يا معشر الأنصار ، فتداعوا إلى أن حجز بينهم ، فانكفأ كل منافق إلى عبد الله بن أبي فقالوا : كنت ترجى وتدفع ، فصرت لا تضر ولا تنفع ، فقال : " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " فذكر القصة بطولها ، وهو مرسل جيد .
(2) قال الحافظ في " الفتح " : أي : دعوى الجاهلية . وأبعد من قال : المراد : الكسعة . ومنتنة - بضم الميم وسكون النون وكسر المثناة - من النتن ، أي أنها كلمة قبيحة خبيثة .
(3) أخرجه البخاري 6 / 398 في الأنبياء ، باب دعوى الجاهلية ، و 8 / 499 في تفسير سورة المنافقين ، باب {يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} ، وباب قوله تعالى : {سواء عليهم -[391]- استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم} ، وأخرجه مسلم رقم (2584) في البر والصلة ، باب نصر الأخ ظالماً أو مظلوماً ، والترمذي رقم (2312) في تفسير سورة المنافقين .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:أخرجه الحميدي 1239. و (أحمد) 3/392 قال : حدثنا حسين بن محمد. و (البخاري) 6/191 قال : حدثنا علي. وفي 6/192 قال حدثنا الحميدي. و (مسلم) 8/19 قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأحمد بن عبدة الضبي وابن أبي عمرو. و (الترمذي) 3315 قال :حدثنا ابن أبي عمر (النسائي) في عمل اليوم والليلة 977 قال أخبرنا عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار وفي الكبرى (تحفة الأشراف) 2525 عن محمد بن منصور تسعتهم - الحميدي ، وحسين بن محمد ، وعلي ، وابن أبي شيبة، وزهير،الضبي ، وابن أبي عمر، وعبد الجبار ، ومحمد بن منصور - عن سفيان بن عيينة.
2- وأخرجه أحمد (3/338) قال : حدثنا يونس، قال : حدثنا حماد (يعني ابن زيد) .
3-وأخرجه أحمد (3/385) قال: حدثنا سريج بن النعمان ، قال : حدثنا سعيد (يعني ابن زيد) .
4- وأخرجه البخاري 4/223 قال : حدثنا محمد ، قال : أخبرنا مخلد بن يزيد ،قال : أخبرنا ابن جريج.
5- وأخرجه مسلم (8/19) قال :حدثنا إسحاق بن إبراهيم،وإسحاق بن منصور ، ومحمد بن رافع. قال ابن رافع : حدثنا ، وقال الآخران : أخبرنا عبد الرزاق ، قال أخبرنا معمر، عن أيوب.
خمستهم -ابن عيينة ، وحماد بن زيد ، وسعيد بن زيد ، وابن جريج ، وأيوب - عن عمرو بن دينار ، فذكره.

849 - (خ م ت) زيد بن أرقم - رضي الله عنه - : قال : خرجْنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ - أَصَابَ الناسَ فيه شِدَّةٌ - فقال عبْدُ اللهِ بنُ أَبَيّ : لا تُنْفِقُوا على من عِنْد رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، حتى يَنْفَضُّوا من حَوْلِه (1) ، وقال لئن رَجعنا إلى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ ، قال : فأَتَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فأَخْبَرْتُهُ بذلك ، فأرَسلَ إلى عبدِ الله بنِ أُبَيّ ، فسألَهُ ؟ فَاجْتَهَدَ يمينَهُ ما فَعَلَ ، فقالوا : كَذَبَ زْيدٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فوقَعَ في نفْسِيِ ممَّا قالوا شدَّةٌ ، حتى أنزل اللهُ تصديقي {إذا جاءكَ المنافقون} [المنافقون : 1] قال : ثم دعاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم لَيسْتَغَفِرَ لهم، قال : فَلَوَّوْا رؤوسهم، وقوله : {كأنهم خُشُبٌ -[392]- مُسَنَّدَةٌ} قال : كانوا رِجالاً أجْمَلَ شَيْءٍ.
وفي رواية أن زيداً قَالَ : كُنْت في غزاةٍ فسمعتُ عبد الله بن أُبَيّ يقولُ - فذكره نحوه - قال : فذكرتُ ذلك لِعَمِّي - أو لِعُمَر (2) - فذكر ذلك لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فدعاني فحدَّثْتُهُ ، فأرسل إلى عبد الله بن أُبيّ وأصحابه ، فحلفُوا ما قالوا ، فصدَّقَهُمْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، وكَذَّبني، فأصابَني غَمٌّ لم يُصِبْني مثلُه قط ، فجلستُ في بيتي ، وقال عَمِّي : ما أرَدْتَ إلى أنْ كَذَّبَكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ومَقَتَكَ ؟ فأنزل اللهُ عز وجل {إذا جاءكَ المنافقون - إلى قوله - لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ} [المنافقون : 1- 8] فأرسل إليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فَقَرَأهَا عليَّ ثم قال : إنَّ اللهَ قد صَدَّقَكَ. أخرجه البخاري ، ومسلم (3) . -[393]-
وللبخاري أيضاً ، قال : لما قال عبد الله بن أُبّيٍ : لا تُنْفِقُوا عَلَى من عندَ رسولِ الله، وقال أيضاً : لئن رََجَعْنَا إلى المدينَةِ أخْبرتُ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَلامَني الأنصارُ، وحلفَ عبدُ الله ابن أُبّيٍ ما قال ذلك ، فرجعتُ إلى المنزل ، فنمتُ ، فأَتاني رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فأتَيْتُه ، فقال : إنَّ اللهَ قد صَدَّقَكَ ، فنزلت : {هُمُ الذين يقولُونَ لا تُنْفِقُوا على من عِندَ رسولِ اللَّه حتى يَنْفَضُّوا} [المنافقون : 7] .
وأخرجه الترمذي مثل الرواية الثانية ، ونحو الرواية الثالثة التي أخرجها البخاري،وقال : «في غزوةِ تبوكَ» .
وفي رواية أخرى له قال : غزونا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، وكان معنا أُناسٌ من الأعراب ، فكُنَّا نَبْتَدِرُ الماءَ ، وكان الأعرابُ يَسْبِقوننا إليه ، فسبق أعرابيٌّ أصحابَهُ ، فيسبِق الأعرابيُّ ، فَيمْلأُ الحوضَ ، فيجعلُ حَوْلَه حِجارَة ، ويجعل النِّطْعَ عليه ، حتى يَجيء أصحابه قال : فأَتى رَجُلٌ من الأنصارِ أعرابيّاً ، فأرْخى زمام ناقته لتشربَ فأبى أن يدعه ، فانتزع قباض الماء فرفع الأعرابي خشبة ، فضرب بها رأْس الأنصاريِّ ، فَشَجَّهُ فأتى عبدَ اللهِ بن أُبّيٍ رأسَ المنافقين فأخبرهُ - وكان من أصحابه - فَغَضِبَ عبدُ الله بنُ أُبَيٍّ، ثم قال: لا تُنْفِقُوا على من عندَ رسولِ الله حتى ينفضوا من حوله - يعني الأعراب- وكانوا يحضُرُون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عند الطَّعامِ قال عبْدُ الله : إِذا انفَضوا من عندِ محمدٍ ، فائْتُوا محمداً بالطعام، فَليأْْكُلْ هو -[394]- ومن عندهُ، ثم قال لأصحابه : لئن رجعتم إلى المدينة فلَيُخْرِجَِ الأعَزُّ منها الأذَلَّ - قال زيدٌ : وأنا رِدْفُ عمّي - فسمعتُ عبد الله ، فأَخبْرتُ عمي ، فانطلقَ فَأخْبَرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فحلف وجَحَد ، قال : فصَدَّقهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وكذَّبني ، قال : فجاءَ عمي إليَّ فقال : ما أردْتَ إلى أنْ مَقَتَكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وكذَّبكَ والمسلمونَ ، قال : فوقعَ عليَّ من الهمِّ ما لم يَقعْ على أحدٍ ، قال : فبينما أنا أسيرُ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، قد خفقت برأسي من الهم . إذ أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فَعَرَكَ أُذُني وضحكَ في وجهي فما كان يَسُرُّني أنَّ لي بها الخُلدَ في الدنيا ، ثم إِنَّ أبا بكرٍ لَحِقَني ، فقال : ما قال لك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلتُ : ما قال شيئاً ، إلا أَنَّهُ عَركَ أُذُني ، وضَحِكَ في وجهي ، فقال : أبْشِرْ ، ثم لحقني عمر ، فقلتُ له مثلَ قَوْلي لأبي بكر ، فلما أصبحنا قَرَأ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين (4) .
__________
(1) قال النووي : هو كلام عبد الله بن أبي ، ولم يقصد الراوي بسياقه التلاوة ، وغلط بعض الشراح فقال : هذا وقع في قراءة ابن مسعود ، وليس في المصاحف المتفق عليها ، فيكون على ذلك ، سبيله : البيان من ابن مسعود . قلت : ولا يلزم من كون عبد الله بن أبي قالها : أن ينزل القرآن بحكاية جميع كلامه .
(2) قال الحافظ : كذا بالشك ، وفي سائر الروايات الآتية " لعمي " بلا شك ، كذا عند الترمذي من طريق أبي سعيد الأزدي عن زيد .
ووقع عند الطبراني وابن مردويه : أن المراد بعمه : سعد بن عبادة وليس عمه حقيقة وإنما هو سيد قومه الخزرج ، وعم زيد بن أرقم الحقيقي هو ثابت بن قيس له صحبة .
ووقع في مغازي أبي الأسود عن عروة : أن مثل ذلك وقع لأوس بن أرقم ، فذكره لعمر بن الخطاب ، فلعل هذا سبب الشك في ذكر عمر .
وجزم الحاكم في " الإكليل " أن هذه الرواية وهم ، والصواب زيد بن أرقم .
قال الحافظ : ولا يمتنع تعدد المخبر بذلك عن عبد الله بن أبي ، إلا أن القصة لزيد بن أرقم .
(3) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 495 و 496 وفي الحديث من الفوائد : ترك مؤاخذة كبراء القوم بالهفوات لئلا تنفر أتباعهم ، والاقتصار على معاتباتهم وقبول أعذارهم وتصديق أيمانهم ، وإن كانت القرائن ترشد إلى خلاف ذلك ، لما في ذلك من التأنيس والتأليف ، وفيه جواز تبليغ ما لا يجوز للمقول فيه ، ولا يعد نميمة مذمومة إلا إن قصد بذلك الإفساد المطلق ، وأما إذا كانت فيه مصلحة ترجح على المفسدة فلا .
(4) أخرجه البخاري 8 / 494 في تفسير سورة المنافقون ، في فاتحتها ، وباب {اتخذوا أيمانهم جنة} ، وباب قوله : {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم} ، وباب {إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم} ، وأخرجه مسلم رقم (2772) في صفات المنافقين ، والترمذي رقم (3309) و (3310) في التفسير ، باب ومن سورة المنافقين .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1-أخرجه أحمد (4/373) قال : حدثنا يحيى بن آدم ،ويحيى بن أبي بكير. و (عبد بن حميد) (362) قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى. و (البخاري) (6/189) قال : عبد الله بن رجاء وفي (6/189) قال : حدثا آدم بن أبي إياس ،وفي (6/191) قال : حدثنا عبيد الله بن موسى، و (الترمذي) 3312 قال : حدثنا عبد بن حميد ، قال :حدثنا عبيد الله بن موسى. خمستهم - يحيى بن آدم ،ويحيى بن أبي بكير ، وعبيد الله بن موسى ، وعبد الله بن رجاء ، وآدم عن إسرائيل.
2-وأخرجه أحمد (4/373) قال : حدثنا حسن بن موسى.و (البخارى) (6/190) قال : حدثنا عمرو ابن خالد. و (مسلم) 8/119 قال :حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا الحسن بن موسى. و (النسائي) في الكبرى (تحفة الأشراف) 3678 عن أبي داود الحراني ،عن الحسن بن محمد بن أعين. ثلاثتهم - حسن بن موسى ، وعمرو، والحسن بن محمد - قالوا: حدثنا زهير بن معاوية.
كلاهما -إسرائيل ، وزهير - عن أبي إسحاق ، فذكره.
والرواية الثانية : أخرجها أحمد 4/368 قال : حدثنا محمد بن جعفر ، وفي (4/370) قال : حدثنا هاشم. و (البخارى) 6/190 قال : حدثنا آ دم. و (الترمذي) 3314 قال : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي.و (عبد الله بن أحمد) (4/370) قال : حدثنا عبيد الله بن معاذ ،قال : حدثنا أبي. (النسانى) في الكبرى (تحفة الأشراف) (3683) عن بندار محمد بن بشار ، عن محمد بن جعفر غندر ، وابن أبي عدي.
خمستهم - محمد بن جعفر ، وهاشم، وآدم وابن أبي عدي ، ومعاذ - عن شعبة ، عن الحكم بن عتيبة، عن محمد بن كعب القرظي ، فذكره.
والرواية الثالثة : أخرجها الترمذي (3313) قال :حدثنا عبد بن حميد ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى،عن إسرائيل ، عن السدي ، عن أبي سعد الأزدي ، فذكره.

850 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : من كان له مالٌ يُبَلِّغُهُ حَجَّ بيْتِ ربِّهِ أوْ يَجِبُ عليه فيه زكاةٌ ، فلم يفعل ، سألَ الرَّجعَةَ عند الموتِ ، فقال رجلٌ : يا ابنَ عبَّاسٍ ، اتَّقِ اللهَ ، فإِنما يسألُ الرجعةَ الكفُّارُ ، قال : سأتْلُو عليك بذلك قُرْآناً {يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا لا تُلْهِكُم أَمْوالُكُم ولا أَولادُكم عن ذِكْرِ -[395]- اللَّه ومَنْ يَفْعلْ ذَلكَ فأُوْلئِكَ هُمُ الخاسِرُون . وأنْفِقُوا مما رزَقْناكم مِنْ قَبلِ أن يأْتِيَ أحدَكُمُ الْموتُ فيقولَ ربِّ لولا أَخَّرْتني إلى أجلٍ قريبٍ فأَصَّدَّقَ وأَكُنْ مِنَ الصَّالحينَ . ولَنْ يُؤخِّرَ اللَّهُ نفساً إذا جاءَ أَجلُها واللَّهُ خبيرٌ بما تَعْملونَ} [المنافقون : 9- 11] قال : فما يُوجِبُ الزَّكاةَ ؟ قال : إذا بلَغَ المالُ مائتين فَصَاعداً ، قال : فما يوجِبُ الحجَّ ؟ قال : الزَّادُ والبعيرُ. أخرجه الترمذي (1) .
وفي رواية له عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، قال : والأول أصح (2) .
__________
(1) رقم (3313) في التفسير ، باب ومن سورة المنافقين ، من حديث أبي جناب الكلبي ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن ابن عباس وأبو جناب الكلبي ، واسمه يحيى بن أبي حية ضعيف ، ورواية الضحاك عن ابن عباس فيها انقطاع .
(2) لفظ الترمذي : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا عبد الرزاق ، عن الثوري عن يحيى بن أبي حية عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . هكذا روى ابن عيينة وغير واحد هذا الحديث عن أبي جناب عن الضحاك عن ابن عباس قوله ولم يرفعه ، وهذا أصح من رواية عبد الرزاق ، وأبو جناب القصاب ، اسمه يحيى بن أبي حية ، وليس هو بالقوي في الحديث .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3316) قال حدثنا عبد بن حميد ، قال : حدثنا جعفر بن عون قال : أخبرنا أبو جناب الكلبي عن الضحاك عن ابن عباس قال فذكره.

سورة التغابن
851 - (خ) علقمة بن قيس -رحمه الله - : قال : شَهِدْنا عِنْدَ عبد الله بن مسعودٍ -رضي الله عنه- وعرَضَ المصاحِفَ ، فأتَى على هذه الآية : {ومن يُؤمِنْ باللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن : 11] قال : هي الْمصِيباتُ تُصيبُ الرَّجُلَ ، -[396]- فيعلم أنها من عند الله ، فَيُسَلِّمُ ويَرْضى. أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 500 في تفسير سورة التغابن تعليقاً ، قال الحافظ : هذا التعليق وصله عبد الرزاق عن ابن عيينة عن الأعمش عن أبي ظبيان عن علقمة مثله ، لكن لم يذكر ابن مسعود . وكذا أخرجه الفريابي عن الثوري وعبد بن حميد عن عمر بن سعد عن الثوري عن الأعمش ، والطبري من طرق عن الأعمش ، نعم أخرجه البرقاني من وجه آخر فقال : عن علقمة قال : " شهدنا عنده - يعني عند عبد الله - عرض المصاحف ، فأتى على هذه الآية {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} قال : هي المصيبات تصيب الرجل ، فيعلم أنها من عند الله ، فيسلم ويرضى " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري تعليقا في التفسير - باب سورة التغابن.
وقال الحافظ في (الفتح) وصله عبد الرزاق عن ابن عيينة عن الأعمش عن أبي ظبيان ، عن علقمة مثله ، لكن لم يذكر ابن مسعود،وكذا أخرجه الفريابي عن الثوري وعبد بن حميد ،عن عمر بن سعد عن الثوري ، عن الأعمش ، والطبري من طريق عن الأعمش ، نعم أخرجه البرقاني من وجه آخر فقال : (عن علقمة قال : شهدنا عنده - يعني عند عبد الله - عرض المصاحف فأتى على هذه الآية {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} قال : هي المصيبات تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم ويرضي) وعند الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : المعنى يهدي قلبه لليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

852 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : سُئِلَ عن هذه الآية {يا أيُّها الذين آمنوا إنَّ من أَزواجِكم وأَولادكُم عَدُوًّا لكم فَاحذَروهم} ؟ [التغابن : 14] قال : هؤلاء رجالٌ أسلموا من مكة، وأرادوا أنْ يأتُوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فأبى أزواجُهُمْ وأولادُهم أنْ يَدْعُوُهم أنْ يأْتُوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أتَوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رأُوُا النَّاسَ قد فَقُهُوا في الدين ، هَمُّوا أنْ يُعاقِبوهُم ، فأنزل الله عز وجل {يا أيُّها الذين آمنوا إنَّ من أزواجِكم وأولادكُم عَدُوًّا لكم فاحْذَرُوهم...} الآية. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3314) في التفسير ، باب ومن سورة التغابن ، من حديث إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس ، وسماك بن حرب صدوق ، إلا في روايته عن عكرمة فإنها مضطربة ، ومع ذلك فقد قال الترمذي : هذا حديث صحيح ، وذكره ابن كثير ، من رواية ابن أبي حاتم وابن جرير والطبراني من حديث إسرائيل به .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3317) قال حدثنا محمد بن يحيى قال : حدثنا محمد بن يوسف قال : حدثنا إسرائيل قال حدثنا سماك بن حرب عن عكرمة فذكره.

سورة الطلاق
853 - (ط) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - : قَرأ {يا أيها -[397]- النبيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِقُبلِ (1) عِدَّتِهِنَّ} [الطلاق : 1] قال مالك - رحمه الله- : يعني بذلك: أنْ يُطَلِّقَ في كلِّ طُهْرٍ مَرَّة. أخرجه الموطأ (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قُبُل) الشيء : ما أقبل منه. أي فطلقوهن مستقبلات عدتهن.
__________
(1) قال النووي : هذه قراءة ابن عباس وابن عمر وهي شاذة لا تثبت قرآناً بالإجماع ، ولا يكون لها حكم خبر الواحد عندنا وعند محققي الأصوليين . وقال الزرقاني : وهذه القراءة على التفسير لا للتلاوة .
(2) 2 / 587 في الطلاق ، باب جامع الطلاق ، وإسناده صحيح ، وفي رواية مسلم رقم (1470) في الطلاق ، قال ابن عمر : وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم : {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده صحيح : أخرجه مالك (الموطأ) 1281 في الطلاق - باب جامع الطلاق قال : عبد الله بن دينار ، فذكره.

854 - (س) ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قول الله عزَّ وجلَّ {يا أيها النبيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لعِدَّتِهِنَّ} قال ابن عباس : قُبُلِ عدَّتهنَّ. أخرجه النسائي (1) .
__________
(1) 6 / 139 و 140 في الطلاق ، باب وقت الطلاق للعدة ، وإسناده صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه النسائي (6/139 ، 140) قال أخبرنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن الحكم قال سمعت مجاهدا يحدث عن ابن عباس فذكره.

سورة التحريم
855 - (خ م د س) عائشة - رضي الله عنها - : قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ العَسلَ والحَلْوَاءَ ، وكان إذا انصرف من العَصْرِ دخلَ على نسائه فيدنُو من إحداهُنَّ ، فَدَخَلَ على حفصةَ بنتِ عمر ، فاحْتبسَ أكثر مما كان يحتبس ، فَغِرْتُ -[398]- فسألتُ عن ذلك ؟ فقيل لي: أهْدتْ لها امرأةٌ من قومها عُكَّة من عسلٍ ، فَسَقَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم منهُ شَرْبَة ، فقلتُ : أما واللهِ لَنَحتْالنَّ له ، فقلتُ لسودةَ بنتِ زَمْعةَ : إِنهُ سَيدنو مِنكِ ، إذا دنا منْكِ فَقولي له: يا رسولَ الله أكلتَ مَغَافيرَ ؟ فإنه سيقُولُ لك : لا ، فقولي له : ما هذه الريح التي أجد ؟ - زاد في رواية : وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَشْتَدُّ عليه أنْ يوجد منهُ الريحُ - فأنهُ سيقولُ لك: سقَتْني حفصةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ ، فقولي له : جَرَسَتْ نَحلُهُ العُرْفُطَ ، وسأَقولُ ذلك ، وقُولي أَنْتِ يا صفيَّة مثل ذلك ، قالت : تقولُ سَوْدَةُ : فَوَالله الَّذِي لا إلهَ إلا هو ، ما هوَ إلا أن قام على البابِ ، فأردتُ أنْ أُبادِئَهُ بما أمَرَتْني فَرَقاً منكِ ، فلمَّا دَنا منها قالتْ له سَوْدةُُ : يا رسولَ الله ، أَكَلْتَ مَغَافيَر ؟ قال : «لا» قالت : فما هذه الريحُ التي أجِدُ منك ؟ قال : «سَقَتْني حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَل» فقالت : جَرَستْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ ، فلما دارَ إِليَّ ، قلت له نحو ذلك ، فلمَّا دارَ إلى صَفِيَّةَ ، قالت له مثل ذلك ، فلما دار إلى حَفْصَةَ ، قالت : يا رسولَ الله، أَلا أسقيك منه ؟ قال : «لا حاجَةَ لِي فِيهِ» قالت : تقولُ سودَةُ : والله لقد حَرَّمْنَاهُ ، قلتُ لها : اسْكُتي.
وفي رواية قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يمكُثُ عندَ زينبَ بنتِ جَحْشٍ ، فيَشْرَبُ عندَها عسلاً ، قالت : فَتَواطَأت أَنا وحفصةُ ، أَنَّ أيَّتنا مَا دَخَلَ عليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فَلْتَقُلْ له : إِنِّي أِجِدُ منك ريحَ مَغَافيرَ ، أَكَلْتَ مَغَافيرَ ؟ فدخل على إحداهما ، فقالت ذلك له ، فقال: بل شَرِبْتُ عسل عند -[399]- زينب بنت جحش (1) ، ولن أَعودَ له ، فنزل {يا أَيُّها النبيُّ لِمَ تَحرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لك} [التحريم : 1] {إنْ تَتُوبا إلى اللَّه} [التحريم : 4] لعائشة وحفصة {وإذْ أسَرَّ النبيُّ إلى بعض أَزواجهِ حديثاًً} [التحريم : 3] لقوله : بل شربتُ عسلاً ولن أعود له ، وقد حَلَفتُ ، فلا تُخْبِرِي بذلك أحداً. أخرجه البخاري، ومسلم ، وأبو داود. وأخرج النسائي الرواية الثانية (2) . -[400]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عكة) العكة : الظرف الذي يكون فيه العسل.
(مغافير) المغافير بالفاء والياء : شيء ينضجه العرفط ، حلو كالناطف وله ريح كريهة.
(جرست العرفط) جرست النحل العرفط : إذا أكلته ، ومنه قيل للنحل : جوارس ، والعرفط : جمع عرفطة ، وهو شجر من العضاه زهرته مدحرجة ، والعضاه : كل شجر يعظم وله شوك كالطلح والسمر والسلم ونحو ذلك.
(فَرَقاً) الفرق : الفزع والخوف.
__________
(1) وهذه الرواية من طريق عبيد بن عمير عن عائشة ، في " الصحيحين " أيضاً من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ، وفيه أن شرب العسل كان عند حفصة بنت عمر ، قال الحافظ : وأخرج ابن مردويه من طريق ابن أبي مليكة عن ابن عباس أن شرب العسل كان عند سودة ، وأن عائشة وحفصة هما اللتان تواطأتا على وفق ما في رواية عبيد بن عمير ، وإن اختلفا في صاحبة العسل ، وطريق الجمع بين هذا الاختلاف الحمل على التعدد ، فلا يمتنع تعدد السبب للأمر الواحد ، فإن جنح إلى الترجيح ، فرواية عبيد بن عمير أثبت لموافقة ابن عباس لها ، على أن المتظاهرتين حفصة وعائشة على ما تقدم في التفسير ، وفي الطلاق من جزم عمر بذلك ، فلو كانت حفصة صاحبة العسل لم تقرن في التظاهر بعائشة ، لكن يمكن تعدد القصة في شرب العسل وتحريمه ، واختصاص النزول بالقصة التي فيها أن عائشة وحفصة هما المتظاهرتان ، ويمكن أن تكون القصة التي وقع فيها شرب العسل عند حفصة كانت سابقة ، ويؤيد هذا الحمل أنه لم يقع في طريق هشام بن عروة التي فيها : أن شرب العسل كان عند حفصة تعرض للآية ، ولا يذكر سبب النزول ، والراجح أيضاً أن صاحبة العسل زينب لا سودة ، لأن طريق عبيد بن عمير أثبت من طريق ابن أبي مليكة بكثير ، ولا جائز أن تتحد بطريق هشام بن عروة ، لأن فيها أن سودة كانت ممن وافق عائشة على قولها : أجد ريح مغافير ، ويرجحه أيضاً ما ثبت عن عائشة أن نساء النبي كن حزبين ، أنا وسودة وحفصة وصفية في حزب ، وزينب بنت جحش وأم سلمة والباقيات في حزب ، فهذا يرجح أن زينب هي صاحبة العسل ، ولهذا غارت منها لكونها من غير حزبها والله أعلم .
(2) البخاري 9 / 331 و 332 و 333 في الطلاق ، باب قوله تعالى : {لم تحرم ما أحل الله لك} ، وفي النكاح ، باب دخول الرجل على نسائه في اليوم ، وفي الأطعمة ، باب الحلواء والعسل ، وفي الأشربة ، باب البازق ومن نهى عن كل مسكر ، وباب شراب الحلواء والعسل ، وفي الطب ، باب الدواء بالعسل -[400]- وفي الحيل ، باب ما يكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر ، ومسلم رقم (1474) في الطلاق ، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق ، وأبو داود رقم (3715) في الأشربة ، باب شراب العسل ، والنسائي 6 / 151 و 152 في الطلاق ، باب قول الله عز وجل : {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1-أخرجه أحمد (6/59) . و (عبد بن حميد) 1489. و (البخارى) (7/100) قال : حدثني إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. وفي (7/140) قال : حدثنا عبد الله بن أبي شيبة.وفي (7/143 ، 159) قال : حدثنا علي بن عبد الله.وفي (9/33) قال : حدثنا عبيد بن إسماعيل. و (مسلم) (4/185) قال : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء وهارون بن عبد الله. و (أبو داود) (3715) قال : حدثنا الحسن بن علي.و (ابن ماجة) (3323) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. وعلي بن محمد وعبد الرحمان بن إبراهيم. و (الترمذي) (1831) . وفي الشمائل (163) قال :حدثنا سلمة بن شبيب ومحمود بن غيلان وأحمد بن إبراهيم الدورقي. و (النسائى) في الكبرى (تحفة الأشراف) 12/16796 عن إسحاق بن إبراهيم (ح) وعن عبيد الله بن سعيد. جميعهم - أحمد بن حنبل ، وعبد بن حميد ، وإسحاق ، وأبوبكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، وعلي بن عبد الله ، وعبيد بن إسماعيل ، وأبوكريب ، وهارون ، الحسن ،وعلي بن محمد، وعبد الرحمان ابن إبراهيم ،وسلمة ، ومحمود ،وأحمد بن إبراهيم ، وعبيد الله بن سعيد - عن أبي أسامة.
2- وأخرجه الدارمي (2081) قال : حدثنا فروة بن أبي المغراء. و (البخارى) (7/،44 57) قال حدثنا فروة بن أبي المغراء. و (مسلم) 4/185 قال : حدثنيه سويد بن سعيد. كلاهما -فروة ، سويد - قالا : حدثنا علي بن مسهر.
3-وأخرجه النسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) 12/16793 عن محمد بن عبيد الكوفي ، عن حفص بن غياث.
ثلاثتهم - حماد بن أسامة أبو أسامة ، و علي بن مسهر ، وحفص بن غياث- عن هشام بن عروة ، عن أبيه، فذكره.
(*) الروايات مطولة ومختصرة..
(*) جاء في صحيح مسلم عقب هذا الحديث : قال : أبو إسحاق إبراهيم (راوي الصحيح عن مسلم) : حدثنا الحسن بن بشر بن القاسم قال حدثنا أبو أسامة ،بهذا سواء.
والرواية الثانية أخرجها أحمد (6/131) قال : حدثنا عفان.وفي (6/261) قال : حدثنا يونس.كلاهما -عفان، ويونس - قالا: حدثنا حماد بعني ابن سلمة ، عن ثابت عن شميسة ، فذكرته.
(*) قال عفان عقب روايته.حدثنيه حماد ، عن شميسة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم سمعته بعد يحدثه عن شميسة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال بعد في حج أو عمرة قال : ولا أظنه إلا قال : في حجة الوداع.
* أخرجه أحمد (6/338) قال : حدثنا عفان. و (أبو داود) (4602) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل. كلاهما - عفان ، وموسى بن إسماعيل - قالا : حدثنا حماد يعني ابن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن سمية فذكرته.

856 - (خ م ت س) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : لم أزلْ حَريصاً على أنْ أسْأَلَ عُمرَ بنَ الخطابِ عن المرأتينِ من أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَيْنِ قال الله عز وجل : {إِنْ تَتُوبا إلى اللَّهِ فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما} (1) حتى حَجَّ عمرُ ، وحَجَجْتُ مَعهُ ، فلما كان بِبعضِ الطريقِ عَدَلَ عمرُ ، وعَدَلْتُ -[401]- مَعهُ بالإِدَاوِة ، فَتَبَرَّزَ ثمَّ أتاني ، فسكبتُ على يَدَيْهِ ، فَتَوَضَّأَ ، فقلتُ : يا أمير المؤمنين ، مَنِ المرأتانِ من أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتانِ قال الله عز وجل : {إنْ تَتُوبا إلى اللَّه فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما} ؟ فقال عمرُ : واعجباً لكَ يا ابْن العباس ! قال الزهريُّ : كَرِهَ واللهِ ما سأله عَنْهُ ولم يكْتُمْه ، فقال : هُما عائشَةُ وحفْصَةُ ، ثم أخَذَ يسُوقُ الحديثَ - قال : كُنَّا معْشَرَ قُرَيْش قَوْماً نَغْلِبُ النِّساءَ ، فلمَّا قَدِمْنا المدينَةَ ، وجدْنا قوماً تغْلِبُهُمْ نِساؤُهُمْ ، فَطَفِقَ نِساؤُنا يتَعَلَّمْنَ من نِسائِهِمْ ، قال : وكان مَنْزِلي في بني أُمَيَّةَ بن زيْدٍ بالعَوَالي ، فَتَغَضَّبْتُ يوماً على امْرَأَتِي ، فإِذا هي تُراجِعُني ، فأنكَرْتُ أنْ تُراجِعَني ، فقالت : ما تُنْكِرُ أنْ أُراجعَك ، فو اللهِ، إِن أزْواجَ النبي صلى الله عليه وسلم لُيرَاجِعْنَهُ ، وتَهْجُرُهُ إحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إلى اللَّيْلِ ، فانْطَلَقْتُ ، فدَخلْتُ على حَفْصَةَ ، فَقُلتُ : أتُراجِعِينَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : نعم ، فقلتُ : أَتَهْجُرُهُ إِحْداكُنَّ الْيَوْمَ إلى اللَّيْلِ ؟ قالت : نعم ، قُلْتُ : قَدْ خابَ مَنْ فَعَلَ ذلك مِنْكُنَّ وخَسِرَتْ ، أفَتَأَْمَنُ إِحْداكُنَّ أنْ يغْضَبَ اللهُ عليها لِغَضَبِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ؟ فإِذا هيَ هَلَكَتْ ، لا تُراجعي رسولَ الله ، ولا تسْأَليه شَيْئاً ، وسَلينيِ ما بَدَالك ، ولا يغُرَّنَّكِ أنْ كانت جارَتُكِ هي أوْسَمُ (2) وأحبُّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منكِ - يريِد عائشَةَ - وكان لي جارٌ من الأنصار ، فكُنَّا نتَنَاوَبُ النزولَ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فينزلُ يوماً ، وأَنزِلُ يوماً ، فيَأْتِيني بِخَبَرِ -[402]- الوَحْيِ وغيره ، وآتِيهِ بِمثِلِ ذلك وكُنَّا نتحدثُ : أنَّ غسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِتَغْزُونَا ، فَنزَلَ صاحبي ، ثُمَّ أتَانِي عِشاء ، فضَرَبَ بابِي ، ثم ناداني ، فخرجتُ إليه ، فقال : حَدَثَ أمْرٌ عظيمٌ ، فقلتُ : ماذا ؟ جاءتْ غَسَّانُ ؟ قال : لا، بلْ أعظمُ من ذَلِكَ وأهْوَلُ ، طَلَّقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نساءهُ ، قلتُ : وقد خَابَتْ حَفْصَةُ وخَسِرَتْ ، وقد كُنْتُ أَظُنُّ هذا يُوشكُ أن يكونَ ، حتى إذا صَلَّيْتُ الصبحَ شَدَدْتُ عليَّ ثيابي ، ثم نزلتُ ، فدخلتُ على حَفْصَةَ ، وهي تبكي ، فقلتُ : أطَلَّقكُنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : لا أَدري ، هو هذا مُعْتَزِلٌ في هذه المشرُبةِ ، فأتيتُ غلاماً له أسودَ ، فقلت : اسْتأذِنْ لعمر ، فدخلَ ثم خرج إليَّ ، قال : قد ذكرتكَ له فَصَمَتَ ، فانطلقتُ حتى إذا أتيتُ المنبرَ ، فإذا عنده رهْطٌ جلوسٌ ، يبكي بعضُهم ، فجلستُ قليلاً ، ثم غلبني ما أجِدُ ، فأتيتُ الغلامَ ، فقلتُ : استأذنْ لعمرَ ، فدخلَ ثم خرجَ إليَّ ، فقال : قد ذكرْتُكَ له فصَمَتَ ، فخرجتُ فجلستُ إلى المنبر ، ثم غلبني ما أجدُ ، فأتيتُ الغلامَ ، فقلتُ : استأذنْ لعمرَ ، فدخلَ ثم خرجَ فقال : قد ذكرْتُكَ له فصَمَتَ ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِراً ، فإذا الغلام يدعوني ، فقال : ادخل فقد أذن لك ، فدخلت ، فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو مُتِّكىءٌ على رِمَالِ حَصِيرٍ ، قد أثَّرَ في جنبِه ، فقلتُ : أطلَّقتَ يا رسولَ اللهِ نِساءكَ ؟ فرفع رأسه إليَّ ، فقال : لا ، فقلت : الله أكبر ، لو رأيتَنا يا رسولَ الله، وكُنَّا معشر قريشٍ نغلِبُ النساء ، فلمَّا قَدِمْنا المدينَةَ وجدْنا قوماً تغْلِبُهُمْ نِساؤُهُمْ ، فطفِقَ نساؤنا يتعلَّمْنَ من نسائهم ، فتغضَّبْتُ على امرأَتي يوْماً ، فإذا هي -[403]- تراجعُني ، فأنكرتُ أن تَراجعني ، فقالت : ما تُنكرُ أن أُراجعَكَ ؟ فو اللهِ إنَّ أزواجَ رسولِ الله لَيُرَاجِعْنَهُ ، وتَهْجُرُهُ إِحداهنَّ اليومَ إِلى الليلِ ، فقْلتُ : قد خابَ مَنْ فعلَ ذلكَ منهنَّ وخسِرَ ، أَفتأْمَنُ إِحداهنَّ أنْ يَغْضبَ اللهُ عليها لِغضبِ رسولِ الله، فإِذا هِيَ قَدْ هلكت؟ فتبسَّمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: يا رسول الله ، قد دَخَلْتُ على حفصةَ فقلتُ : لا يغُرَّنَّكِ أَنْ كانت جارتُكِ هي أوسمُ وأَحبُّ إِلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم منكِ ، فتبسَّم أُخرى. فقلتُ : استأنِس يا رسولَ الله ؟ قال : نعم ، فجلستُ ، فرفعتُ رأْسي في البيتِ، فو الله ما رأَيتُ فيه شيْئاً يَرُدُّ البصرَ ، إِلا أُهبَة ثلاثة، فقلتُ: يا رسولَ الله ، ادعُ اللهَ أَن يُوسِّعَ على أُمَّتك ، فقد وسَّعَ على فارسَ والروم ، وهم لا يعْبُدُون اللهَ. فاستوى جالساً ، ثم قال : أَفي شكٍّ أَنتَ يا ابنَ الخطاب؟ أَولئك قومٌ عُجِّلتْ لهم طيِّباتُهم في الحياة الدنيا ، فقلتُ : استغفرْ لي يا رسولَ اللهِ ، وكان أقسَمَ أَلاَّ يدخُلَ عليهنَّ شهراً من أَجلِ ذلك الحديث، حين أفشَتْهُ حفصةُ إِلى عائشة ، من شدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عليهن حتى عاتبهُ اللهُ تعالى. قال الزهري: فأخبرني عُروةُ عن عائشة قالت : لما مضت تسعٌ وعشرونَ ليلة ، دخل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، بدأَ بي ، فقلتُ : يا رسول الله ، إِنك أَقْسَمْتَ أَنك لا تدخل عليْنا شهراً ، وإِنَّكَ دخلت من تسعٍ وعشرينَ أَعُدُّهُنَّ ؟ فقال : إِنَّ الشهر تسعٌ وعشرون - زاد في رواية : وكان ذلك الشهر تسعاً وعشرين ليلة ، ثم قال : يا عائشة إِنِّي ذاكِرٌ لكِ أمراً ، فلا علْيكِ أن لا تعجلي حتى تستأمِري أَبويكِ، ثم قرأَ : {يا أَيُّها النبيُّ قُلْ لأَزواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحياةَ الدُّنيا وزينتها -[404]- فَتَعَالَيْنَ أُمتِّعْكُنَّ وأُسرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جميلاً . وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ ورسولَهُ والدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أجراً عظيماً} قالت عائشة : قد عَلِمَ والله أَنَّ أبويَّ لم يكونا لِيأْمُراني بِفِراقِهِ ، فقلتُ: أَفي هذا أَستأمرُ أَبويَّ ؟ فإني أُريدُ اللهَ ورسوله ، والدار الآخرة.
وفي روايةٍ : أنَّ عائشةَ قالت: لا تُخبِرْ نِساءكَ أَني اختَرْتُكَ ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللهَ أَرسلني مُبَلِّغاً ، ولم يُرْسِلْني مُتَعَنِّتاً» ، هذه رواية البخاري، ومسلم ، والترمذي.
ولمسلم أَيضاً نحوُ ذلك ، وفيه : «وذلك قبل أَن يؤمَرْن بالحجابِ» .
وفيه : دخولُ عمرَ على عائشةَ وحفصة ولوْمُهُ لهما ، وقوله لحفصةَ : «واللهِ لقد علمتُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لا يُحِبُّكِ ، ولولا أَنا لطَلَّقَكِ» .
وفيه : قولُ عمر عند الاستئذان - في إِحدى المرات - يا رباحُ ، استأْذِنْ لي ، فإني أُظُنُّ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ظنَّ أني جئتُ من أَجل حفصة ، والله لئن أمرني أن أضرِبَ عُنُقَها ، لأضرِبَنَّ عُنُقَها ، قال : ورفعتُ صوتي، وأنهُ أذِنَ له عند ذلك ، وأَنهُ استأْذَنَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في أَن يخبر الناسَ أنهُ لم يُطلِّقْ نساءهُ ، فأذِنَ له ، وأنهُ قام على بابِ المسجدِ ، فنادى بأعلى صوتِهِ : لم يُطَلِّقْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نساءهُ ، وأَنَّهُ قال له - وهو يَرى الغضبَ في وَجهه- : يا رسولَ اللهِ ، ما يشُقُّ عليك من شأنِ النساءِ ، فإنْ كنتَ طلَّقْتَهُنَّ ، فإنَّ اللهَ مَعَكَ ، وملائكتَهُ وجبريلُ ، وميكائيلُ ، وأنا وأَبو بكرٍ والمؤمنون معكَ ، -[405]- قال : وقَلَّمَا تكلَّمْتُ - وأحمدُ الله - بكلامٍ ، إِلا رجوتُ أن يكونَ اللهُ يُصدِّقُ قولي الذي أَقولُ ، فنزلت هذه الآية ، آية التخيير : {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزواجاً خَيراً مِنكُنَّ مُسلماتٍ مُؤْمِنَاتٍ قانتَاتٍ تَائِباتٍ عابِدَاتٍ سائحاتٍ ثيِّباتٍ وأَبكاراً} .
وفيه أنه قال : فلم أزلْ أُحدِّثُهُ ، حتى تحسَّر الغضبُ عن وجهه وحتى كشَرَ فضحِك - وكان من أَحسن الناسِ ثغْراً - قال : ونزلتُ أَتشبَّثُ بالجِذْع وهو جذعٌ يَرْقَى عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وينْحَدِرُ ، ونزلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشي على الأرضِ ، ما يمسُّهُ بيدهِ. فقلتُ : يا رسولَ الله ، إِنَّمَا كُنتَ في الغرفةِ تسعاً وعشرين ؟ فقال : إِنَّ الشهرَ يكون تسعاً وعشرين ، قال : ونزلت هذه الآية : {وَإِذا جَاءهُم أَمرٌ مِن الأمنِ أو الخَوفِ أَذاعوا بهِ ولو رَدُّوه إِلى الرسولِ وإِلى أُولي الأَمرِ منهم لَعَلِمَهُ الذين يسْتَنْبِطونهُ منهم} [النساء: 83] قال : فكنتُ أنا الذي استنْبَطْتُ ذلك الأمر ، فأنزل الله عز وجلَّ آية التخيير.
وفي رواية للبخاري ومسلم قال : مكَثْتُ سنة أريدُ أَن أَسأَل عمر بن الخطاب عن آيةٍ ، فما أستطيعُ أَن أَسأَلَهُ ، هَيْبَة له ، حتى خرجَ حاجّاً، فخرجتُ معه ، فَلَمَّا رجعنا - وكنا بِبعْضِ الطريق - عَدَلَ إِلى الأراك لحاجةٍ له فوقفتُ له حتى فرغَ ، ثم سِرتُ معه ، فقلتُ : يا أَمير المؤمنين ، مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أَزواجه ؟ فقال : تلكَ حفصة وعائشةُ ، فقلتُ : والله إِنْ كُنتُ لأُريدُ أَنْ أَسأَلكَ عن هذا مُنذُ سنةٍ ، فما أستطيعُ ،هَيْبة لك ، قال : فلا تفْعَلْ، ما ظَنْنتَ أَنَّ عندي من علم ، فسلني، فإن كان لي به علمٌ خَبَّرْتُكَ به ، ثم قال عمر : واللهِ -[406]- إِنْ كُنَّا في الجاهليةِ ما نَعُدُّ لِلنِّساءِ أمْراً ، حَتَّى أنزلَ اللهُ فيهنَّ ما أنْزَلَ ، وقَسَمَ لهنَّ ما قسم، قال : فبينا أَنا في أَمرٍ أَتأمَّرُه ، إِذْ قالت امرأتي : لو صنعتَ كذا وكذا ؟ فقلتُ لها : مالكِ ولِمَا هاهنا ! فيما تكلُّفُكِ في أَمرٍ أُرِيدُهُ ! فقالت لي : عجباً لك يا ابن الخطابِ ! ما تُريدُ أن تُراجَعَ أنتَ، وإنَّ ابنتكَ لتُرَاجِعُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ، حتى يظلَّ يومَهُ غضبان ؟ فقام عمر ، فأخذ رداءهُ مكَانَهُ ، حتى دخلَ على حفصةَ ، فقال لها : يا بُنيَّةُ ، إِنَّكِ لتراجعِين رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظلَّ يومَهُ غضبان؟ فقالت حفصةُ : واللهِ إِنَّا لنُراجِعُهُ ، فقلتُ : تعلمينَ أَني أُحذِّركِ عقوبةَ اللهِ ، وغضب رسولِهِ ؟ يا بُنيَّةُ ، لا يَغُرنَّكِ هذه التي أَعجَبَهَا حُسْنُهَا ، وحُبُّ رَسولِ اللهِ إِيَّاهَا - يُريدُ عائشةَ - قال : ثُمَّ خرجتُ ، حتى دخلتُ على أُم سلمةَ لقرابتي منها ، فكلَّمتُها ، فقالت أُمُّ سلمة: عجباً لكَ يا ابنَ الخطَّاب! ، دخلْتَ في كلِّ شيءٍ ، حتى تبتغي أَن تَدْخُلَ بين رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَبَين أَزواجِهِ ؟ قال : فأَخَذَتْني واللهِ أَخْذاً كَسَرَتْني بهِ عن بَعْضِ مَا كُنتُ أَجِدُ، فخرجتُ من عندها. وكان لي صاحبٌ من الأنصارِ ، إِذا غِبتُ أتاني بالخبر،وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر ، ونحن نتخوف مَلِكاً من ملوك غسان ذُكِرَ لنا : أنه يريدُ أن يسيرَ إِلينا ، فقد امتلأتْ صُدورنا منه ، فإِذا صاحبي الأنصاريُّ يَدُقُّ البابَ. فقال : افتحْ ، افتحْ ، فقلتُ : جاءَ الغسانيُّ؟ فقال: بل أشدُّ من ذلك ، اعتزلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أزواجَهُ، فقلت: رَغِمَ أنفُ حفصةَ وعائشة، فأخذتُ ثوبي فأخرجُ حتى جِئتُ ، فَإِذا -[407]- رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في مشرُبةٍ له، يَرْقى عليها بعجلةٍ ، وغلامٌ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - على رأس الدرجةِ، فقلتُ : قلْ : هذا عمرُ بن الخطاب ، فَأَذِنَ لي ، قال عمر : فَقَصَصْتُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث، فلما بَلَغْتُ حديثَ أُمِّ سلمةَ ، تبسَّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإِنَّهُ لعلى حصيرٍ ، ما بينَهُ وبينَهُ شيءٌ، وتحت رأسه وسادةٌ من أَدم ، حشْوُها ليفٌ ، وإِن عند رجليْهِ قَرظاً مصْبُوراً ، وعند رأْسِهِ أَهَبٌ مُعلَّقةٌ، فرأيتُ أَثَرَ الحصير في جنْبِهِ ، فبكَيتُ. فقال : ما يُبكيك؟ فقلتُ : يا رسولَ الله ، إِن كسرى وقيصر فيما هما فيه ، وأنت رسولُ الله؟ ! فقال : «أَما ترضى أَن تكونَ لهم الدنيا، ولنا الآخرة ؟» .
وأخرجه النسائي مجملاً ، وهذا لفظهُ: قال ابن عباس : لم أزلْ حريصاً أَن أسأَلَ عُمرَ بن الخطاب عن المرأَتين من أَزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللَّتين قال الله عز وجل : {إِنْ تَتُوبَا إِلى اللهِ فقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] وساق الحديث. هكذا قال النسائي، ولم يذكر لفظه ، وقال : واعتزل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نساءهُ - من أجل ذلك الحديث ، حين أَفشَتْهُ حفصةُ إِلى عائشةَ - تسعاً وعشرين ليلة، قالت عائشةُ: وكان قال: ما أَنا بداخلٍ عليهنَّ شهراً ، من شدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عليهنَّ حينَ حدَّثهُ اللهُ - عزَّ وجلَّ - حديثَهُنَّ ، فلما مضت تِسعٌ وعشرون ليلة دخل على عائشة فبدأَ بها ؛ فقالت له عائشة : قد كنتَ آليتَ يا رسولَ الله ، أَن لا تدخُلَ علينا شهراً ، وإِنَّا أصبحنا من تِسعٍ وعشرين ليلة ، نعدُّها عَدّاً؟ -[408]- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «الشهر تِسعٌ وعشرون ليلة» (3) . -[409]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(العوالي) جمع عالية : وهي أماكن بأعلى أراضي المدينة.
(صغت) قلوبكما : مالت.
(جارتك) الجارة هاهنا : الضرة ،أراد بها عائشة رضي الله عنها.
(أوسم منك) أكثر منك حسناً وجمالاً، والوسامة : الحسن والجمال.
(أوضأ منك) أكثر منك وضاءة، والوضاءة : الحسن والنظافة، ومنه الوضوء.
(نتناوب) التناوب : هو أن تفعل الشيء دفعة ويفعله الآخر دفعة أخرى ، مرة بعد مرة.
(المشربة) بضم الراء وفتحها : الغرفة.
(رمال حصير) يقال : رملت الحصير : إذا ضفرته ونسجته ، والمراد : أنه لم يكن على السرير وطاء سوى الحصير.
(نقير) النقير : جذع ينقر ، ويجعل فيه كالمراقي، يصعد عليه -[410]- إلى الغرف.
(أهبة، وأهب) الأهب : جمع إهاب، كذلك الأهبة، والإهاب الجلد، ويجمع أيضا على أهب بالضم.
(الموجدة) الغضب.
(تحسر) الغضب ، أي : انكشف وزال.
(كشَرَ) عن أسنانه ، أي: كشف.
(أتأمَّره) التأمر : تدبر الشيء والتفكر فيه، ومشاورة النفس في شأنه.
(قرظاً) القرظ : ورق السلم ، يدبغ به الجلود.
(مصبوراً) المصبور :المجموع ، أي: جُعِل صبرة كصبرة الطعام.
__________
(1) نقل القرطبي في تفسيره 6 / 173 و 174 قال الخليل بن أحمد والفراء : كل شيء يوجد من خلق الإنسان إذا أضيف إلى اثنين جمع . تقول : هشمت رؤوسهما وأشبعت بطونهما ، و {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} ، ولهذا قال : {فاقطعوا أيديهما} ولم يقل : يديهما .
(2) " أن كانت " بفتح الهمزة ، والمراد بالجارة هنا : الضرة ، و " أوسم " أحسن وأجمل ، والوسامة : الجمال .
(3) البخاري 8 / 503 و 504 في تفسير سورة التحريم ، باب {تبتغي مرضاة أزواجك} ، وفي المظالم ، باب الغرفة والعلية المشرفة ، وفي النكاح ، باب موعظة الرجل ابنته لحال زواجها ، وباب حب الرجل بعض نسائه أفضل من بعض ، وفي اللباس ، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجوز من اللباس والبسط ، وفي خبر الواحد ، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق ، وباب قول الله تعالى : {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} ، ومسلم رقم (1479) في الطلاق ، باب الإيلاء واعتزال النساء ، والترمذي رقم (3315) في التفسير ، باب ومن سورة التحريم ، والنسائي 4 / 137 و 138 في الصوم ، باب كم الشهر . وفي الحديث من الفوائد : سؤال العالم عن بعض أمور أهله وإن كان عليه فيه غضاضة إذا كان في ذلك سنة تنقل ومسألة تحفظ ، وفيه توقير العالم ومهابته عن استفسار ما يخشى من تغيره عند ذكره ، وترقب خلوات العالم ليسأل عما لعله لو سئل عنه بحضرة الناس أنكره على السائل ، وفيه أن شدة الوطأة على النساء مذموم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بسيرة الأنصار في نسائهم وترك سيرة قومه ، وفيه تأديب الرجل ابنته وقرابته بالقول لأجل إصلاحها لزوجها ، وفيه سياق القصة على وجهها وإن لم يسأل السائل عن ذلك ، إذا كان في ذلك مصلحة من زيادة شرح وبيان ، لاسيما إذا كان العالم يعلم أن الطالب يؤثر ذلك ، وفيه البحث في العلم في الطرق والخلوات وفي حال القعود والمشي ، وفيه ذكر العالم ما يقع من نفسه وأهله بما يترتب عليه فائدة دينية وإن كان في ذلك حكاية ما يستهجن ، وجواز ذكر العمل الصالح لسياق الحديث على وجهه ، وبيان ذكر وقت التحمل ، وفيه الصبر على الزوجات والإغضاء عن خطابهن والصفح عما يقع منهن من ذلك في حق المرء دون ما يكون من حق الله تعالى ، وفيه جواز اتخاذ الحاكم عند الخلوة بواباً يمنع من يدخل إليه بغير إذنه ، وفيه أن للإمام أن يحتجب عن بطانته وخاصة عند الأمر يطرقه من جهة أهله حتى يذهب غيظه ويخرج إلى الناس وهو منبسط إليهم ، فإن الكبير إذا احتجب لم يحسن الدخول إليه بغير إذن ولو كان الذي يريد أن يدخل جليل القدر ، عظيم المنزلة عنده ، وفيه أن المرء إذا رأى صاحبه مهموماً استحب له أن يحدثه بما يزيل همه ويطيب نفسه ، لقول عمر : لأقولن شيئاً يضحك النبي صلى الله عليه وسلم ، ويستحب أن يكون ذلك بعد استئذان الكبير في ذلك ، كما فعل عمر ، وفيه التجمل بالثوب والعمامة عند لقاء الأكابر ، وفيه التناوب في مجلس العالم إذا لم تتيسر المواظبة على حضوره لشاغل شرعي من أمر ديني أو دنيوي ، وفيه أن الأخبار التي تشاع ولو كثر ناقلوها إن لم يكن مرجعها إلى أمر حسي من مشاهدة أو سماع لا تستلزم الصدق ، فإن جزم الأنصاري في رواية بوقوع التطليق ، وكذا جزم الناس الذين رآهم عمر عند المنبر بذلك محمول على أنهم شاع بينهم ذلك من شخص بناء على التوهم الذي -[409]- توهمه من اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم نساءه فظن لكونه لم تجر عادته بذلك أنه طلقهن فأشاع أنه طلقهن ، فشاع ذلك فتحدث الناس به ، وفيه أن الغضب والحزن يحمل الرجل الوقور على ترك التأني المألوف منه ، لقول عمر : ثم غلبني ما أجد ثلاث مرات ، وفيه كراهة سخط النعمة واحتقار ما أنعم الله به ولو كان قليلاً ، والاستغفار من وقوع ذلك ، وطلب الاستغفار من أهل الفضل ، وإيثار القناعة ، وعدم الالتفات إلى ما خص به الغير من أمور الدنيا الفانية .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1-أخرجه أحمد (1/33) (222) قال : حدثنا عبد الرزاق ،قال : أنبأنا معمر. و (البخاري) (1/33 7/36) قال : حدثنا أبو اليمان ، قال : أخبرنا شعيب. وفي (3/174) قال : حدثنا يحيى بن بكير ، قال : حدثنا الليث ، عن عقيل.و (مسلم (4/192) قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ومحمد بن أبي عمر. قال ابن أبي عمر : حدثنا. وقال إسحاق : أخبرنا عبد بن حميد ، قال : أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر. (الترمذي) (2461و3318) قال : حدثنا عبد بن حميد ، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر. و (النسائى) (4/137) قال : أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم ، قال : حدثنا عمي ، قال: حدثنا أبي ، عن صالح. (ح) وأخبرنا عمرو بن منصور ، قال : حدثنا الحكم بن نافع قال : أنبأنا شعيب. وفي الكبرى (تحفة الأشراف) (8/10507) عن محمد بن عبد الأعلى ، عن محمد بن ثور ، عن معمر. أربعتهم - معمر ،وشعيب ، وعقيل ، وصالح - عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور.
2- وأخرجه أحمد (339) قال : حدثنا سفيان. و (البخاري) (6/194 ، 7/44 ، 9/110) قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، قال : حدثنا سليمان بن بلال. وفي (6/196) قال : حدثنا علي ، قال : حدثنا سفيان.وفي (6/197) قال : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان.وفي (7/196) و (9/109) قال : حدثنا سليمان بن حرب. قال : حدثنا حماد بن زيد.و (مسلم) (4/190) قال : حدثنا هارون بن سعيد الأيلي ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ،قال : أخبرني سليمان ، يعني ابن بلال. وفي (4/191) قال حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا حماد بن سلمة. وفي (4/192) قال : حدثنا أ بو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب.قالا : حدثنا سفيان بن عيينة. أربعتهم - سفيان ، وسليمان ،وحماد بن زيد ، وحماد بن سلمة - عن يحيى عن سعيد ، عن عبيد بن حنين.
3- وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (835) قال حدثنا محمد بن المثنى. و (مسلم) (4/188) قال: حدثني زهير بن حرب.و (ابن ماجة) 4153 قال : حدثنا محمد بن بشار. و (الترمذي) 2691 قال: حدثنا محمود بن غيلان.و (ابن خزيمة) 1921 ، 78 21 قال :حدثنا محمد بن بشار.أربعتهم-ابن المثني، وزهير ، وابن بشار ، ومحمود - عن عمر بن يونس ، قال : حدثنا عكرمة بن عمار ، عن سماك الحنفي أبي زميل.
4- وأخرجه أبو داود (5201) قال : حدثنا عباس العنبري. و (النسائى) في عمل اليوم و الليلة (321) قال: أخبرنا الفضل بن سهل. كلاهما - عباس ، والفضل - قالا : حدثنا أسود بن عامر ، قال : حدثنا حسن بن صالح ، عن أبيه عن سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن جبير (مختصرا على السلام فقط) أربعتهم -عبيد الله ، وعبيد بن حنين ، وأبو زميل ، وسعيد -عن ابن عباس فذكره.
ورواه ابن عباس عن عمر بن الخطاب أن رسول الله طلق حفصة ثم راجعها أخرجه عبد بن حميد (43) قال: حدثني ابن أبي شيبة ،قال حدثنا يحيى بن آدم. و (الدارمي) (2269) قال : حدثنا إسماعيل بن خليل وإسماعيل بن أبان. و (أبو داود) (2283) قال : حدثنا سهل بن محمد بن الزبير العسكري و (ابن ماجة) (2016) قال : حدثنا سويد بن سعيد وعبد الله بن عامر بن زرارة ومسروق بن المرزبان.و (النسائي) (6/213) قال : أخبرنا عبدة بن عبد الله ، قال :أنبأنا يحيى بن آدم (ح) وأنبأنا عمرو بن منصور قال : حدثنا سهل بن محمد أبو سعيد.
سبعتهم - يحيى بن آدم ، وإسماعيل بن خليل ، وإسماعيل بن أبان ، وسهل، وسويد ، وعبد الله بن عامر ومسروق - عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن صالح بن صالح بن حي ، عن سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس. فذكره.

857 - (س) أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانتْ له أَمَةٌ يَطَؤُها، فلم تَزَلْ به عائشَةُ وحفصة حتى حرَّمَها على نَفْسِهِ ، فَأَنْزَلَ اللهُ : {يَا أيُّها النَّبيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ...} الآية. أخرجه النسائي (1) .
__________
(1) 7 / 71 في عشرة النساء ، باب الغيرة ، وإسناده قوي . وذكر ابن كثير في تفسيره 8 / 404 : عن الهيثم بن كليب قال : حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة : " لا تخبري أحداً ، وإن أم إبراهيم علي حرام " . فقالت : أتحرم ما أحل الله لك ؟ قال : " فوالله لا أقربها " قال : فلم يقربها حتى أخبرت عائشة ، قال فأنزل الله : {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} ، وهذا إسناد صحيح ، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة ، وقد اختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه " المستخرج " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه النسائي 7/71 وفي الكبرى (تحفة الأشراف -382) قال : في إبراهيم بن يونس بن محمد، حرمي وهو لقبه ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت فذكره.

سورة ن
858 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قوله تعالى : {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (1)} [ن: 13] قال رجلٌ من قريش : كانت له زَنَمَةٌ مثل زَنَمَة الشاة . أخرجه البخاري (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عتل) العتل : الفظ الغليظ ، وقيل : الجافي الشديد الخصومة.
(زنيم) الزنمة : الهناة المعلقة عند حلق المعزى ، وهما زنمتان ، والمراد بالزنيم : الدعي في النسب الملحق في القوم وليس منهم ، تشبيهاً له بالزنمة.
__________
(1) قال الحافظ في "الفتح " 8 / 467 : " العتل " قال الفراء : الشديد الخصومة . وقيل الجافي عن الموعظة . وقال أبو عبيدة : الفظ الشديد ، وقال الحسن : الفاحش الآثم . وقال الخطابي : الغليظ العنيف . وقال الداودي : السمين العظيم العنق والبطن . وقال الهروي : الجموع المنوع . و " الزنيم " الملصق في القوم ليس منهم . قال حسان :
وأنت زنيم نيط في آل هاشم ... كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
قال الحافظ في " الفتح " 8 / 508 : اختلف في الذي نزلت فيه ، فقيل : هو الوليد بن المغيرة ، ذكره يحيى بن سلام في تفسيره ، وقيل : الأسود بن عبد يغوث ، ذكره سنيد بن داود في تفسيره ، وقيل : الأخنس بن شريق ، ذكره السهيلي عن القعنبي ، وزعم قوم : أنه أبو الأسود ، وليس به ، وأبعد من قال : إنه عبد الرحمن بن الأسود ، فإنه يصغر عن ذلك ، وقد أسلم ، وذكر في الصحابة .
(2) 8 / 507 في تفسير سورة ن والقلم ، باب {عتل بعد ذلك زنيم} ، وقال الحافظ : زاد أبو نعيم في مستخرجه " في آخره يعرف بها " ، وفي رواية سعيد بن جبير عند الحاكم 2 / 499 : يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها ، وللطبري من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : نعت فلم يعرف حتى قيل : زنيم فعرف ، وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (4917) قال حدثنا محمود قال : حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي حصين عن مجاهد ، فذكره.

859 - (خ) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - : قال : سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يكْشِفُ ربُّنا عن ساقِهِ (1) ، فيسجُدُ له كُلُّ مؤمِنٍ ومُؤمِنَةٍ ، ويَبْقى من كان يسجُدُ في الدُّنيا رِياء وسُمْعَة ، فيذهبُ ليسجدَ ، فيعودُ ظَهرُهُ طَبَقاً واحداً» .
وأخرجه البخاري هكذا ، وهو طرف من حديث طويل ، وقد أخرجه هو ومسلم بطوله ، وهو مذكور في كتاب القيامة من حرف القاف (2) . -[413]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يكشف عن ساقه) الساق في اللغة : الأمر الشديد ، و (كشف الساق) مثل في شدة الأمر. وأصله في الروع ، كما يقال للأقطع الشحيح : يده مغلولة ، ولا يد ثم ولا غل ، وإنما هو مثل في البخل ، وكذلك هذا : لا ساق هناك ولا كشف (*) .
(طبقاً) الطبق : خرز الظهر ، واحدتها : طبقة ، يقال : صار فقارهم فقارة واحدة ، فلا يقدرون على السجود ، وقيل : الطبق : عظم رقيق يفصل بين الفقارين ، أي : صار الظهر عظماً واحداً
(رياء وسمعة) فعلت الشيء رياء وسمعة : إذا فعلته ليراك الناس ويسمعوك.
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 508 : " قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله : (يوم يكشف عن ساق) قال : من شدة أمر ، وعند الحاكم 2 / 499 ، 500 وصححه ووافقه الذهبي من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : هو يوم كرب وشدة ، قال الخطابي : فيكون المعنى : يكشف عن قدرته التي تنكشف عن الشدة والكرب . ووقع في هذا الموضع " يكشف ربنا عن ساقه " وهو من رواية سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم ، فأخرجها الإسماعيلي كذلك ، ثم قال في قوله : " عن ساق " نكرة ، ثم أخرجه من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم بلفظ : " يكشف عن ساق " قال الإسماعيلي : هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن في الجملة لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين ، تعالى الله عن ذلك ، ليس كمثله شيء " . وقال النووي في " شرح مسلم " : وفسر ابن عباس وجمهور أهل اللغة وغريب الحديث : الساق هنا : بالشدة . أي : يكشف عن شدة وأمر مهول .
وقال العيني في " شرح البخاري " 9 / 234 في باب يوم يكشف عن ساق ، أي : هذا باب في قوله تعالى : {يوم يكشف عن ساق} قيل : تكشف القيامة عن ساقها ، وقيل : عن أمر شديد فظيع ، وهو إقبال الآخرة وذهاب الدنيا ، وهذا من باب الاستعارة ، تقول العرب للرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج فيه إلى اجتهاد ومعاناة ومقاساة للشدة : شمر عن ساقه ، فاستعير الساق في موضع الشدة وإن لم يكن كشف الساق حقيقة ، كما يقال : أسفر وجه الصبح ، واستقام له صدر الرأي . والعرب تقول لسنة الحرب : كشفت عن ساقها .
(2) 8 / 508 في تفسير سورة ن والقلم ، باب {يوم يكشف عن ساق} ، وفي تفسير سورة النساء ، باب {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} ، وفي التوحيد ، باب {وجوه يومئذ ناضرة} ، ورواية مسلم المطولة أخرجها في صحيحه رقم (183) في الإيمان ، باب معرفة طريق الرؤية ، وكذلك أحمد في " المسند " 3 / 16 و 17 .

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة : في شرح الغريب ذكر ابن الأثير رحمه الله معنى "يكشف ربنا عن ساقه" وأنه مثل في شدة الأمر ... إلخ ولم بيبن أن فيه إثبات صفة الساق لله عز وجل على صفة تليق بجلاله وعظمته من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل وكذلك في الهامش ذكر الشيخ عبد القادر من فسرها بالشدة والكرب ونحوه ولم يذكر أن فيه إثبات لصفة الساق .
قال الشيخ البراك وقوله في هذا الحديث: "يكشف ربنا عن ساقه" نص في إثبات الساق لله تعالى، والقول فيه كالقول في سائر صفاته تعالى، والآية وإن لم تكن نصا في إثبات صفة الساق لأنها جاءت بلفظ التنكير فالحديث مفسر لها . وإن صح أن يُختلف في دلالة الآية، فلا يصح أن يختلف في دلالة الحديث. وتأويل الساق في الحديث بالقدرة هو من سبيل أهل التأويل من النفاة لتلك الصفات، وهم بهذا التأويل يجمعون بين التعطيل والتحريف. وأهل السنة يمرون هذه الصفات على ظاهرها مؤمنين بما دلت عليه، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته سبحانه بصفات خلقه. (التعليق 52)
قال الشيخ البراك : تفسير الكشف عن الساق بزوال الخوف والهول فيه نظر؛ فإن المشهور في معنى يكشف عن ساق أنه كناية عن شدة الأمر والهول كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، ويبدو أن الذي فسره بزوال الشدة توهمه من لفظ الكشف. والذي جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما محتمل في الآية، ولكن جاء في السنة ما يبين أن المراد كشف الله تعالى عن ساقه بلفظ الإضافة، فيدل على إثبات الساق لله سبحانه، وهو أولى ما تفسر به الآية؛ فإن سياق الحديث موافق لسياق الآية لفظًا ومعنى. (التعليق 88) وينظر (التعليق 136) [تعليقات الشيخ البراك على المخالفات العقدية في فتح الباري - نقله على الشبكة العنكبوتية عبد الرحمن بن صالح السديس] وينظر التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري - لعلي الشبل وهو إكمال لما بدأه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على الفتح بإشارته ومتابعته ومراجعته وقراءته - ص 86 -87


[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : 1-أخرجه أحمد (3/16) قال : ثنا ربعي بن إبراهيم ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق.
2-وأخرجه أحمد (3/94) و (ابن ماجة) (60) قال : حدثنا محمد بن يحيى ، (الترمذي) (2598) قال: حدثنا سلمة بن شبيب. و (النسائي) (8/112) قال : أخبرنا محمد بن رافع. أربعتهم -أحمد ، وابن يحيى ، وسلمة ، وابن رافع - قالوا : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر.
3- وأخرجه البخاري (6/56) قال : حدثني محمد بن عبد العزيز. و (مسلم 1/114 قال : حدثني سويد ابن سعيد. كلاهما محمد ، وسويد عن أبي عمر حفص بن ميسرة.
4- وأخرجه البخاري (6/198) قال : حدثنا آدم. وفي (9/158) قال : حدثنا يحيى بن بكير. و (مسلم) (1/117) قال : قرأت على عيسى بن حماد. ثلاثتهم - آدم ، وابن بكير ، وعيسى - عن الليث، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال.
5-وأخرجه مسلم (1/117) قال : حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة ،قال : حدثنا جعفر بن عون ، قال : حدثنا هشام بن سعد.
خمستهم - عبد الرحمان، ومعمر ، وحفص ، وسعيد ، وهشام -عن زيد بن أ سلم ، عن عطاء بن يسار ، فذكره.

سورة نوح
860 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : صارتِ الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعْدُ أمَّا «وَدّ» فكانتِ لكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ ، وأما «سُواعٌ» فكانت لهذيل ، وأما «يَغُوثُ» فكانت لِمُرادَ ، ثم صارَت لِبَني غُطَيْفٍ بالْجُرفِ عِند سَبأ ، وأمَّا «يَعُوقُ» فكانت لَهِمْدان ، وأَمَّا «نَسْرٌ» فَلِحِمْيرَ ، لآلِ ذي الْكَلاعَ ، وكلُّها أسماءُ رجالٍ صالحينَ من قوْمِ نُوحٍ ، فلَّما هَلَكوا أَوْحى -[414]- الشَّيطانُ إلى قَوْمِهِم : أنِ انْصِبُوا إلى مَجالِسِهِمْ التي كانوا يجلسون فيها أنْصاباً ، وسَمُّوها بأسمائهم، ففعلُوا ، فلم تُعبدْ ، حتى إذا هلك أولئك، وتنَسَّخَ (1) العلمُ عُبِدَتْ. أخرجه البخاري (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أنصاباً) الأنصاب : الأصنام ، وقيل : أحجار كانوا ينصبونها ويذبحون عليها لآلهتهم الذبائح.
__________
(1) أي : علم تلك الصور بخصوصها .
(2) 8 / 511 و 512 و 513 في تفسير سورة نوح ، باب وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :أخرجه البخاري (492) حدثنا إبراهيم بن موسى قال : أخبرنا هشام عن ابن جريج وقال عطاء عن ابن عباس فذكره.

سورة الجن
861 - (خ م ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : ما قَرَأَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الجنِّ ولا رآهم (1) ، انْطَلَق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طائفة من أصحابهِ عامِدينَ إلى سوقِ عُكاظَ ، وقد حِيلَ بيْنَ الشياطينِ وبيْنَ خَبَرِ السماء ، وأُرسِلَ عليهُم الشُّهُبُ، فرَجعَتِ الشَّياطينُ إلى قَومِهِمْ ، فقالوا : مالكم ؟ قيل : حِيل بيننا وبْين خبر السماء ، وأُرسلت علينا الشهب ، قالوا: وما ذَاكَ إِلا من شيءٍ حَدَثْ ، فاضرِبُوا مَشارِقَ الأرْضِ ومغارِبَها ، فَمَرَّ النفَرُ الذين أخذُوا نحوَ -[415]- تِهامة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو بنَخْلٍ (2) عامدينَ إلى سوقِ عُكاظَ ، وهو يُصَلِّي بأصحابهِ صلاةَ الفجر ، فلما سمعوا القرآنَ ، اسْتمعوا له ، وقالوا : هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء ، فرجَعُوا إلى قومهم ، فقالوا : (يا قومنا إنا سمعنا قرآناً عجباً يَهْدِي إلى الرُّشْدِ فآمَنَّا به ولنْ نُشْركَ بربنا أحداً) فأنزل الله عز وجل على نبيه - صلى الله عليه وسلم - {قُلْ أُوِحىَ إليَّ أنَّه اسْتَمعَ نَفَرٌ من الجن} [الجن:1] .
زاد في رواية : وإنما أُوحِيَ إليه قولُ الجنِّ (3) .
أخرجه البخاري ، ومسلم ، والترمذي.
قال الترمذي : وبهذا الإسناد قال : قولُ الجنِّ لقومِهِم {لما قام عبدُ اللَّه يدُعوهُ كادُوا يكونون عليه لِبَداً} [الجن : 19] قال : لما رأوْهُ يُصَلِّي ، وأصحابُهُ يُصلونَ بصلاتِهِ ، ويسجُدُون بسجودِهِ ، قال : تعَجَّبُوا من طواعِيَةِ أصحابِهِ له ، قالوا لقومهم: لما قام عبدُ اللَّه يدُعوهُ ، كادُوا يكونون عليه لِبَداً (4) . -[416]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عامدين) عمدت إلى الشيء : قصدت نحوه.
(حِيل) حلت بين الشيئين : فصلت بينهما ، ومنعت أحدهما من الآخر.
(لبداً) أي : مجتمعين بعضهم على بعض ، وهي جمع لبدة.
__________
(1) قال النووي : لكن ابن مسعود أثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الجن : فكان ذلك مقدماً على نفي ابن عباس ، وقد أشار إلى ذلك مسلم ، فأخرج في " صحيحه " رقم (450) في الصلاة ، عقب حديث ابن عباس هذا حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتاني داعي الجن فانطلقت معه فقرأت عليه القرآن . قال الحافظ : ويمكن الجمع بالتعدد .
قال العلماء : هما قضيتان ، وحديث ابن عباس في أول الأمر ، وأول النبوة ، ثم أتوا وسمعوا {قل أوحي} .
(2) قال النووي : كذا وقع في مسلم " بنخل " بالخاء المعجمة . وصوابه " بنخلة " بالهاء ، وهو موضع معروف هناك ، كذا جاء صوابه في صحيح البخاري ، ويحتمل أنه يقال فيه : نخل ، ونخلة .
وأما " تهامة " فبكسر التاء : وهو اسم لكل ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز ، ومكة من تهامة .
(3) قال الحافظ : هذه الزيادة من كلام ابن عباس ، كأنه يقرر فيه ما ذهب إليه أولاً : أنه صلى الله عليه وسلم لم يجتمع بهم ، وإنما أوحى الله إليه بأنهم استمعوا ، ومثله قوله تعالى : {وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا ...} الآية [الأحقاف : 29] ولكن لا يلزم من عدم ذكر اجتماعه بهم حين استمعوا ، أن لا يكون اجتمع بهم بعد ذلك .
(4) البخاري 8 / 513 ، 518 في تفسير سورة الجن ، وفي صفة الصلاة ، باب الجهر بقراءة صلاة الفجر – [416] – ومسلم رقم (449) في الصلاة ، باب الجهر بالقراءة في الصبح ، والترمذي رقم (3320) في التفسير ، باب ومن سورة الجن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (1/252) (2271) قال : حدثنا عفان ، (والبخاري) (1/195) قال : حدثنا مسدد.وفي (6/199) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل. و (مسلم) (2/35) قال : حدثنا شيبان بن فروخ. و (الترمذي) (3323) قال : حدثنا عبد بن حميد ، قال : حدثني أبو الوليد. و (النسائى) في الكبرى (تحفة الأشواف) (5452) عن أبي داود الحراني ، عن أبي الوليد (ح) وعن عمرو بن منصور ، وعن محمد ابن محبوب.
ستتهم - عفان ، ومسدد ، وموسى ، وشبيان ، وأبو الوليد ، ومحمد بن محبوب - عن أبي عوانة ، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير ، فذكره.
والرواية الثانية : أخرجها أحمد (1/270) (2431) قال : حدثنا مؤمل. و (الترمذي) (3323) قال : حدثنا عبد بن حميد ، قال : حدثني أبو الوليد. و (النسائي) في الكبرى (تحفة الأشراف) (5452) عن أبي داود الحراني، عن أبي الوليد ، وعن عمرو بن منصور عن محمد بن محبوب.
ثلاثتهم -مؤمل ، وأبو الوليد ، ومحمد بن محبوب - عن أبي عوانة ، قال : حدثنا أبو بشر ، عن سعيد ابن جبير ، فذكره.
والرواية الثالثة : أخرجها أحمد (1/274) (2482) قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق. وفي (1/323) (2979) قال : حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن سماك. و (الترمذي) (3324) قال : حدثنا محمد بن يحيى ، قال : حدثنا محمد بن يوسف ، قال : حدثنا إسرائيل ، قال : حدثنا أبو إسحاق. و (النسائي) في الكبرى (تحفة الأشراف) (5588) عن أبي داود الحراني ، عن عبيد الله ابن موسى، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق.
كلاهما - أبو إسحاق ، وسماك-عن سعيد بن جبير ، فذكره.

862 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنه - : قال : كان الجنُّ يصعَدُونَ إلى السماء يستمِعونَ الوحْيَ ، فإِذا سَمِعُوا الكلمةَ ، زَادُوا عليها تسْعاً ، فأمَّا الكلمةُ فتكونُ حقّاً ، وأمَّا ما زادُوا فيكُونُ باطِلاً ، فلما بُعِثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُنِعُوا مقَاعِدَهُم ، فذكروا ذلك لإبليس ، ولم تكن النجومُ يُرمى بها قبل ذلك ، فقال لهم إبليس : ما هذا إلا من أمرٍ قد حدث في الأرض ، فبعث جنوده ، فوجدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائماً يُصلى بين جبلين - أُراه قال : بمكة - فأخبروه ، فقال : هذا الحدثُ الذي حدثَ في الأرض .أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3321) في التفسير ، باب ومن سورة الجن ، وإسناده حسن ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3324) حدثنا محمد بن يحيى حدثنا محمد بن يوسف حدثنا إسرائيل حدثنا أبو إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكره.

سورة المزمل
863 - (د) ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قوله تعالى {قُمِ الليل إلَّا قليلاً . نِصْفَهُ ...} الآية [المزمل : 2] قال : نسختها الآية التي فيها قوله تعالى : {عَلِمَ أنْ لنْ تُحصُوه فتابَ عليكم فَاقّْرَؤوا ما تيسر من القرآن} (1) [المزمل : 20] قال : وناشئة الليل : أوله ، يقول : هو أجدر أن تحصوا ما فرض الله عليكم من قيام الليل ، وذلك : أن الإنسان إذا نام لم يدر متى يستيقظ ، وقوله : {وأقْوَمُ قِيْلاً} [المزمل :6] يقول : هو أجدر أن تفقه في القرآن ، قوله {إنَّ لك في النهار سَبْحاً طويلاً} [المزمل :7] . يقول فراغاً طويلاً.
وفي رواية قال : لما نزل أول المزَّمّل كانوا يقومونَ نحواً من قيامهم في شهر رمضان ، حتى نزل آخرها ، وكان بين أولها وآخرها سَنَةٌ. أخرجه أبو داود (2) .
__________
(1) وهو قول عكرمة ومجاهد والحسن وغير واحد من السلف ، ويؤيده حديث مسلم في " صحيحه " رقم (746) في صلاة المسافرين ، باب جامع صلاة الليل ، وفيه أن حكيم بن أفلح قال لعائشة : أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : ألست تقرأ {يا أيها المزمل} قلت : بلى ، قالت : فإن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة ، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً ، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهراً في السماء حتى أنزل الله في آخر السورة التخفيف ، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة .
(2) رقم (1304) و (1305) في الصلاة ، باب نسخ قيام الليل والتيسير فيه ، وسند الروايتين حسن . وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 286 وزاد نسبته لمحمد بن نصر ، وابن مردويه ، والبيهقي في " السنن " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
حسن : أخرجه أبو داود (1304) قال : ثنا أحمد بن محمد المروزي بن شبويه ، قال : ثني علي بن حسين ،عن أبيه ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، فذكره.
والرواية الثانية : أخرجها أبو داود (1305) قال : ثنا أحمد بن محمد - يعني المروزي قال : ثنا وكيع، عن مسعر ، عن سماك الحنفي ، فذكره.

سورة المدثر
864 - (ت) - أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الصَّعود: عقَبةٌ في النار ، يتصعَّدُ فيها الكافر سبعين خريفاً ، ثمَّ يهوي فيها سبعين خريفاً ، فهو كذلك أبداً» . أخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يهوي) هوى : إذا نزل إلى أسفل.
__________
(1) رقم (3323) في التفسير ، باب ومن سورة المدثر ، وقال : هذا حديث غريب ، إنما نعرفه مرفوعاً من حديث ابن لهيعة ، وقد روي شيء من هذا عن عطية عن أبي سعيد . نقول : وفي سنده أيضاً دراج عن أبي الهيثم ، وقد ذكرنا غير مرة أنه ضعيف في روايته عن أبي الهيثم ، ومع ذلك فقد صححه ابن حبان رقم (3610) ، والحاكم 2 / 507 ووافقه الذهبي ، وقد ذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 282 وزاد نسبته إلى أحمد وابن المنذر وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي . وقال السيوطي أيضاً : أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي من وجه آخر عن أبي سعيد قال : " إن صعوداً : صخرة في جهنم إذا وضعوا أيديهم عليها ذابت ، فإذا رفعوها عادت ، واقتحامها : فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة ، وذكره الهيثمي في " المجمع " 7 / 131 وقال : رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه عطية ، وهو ضعيف .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف :أخرجه الترمذي (3326) حدثنا عبد بن حميد حدثنا الحسين بن موسى عن ابن لهيعة عن دارج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد فذكره.
قال الترمذي :هذا حديث غريب إنما نعرفه مرفوعا من حديث ابن لهيعة ، وقد روي شيء من هذا عن عطية عن أبي سعيد قوله موقوف.

865 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - : قال : قال ناسٌ من اليهود لأُناسٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : هل يعلمُ نبيُّكم عدد خزنةِ جهنم ؟ قالوا : لا ندري حتى نسألَه ، فجاء رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا مُحَمَّدُ ، غُلِبَ أصحابُكَ اليومَ ، قال : «وبم غُلِبُوا ؟» قال : سألهم يهودُ : هل يعلم نبيُّكم عَدَدَ خَزَنة جهنم ؟ قال : «فما قالوا ؟» قال: قالوا : لا ندري حتى -[419]- نسألَ نبيَّنا ، قال : أَفغُلبَ قومٌ سُئِلوا عما لا يعلمون ، فقالوا : لا نعلمُ حتى نسأَل نبينا ؟ لكنهم قد سألوا نبيَّهم، فقالوا : أَرِنا الله جهْرة ، علي بأعداءِ الله ، إني سائلُهم عن تُربةِ الجنة - وهي الدَّرْمَكُ - ؟ قال : فلما جاءوا ، قالوا : يا أبا القاسم ، كم عددُ خزنةِ جهنم ؟ قال : هكذا وهكذا - في مرة عشرةٌ وفي مرٍة تسعةٌ - قالوا : نعم ، قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : «ما تُرْبةُ الجنةِ؟» قال : فسكتوا هُنَيْهَة (1) ، ثم قالوا : أخبرنا يا أبا القاسم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «الخبْزُ من الدَّرْمكِ» . أخرجه الترمذي (2) .
__________
(1) قوله " هنيهة " تصغير هنة ، ثم زيد فيها هاء ، وقال النووي في شرح الحديث من كتاب الصلاة : " هنية " بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء بغير همزة ، وهي تصغير هنة ، أصلها : هنوة ، فلما صغرت صارت : هنيوة ، فاجتمعت واو وياء ، وسبقت إحداهما بالسكون ، فوجب قلب الواو ياء ، فاجتمعت ياءان ، فأدغمت إحداهما في الأخرى ، فصارت : هنية ، ومن همزها فقد أخطأ . ورواه بعضهم : هنيهة ، وهو صحيح أيضاً .
(2) رقم (3324) في التفسير ، باب ومن سورة المدثر ، وقال : هذا حديث غريب ، إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث مجالد . نقول : ومجالد ليس بالقوي ، وقد تغير في آخر عمره ، لكن يشهد لبعضه ما أخرجه السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 283 ، 284 من رواية ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عن البزار ، أن رهطاً من اليهود سألوا رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم ، فقال : الله ورسوله أعلم ، فجاء فأخبر صلى الله عليه وسلم فنزل عليه ساعتئذ {عليها تسعة عشر} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف : أخرجه أحمد (3/361) قال : ثنا علي. و «الترمذي» (3327) قال : ثنا ابن أي عمر.كلاهما -علي ، وابن أبي عمر - قالا : ثنا سفيان ،عن مجالد ،عن الشعبي ، فذكره.
وقال الترمذي : هذا حديث غريب ، إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث مجالد.

866 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: {هو أَهلُ التَّقْوى وأهلُ المغفرة} [المدثر : 56] قال : قال الله تبارك وتعالى : «أنا أَهلٌ أَنْ أُتَّقى ، فمن اتَّقاني فلم يجعلْ معي إلهاً ، -[420]- فأنا أهلٌ أن أغفِرَ له» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3325) في التفسير ، باب ومن سورة المدثر ، وأخرجه ابن ماجة رقم (4299) في الزهد ، باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة ، والدارمي في سننه 2 / 302 و 303 في الرقاق ، باب في تقوى الله ، وأحمد في مسنده 3 / 242 و 243 كلهم من حديث سهيل بن عبد الله القطعي ، وقال الترمذي : حديث غريب ، وسهيل ليس بالقوي في الحديث ، وقد تفرد سهيل بهذا الحديث عن ثابت ، وذكره ابن كثير في تفسيره 9 / 55 وزاد نسبته لابن أبي حاتم عن أبيه عن هدبة بن خالد عن سهيل به ، وقال : هكذا رواه أبو يعلى والبزار والبغوي وغيرهم من حديث سهيل القطعي به .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف : أخرجه الترمذي (3328) حدثنا الحسن بن الصباح البزاز حدثنا زيد بن حباب أخبرنا سهيل بن عبد الله القطعي وهو أخو حزم بن أبي حزم القطيعي عن ثابت عن أنس بن مالك فذكره.
قال أبو عيسى : هذا حديث غريب وسهيل ليس بالقوى في الحديث وقد تفرد بهذا الحديث عن ثابت.

سورة القيامة
867 - (خ م ت س) ابن عباس - رضي الله عنهما - : في قوله عز وجل: {لا تُحرِّك به لسانَك لتَعْجَلَ به} [القيامة : 16] قال : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعالِجُ (1) من التنزيل شِدَّة ، وكان مما يُحرِّكُ به شفتيه - فقال ابن -[421]- عباسٍ : أنا أُحَرِّكُهُما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرِّكُهما ، وقال سعيد بن جُبير : وأنا أَحركهما كما كان ابن عباس يحركهما. فحرَّكَ شَفَتَيْهِ ، فأنزل الله تعالى: {لا تُحرِّك به لسانَكَ لِتَعْجَلَ به . إِنَّ علينا جَمْعَهُ وقرآنه} [القيامة : 16 ، 17] قال : جمعه لك في صدرك ، ثم تقرؤه: {فإذا قرأناه فاتبِعْ قرآنه} [القيامة : 18] قال : فاستَمِعْ وأَنصتْ ، ثم علينا أن تقرأَه ، قال : فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاهُ جبريلُ عليه السلام ، بعد ذلك اسْتَمَعَ، فإذا انطلقَ جبريل قرأَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما أقرأه.
وفي رواية : كما وعده الله عز وجل. أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أُنزِلَ عليه القرآنُ يحرِّكُ به لسانَهُ ، يُرِيدُ أن يَحفْظَهُ ، فأنزل الله تبارك وتعالى : {لا تُحرِّك به لسانَك لتَعْجَلَ به} قال : فكان يُحَرِّك به شَفَتيه ، وحَرَّك سفْيَانُ شَفَتَيْهِ.
وفي رواية النسائي : نحوٌ من رواية البخاري ومسلم ، إلاَّ أَنه لم يذكر حكاية ابن عباسٍ تحريكَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم شفَتَيْهِ ، ولا حكايةَ سعيدٍ (2) .
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 1 / 28 : المعالجة : محاولة الشيء بمشقة ، وقوله : " مما يحرك به شفتيه " أي : كان العلاج ناشئاً من تحريك الشفتين ، أي : مبدأ العلاج منه ، أو " ما " موصولة ، وأطلقت على من يعقل مجازاً ، هكذا قرره الكرماني ، وفيه نظر ؛ لأن الشدة حاصلة قبل التحريك ، والصواب ما قاله ثابت السرقسطي : أن المراد كان كثيراً ما يفعل ذلك ، قال : وورودهما في هذا كثير ، ومنه حديث الرؤيا " كان مما يقول لأصحابه : من رأى منكم رؤيا ... " ، ومنه قول الشاعر :
وإنا لمما نضرب الكبش ضربة ... على وجهه تلقي اللسان من الفم
قلت : ويؤيده أن رواية المصنف في التفسير من طريق جرير عن موسى بن أبي عائشة ولفظها " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل بالوحي ، فكان مما يحرك به لسانه وشفتيه " . فأتى بهذا اللفظ مجرداً عن تقدم العلاج الذي قدره الكرماني ، فظهر ما قال ثابت .
ووجه ما قال غيره : أن " من " إذا وقع بعدها " ما " كانت بمعنى ربما ، وهي تطلق على القليل والكثير ، وفي كلام سيبويه مواضع من هذا ، منها قوله : اعلم أنهم مما يحذفون كذا . والله أعلم . ومنه حديث البراء : " كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم مما نحب أن نكون عن يمينه ... " الحديث .
(2) البخاري 8 / 523 و 524 في تفسير سورة القيامة ، باب {إن علينا جمعه وقرآنه} ، وباب {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} ، و 1 / 28 في بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي فضائل القرآن ، باب الترتيل في القراءة ، وفي التوحيد ، باب قول الله تعالى {لا تحرك به لسانك لتعجل به} ، ومسلم رقم (448) في الصلاة ، باب الاستماع للقراءة ، والترمذي رقم (3326) في التفسير ، باب ومن سورة القيامة ، والنسائي 2 / 149 و 150 في الصلاة ، باب جامع ما جاء في القرآن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1-أخرجه الحميدي (527) قال :حدثنا سفيان. و «أحمد» (1/220) (1910) قال : حدثنا سفيان. وفي (1/343) (3191) قال : حدثنا عبد الرحمن ، عن أبي عوانة. و «البخاري» (1/4) وفي «خلق أفعال العباد» صفحة (45) قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا أبو عوانة. وفي (6/202) وفي خلق أفعال العباد صفحة (46) قال : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان..وفي (6/202) وفي خلق أفعال العباد صفحة (45) قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل. وفي (6/203 ، 240) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ،قال : حدثنا جرير. وفي (9/187) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا أبو عوانة. وفي خلق أفعال العباد صفحة (54) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا أبو عوانة ، وجرير. و «مسلم» (2/34) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وإسحاق بن إبراهيم، كلهم عن جرير بن عبد الحميد. وفي (2/35) قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا أبو عوانة. و «الترمذي» (3329) قال : حدثنا ابن أ بي عمر ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة. و «النسائي» 2/149.وفي السنن الكبرى. (917) قال : أخبرنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا أبو عوانة وفي فضائل القرآن (3) قال :أخبرنا هناد بن السري ، عن عبيدة خمستهم - سفيان ، وأ بو عوانة ، وإسرائيل ، وجرير وعبيدة ابن حميد - عن موسى بن أبي عائشة.
2-وأخرجه النسائى في الكبرى (تحفة الأشراف) (5585) عن أحمد بن عبدة الضبي ، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار.
3- وأخرجه النسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (5591) عن أحمد بن سليمان ، عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق.
ثلاثتهم - موسى ، وعمرو ، وأبو إسحاق - عن سعيد بن جبير ،
* وأخرجه الحميدي (528) قال : حدثنا سفيان ، قال عمرو : عن سعيد بن جبير ، ولم يذكر فيه - عن ابن عباس - قال : كان النبي.....فذكره.

سورة المرسلات
868 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال : {إِنها تَرْمِي بشَرَرٍ كالْقَصرِ (1)} [المرسلات : 32] كُنَّا نرفعُ الخشَبَة للشتاء ثلاثَةَ أذْرُعٍ أو أَقَلَّ ، ونُسَمِّيهِ : الْقَصْر {كأنه جِمالاتٌ صُفْرٌ} [المرسلات : 32] حبالُ السُّفن تُجْمَعُ ، حتَّى تكُونَ كأوْسَاطِ الرجالِ. أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 528 : بسكون الصاد وبفتحها ، وهو على الثاني جمع قصرة ، أي : كأعناق الإبل ، ويؤيده قراءة ابن عباس كالقصر بفتحتين ، وقيل : هو أصول الشجر ، وقيل : أعناق النخيل ، وقال ابن قتيبة : القصر : البيت ، ومن فتح أراد : أصول النخل المقطوعة ، شبهها بقصر الناس ، أي : أعناقهم ، فكأن ابن عباس فسر قراءته بالفتح بما ذكر ، وأخرج أبو عبيدة من طريق هارون الأعرج عن حسين المعلم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بشرر كالقصر بفتحتين ، قال هارون : وأنبأنا أبو عمرو أن سعيد وابن عباس قرأ كذلك ، وأسنده أبو عبيد عن ابن مسعود بفتحتين . وأخرج ابن مردويه من طريق قيس بن الربيع عن عبد الرحمن بن عابس " سمعت ابن عباس : كانت العرب تقول في الجاهلية : اقصروا لنا الحطب ، فيقطع على قدر الذراع والذراعين " ، وقد أخرج الطبراني في " الأوسط " من حديث ابن مسعود في قوله تعالى {إنها ترمي بشرر كالقصر} قال : ليست كالشجر والجبال ، ولكنها مثل المدائن والحصون .
(2) في تفسير سورة المرسلات ، باب ومن قوله {ترمي بشرر كالقصر} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (4933) قال : حدثنا عمرو بن علي،قال حدثنا يحيى قال:أخبرنا سفيان قال حدثنا عبد الرحمن بن عابس فذكره.

سورة عم يتساءلون
869 - (خ) عكرمة - رحمه الله- : في قوله تعالى : {وكأساً دِهاقاً} [النبأ : 34] قال: مَلأَى متتابعة (1) قال : وقال ابن عباس : سمعتُ أبِي في -[423]- الجاهلية يقول : اسْقِنا كأساً دِهاقاً (2) . أخرجه البخاري (3) .
__________
(1) كذا جمع بينهما ، وهما قولان لأهل اللغة ، تقول : أدهقت الكأس : إذا ملأتها ، وأدهقت له : إذا تابعت له السقي ، وقيل : أصل الدهق ، الضغط : والمعنى : أنه ملأ اليد بالكأس حتى لم يبق فيها متسع لغيرها .
(2) قال الحافظ في " الفتح " في رواية الإسماعيلي من وجه آخر عن حصين عن عكرمة عن ابن عباس : سمعت أبي يقول لغلامه : أدهق لنا ، أي : املأ لنا أو تابع لنا . وهو بمعنى ما ساقه البخاري .
(3) 7 / 115 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب أيام الجاهلية .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (3839 ،3840) قال : ثني إسحاق بن إبراهيم قال : قلت لأبي إسامة، حدثكم يحيى بن المهلب ، ثنا حصين عن عكرمة ، فذكره.

سورة عبس
870 - (ط ت) عروة بن الزبير بن العوام - رضي الله عنهم -: أنَّ عائشة -رضي الله عنها - قالت : أُنزلتْ {عَبَسَ وتَولَّى} [عَبَسَ : 1] في ابن أُم مكتومٍ الأعمَى ، أَتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل يقول : يا رسول الله ، أرْشدِْني - وعند رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من عُظماءِ المشركين - فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعرِضُ عنه ويُقْبِلُ على الآخرينَ ، ويقول : «أتَرى بما أقولُ بأساً ؟» فيقول : لا ، ففي هذا أُنزلَ. أخرجه الموطأ والترمذي عن عروة ، ولم يذكرا عائشة. وأخرجه الترمذي أيضاً عن عائشة (1) .
__________
(1) الموطأ 1 / 203 في القرآن ، باب ما جاء في القرآن مرسلاً ، ورجاله ثقات . ووصله الترمذي عن عائشة رضي الله عنها رقم (3328) في التفسير ، باب ومن سورة عبس ، وقال : حديث حسن غريب ، وصححه ابن حبان رقم (1769) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (2/21) عن هشام بن عروة عن أبيه فذكره. وأخرجه الترمذي (3331) حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثني أبي قال : هذا ماعرضنا على هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة فذكره.

871 - (خ) أنس بن مالك -رضي الله عنه - : أن عُمرَ قرأ : {وفاكهةً وأَبّاً} [عبس : 31] قال : فما الأبُّ ؟ ثم قال : ما كُلِّفْنا بهذا ، أو قال : ما أُمِرْنَا بهذا. أخرجه البخاري (1) . -[424]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أبّاً) الأب : المرعى ، وقيل : هو للدواب كالفاكهة للإنسان.
__________
(1) لم يذكره البخاري بهذا السياق ، و إنما هو من زيادات الحميدي ، ولفظ البخاري 13 / 229 في – [423] – الاعتصام ، باب ما يكره من كثرة السؤال عن أنس : كنا عند عمر فقال : نهينا عن التكلف ، قال الحافظ : هكذا أورده مختصراً . وذكر الحميدي : أنه جاء في رواية أخرى عن ثابت عن أنس ، أن عمر قرأ {وفاكهة وأباً} فقال : ما الأب ؟ ثم قال : ما كلفنا أو قال ما أُمرنا بهذا .
قلت (القائل ابن حجر) : هو عند الإسماعيلي من رواية هشام عن ثابت ، وأخرجه من طريق يونس بن عبيد عن ثابت بلفظ : أن رجلاً سأل عمر بن الخطاب عن قوله {وفاكهة وأباً} ما الأب ؟ فقال عمر : نهينا عن التعمق والتكلف . وهذا أولى أن يكمل به الحديث الذي أخرجه البخاري ، وأولى منه ، ما أخرجه أبو نعيم في " المستخرج " من طريق أبي مسلم الكجي عن سليمان بن حرب شيخ البخاري فيه ، ولفظه : عن أنس : كنا عند عمر وعليه قميص في ظهره أربع رقاع ، فقرأ : {وفاكهة وأبّاً} فقال : هذه الفاكهة قد عرفناها ، فما الأب ؟ ثم قال : مه نهينا عن التكلف ، وأخرج الحاكم في مستدركه 2 / 514 عن ابن شهاب عن أنس رضي الله عنه أخبره : أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : {فأنبتنا فيها حباً . وعنباً وقضباً . وزيتوناً ونخلاً . وحدائق غلباً . وفاكهة وأبّاً} قال : فكل هذا قد عرفناه ، فما الأب ؟ ثم نفض عصا كانت في يده ، فقال : هذا لعمر الله التكلف ، اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب ، وقال الحاكم : حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري مختصرا (7293) قال : ثنا سليمان بن حرب ، ثا حماد بن زيد فذكره. وقال الحافظ في «الفتح» وذكر الحميدي أنه جاء في رواية أخرى فذكره.

سورة إذا الشمس كورت
872 - (د) ابن مسعود - رضي الله عنه - : قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «الْوَائِدَةُ والمَوْؤُدة في النار» . أخرجه أبو داود (1) . -[425]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الموؤدة) البنت الصغيرة ، كانوا في الجاهلية إذا ولد لهم بنت دفنوها في التراب وهي حية لتموت ، فحرم الإسلام ذلك.
__________
(1) رقم (4717) في السنة ، باب في ذراري المشركين ، وفي سنده أبو إسحاق السبيعي قد خلط بأخره ، لكن له طريقان آخران عند الطبراني في " الكبير " ويحيى بن صاعد ، يتقوى بهما ، وشاهد عند أحمد 3 / 478 من حديث سلمة بن يزيد الجعفي ، وإسناده صحيح ، وفي قوله " الموؤودة " إشكال أجاب عنه العلماء بعدة أجوبة . انظر " مرقاة المفاتيح " 1 / 152 لملا علي القاري .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو ادود (4717) حدثنا إبراهيم بن موسى (الرازي) ثنا ابن أبي زائدة قال حدثني عن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.

سورة المطففين
873 - (ت) أبو هريرة -رضي الله عنه - : أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : «إِنَّ الْعَبْدَ إِذا أخْطَأَ خطيئَة ، نُكِتَتْ في قلبه نُكْتَةٌ ، فإِذا هو نَزَعَ واسْتَغْفَرَ وتابَ ، صُقِلَ قلبُه ، وإنْ عادَ ، زِيدَ فيها ، حتى تَعْلُوَ قَلْبَهُ ، وهو الرَّانُ الذي ذكره الله {كلا بل رانَ على قُلُوبِهمْ ما كانوا يكْسِبُونَ} [المطففين : 14]» . أخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(نكت) النكت : الأثر في الشيء.
(الران) ران على قلبه ، أي : غطى ، وقيل غلب.
__________
(1) رقم (3331) في التفسير ، باب ومن سورة ويل للمطففين ، وأخرجه ابن ماجة رقم (4244) في الزهد ، باب ذكر الذنوب ، وأحمد في مسنده 2 / 297 ، وإسناده حسن ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وصححه ابن حبان رقم (1771) ، وأخرجه الحاكم في مستدركه 2 / 517 وقال : حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي ، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 325 وزاد نسبته لابن جرير وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في " شعب الإيمان " .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
حسن : أخرجه أحمد (2/297) قال :حدثنا صفوان بن عيسى. و «ابن ماجة» (4244) قال : حدثنا هشام بن عمار. قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، والوليد بن مسلم ، و «الترمذي» (3334) قال : حدثنا قتيبة. قال : حدثنا الليث. و «النسائى» في عمل اليوم والليلة (418) قال : أخبرنا قتيبة بن سعيد. قال : حدثنا الليث أربعتهم-صفوان بن عيسى ، وحاتم بن إسماعيل ، والوليد بن مسلم ، والليث - عن محمد بن عجلان ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي صالح فذكره. وقال الترمذي :هذا حديث حسن صحيح.

سورة إذا السماء انشقت
874 - (خ) - ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله تعالى : {لتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عن طَبَقٍ (1)} [الانشقاق : 19] قال : حالاً بعد حَالٍ ، قال هذا نبيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) هذا التفسير من ابن عباس على قراءة فتح الباء من قوله {لتركبن} وبها قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي .
وقد أخرج الطبري 30 / 78 الحديث المذكور عن يعقوب بن إبراهيم ، عن هشيم بلفظ : " أن ابن عباس كان يقرأ : {لتركبن طبقاً عن طبق} يعني نبيكم حالاً بعد حال " قال الحافظ : وأخرجه أبو عبيد في كتاب " القراءات " عن هشيم وزاد : - يعني بفتح الباء - .
قال الطبري : قرأها ابن مسعود وابن عباس وعامة قراء مكة والكوفة بالفتح ، والباقون بالضم ، على أنه خطاب للأمة ، ورجحها أبو عبيد لسياق ما قبلها وما بعدها ، ثم أخرج عن الحسن وعكرمة وسعيد بن جبير وغيرهم قالوا : {طبقاً عن طبق} يعني : حالاً بعد حال .
ومن طريق الحسن أيضاً وأبي العالية ومسروق قالوا : السموات .
وأخرج الطبري أيضاً ، والحاكم من حديث ابن مسعود إلى قوله : {لتركبن طبقاً عن طبق} قال : السماء .
وفي لفظ الطبري عن ابن مسعود قال : " السماء تصير مرة كالدهان ، ومرة تنشق " . وفي لفظ : " تنشق ثم تحمر ثم تنفطر " ورجح الطبري الأول .
وأصل الطبق : الشدة ، والمراد بها هاهنا : ما يقع من الشدائد يوم القيامة . والطبق : ما طابق غيره ، يقال : ما هذا بطبق كذا . أي : لا يطابقه ، ومعنى قوله : " حالاً بعد حال " أي : حال مطابقة للتي قبلها في الشدة ، وهو جمع طبقة ، وهي المرتبة ، أي : هي طبقات بعضها أشد من بعض .
(2) 8 / 536 في تفسير سورة إذا السماء انشقت ، باب {لتركبن طبقاً عن طبق} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (4940) حدثنا سعيد بن عبد النضر أخبرنا هشيم أخبرنا أبو بشر جعفر بن إياس عن مجاهد فذكره.

سورة البروج
875 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : -[427]- «اليومُ الموعودُ: يومُ القيامة ،واليومُ المشهودُ،يومُ عرفة،والشاهدُ : يومُ الجمعة» قال: «وما طلعتِ الشمسُ ولا غَرَبت على يومٍ أفْضَلَ منه ، فيه ساعةٌ لا يُوافقُها عبْدٌ مؤمِنٌ يدعو الله بخير إلا استجابَ الله له ، ولا يستعيذُ من شَرّ إلا أَعاذَه الله منه» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) في التفسير ، باب ومن سورة البروج ، وقال : هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة ، وموسى بن عبيدة يضعف في الحديث ، ضعفه يحيى بن سعيد وغيره من قبل حفظه ، وقد روى شعبة وسفيان الثوري وغير واحد من الأئمة عن موسى بن عبيدة . نقول : لكن ثبت في " صحيح مسلم " رقم (854) في الجمعة ، باب فضل يوم الجمعة من حديث أبي هريرة مرفوعاً " خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة " ، وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة : " إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه " فيتقوى بهما بعض حديث الباب .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف مرفوعا : أخرجه الترمذي (3339) قال : ثنا عبد بن حميد ، ثماروح بن عبادة وعبيد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع، فذكره. وقال : ثنا علي بن حجر. ثنا قران بن تمام الأسدي ، عن موسى بن عبيدة بهذا الإسناد نحوه. وموسى بن عبيدة الربذي يكني أبا عبد العزيز ، وقد تكلم فيه يحيى وغيره من قبل حفظه.
وقد روى شعبة والثوري وغير واحد من الأئمة عنه وقال الترمذي :هذا حديث حسن غريب ، إلا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة ، وموسى بن عبيدة ، يضعف في الحديث ضعفه يحيى بن سعيد ، وغيره ولكن تابعه عمار مولى بني هاشم ،عن أبي هريرة :
أخرجه أحمد 2/298 قال : حدثنا محمد بن جعفر. قال : حدثنا شعبة. قال : سمعت علي بن زيد ويونس بن عبيد يحدثان ، عن عمار مولى بني هاشم ، عن أبي هريرة.أما علي فرفعه. أن النبي صلى الله عليه وسلم وأما يونس فلم يعد أبا هريرة ، أنه قال في هذه الآية ،فذكره.
وأخرجه أحمد 2/298 قال :حدثنا محمد بن جعفر. قال : حدثنا شعبة ، عن يونس. قال : سمعت عمارا مولى بني هاشم يحدث ،أنه قال قي هذه الآية : {وشاهد ومشهود} . قال : الشاهد يوم الجمعة. والمشهود يوم عرفة ،والموعود يوم القيامة.

سورة سبح اسم ربك الأعلى
876 - () (أبو ذَرّ الغفاري - رضي الله عنه -) : قال : دخلتُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ للمسجد تحية» قلتُ : وما تَحِيَّتُه، يا رسول الله ؟ قال : «ركْعَتانِ تَرْكَعُهُما» قلتُ : يا رسولَ الله ، هل أنْزَلَ الله عَليْكَ شَيئاً مِمَّا كان في صُحفِ إبراهيم وموسى ؟ قال : يا أبا ذَرّ ، اقرأ {قَدْ أَفلح من تَزَكَّى . وذَكرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلى . بَلْ تُؤثِرونَ الحياة الدنيا . والآخرةُ خيرٌ وأبْقى . إنَّ هذا لفي الصُّحفِ الأولى . صُحُفِ إبراهيم وموسى} [سبح اسم ربك الأعلى : 14 - 19] قلتُ : يا رسول الله ، فما كانَتْ صحفُ -[428]- مُوسى ؟ قال : «كانت عِبراً كلُّهَا : عَجِبْتُ لمن أَيْقَنَ بالموتِ ، ثم يفرحُ ، عجبتُ لمن أيقن بالنَّارِ ثم يضحك ، عجبتُ لمن رأَى الدنيا وتَقَلُّبَها بأهلها ثم يطمئن ، عجبت لِمَنْ أيْقَنَ بالقَدَرِ ثم يَنصبُ ، عجبتُ لمن أيْقَنَ بالحساب ، ثم لا يعمل» .أخرجه (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عِبراً) العبر :جمع عبرة ، وهي الموعظة ونحوها.
(ينصب) النصب : التعب.
__________
(1) كذا في الأصل بياض بعد قوله : أخرجه ، وفي المطبوع : أخرجه رزين ، وقد ذكره السيوطي في " الدر " 6 / 341 بأطول من هذا ، ونسبه إلى عبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر .

سورة الفجر
877 - (ت) عمران بن حصين - رضي الله عنه - : أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئلَ عن الشَّفْعِ و الوَتْرِ ؟ قال : هي الصلاة ، بعضُها شفع ، وبعضها وَتْرٌ. أخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(شفع) الشفع : الزوج. -[429]-
(وتر) الوتر : الفرد ، تكسر واوه وتفتح.
__________
(1) رقم (3339) في التفسير ، باب ومن سورة الفجر ، وأخرجه أحمد في مسنده 4 / 437 و 438 و 442 ، والحاكم في مستدركه 2 / 522 وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي ، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 346 وزاد نسبته لعبد بن حميد وعبد الرزاق وابن مردويه وابن جرير وابن أبي حاتم ، نقول : في سنده عمران بن عصام ، لم يوثقه غير ابن حبان .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف : أخرجه أحمد 4/437 قال : حدثنا أبو داود. وفي 4/438 قال : حدثنا بهز. وفي 2/442 قال : حدثنا يزيد وعفان وعبد الصمد. و «الترمذي» 3342 قال : حدثنا أبو حفص عمرو بن علي، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود.
ستتهم- أبو داود ، وبهز ، ويزيد بن هارون ، وعفان ، و عبد الصمد ، وابن مهدي - عن همام ،عن قتادة، عن عمران بن عصام ،عن رجل من أهل البصرة ، فذكره.
وقال الترمذي : هذا حديث غريب ،لا نعرفه إلا من حديث قتادة. وقد رواه خالد بن قيس الحراني ، عن قتادة أيضا.

سورة الشمس
878 - (خ م ت) عبد الله بن زمعة (1) - رضي الله عنه - : أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يخطُب - وذكَرَ النَّاقَةَ والذي عَقَرَهَا - فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم {إِذِ انْبعثَ أشقاها} [الشمس: 12] انبعثَ لها رجلٌ عزيزٌ عَارِمٌ مَنيعٌ في رهطهِ ، مثل أبي زَمعة ، وذكر النِّساء - وفي رواية : ثم ذكر النساءَ - فوعظ فيهن.فقال : يَعْمِدُ أحدُكم فَيَجْلِدُ امرأتَهُ جَلدَ العبدِ ، فلعلَّهُ يُضَاجِعُها من آخر يومه ، ثم وعظهم في ضحِكِهم من الضَّرْطةِ ، قال : لِمَ يضحكْ أَحدكم مما يفعل ؟. أخرجه البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، هكذا. وفرقه البخاري أيضاً في مواضع من كتابه (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(عقرها) العقر : الجرح ، وعقر ناقته : ضرب قوائمها بالسيف فقطعها. -[430]-
(انبعث) مضى لشأنه ، وثار ذاهباً لقضاء حاجته وأربه.
عارم : العارم: الشديد الممتنع.
__________
(1) هو عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى ، صحابي مشهور ، وأمه قريبة : أخت أم سلمة أم المؤمنين .
(2) البخاري 8 / 542 في تفسير سورة الشمس ، وفي الأنبياء ، باب قول الله تعالى {وإلى ثمود أخاهم صالحاً} ، وفي النكاح ، باب ما يكره من ضرب النساء ، وفي الأدب ، باب قول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم} ، ومسلم رقم (2855) في الجنة وصفة نعيمها ، والترمذي رقم (3340) في التفسير ، باب ومن سورة الشمس .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه الحميدي (569) قال : حدثنا سفيان. و «أحمد» (4/17) قال : حدثنا وكيع. وفي (4/17) قال : حدثنا أبو معاوية. وفيه (4/17) قال : حدثنا ابن نمير. وفيه (4/17) قال : حدثنا سفيان بن عيينة. و «الدارمي» (2226) قال : أخبرنا جعفر بن عون. و «البخارى (4/180) قال : حدثنا الحميدي. قال : حدثنا سفيان. وفي (6/210) قال :حدثنا موسى بن إسماعيل. قال : حدثنا وهيب. وفي (7/42) قال : حدثنا محمد بن يوسف ، قال : حدثنا سفيان. وفي (8/18) قال : حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا سفيان. و «مسلم» (8/154) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب، قالا : حدثنا ا بن نمير. و «ابن ماجة» (1983) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا عبد الله بن نمير. و «الترمذي» 3343 قال : حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني ، قال : حدثنا عبدة. و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف) 5294 عن محمد بن رافع ، وهارون بن إسحاق عن عبدة بن سليمان (ح) وعن محمد بن منصور ، عن سفيان بن عيينة.
ثمانيتهم - سفيان بن عيينة ، ووكيع ، وأبو معاوية ، وابن نمير، وجعفر ، ووهيب ، وسفيان الثوري ، وعبدة- عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، فذكره.

سورة والضحى
879 - (خ م ت) جُندُب بن سفيان البجلي - رضي الله عنه - قال : اشْتكى (1) رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يَقُمْ لَيْلَة أَو ليْلَتِيْن ، وفي رواية : ليلتين أو ثلاثاً - فجاءتهُ امرأَةٌ، فقالت: يا محمد ، إِني لأرجو أنْ يكونَ شَيْطانُكَ قد تركَكَ ، لم أرَهُ قَرَبَكَ مُنْذُ ليْلَتَيْنِ، أَو ثلاثٍ قال : فأنزل الله عز وجل {والضُّحَى . واللَّيْلِ إذا سَجَى . ما وَدَّعَكَ ربُّكَ ومَا قَلَى} [الضُّحى: 1- 3] .
وفي رواية قال : أبطأ جبريل على رسولٍِ الله صلى الله عليه وسلم ، فقال المشركونَ : قد وُدِّعَ مُحَمَّدٌ، فأنزل اللهُ عز وجل : {والضُّحَى . واللَّيْلِ إذا سَجَى . ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ ومَا قَلَى} . أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرجه الترمذي قال : كُنتُ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في غارٍ ، فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
هَلْ أَنتِ إلا إصْبَعٌ دَميتِ ... وفي سبيل الله ما لقيتِ ؟
قال : فأبطأَ عليه جبريل عليه السلام ، فقال المشركون : قد وُدِّعَ -[431]- محمدٌ ، فأنزل الله تبارك وتعالى : {ما وَدَّعَكَ ربُّكَ ومَا قَلَى (2)} .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قلا) قلاه : إذا هجره ، والاسم : القِلى .
__________
(1) أي : مرض ، والمرأة : هي أم جميل – بفتح الجيم – امرأة أبي لهب وأخت أبي سفيان ، و " قرب " بالضم لازم ، يقال : قرب الشيء ، أي دنا ، وبالكسر : متعد ، يقال : قربته ، أي : دنوت منه .
(2) البخاري 8 / 545 في تفسير سورة الضحى ، باب قوله تعالى : {ما ودعك ربك وما قلى} ، وفي التهجد ، باب ترك القيام للمريض ، وفي فضائل القرآن ، باب كيف نزول الوحي ، ومسلم رقم (1797) في الجهاد ، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المنافقين ، والترمذي رقم (3342) في التفسير ، باب ومن سورة الضحى ، وقال : هذا حديث حسن صحيح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1- أخرجه الحميدي (777) . ومسلم (5/182) قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم.و «الترمذي» (3345) قال : حدثنا ابن أبي عمر. ثلاثتهم - الحميدي وإسحاق ، وابن أبي عمر- قال إسحاق:أخبرنا. و قال الآخران : حدثنا سفيان بن عيينة.
2-وأخرجه أحمد (4/312) قال :حدثنا محمد بن جعفر. و «البخاري» (6/213) قال : حدثنا محمد ابن بشار، قال : حدثنا محمد بن جعفر- غندر - و «مسلم» (5/182) قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن المثنى وابن بشار ، قالوا : حدثنا محمد بن جعفر. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف -3249) عن إسماعيل بن مسعود ، عن بشر بن المفضل. كلاها - ابن جعفر ، وبشر - عن شعبة.
3- وأخرجه أحمد (4/312) قال : حدثنا بحيى بن آدم. و «البخارى» (6/213) قال : حدثنا أحمد بن يونس. و «مسلم» (5/182) قال :حدثنا إسحاق بن إبراهيم ،ومحمد بن رافع ، قال : إسحاق : أخبرنا ، وقال ابن رافع : حدثنا يحيى بن آدم.كلاهما - يحيى ، وأحمد بن يونس - قالا : حدثنا زهير.
4- وأخرجه أحمد (4/12) قال : حدثنا أبو نعيم. وفي (4/313) قال : حدثنا وكيع. و «ا لبخاري» (2/62 ، 6/224) قال : حدثنا أبونعيم. وفي (2/62) قال : حدثنا محمد بن كثير. و «مسلم» (5/182) قال : حدثا إسحاق بن إبراهيم قال : أخبرنا الملائي. ثلاثتهم - أبو نعيم الملائي ، ووكيع ، ومحمد - قال : محمد أخبرنا. وقال الأخران : حدثنا سفيان (هو الثوري) .
أربعتهم - سفيان بن عيينة ، وشعبة ، وزهير ، والثوري - عن الأسود بن قيس ، فذكره.

سورة أقرأ
880 - (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فجاءَ أبو جهلٍ ، فقال : ألم أنهك عن هذا ؟ أَلم أنْهَكَ عن هذا ؟ فانصرف النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَزَبَرَهُ ، فقال أبو جهلٍ : إنك لتَعْلَمُ ما بِها نَاد أَكْثَرَ منِّي ، فأنزل الله تبارك وتعالى : {فلْيَدْعُ نادِيَهْ . سَنَدْعُ الزَّبَانيةَ} [اقرأ : 17 ، 18] قال ابن عباس : والله لو دعَا نَادِيَه لأَخَذَتهُ زَبانِيَةُ اللهِ. أخرجه الترمذي (1) . -[432]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(ناد) النادي : مجتمع القوم.
__________
(1) رقم (3346) في التفسير ، باب ومن سورة اقرأ باسم ربك ، وإسناده حسن . وقال الترمذي : حسن غريب صحيح ، وأخرجه أحمد في " المسند " رقم (2321) و (3045) ، وأخرج مسلم في صحيحه رقم (2797) في صفات المنافقين ، باب قوله تعالى : {إن الإنسان ليطغى} من حديث أبي هريرة قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ قال : فقيل : نعم ، فقال : واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته ، أو لأعفرن وجهه في التراب ، قال : فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى زعم ليطأ على رقبته ، قال : فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ، ويتقي بيديه ، قال : فقيل له : ما لك ؟ فقال إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً وأجنحة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً -[432]- عضواً» قال : فأنزل الله عز وجل - لا ندري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه - {كلا إن الإنسان ليطغى} إلى آخر السورة ، وأخرجه أحمد والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3349) حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس فذكره.
وقال : هذا حديث حسن غريب صحيح ، وفيه - أي الباب - عن أبي هريرة رضي الله عنه.

سورة القدر
881 - (ت) يوسف بن سعد -رحمه الله- : قال : قام رجلٌ إلى الحسن بن علي ، بعد ما بَايَعَ مُعاوِيَةَ ، فقال : سَوَّدْتَ وُجُوهَ المؤمنين ، أَو يا مُسَوِّد وجوهِ المؤمنين ، فقال : لا تُؤنِّبْني - رحمك الله - فإِنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أُرِي بني أُمَيَّةَ على مِنْبَرِهِ ، فساءهُ ذلك ، فنزلت : {إنا أعطيناك الكوثر} [الكوثر : 1] يا محمدُ ، يعني نهراً في الجنة ، ونزلت : {إنا أَنزلناه في ليلة القدر . وما أدراك ما ليلة القدر . ليلة القدر خير من ألف شهر} [القدر : 1 - 3] يملكها بعدك بَنُو أُمَيَّة يا مُحمدُ ، قال القاسم بنُ الْفَضْلِ : فعدَدْنا ، فإِذا هي ألفُ شهرٍ ، لا تزيدُ يوماً ولا تنقُص. أخرجه الترمذي (1) . -[433]-

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تؤنبني) التأنيب : اللوم والتعنيف.
(خير من ألف شهر) قد جاء في متن الحديث «أن مدة ولاية بني أمية كانت ألف شهر» ، وألف شهر هي: ثلاث وثمانون سنة ، وأربعة أشهر ، وكان أول ولاية بني أمية منذ بيعة الحسن بن علي-رضي الله عنهما - لمعاوية بن أبي سفيان ، وذلك على رأس ثلاثين سنة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في آخر سنة أربعين من الهجرة وكان انقضاء دولتهم على يد أبي مسلم الخراساني في سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، فيكون ذلك اثنتين وتسعين سنة ، يسقط منها مدة خلافة عبد الله بن الزبير ، وهي ثماني سنين وثمانية أشهر ، يبقى ثلاث وثمانون سنة ، وأربعة أشهر ، وهي ألف شهر (2) .
__________
(1) رقم (3347) في التفسير ، باب ومن سورة القدر ، وقال : حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث القاسم بن الفضل . وقد قيل : من حديث أبي داود الطيالسي عن القاسم بن الفضل الحداني عن يوسف عن سعيد عن القاسم بن الفضل عن يوسف بن مازن ، وأخرجه الحاكم في مستدركه 3 / 170 و 171 ، وإسناده صحيح ، ووافقه الذهبي ، وقد رد الحافظ ابن كثير هذا الحديث في تفسيره 9 / 251 من جهة متنه ، وقال : إنه منكر ، ونقل تضعيفه عن شيخه الحافظ أبي الحجاج المزي ، فراجعه إن شئت .
(2) من العجيب أن يسوق المصنف هذا مساق الدليل القاطع ، مع أن الحديث قد تقدم القول : أنه منكر ، ومع أن السورة لا تمت إلى هذا الذي قاله بأي سبب من الأسباب .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف : أخرجه الترمذي (3350) قال : ثنا محمود بن غيلان ، قال : ثنا أبو داود الطيالسي ، قال: ثنا القسام بن الفضل الحداني ، عن يونس بن سعد ، فذكره.
وقال الترمذي : هذا حديث غريب لانعرفه إلا من هذه الوجه من حديث القاسم بن الفضل. وقد قيل عن القاسم بن الفضل عن يوسف بن مازن. والقاسم بن الفضل الحراني هو ثقة ، وثقه يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي ، ويوسف بن سعد رجل مجهول ، ولانعرف هذا الحديث على هذا اللفظ إلا من هذا الوجه.

سورة إذا زلزلت
882 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال : «قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية» {يومئذ تُحَدِّثُ أخبارها} [إذا زلزلت : 4] قال : «أتَدرون ما أخبارُها ؟» قالوا الله ورسولُهُ أعلم. قال : «فإنَّ أخبارها : أنْ تَشْهَدَ على كُلِّ عَبْدٍ أو أمَةٍ بما عَمِلَ على ظَهرها ، تقول : عَمِلَ يومَ كذا ، كذا وكذا ، فهذا أخْبارُها» . -[434]- أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3350) في التفسير ، باب ومن سورة إذا زلزلت ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح غريب ، وأخرجه أحمد في مسنده 2 / 374 ، والحاكم في مستدركه 2 / 532 وقال : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي ، نقول : وفي سنده يحيى بن أبي سليمان المدني ، لينه الحافظ في " التقريب " وباقي رجاله ثقات ، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 380 وزاد نسبته لعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3353) حدثنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا سعيد بن أبي أيوب عن يحيى بن أبي سليمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة فذكره. قال أ بو عيسى هذا حديث حسن صحيح.

سورة التكاثر
883 - (ت) الزبير بن العوام - رضي الله عنه - قال : لما نزلت {ثم لَتُسْألُنَّ يومَئذٍ عن النَّعيم} [التكاثر : 8] قال الزبير: يا رسولَ الله ، وأيُّ نَعيم نُسْأَلُ عنه، وإنما هما الأسودان : التمرُ والماء ؟ قال : أمَا إنهُ سيكونُ. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3354) في التفسير ، باب ومن سورة ألهاكم التكاثر ، وأخرجه ابن ماجة رقم (4158) في الزهد ، باب معيشة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحمد في مسنده 1 / 164 وهو حديث صحيح ، وقد حسنه الترمذي ، ويشهد له حديث أبي هريرة الآتي ، وحديث محمود بن لبيد عند احمد 5 / 429 .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
حسن : أخرجه الحميدي (61) وأحمد (1/164) (1405) . وابن ماجة (4158) والترمذي (3356) قال : (ابن ماجة ، والترمذي) حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني. ثلاثتهم - الحميدي، وأحمد، ومحمد- قالوا : حدثنا سفيان ، عن محمد بن عمرو ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عبد الله بن الزبير ، فذكره. وقال الترمذي : هذا حديث حسن.

884 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال : لما نزلت هذه الآية {ثم لَتُسْألُنَّ يومَئذٍ عن النَّعيم} قال الناس : يا رسول الله ، عن أيِّ النَّعِيم نُسْألُ ، وإنما هما الأسودان، والعدوُّ حاضرٌ ، وسيُوفُنا على عواِتقِنا ؟ قال : إنَّ ذلك سيكون. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3354) في التفسير ، باب ومن سورة التكاثر ، وهو بمعنى الحديث السابق .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3357) حدثنا عبد بن حميد حدثنا أحمد بن يونس عن أبي بكر بن عياش عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن فذكره.

885 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : أولُ ما يسأَلُ عنه العبد يوم القيامةِ من النعيم ، أنْ يُقَالَ له : ألمْ نُصِحَّ لك جِسْمَكَ ؟ ونُرْوِكَ من الماء البارِدِ ؟. أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3355) في التفسير ، باب ومن سورة ألهاكم التكاثر ، وإسناده قوي ، وصححه ابن حبان رقم (2585) ، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 388 وزاد نسبته لأحمد في " زوائد الزهد " وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه والبيهقي .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف : أخرجه الترمذي (3358) قال : ثنا عبد بن حميد ، ثنا شبابة عن عبد الله بن العلاء عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزم الأشعري ، فذكره. وقال الترمذي : هذا : حديث غريب ، والضحاك : هو ابن عبد الرحمن بن عرزب ، ويقال ابن عرزم. وابن عرزم أصح.

سورة أرأيت
886 - (د) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : كُنَّا نَعُدُّ الماعون على عَهْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم عاريَةَ الدَّلْوِ والْقِدْرِ. أخرجه أبو داود (1) .
__________
(1) رقم (1657) في الزكاة ، باب حقوق المال ، وإسناده حسن ، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 400 وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والنسائي والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في " الأوسط " وابن مردويه والبيهقي .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (1657) حدثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا أبو عوانة عن عاصم بن أبي النجود ، عن شقيق عن عبد الله فذكره.

سورة الكوثر
887 - (خ م ت د س) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : بينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ بيْنَ أَظْهُرِنا في المسجدِ ، إِذْ أَغْفَى إِغفاءة ، ثم رفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّماً ، فقلنا :ما أضْحَكَكَ يا رسولَ الله ؟ قال : «نزلت عليَّ آنفاً سورةٌ ، فقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم . إِنا أعطيناك الكَوْثَرَ . فصَلِّ لربِّك وانْحَرْ . إن شانِئَك هو الأبْتَرُ} [الكوثر: 1- 3] ثم قال : أتَدْرُون ما الكوثر ؟ فقلنا : -[436]- الله ورسوله أعلم ، قال : فإِنه نَهْرٌ وَعدَنيهِ ربِّي عزَّ وجلَّ، عليه خيْرٌ كثيرٌ ، هو حَوْضٌ تَرِدُ عليه أُمَّتي يومَ القيامة ، آنيتُه عَدَدَ نُجُومِ السماءِ (1) فيُخْتَلِجُ العبدُ منهم ، فأقولُ : ربِّ ، إِنهُ من أُمَّتي ، فيقول : ما تَدْرِي ما أحْدَثَ بعدَك ؟» .
وفي رواية نحوه ، وفيه إنه نَهرٌ وعَدنيه رَبِّي في الجنَّةِ ، عليه حَوْضي ولم يذْكُرْ : «آنيتُه عَدَدُ النُّجُوم» . هذه رواية مسلم.
وقد أخرجه هو أيضاً ، والبخاري مختصراً ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «ليَرِدَنَّ عليَّ الحوض رَجالٌ مِمَّنْ صاحَبَني ، حتى إذَا رأَيتُهم ورُفِعُوا إليَّ : اخْتُلجُوا دُونِي ، فَلأَقُوَلنَّ ، أيْ ربِّ ، أُصَيْحابي ، أُصَيْحابي ، فَلَيُقَالنَّ لي ، إنَّكَ لا تدْري ما أحْدَثُوا بعْدَكَ» .
وفي رواية للبخاري : قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «لمَّا عرجُ بِي إلى السَّماءِ ، أَتيْتُ على نَهْرٍ حافَتاهُ قِبابُ اللُّؤلُؤِ الْمُجَوَّفِ ، فَقُلْتُ : ما هذا يا جبريل ؟ قال : الكوثرُ.
وفي أخرى له ، قال : «بينا أنا أسِيرُ في الجنَّةِ ، إذا أنا بِنَهْرٍ حافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤلُؤِ الْمُجَوَّفِ ، قلت : ما هذا يا جبريل ؟» قال : الكوثرُ الذي أعطاك ربُّكَ ، فإذا طِيبُهُ - أو طِينُهُ - مِسْكٌ أَذْفَرُ ، شَكَّ الراوي.
وأخرجه الترمذي قال : بينا أنا أَسيرُ في الْجَنَّةِ إذ عَرَضَ لي نَهرٌ حافَتاهُ قِبابُ اللؤْلُؤِ،قلتُ لِلْمَلكِ : مَا هذا ؟ قال : هذا الكوثَرُ الذي أَعطاكَهُ اللهُ ، قال : ثم ضَرَبَ بيده إلى طينه ، فاسْتَخْرَجَ لي مِسكاً ، ثم رُفِعَتْ لي سِدْرةُ -[437]- المنْتَهى ، فرأيتُ عندها نوراً عظيماً.
[وله في أخرى : [في قوله] : {إِنا أعطيناك الكَوْثَرَ} أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : هو نهرٌ في الجنة ، قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «رأيتُ نَهْراً في الجنة ، حافتاهُ قِبابُ اللُّؤلؤِ ، قلتُ: ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثَرُ الذي أعطاكَهُ اللهُ»] .
وأخرجه أبو داود مثل رواية مسلم الأولى إلى قوله : عليه خيرٌ كثير.
وفي أخرى له : «أَنَّهُ نَهرٌ وعَدَنيهِ رَبِّي في الجنةِ» . ولم يذكر الإغْفاء ، ولا أنه «كان بين أظْهُرِنا في المسجد» .
وفي أخرى له : لما عَرَجَ بنبيِّ اللهِ في الجنَّةِ - أو كما قال : - عَرَض له نَهرٌ في الجنَّةِ، حَافَتاهُ الياقُوتُ المُجَيَّبُ - أو قال : المُجَوَّف - فَضَرَبَ المَلك الذي مَعَهُ يَدَهُ ، فَاسْتَخْرَجَ مِسكاً، فقال محمد صلى الله عليه وسلم لِلمَلكَ الذي مَعَهُ : ما هذا : قال : الكوثر الذي أعطاكَهُ اللهُ» .
وأخرجه النسائي بنحوٍ من هذه الروايات المذكورة (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(آنفاً) يعني الآن والساعة . -[438]-
(الأبتر) المقطوع النسل الذي لا ولد له ، وقيل : المنقطع من كل خير.
والشانئ : المبغض والعدو.
(فيختلج) الاختلاج : الاستلاب والاجتذاب.
(المجيَّب) الذي جاء في كتاب البخاري «المجوف» ومعناه ظاهر ، يعني أنها قباب مجوفة من لؤلؤ ، والذي جاء في كتاب أبي داود «المجيب» أو «المجوف» كذا جاء بالشك فإن كان بالفاء : فهو كما سبق.
والذي رأيته في كتاب الخطابي «المجيَّب» - أو «المجوف» - بالباء ، وقال معناه ، الأجوف ، وأصله من جُبتُ الشيء : إذا قطعته ، والشيء ، مجيَّب ومجوَّب ، كما قالوا : مشوَّب ومشيَّب ، وانقلاب الياء عن الواو كثير في كلامهم. كذا فسره الخطابي رحمه الله تعالى.
__________
(1) ولفظ مسلم : آنيته عدد النجوم .
(2) البخاري 8 / 562 و 563 في تفسير سورة {إنا أعطيناك الكوثر} ، وفي الرقاق ، باب الحوض ، ومسلم رقم (400) في الصلاة ، باب حجة من قال : البسملة آية من أول كل سورة ، والترمذي رقم (3357) في التفسير ، باب ومن سورة {إنا أعطيناك الكوثر} ، وأبو داود رقم (4747) و (4748) في السنة ، باب في الحوض ، والنسائي 3 / 133 و 134 في الصلاة ، باب قراءة (بسم الله الرحمن الرحيم) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :
1-أخرجه أحمد (3/102) (مرتين) ومسلم (2/،13 7/71) قال : ثنا أبو كريب، محمد بن العلاء ، و «أبو داود» (،784 4747) قال : ثنا هناد بن السري : ثلاتهم - أحمد ، وأبوكريب، وهناد - عن محمد بن فضيل.
2- وأخرجه مسلم (2/12 ، 7/71) قال : ثنا علي بن حجر، وأبو بكر بن أبي شيبة ، و «النسائي» 2/133 وفي الكبرى (887) قال : ثنا علي بن حجر. كلاهما - علي ،وأبو بكر - قالا : ثنا علي بن مسهر. كلاهما - ابن الفضيل ، وعلي بن مسهر - عن المختار بن فلفل ، فذكره.
والرواية الثانية :
1-أخرجها أحمد (3/207) قال : ثنا يونس. و «البخارى 6/219 قال : ثنا آدم كلاهما (يونس ، وآدم قالا : ثنا شيبان.
2- وأخرجه أحمد (3/191) قال : ثنا بهز ،و عفان. وفي 3/289 قال : ثنا بهز. و «البخاري» (8/149) قال :ثنا أبو الوليد. وفي 8/149 قال : ثنا هدبة بن خالد.
أربعتهم قالوا: ثنا همام بن يحيى.
3- وأخرجه أحمد (3/164) وعبد بن حميد (1190) ، والترمذي (3359) قال : ثنا عبد بن حميد. و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف 1338) عن إسحاق بن إبراهيم. ثلاثتهم عن عبد الرزاق - عن معمر.
4- وأخرجه أحمد (3/231 ، 232) قال :ثنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال : ثنا سعيد بن أبي عروبة.
5- وأخرجه أبو داود (4748) قال : ثنا عاصم بن النضر ، ثنا المعتمر ،قال : سمعت أببي.
6- وأخرجه الترمذي (3360) قال : ثنا أحمد بن منيع ، قال : ثنا سريج بن النعمان ، قال : ثنا الحكم ابن عبد الملك.
ستتهم -شيبان ،وهمام ،ومعمر ، وسعيد ، وسليمان التميي ، و الحكم - عن قتادة ، فذكره.
والرواية الثالثة : أخرجها أحمد (3/152) قال : ثنا عبد الصمد. وفي 3/247 قال : ثنا عفان. كلاهما قالا : ثنا حماد ، عن ثابت فذكره.
والرواية الرابعة : أخرجها أحمد (3/103) قال : ثنا ابن أبي عدي. وفي (3/115) قال : ثنا يحيى. وفي (3/263) قال : ثنا عبد الله بن بكر. ثلاثتهم عن حميد ، فذكره.

888 - (خ) أبو بشر جعفر بن إِياس اليشكري -رحمه الله- : عن سعيد بن جُبَيْر ، عن ابن عباسٍ ، قال في الكوثر : هو الخير الذي أعطاه الله إِيَّاهُ ، قُلْتُ لسعيدٍ: فإِنَّ ناساً يزعُمُون أنَّهُ نَهْرٌ في الجنة ؟ فقال سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاهُ اللهُ إياه. أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 563 في تفسير سورة {إنا أعطيناك الكوثر} ، وفي الرقاق ، باب الحوض .
قال الحافظ في " الفتح " : هذا تأويل من سعيد بن جبير ، جمع به بين حديثي عائشة وابن عباس رضي الله عنهما ، وكأن الناس الذين عناهم أبو بشر : أبو إسحاق وقتادة ، ونحوهما ممن روى ذلك صريحاً : أن الكوثر ، هو النهر . ثم قال : وحاصل ما قاله سعيد بن جبير : أن قول ابن عباس : إنه الخير الكثير ، لا يخالف قول غيره : إن المراد به نهر في الجنة ، لأن النهر فرد من أفراد الخير الكثير ، ولعل سعيداً أومأ إلى أن تأويل ابن عباس أولى لعمومه ، لكن ثبت تخصيصه بالنهر ، من لفظ النبي صلى الله عليه و سلم ، فلا معدل عنه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (4966) حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشيم حدثنا أبو بشر عن سعيد ابن جبير فذكره.

889 - (ت) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «الكوثرُ : نهرٌ في الجنَّةِ حافتاهُ من ذهَبٍ ، ومَجْراهُ على الدُّرِّ والْيَاقُوتِ ، تُرْبَتُهُ أطْيَبُ من الْمِسْكِ ، ومَاؤُهُ أَحْلى من الْعَسَلِ ، وأَبَيضُ من الثَّلْجِ» . أخرجه الترمذي (1) .
__________
(1) رقم (3358) في التفسير ، باب ومن سورة الكوثر ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وأخرجه ابن ماجة رقم (4334) في الزهد ، باب صفة الجنة ، وأحمد في مسنده 2 / 112 ، وإسناده صحيح ، فإن الراوي عن عطاء عنده هو حماد بن زيد ، وقد سمع منه قديماً ، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6 /403 وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن مردويه وابن أبي حاتم وابن جرير .

890 - (خ) عائشة - رضي الله عنها - : قال عامرُ بنُ عبدِ الله بنِ مسعودٍ (1) سألتُ عائِشَةَ عن قوله تعالى {إِنا أعطيناك الكَوْثَرَ} فقالت : الكَوْثَرُ نهر أُعْطِيهُ نَبِيُّكُم ، شَاطِئَاهُ (2) عليه دُرٌّ مُجَوَّفٌ ، آنيتُه كعَددِ النجوم. أخرجه البخاري (3) .
__________
(1) هو أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود الهذلي ، روى عنه إبراهيم النخعي ، ومجاهد ونافع بن جبير وأبو إسحاق السبيعي ، وعمرو بن مرة ، وروى هو عن أبي موسى الأشعري وعائشة وكعب بن عجرة ، قال عمرو بن مرة : سألت عامراً : هل تذكر عن أبيك عبد الله شيئاً ؟ قال : لا .
(2) قال العيني : " عليه " يرجع إلى جنس الشاطئ ، ولهذا لم يقل : عليهما ، و " در " مرفوع على أنه مبتدأ ، و " مجوف " صفته ، وخبره " عليه " والجملة خبر المبتدأ الأول ، أعني : " شاطئاه " .
(3) 8 / 563 في تفسير سورة {إنا أعطيناك الكوثر} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح :أخرجه البخاري (4965) حدثنا خالد بن يزيد الكاهلي حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة ،فذكره.

891 - (عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -) قال : قالت قُرَيشٌ : ليس له ولَدٌ ، وسيموتُ وينْقَطِع أَثَرُهُ، فأنزل اللهُ تعالى سورة الكوثَر، إلى -[440]- قوله {إِنَّ شَانِئَكَ هُو الأبْتَرُ} - يعني : شَانىء محمد صلى الله عليه وسلم : هو الأبتَرُ. أخرجه رزين.

سورة النصر
892 - (خ ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال : كان عمر يُدخِلُني مَعَ أَشْياخِ بدْرٍ ، فكأنَّ بعضَهُمْ وجَدَ في نفسه ، فقال : لِمَ تُدْخِل هذا مَعنا ، ولنا أبناءٌ مثْلُه ؟ فقال عُمرُ إنَّهُ مَنْ علمتُم ، فدعاه ذَاتَ يومٍ ، فأدَخَله معُهم ، قال : فما رُئِيتُ (1) أنه دعاني يوماً ، إلاَّ لِيُريَهُمْ ، قال : ما تقولون في قول الله عز وجل {إذا جاء نَصْرُ اللَّه والفتح} [النصر : 1] فقال بعضُهم : أُمِرْنا بأنْ نَحْمَدَ الله ونَسْتَغْفِرَهُ ، إذا نُصِرْنا وفُتِحَ عَلَيْنا ، وسكتَ بعضُهم، فلم يقل شيئاً ، فقال لي : أكذَاك تقولُ يا ابن عباسٍ ؟ قلتُ : لا ، قال : فما تقول ؟ قلتُ : هو أَجلُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أَعْلمهُ [له] ، فقال : {إذا جاء نَصْرُ اللَّهِ والفتحُ} فذلك علامةُ أجَلِكَ {فَسبحْ بحمدِ رَبِّكَ واستغفره إِنه كان توّاباً} فقال عمر : ما أعلم منها إلا ما تقول.
وفي رواية : أنَّ عُمرَ كان يُدني ابنَ عباس ، فقال له عبد الرحمن بن -[441]- عَوفٍ ، إِنَّ لَنا أبناء مثلَه ، فقال : عمر : إِنَّهُ من حيثُ تَعلمُ ، فسألَ عمرُ ابنَ عباسٍ عن هذه الآية؟ قال : أَجلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أَعْلَمَهُ إِيَّاه ، قال : ما أَعْلمُ منها إِلا ما تَعْلَمُ.
وفي أخرى : أنَّ عمر سألهم عن قوله : {إذا جاء نَصْرُ اللَّه والفتحُ} قالُوا : فتح المدائن والقُصُورِ ، قال : يا ابنَ عباسٍ ، ما تقول ، قال : أَجَلٌ أو مثَلٌ ضُرِبَ لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ، نُعيِتْ إليه نَفْسُهُ.أخرجه البخاري ، وأخرج الترمذي الرواية الوُسْطَى (2) .
__________
(1) قوله " فما رئيت " على صيغة المجهول ، بضم الراء وكسر الهمزة . وفي غزوة الفتح في رواية المستملى " أُريته " بتقديم الهمزة والمعنى واحد . وقوله " إلا ليريهم " بضم الياء من الإراءة .
(2) البخاري 8 / 565 و 566 في تفسير سورة {إذا جاء نصر الله} ، باب قوله {فسبح بحمد ربك واستغفره} ، وفي الأنبياء ، باب علامات النبوة في الإسلام ، وفي المغازي ، باب منزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ، وباب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته ، والترمذي رقم (3359) في التفسير ، باب ومن سورة الفتح .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد 1/337 (3127) قال : حدثنا هشيم. و «البخارى» (4/248) وفي (6/11) . قال : حدثنا محمد بن عرعرة ، قال : حدثنا شعبة. وفي (5/198) قال : حدثنا أبو النعمان، قال : حدثنا أبو عوانة. وفي (6/220) قال حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا أبو عوانة. «الترمذي» 3362 قال : حدثنا عبد بن حميد ، قال حدثنا سليمان بن داود ، عن شعبة (ح) حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر. قال : حدثنا شعبة.
ثلاثتهم - هشيم ، وشعبة ،وأبو عوانة- عن أبي بشر جعفر بن إياس ، عن سعيد بن جبير فذكره.
* أخرجه البخاري 6/22 قال : حدثنا عبد الله بن أبي شيبة قال : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ،أن عمر -رضي الله عنه - سألهم عن قوله تعالى : {إذا جاء نصر الله والفتح} قالوا:: فتح المدائن والقصور. قال :ماتقول يا ابن عباس ؟ قال أجل : أو مثل ضرب لمحمد صلى الله عليه وسلم نعيت له نفسه.

سورة الإخلاص
893 - (ت) أبي بن كعب - رضي الله عنه - : أنَّ المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : انْسُبْ لَنا ربكَ ، فأنزل الله تباركَ وتعالى : {قُلْ هو اللَّه أَحدٌ . اللَّه الصَّمَدُ . لم يَلدْ ولم يُولَدْ} [الإخلاص : 1] لأنه ليس شيءٌ يولد إلا سَيمُوتُ ، وليس شيءٌ يموتُ إلا سيُورَثُ ، وإنَّ الله لا يموتُ ولا يورَثُ {ولم يكن له كُفُواً أَحدٌ} قال : لم يكُنْ له شَبِيهٌ ولا عِدْل ، وليس كمثله شيءٌ. -[442]- أخرجه الترمذي (1) .
وأخرجه أيضاً ، عن أبي العالية عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكر عن أُبيّ ، قال : وهذا أصحُّ (2) .
__________
(1) رقم (3361) و (3362) في التفسير ، باب ومن سورة الإخلاص ، وهو في " المسند " 5 / 134 وفي سند الروايتين أبو جعفر الرازي ، وهو صدوق سيء الحفظ .
(2) يعني الترمذي : أن حديث عبيد الله بن موسى مرسلاً أصح من حديث أبي سعد متصلاً ، لأن عبيد الله بن موسى ثقة ، وأبا سعد وهو محمد بن ميسر الصاغاني ضعيف .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
ضعيف : أخرجه أحمد (5/133) والترمذي (3364) قال : ثنا أحمد بن منيع.
كلاهما - ابن حنبل ، وابن منيع - قالا : ثنا محمد بن ميسرة الصاغاني ، قال : ثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس. عن أبي العالية فذكره.

894 - (خ) أبو وَائل -رحمه الله - : قال : الصَّمَدُ : السَّيِّدُ الذي انتهى سُؤْدُدُهُ. أخرجه البخاري (1) .
__________
(1) 8 / 568 في تفسير سورة {قل هو الله أحد} ، باب قول الله (الصمد) تعليقاً ، قال الحافظ : وقد وصله الفريابي من طريق الأعمش عنه ، وجاء أيضاً من طريق عاصم عن أبي وائل فوصله بذكر ابن مسعود فيه .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري تعليقا (8/612) باب قوله : الله الصمد. قال الحافظ وقد وصله الفريابي من طريق الأعمش عنه ، وجاء أيضا من طريق عاصم عن أبي وائل فوصله يذكر ابن مسعود فيه.

895 - (خ س) أبو هريرة - رضي الله عنه - : أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : «يقول الله عز وجل : يَشْتُمُني ابنُ آدمَ ، وما ينبغي له أَنْ يَشْتُمَني ، ويُكذِّبُني وما ينبغي له ، أمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ، فَقَوْلُهُ : إنَّ لي ولَداً ، وأمَّا تَكْذِيِبُهُ ، فَقَولَه : ليس يُعيدُني كما بَدَأني» .
وفي رواية قال : قال الله عز وجل : كَذَّبَني ابن آدمَ ، ولم يكُنْ له ذلك ، وشَتَمَني ، ولم يكنْ له ذلك ، فأَمَّا تكذِيبه إياي ، فقوله : لن يُعيدني كما بَدَأني. وليس أوَّل الخلقِ بأهوَنَ عَلَيَّ من إعَادتَهِ ، وأمَّا شَتْمُهُ إيايَ ، فقوله : اتَّخذَ اللهُ وَلَداً ، وأنا الأحَدُ الصَّمَدُ الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ ، ولم يكن له كُفُواً -[443]- أَحَدٌ. أخرجه البخاري ، والنسائي (1) .
__________
(1) البخاري 8 / 568 في تفسير سورة {قل هو الله أحد} ، وفي بدء الخلق ، باب ما جاء في قول الله تعالى {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده} ، والنسائي 4 / 112 في الجنائز ، باب أرواح المؤمنين .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد (2/339) قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان و «البخارى» 4/129 قال : حدثني عبد الله بن أبي شيبة ،عن أبي أحمد ، عن سفيان. وفي (6/222) قال : حدثنا أبو اليمان ، قال : حدثنا شعيب. و «النسائي» (4/112) قال : أخبرنا الربيع بن سليمان ، قال : حدثنا شعيب ابن الليث ، قال : حدثا الليث ، عن ابن عجلان. وفي الكبرى (الورقة 101 -أ) قال : أخبرنا عمران ابن بكار ، قال : حدثنا علي بن عياش ، قال : حدثنا شعيب.
ثلاثتهم - سفيان الثوري. وشعيب بن أبي حمزة ، ومحمد بن عجلان -عن عبد الله بن ذكوان بن أبي الزناد ، عن عبد الرحمن الأعرج ، فذكره.
والرواية الثانية أخرجها أحمد (2/317) .و «البخارى» (6/222) قال : حدثنا إسحاق بن منصور.
كلاهما - أحمد بن حنبل ، إسحاق - عن عبد الرزاق بن همام قال : حدثنا معمر ، عن همام بن منبه، فذكره.

896 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - : أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : «قال الله تعالى كَذَّبَني ابن آدمَ ، ولم يكُنْ له ذلك (1) ، وشَتَمَني ، ولم يكنْ له ذلك ، فأَمَّا تكذِيبه إياي ، فَزَعَمَ أنِّي لا أقدِرُ أن أُعِيدَهُ كما كان ، وأمَّا شَتْمُهُ إيَّايَ ، فقوله : لِيَ ولَدٌ ، فَسُبْحاني أنْ أَتَّخذَ صاحِبَة أو وَلَداً» .أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) قال الكرماني : التكذيب نسبة المتكلم إلى أن خبره خلاف الواقع ، والشتم : توصيف الشخص بما هو إزراء ونقص فيه ، وإثبات الولد له كذلك ، لأنه قول بما يستلزم الإمكان والحدوث ، فسبحانه ما أحلمه وما أرحمه {وربك الغفور ذو الرحمة} وهذا من الأحاديث القدسية .
(2) 9 / 234 في تفسير سورة البقرة ، باب {وقالوا اتخذ الله ولداً} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (4482) حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن عبد الله بن أبي حسين حدثنا نافع بن جبير عن ابن عباس فذكره.

سورة المعوذتين
897 - (خ) زِرُّ بن حبيش - رحمه الله : قال : سألتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ عن الْمُعَوِّذَتَيْنِ، قُلْتُ : يا أبا الْمُنْذِر ، إنَّ أخَاكَ ابنَ مسْعُودٍ يقول : كذا وكذا (1) ؟ -[444]- فقال : سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : قيل لي : فقلت : فنحن نقول كما قال : -[445]- رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
وفي أخرى : مِثْلُها ، ولم يذكُرْ فيه ابنَ مَسْعُودٍ. أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 570 : هكذا وقع اللفظ مبهماً ، وكأن بعض الرواة أبهمه استعظاماً له . وأظن ذلك من سفيان ، فإن الإسماعيلي أخرجه من طريق عبد الجبار بن العلاء عن سفيان كذلك على الإبهام ، كنت أظن أولاً أن الذي أبهمه البخاري ، لأنني رأيت التصريح به في رواية أحمد عن سفيان ، ولفظه : " قلت لأبي بن كعب : إن أخاك يحكمها من المصحف " ، وكذا أخرجه الحميدي عن سفيان ، ومن طريقه أبو نعيم في " المستخرج " وكأن سفيان كان تارة يصرح بذلك وتارة يبهمه ، وقد أخرجه أحمد أيضاً وابن حبان من رواية حماد بن سلمة عن عاصم بلفظ : -[443]- " إن عبد الله بن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه " وأخرج أحمد عن أبي بكر بن عياش عن عاصم بلفظ : " إن عبد الله يقول في المعوذتين " وهذا أيضاً فيه إبهام ، وقد أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات " المسند " ، والطبراني ، وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي قال : " كان عبد الله بن مسعود يحك المعوذتين من مصاحفه ، ويقول : إنهما ليستا من كتاب الله " قال الأعمش : وقد حدثنا عاصم عن زر عن أبي بن كعب ، فذكر نحو حديث قتيبة الذي في الباب الماضي ، وقد أخرجه البزار ، وفي آخره يقول : " إنما أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما " قال البزار : ولم يتابع ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه قرأهما في الصلاة " .
قلت : - القائل ابن حجر - هو في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر ، وزاد فيه ابن حبان من وجه آخر عن عقبة " فإن استطعت أن لا تفوتك قراءتهما في صلاة فافعل " ، وأخرج أحمد من طريق أبي العلاء بن الشخير عن رجل من الصحابة " أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه المعوذتين ، وقال له : إذا أنت صليت فاقرأ بهما " ، وإسناده صحيح ، ولسعيد بن منصور من حديث معاذ بن جبل " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح فقرأ فيهما بالمعوذتين " .
وقد تأول القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب " الانتصار " وتبعه عياض وغيره ما حكي عن ابن مسعود فقال : لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن ، وإنما أنكر إثباتهما في المصحف ، فإنه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئاً إلا إن كان النبي صلى الله عليه وسلم أذن في كتابته فيه ، وكأنه لم يبلغه الإذن في ذلك ، قال : فهذا تأويل منه وليس جحداً لكونهما قرآناً . وهو تأويل حسن ، إلا أن الرواية الصحيحة الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك ، حيث جاء فيها : " ويقول إنهما ليستا من كتاب الله " نعم يمكن حمل لفظ : " كتاب الله " على المصحف ، فيتمشى التأويل المذكور ...
وأما قول النووي في شرح " المهذب " : أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن ، وأن من جحد منهما شيئاً كفر ، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح ، ففيه نظر ، وقد سبقه لنحو ذلك أبو محمد بن حزم ، فقال في أوائل " المحلى " : ما نقل عن ابن مسعود من إنكار قرآنية المعوذتين فهو كذب باطل . وكذا قال الفخر الرازي في أوائل تفسيره : الأغلب على الظن أن هذا النقل عن ابن مسعود كذب باطل . والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل ، بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل ، والإجماع الذي نقله إن أراد شموله لكل عصر فهو مخدوش ، وإن أراد استقراره فهو مقبول .
(2) 8 / 570 - 572 وفي تفسير {قل أعوذ برب الفلق} ، وفي تفسير {قل أعوذ برب الناس} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه البخاري (4977) قال :ثنا علي بن عبد الله ، قال : ثنا سفيان ، ثنا عبدة بن أبي لبابة عن زر بن حبيش ح. و ثنا عاصم عن زر ، فذكره.

898 - (ت) عائشة - رضي الله عنها - قالت : إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ إلى القَمَرِ فقال : «يا عائشةُ ، استعيذي بالله من شَرِّ هذا ، فإنَّ هذا هو الغَاسِقُ إذا وقَبَ» . أخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(الغاسق) الليل : ووقب : إذا طلع ، وإنما سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم القمر غاسقاً ، لأنه إذا أخذ في الطلوع والمغيب يُظلم لونه ، لما يعرض دونه من الأبخرة المتصاعدة من الأرض عند الأفق ، والغسوق : الظلام.
__________
(1) رقم (3363) في التفسير ، باب ومن سورة المعوذتين ، وأخرجه أحمد في " المسند " 6 / 61 و 206 و 215 و 237 و 252 ، وإسناده قوي ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وصححه الحاكم 2 / 541 ووافقه الذهبي .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (3366) حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الملك بن عمرو العقدي ، عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن عائشة فذكره ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح.

899 - (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - قال (1) : الْوَسْوَاسُ : إِذا -[446]- وُلِدَ خَنَسهُ الشَّيطانُ ، فإذا ذُكِرَ اللهُ ذَهَبَ ، وإذا لم يُذْكَرِ اللهُ ثبت على قَلْبهِ ، ذكره البخاري بغير إسناد (2) . وفي رواية قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «الشَّيطانُ جَاثِمٌ على قَلْبِ ابنِ آدَمَ ، فإذا ذكرَ الله خَنَسَ وإذا غَفَلَ وَسْوَسَ» (3) .
والله أعلم

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(خنسه) الخنوس : التأخر ، والانقباض.
__________
(1) قال الحافظ : كذا لأبي ذر ولغيره : ويذكر عن ابن عباس وكأنه أولى ، لأن إسناده إلى ابن عباس ضعيف ، أخرجه الطبري والحاكم ، وفي إسناده حكيم بن جبر ، وهو ضعيف ولفظه : ما من مولود إلا على قلبه الوسواس ، فإذا عمل فذكر الله خنس ، وإذا غفل وسوس ورويناه في الذكر لجعفر بن أحمد بن فارس من وجه آخر عن ابن عباس ، وفي إسناده محمد بن حميد الرازي ، وفيه مقال ، ولفظه : يحط الشيطان فاه على قلب بن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، وإذا ذكر الله خنس .
(2) 8 / 570 في تفسير {قل أعوذ برب الناس} .
(3) أخرجه الطبري 30 / 228 من حديث جرير عن منصور عن سفيان عن ابن عباس ، وهو منقطع ، وذكره الحافظ بنحوه ونسبه لسعيد بن منصور .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري تعليقا في التفسير - باب سورة {قل أعوذ برب الناس} . وقال الحافظ. أخرجه الطبري والحاكم وفي إسناده حكيم بن جبير ، وهو ضعيف ، ولفظه «من مولود إلا على قلبه الوسواس، فإذا عمل فذكر الله خنس ، وإذا غفل وسوس» ورويناه في الذكر لجعفر بن أحمد بن فارس من وجه آخر عن ابن عباس ، وفي إسناده محمد بن حميد الرازي ، وفيه مقال ، ولفظه : «يحط الشيطان فاه على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، وإذا ذكر الله خنس» وأخرجه سعيد بن منصور من وجه أخر عن ابن عباس ولفظه : «يولد الإنسان والشيطان جاثم علي قلبه ، فإذا عقل ذكر اسم الله خنس ، إذا غفل وسوس» .

الكتاب الثاني : في تلاوة القرآن وقراءته ، وفيه بابان
الباب الأول : في التلاوة ، وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول : في الحث عليها
900 - (خ م) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - : قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «تَعاهَدُوا هذا القرآن ، فَوَ الَّذي نَفْسُ مُحمَّدٍ بيدِهِ ، لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتاً (1) من الإبل في عُقُلِها (2)» . أخرجه البخاري ، ومسلم (3) .
__________
(1) رواية البخاري " تفصياً " بفتح الفاء وكسر الصاد المشددة ، وهو بمعنى التفلت .
(2) بضمتين ، ويجوز سكون القاف جمع عقال بكسر أوله وهو الحبل ، ووقع في رواية الكشميهني " من عقلها " ووقع في رواية الإسماعيلي " بعقلها " ، قال القرطبي : من رواه " من عقلها " فهو على الأصل الذي يقتضيه التعدي من لفظ التفلت ، وأما من رواه بالباء أو بالفاء فيحتمل أن يكون بمعنى : من ، أو للمصاحبة أو الظرفية .
(3) البخاري 9 / 739 في فضائل القرآن ، باب استذكار القرآن وتعاهده ، ومسلم رقم (791) في صلاة المسافرين ، باب الأمر بتعهد القرآن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه أحمد 4/497 قال :حدثنا أبو أحمد.وفي 4/411 قال : حدثنا محمد بن الصباح (قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : وسمعته أنا من محمد بن الصباح) قال : حدثنا إسماعيل بن زكريا. و «البخارى» 6/238 قال : حدثنا محمد بن العلاء ، قال : حدثنا أبو أسامة. و «مسلم» 2/192 قال : حدثنا عبد الله بن براد الأشعري.، وأبو كريب ، قالا : حدثنا أبو أسامة..
ثلاثتهم - أبو أحمد ، وإسماعيل ، وأبو أسامة -عن بريد بن عبد الله ، عن أبي بردة ، فذكره.

901 - (خ م ط س) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - : أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : «إنما مَثَلُ صاحِبِ القُرآنِ كمَثَلِ صاحِبِ الإبلِِ المُعَقَّلَةِ (1) ، إنْ عاهَدَ عليها أمْسَكَها ، وإن أطْلَقَها ذَهَبَتْ» . أخرجه الجماعة إلا الترمذي ، وأبا داود.
وزادَ مسلم في رواية أخرى : وإذا قام صاحبُ القرآن فقرأه بالليل والنهار ذَكَرَهُ ، وإنْ لم يقُمْ بهِ نَسِيَه (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(المعقلة) هي : الإبل التي شدت بالعقال لئلا تهرب ، والعقال حبيل صغير يشد به ساعد البعير إلى فخذه ملويّاً.
(تعاهدوا) التعاهد والتعهد : المراجعة والمعاودة ، قاله الهروي.
__________
(1) أي : مع الإبل المعقلة ، شبه درس القرآن ، واستمرار تلاوته بربط البعير الذي يخشى منه الشرود ، فما دام التعهد موجوداً فالحفظ موجود ، كما أن البعير ما دام مشدوداً بالعقال ، فهو محفوظ . وقال العلماء : خص الإبل بالذكر ، لأنها أشد الحيوان الانسي نفوراً ، وفي تحصيلها بعد استمكان نفورها صعوبة .
(2) البخاري 9 / 70 في فضائل القرآن ، باب استذكار القرآن وتعاهده ، ومسلم رقم (789) في صلاة المسافرين ، باب الأمر بتعهد القرآن ، والموطأ 1 / 202 في القرآن ، والنسائي 2 / 154 في الصلاة ، باب جامع ما جاء في القرآن .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح : أخرجه مالك (الموطأ) 143. و «أحمد» 2/17 (4665) قال : حدثنا يحيى ، عن عبيد الله. وفي (2/23) (4759) قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا العمري. حدثنا إسحاق قال : و في 2/30 (4845) قال : حدثنا محمد بن عبيد ، قال : حدثنا عبيد الله. وفي 2/35 (4923) قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر، عن أيوب. وفي 2/64 قال (5315) قال : قرأت على عبد الرحمن : مالك وفي 2/112 (5923) قال : حدثنا إسحاق بن عيسى ، قال : أخبرنا مالك. و «البخاري» 6/237 قال: حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك. و «مسلم» (2/190) قال: حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك.
وفي 2/191 قال : حدثنا زهير بن حرب. ، ومحمد بن المثنى ، وعبيد الله بن سعيد ، قالوا : حدثنا يحيى ، وهو القطان. (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو خالد الأحمر. (ح) وحدثنا ابن نمير ، قال : حدثنا أبي. كلهم عن عبيد الله. (ح) وحدثنا ابن أبي عمر ، قال : حدثنا عبد الرزاق، قال : أخبرنا معمر، عن أيوب (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا يعقوب ، يعني ابن عبد الرحمن. (ح) وحدثنا محمد بن إسحاق المسيبي، قال : حدثنا أنس ، يعني ابن عياض ، جميعا عن موسى بن عقبة. و «ابن ماجةة» 3783 قال : حدثنا أحمد ابن الأزهر ،قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أبنأنا معمر ، عن أيوب. و «النسائى» 2/154 ، و في الكبرى (924) ،وفي فضائل القرآن (66) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد ، عن مالك.وفي (فضائل القرأن) 68 قال : أخبرنا قتيبة بن سعيد ، قال حدثنا يعقوب ، عن موسى بن عقبة.
خمستهم -مالك ، وعبيد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمر العمري ، وأيوب السختياني ،وموسى بن عقبة- عن نافع ، فذكره.

======

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أسماء الله الحسني بتحقيق أبي نعيم الاصبهاني

طرق حديث الأسماء الحسنى أبو نعيم الأصبهاني وصف الكتاب ومنهجه : لقد رأى الحافظ العَلَمُ أبو نعيم أن حديث " إن لله تسعة...الحديث ...